العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ

الصيدلانية البحرينية الأولى:...تصــنيع الــدواء فـي البحريـــن لـن يخفض أسعاره

أكدت الصيدلانية البحرينية الأولى - ليلى عبدالرحمن - التي عملت منذ تخرجها من الجامعة الأمريكية في بيروت في وزارة الصحة منذ العام 1974 مع بحرينيين قلائل وأسسوا لقطاع الصيدلة في البحرين - في لقاء مع «الوسط»، أنها «لا تحبذ فكرة إنشاء مصنع أدوية في البحرين»، واعتبرت هذه الفكرة «خاطئة» لأن الصناعة لن تخفض أسعار الدواء بسبب المنافسة الكبيرة في المنطقة. وكشفت أن من أهم معوقات تطوير عمل قسم مراقبة الأدوية في الوزارة هو قِدم مبنى القسم ونقص الموظفين، داعية إلى فتح تخصصات في مجال الصيدلة لمواكبة التقدم الهائل في هذا المجال وتلبية احتياجات المجتمع المطردة، وركزت على أن أكبر خدمة يمكن أن يقدمها قطاع الصيدلة في البحرين إلى المرضى هي مراقبة العوارض الجانبية للأدوية. كما لفتت إلى أن الصيدلي الذي يبيع في السوق لابد أن يعرف كيف يتعامل مع المرضى؛ لأن بعض المرضى لا يراجعون المراكز إنما يتجهون للصيدليات... وهنا نَص اللقاء:

حدثينا عن مهنة الصيدلة في البحرين؟

- مهنة الصيدلة قطعت أشواطا كبيرة، وأشعر بالفخر عندما أرى ذلك، في البداية كان معنا في وزارة الصحة بعض الآسيويين من هنود وباكستانيين وكان لهم دور كبير في العمل وكان هناك عدد من فنيي الصيدلة واثنان من الصيادلة البحرينيين أقدم مني، أحدهما رئيس المخازن المركزية في المحرق المرحوم عيسى شويطر والثاني رئيس مخازن السلمانية محمد جعفر عبدالرضا، بالإضافة إلى أن محمد هاشم كان من أوائل الصيادلة البحرينيين أيضا.

شويطر كان أول من بدأ عملية التسجيل الدوائي في وزارة الصحة وعملت معه أول ما تخرجت وكنت أجمع المعلومات معه لعملية التسجيل، وكنت على اتصال مع محمد جعفر وهو يعمل حاليا في القطاع الخاص، ولا يمكن أن ننسى تأثيره ودوره، مازالت علاقتي به ممتازة ومع كل الصيادلة الآخرين.

في نهاية السبعينات كان لدينا أربعة صيادلة بحرينيين فقط في القطاع الحكومي، وكان في القطاع الخاص رسول الجشي وهو أول صيدلاني بحريني، وأنا كنت أول صيدلانية بحرينية، وجميعنا من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، وفي العام 1978 بدأ خريجو الصيدلة من بغداد والقاهرة والسعودية وحاليا من الأردن، ولكن أول صيادلة بحرينيين عملوا في القطاعين العام والخاص كانوا من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت.

وكم وصل إجمالي عدد الصيادلة حاليا؟

- ربما يصل عدد الصيادلة في الفترة الحالية من 60 إلى 70 بمن فيهم العاملون في مستشفى قوة الدفاع، والأجانب في القطاع الخاص أكثر من البحرينيين.

متى عملت في قطاع الصيدلة؟

- بدأت العمل في العام 1974 بعد تخرجي وكنت رئيسة قسم الصيدلة في مجمع السلمانية الطبي إلى العام 1993، وبعدها أصدر الوزير السابق جواد العريض قرارا بنقلي إلى قسم مراقبة الأدوية وظللت فيه إلى العام 2006 إلى أن تركت العمل. نحو 13 عاما كنت فيها رئيسة لمراقبة الأدوية وهو منصب مدير، وعملت نحو 32 عاما في قطاع الصيدلة.

ما هي المسئوليات التي يضطلع بها قسم مراقبة الأدوية؟

- عملنا في مراقبة الأدوية ينقسم إلى قسمين؛ الأول تنظيمي والثاني قانوني، إذ نعطي التراخيص للمحلات التي تفتح، ويتضمن عملي دراسة الملفات العلمية للأدوية وتسجيلها ومراجعة شاملة لكل ملفات الأدوية ضمن قوانين تحكمها وهي عملية ديناميكية جدا تتغير بسرعة، وتتولى منظمة الصحة العالمية متابعة الموضوع والإبلاغ عن الإرشادات والأحكام الدولية في هذا المجال وهي عملية شاقة جدا، كما يقوم القسم بتخليص الأدوية، فكل شحنة أدوية تدخل الدولة سواء للقطاع الحكومي ممثلا في وزارة الصحة أو القطاع الخاص لا يتم تخليصها إلا عن طريق مراقبة الأدوية، والتأكد من مطابقة المستورد من الأدوية الداخلة للدولة مع المواصفات المحددة في شهادة التسجيل، والبحرين إلى الآن محمية من الأدوية المزيفة علما أن الأدوية المقلدة تختلف عن الأدوية الجنيسة، المهم أن يراقب المكتب تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة، ولا يمكن تسجيل دواء ومازال محميا ببراءة الاختراع والعملية معقدة أحيانا إذ تنتهي براءات الاختراع في أميركا ولا تنتهي في أوروبا.

هل القسم مسئول أيضا عن مراقبة وتسجيل المستحضرات الصحية، وما إذا كانت تعطى من دون وصفة طبية؟

- المستحضرات الصحية تخضع للتسجيل أيضا لكن تحت أنظمة مختلفة تماما عن الأدوية، ولا تُسَعر ولا يشترط فيها إلا سلامتها بحسب المعلومات المتوافرة، بينما الأدوية يتطلب تسجيلها مراجعة الشهادات والدراسات والملفات، ومأمونية استعمال المستحضرات الصحية تعتمد فقط على المعلومات المتوافرة في بعض الأحيان وتحلل لمعرفة تكوينها، وقد منعنا مثلا «الأفدرين» في المستحضرات قبل أن تمنعه أميركا. وتوضح شهادة المستحضر ما إذا كان يعطى بوصفة أو من دون وصفة، وهناك مستحضرات يتم نقلها في العالم من وصفة إلى بدون وصفة طبية لأنها مأمونة الاستخدام.

ماذا عن البرنامج الخليجي الموحد لتسجيل الأدوية؟

- تقدمت البحرين في العام 1997 إلى المكتب التنفيذي لوزراء الصحة العرب في الخليج بفكرة خلق لجنة خليجية مشتركة لتسجيل الأدوية لأن هذه العملية تأخذ وقتا طويلا، واليمن معنا في اللجنة، وكل دولتين تعملان على عدد من المستحضرات ثم تناقش في اللجنة، الفكرة جيدة وتم الأخذ بها وتشكيلها وهي مُلزمة للدول، والنظام الحديث من نحو عشر سنوات لا يُسجل الدواء إلا بعد زيارة مصنع الدواء لأن أي خلل في المصنع لا يسجل المصنع حتى يصحح الخطأ ثم يتم التسجيل، أصبحت زيارات المصانع أيضا مشتركة مع دول الخليج، عموما العملية شاقة ويتحاشى الكثير من الموظفين هذه السفرات، وقد تبنت منظمة الصحة العالمية مشروع التسجيل الدوائي المركزي بين دول الخليج إذ أعجبها كثيرا.

ما هي التحديات التي واجهت وتواجه قسم مراقبة الأدوية؟

- أقلقني وقتها إنه كان لدينا نقص في مجالات محددة، أولا القسم موجود في مبنى قديم جدا لا يتسع للسجلات ولا لتطوير العمل، وثانيا نقص عدد الموظفين وعندما تركت العمل كان عددهم في المكتب لا يزيد عن 12 موظفا و10 في مختبر تحليل الأدوية التابع للقسم، وثالثا يجب أن تكون هناك اتصالات أكثر مع المسئولين والتركيز على الدور العلمي والتنظيمي للقسم ولإبراز أهمية العملية، حتى المواطن لا يعرف الكيفية التي يتم بها تسعير الأدوية وهي من مهمات القسم، وبعض المجالات التي تساعد على عملية الإسراع وفهم الموظف ناقصة مثل الإحصاء لأن الدراسات العلمية التي تطل علينا بين الحين والآخر تحتاج إلى من يفهم الإحصائيات، ونتمنى من الوزارة أن تنتبه إلى مثل هذه الأمور، كما أود أن أذكر أهمية النظرة الشاملة للوزارة إلى أهمية جميع العاملين فيها بمختلف المهن ودورهم الفاعل في العمل الطبي.

وماذا عن وضع المهنة في البحرين؟

- أصبح لدينا تراجع في المهنة في المملكة، في السابق في الاجتماعات الخليجية المشتركة مع زملاء المهنة الخليجيين، إذا حدث جدل حول الأدوية كان يُعتد بالرأي البحريني، ولكن بعد ذلك تراجعت الأمور، باعتبارنا صيادلة قطعنا شوطا كبيرا ثم وقفنا محلنا ولم يحدث تطور بعدها وذلك نتاج عدم الاهتمام بالقطاع في حين ان بعض الدول قفزت قفزات كبيرة، لدينا الكثير من الصيادلة النشطين، ولكن ليس الخطأ من الصيادلة بل السبب يكمن في الكثير من الأمور المتداخلة.

ماذا ينقص الصيدلي البحريني؟

- ينقص الصيدلي البحريني معرفة الجمهور ومعرفة الجهات المسئولة عن الدور الحقيقي الذي يقوم به، والمهنة فيها تداخل مع مهنة الطب وينظر لها بطريقة أخرى.

ما هي السلطات المعنية بالسماح بتداول الأدوية في البحرين؟

- قسم مراقبة الأدوية في وزارة الصحة هو المعني بالسماح بتداول الأدوية في البحرين واستعمالاتها، وكما هو معلوم فإن الأدوية يصرح لها باستعمالات معينة بحسب الاستعمالات الدولية، ولصرف الدواء هناك شهادة الدواء التي يكتب عليها كيفية ومكان استعماله.

ماذا عن شراء الأدوية في وزارة الصحة؟

- هناك لجنة لشراء الأدوية يرأسها مدير المشتريات ويحضرها صيادلة من جميع قطاعات الوزارة وإدارة المالية وأطباء وهي تختار الأدوية بحسب المعايير، ويُنظر إلى السعر والتسجيل في الدولة وهل سيتم استيراده من المصنع المسجل ذاته ومعايير أخرى كثيرة يؤخذ بها.

ما هي الجهة المعنية بمراقبة الأدوية؟

- قسم مراقبة الأدوية بطبيعة الحال هو المعني بمراقبة الأدوية ولدينا مختبر مراقبة الأدوية، تأسس في النصف الثاني من التسعينات، كانت البداية بسيطة وقد ساندتنا منظمة الصحة العالمية بقوة وبعثت خبيرا متخصصا في المختبرات الدوائية، كما ساندتنا الوزارة بقوة فترة وزارة فيصل الموسوي، وعلى رغم البداية البسيطة إلا أنه تم ابتعاث أفراد ليتخصصوا في الدراسات العليا في التحليل الدوائي، والمتخصص في هذا المجال يقوم بتحليل عشوائي لجميع الأدوية الواردة والمستخدمة في الدولة، علما بأنه في العالم كله لا يمكن تحليل جميع الأدوية الواردة، والمختبر اليوم في مرحلة المطالبة باعتماده كمختبر مرجعي في لجنة التسجيل المركزية في الخليج.

وهل تم تطوير المختبر؟

- المختبر جديد وعمله جيد وعلى مستوى عال وفيه كفاءات جيدة قادرة على تطويره، وبشكل عام التطوير ضروري، وعمليات التسجيل والتطوير تحكمها معايير دولية ومازلنا نواكب هذه الأمور، أريد أن أطمئن المواطنين أن العملية منضبطة.

ما هي رؤيتك للصيدلة في البحرين؟

- الخطوات التي خطتها الصيدلة كانت ثابتة وقوية، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح الإعلام يتحكم في كل شيء في العالم، ومهنة الصيدلة لن تحصل على تأييد المجتمع إذا لم تبرز المهنة في الإعلام، والعمل المضني الذي قمنا به طوال الثلاثين عاما الماضية لا يعرف عنه الناس شيئا لأنه لم يظهر في الإعلام، وباختصار أرى إن مهنة الصيدلة لن تتطور إذا لم تتبنَ وجهة النظر الجديدة المتمثلة في أهمية الإعلام.

والمستقبل؟

- لابد من فتح تخصصات في مجال الصيدلة مثل الدول الأخرى، مثل تخصصات الصيدلة الصناعية وصيدلة المجتمع وهي مهمة. إن الصيدلي الذي يبيع في السوق لابد أن يعرف كيف يتعامل مع المرضى لأن بعض المرضى لا يراجعون المراكز إنما يتجهون للصيدليات، كما إن هناك تخصص الصيدلة الإكلينيكية والمختبر والمصانع واقتصاديات الصيدلة وهو تخصص مهم لو وجد فإنه سيفيد الوزارة كثيرا في مجال شراء الأدوية، كما يجب تحضير البيئة الطبية للتخصصات في جميع المهن مثل الصيدلة والتمريض وغيرها.

هل هناك مشروع تمنيت تحقيقه ولم تسعفك الظروف أو الوقت؟

- أكبر خدمة يمكن أن يقدمها قطاع الصيدلة للمرضى هو مراقبة العوارض الجانبية للأدوية، وقد كانت لجنة تابعة للقسم في فترة وزارة فيصل الموسوي، وكنا عضوا مشاركا في مركز أوبسالا في السويد للعوارض الجانبية للأدوية، ويفترض أن نتحول إلى عضو كامل ويجب أن تتحول اللجنة إلى قسم.

هل تشجعين قيام صناعات الأدوية في البحرين؟ ولماذا؟

- موضوع صناعة الأدوية في البحرين دائما ينظر له بنظرة خاطئة، الناس يظنون إن تصنيع الدواء في البحرين سيخفض أسعارها، ومنظمة الصحة العالمية لا تشجع الدول الصغيرة على تصنيع الأدوية، لأن التصنيع له شروط صعبة وقاسية ومحددة، كما ان استيراد المواد الخام ووسائل التصنيع يخضع لشروط معينة تؤدي في النهاية إلى ارتفاع أو انخفاض أسعار الأدوية لذلك أسعار الأدوية مرتفعة، هناك مصانع أدوية ممتازة في بعض الدول المجاورة وتجارب ناجحة ولكن لا يمكنهم البيع بأسعار رخيصة.

ولكن يقال إن صناعة الأدوية تجارة مربحة؟

- هي تجارة مربحة في حالة التصنيع تحت ملكية فكرية مع وجود أسواق كبيرة، لكن التنافس كبير جدا في المنطقة.

إذا أنت لا تدعمين فكرة إنشاء مصنع أدوية في البحرين؟

- لا أحبذ فكرة إنشاء مصنع أدوية في البحرين.

حدثينا عن جمعية الصيادلة البحرينية؟

- أنشئت الجمعية في العام 1996 وتوليت رئاستها في الأعوام 2006-2007 ويبلغ مجموع أعضائها نحو 40 عضوا، وننظم الكثير من الأنشطة والبرامج والمحاضرات المنتظمة وورش العمل والندوات، تهدف الجمعية إلى رفع شأن مهنة الصيادلة وهذا لن يتم بغياب من لهم دور في الموضوع، وتصدر عن الجمعية دورية كل ثلاثة شهور ولدينا اتصالات مع نظرائنا من الجمعيات الخليجية والدولية. المهنة في العالم العربي تعاني من ضياع الهوية، هل هي قطاع طبي؟ أم تجاري؟ لابد من أن تحدد هوية المهنة.

وإلى أين وصل كادر الصيادلة؟

- ساهمت الجمعية في تعديل كادر الصيادلة والاجتماع مع ديوان الخدمة المدنية إلى أن مرروا الكادر الجديد وأتمنى أن يكون لها دور أكبر، وضع الصيادلة أفضل من السابق ولكن مازال هناك إجحاف بحقهم، والظروف لم تسمح بتقديم كادر أحسن، نتمنى أن تعمل الهيئة الإدارية الثانية للجمعية على تعديل الوضع في القطاع وخصوصا من ناحية العلاوات الإدارية.

لو يعود الزمن إلى الوراء فهل كنت تدخلين هذا المجال؟

- أحب الصيدلة، وقد كانت فكرة سيف البنعلي، سألني لماذا لا أدرس الصيدلة؟ أدين له أن دلني على هذا المجال.

العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً