العدد 1995 - الخميس 21 فبراير 2008م الموافق 13 صفر 1429هـ

التأسيس لحال من الجفوة الكونية

للمخرج الأميركي كونيين تارانتينو مقولة ثُبّتتْ في الأدبيات مفادها: «أنا لا استطيع صناعة أفلام توحّد الناس، أنا أصنع منها ذلك النوع الذي يفرّقهم».

لم يجاف تارانتينو حقيقة أن العالم بدأ في التشكل مع نهاية الحرب العالمية الثانية مع نمو وازدهار نفوذ السينما، على اعتبارها واحدة من السلطات الموجهّة لوعي النخبة السياسية من جهة ووعي الجماهير من جهة ثانية، ليس فقط لأن تلك الصناعة يكمن وراءها جيش جرّار من الكتّاب والمنتجين والمخرجين والممثلين، بقدر من أن القيمة الكامنة وراء العمل المراد اخراجه الى العالم يظل مكرّسا لإعادة رسم الوعي الإنساني وتوجيهه نحو القيم التي عجزت الولايات المتحدة الأميركية عن توجيهها حتى وهي تُحكم قبضتها على ميزان القوى قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، ودخول مرحلة الحرب الباردة مع الإتحاد السوفياتي سابقا.

ذلك من جانب. من جانب آخر ان القوة عموما لا تحرص على أن يتعاطى الآخر معها ضمن قيمه ورؤيته وقناعاته، بقدر ما تفرض تلك القوة قيمها ورؤيتها وقناعتها على الآخر، وهو ما عمدت إليه هوليوود , وتحديدا في نهاية الستينات من القرن الماضي، من خلال مجموعة من الأفلام عمدت أولا الى التاريخ فأعادت كتابته، والى الوعي فأعادت صوغه، والى القوة فأعادت تعريفها من زاوية التأكيد على أحقية بقاء صاحبها، فيما الآخر يتعدد الى نماذج تبعث على الشفقة واليأس والغباء وحتى اللا جدوى من الحياة.

صناعة كتلك لا تعمل على تأسيس قاعدة على مستوى حرص الوعي الإنساني على التواصل فيما يعزّز وجوده على هذا الكوكب من خلال قيم التسامح والانفتاح ومحاولة فهم الآخر، بقدر ما تعزّز حالا من الانفصال والفرقة بل ويمكن القول تأسيس لحال من الجفوة الكونية.

جعفر الجمري

العدد 1995 - الخميس 21 فبراير 2008م الموافق 13 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً