العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ

البحرين تودع أول رئيس مجلس وطني منتخب

شيعت البحرين صباح أمس جثمان الفقيد حسن جواد الجشي الذي سجل له تاريخ البحرين شغله منصب أول رئيس لمجلس وطني في البحرين العام 1973، وووري جثمانه الثرى في مقبرة المنامة بحضور عدد كبير من الشخصيات التي عاصرته. وكان الجشي من أوائل المطالبين في الخمسينات بوجود مجلس تشريعي منتخب، وأثار قضايا الحرية والاستقلال في كلماته وبعض مقالاته، ما أدى بالإنجليز إلى توقيف مجلة «صوت البحرين» العام 1954 وكان العدد 9 و10 الصادران في ذي القعدة وذي الحجة العام 1373هـ (1954م) آخر أعداد المجلة (وصدرا في مجلد واحد). ثم انتخب العام 1973 في أول مجلس وطني في البحرين، ونال ثقة أعضاء المجلس فأصبح أول رئيس لمجلس وطني منتخب في البلاد. وظل موضع احترام وتقدير الجميع لما كان يحمله من آراء ومواقف تعبر عن وطنية صادقة، وأدار جلسات المجلس الوطني بحكمة وحنكة سياسية بالغة، نابعة من تضلعه في الشئون القانونية والإدارية والسياسية ومعرفته بقضايا المجتمع ومتطلبات تطويره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجشي يوارى بمقبرة المنامة ودعوته لنبذ الطائفية لا تزال ترن

البحرين تودّع أوّل رئيس مجلس وطني منتخب فيها

الوسط- ندى الوادي

منذ 35 عاما وكلماته التي ألقاها في افتتاح أوّل مجلس وطني منتخب في البحرين ترن في أذهان الكثيرين... «العمل البرلماني يقتضي كثيرا من الاختلافات في وجهات النظر ولكنني أدرك إننا نختلف حول الوسائل وليس حول الغايات... من المهم أنْ لا نفسح المجال للحساسيات أنْ تأخذ سبيلها إلى نفوسنا وللبغضاء والكراهية أنْ تفرز مخالبها في قلوبنا حرصا منّا على أنْ يسود الصفاء في هذا المجلس».

وفي العام 2008، ووسط تجاذبات وصراعات المجلس النيابي، تفقد البحرين أحد أوائل منْ طالبوا بوجود مجلس تشريعي منتخب في الخمسينيات، وأوّل رئيس لمجلس وطني منتخب في البحرين في العام 1973... إنه حسن جواد الجشي الذي توفاه الله تعالى مساء أمس الأوّل ( الخميس) وتم تشييع جثمانه صباح أمس( الجمعة) وسط حضور عدد كبير من الشخصيات التي عاصرته وتأثرت به.

مطالبة ورئاسة

طالب الجشي في الخمسينيات بوجود مجلس تشريعي منتخب، وأثار قضايا الحرية والاستقلال في كلماته وبعض مقالاته، مما أدّى بالإنجليز إلى توقيف مجلة (صوت البحرين) في العام 1954 وكان العدد 9 و10 الصادران في ذي القعدة وذي الحجة العام 1373هـ آخر إعداد المجلة (وصدرا في مجلد واحد). وبعد أنْ تحققت مطالباته أخيرا، انتخب في العام 1973 في أوّل مجلس وطني، ونال ثقة أعضاء المجلس فأصبح أوّل رئيس لمجلس وطني منتخب في البلاد. وظل موضع احترام وتقدير الجميع لما كان يحمله من آراء ومواقف تعبّر عن وطنية صادقة، وأدار جلسات المجلس الوطني بحكمة وحنكة سياسية بالغة، نابعة من تضلعه في الشئون القانونية والإدارية والسياسية ومعرفته بقضايا المجتمع ومتطلبات تطويره.

« البدايات الشجاعة»

يقول الكاتب خالد البسّام عن طفولته في كتابه «حسن الجشي... البدايات الشجاعة» ضمن سلسلة رواد الصحافة البحرينية: « أدرك الشاب الصغير حسن جواد الجشي في فترة مبكرة من حياته أنّ بلاده البحرين يمكنها أنْ تظهر كلّ مواهبه وعبقرياته وحيويته اللافتة. كانت خارطة الطريق عنده تبدأ من العمل التطوعي في الأندية، وتشمل العمل التربوي في المدارس، وتغطي النشاط السياسي الوطني، وتنتهي بالكتابة في الصحف، فبعد أعمال متعددة بددها من عمره سرعان ما استعاد الجشي زمام قيادة حياته، وبدأ بالمساهمة في تأسيس نادي العروبة في المنامة العام 1939 ليصبح أوّل أمين سر له، وهو لم يبلغ بعد التاسعة عشرة من عمره.» ويستطرد بقوله « على الصعيد السياسي لم يتخل عن واجبه الوطني، بل شارك بفعالية في حشد الجماهير وتوحيد صفوفهم عندما انتفشت بعض الأحداث الطائفية المفرقة في البحرين العام 1954، ثم ناشطا سياسيا كبيرا في الحركة الوطنية بقيادة هيئة الاتحاد الوطني بزعامة عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان بعد ذلك».

ويمتدح الزعيم الوطني عبدالرحمن الباكر في مذكراته فضل الجشي في « صوت البحرين» فيقول : « ولأجل الحق والإنصاف فإني أسجّل هنا أنّ المجهود الجبّار الذي بذل طوال الأعوام الأربعة في إبراز «صوت البحرين» في ذلك الثوب القشيب المليء بالحيوية والإعجاب، يرجع الفضل فيه إلى ذلك الشخص الذي كان يسهر الليالي الطوال ويُكافح ويجالد وهو صامت، بالرغم من مسئولياته الجسيمة كمدير مدرسة ابتدائية. ذلك هو الأستاذ حسن الجشي».

طالما دعا الجشي في حياته لنبذ الطائفية، وكان من أهم مقالات « الجشي» في المجلة هو مقال متميز بعنوان « الطائفية علتنا الكبرى» نبّه فيه إلى خطورتها في المجتمع وعلى السلم الأهلي.

عطاءات متعددة

أمّا الكاتب منصور محمد سرحان فيقول عن الفقيد في الكتاب الذي صدر ضمن سلسلة تكريم رواد الفكر والإبداع في مملكة البحرين في العام 2005 : « هو في طليعة الشخصيات التي لعبت دورا مميزا في مجال الفكر والسياسة والثقافة في تاريخ البحرين المعاصر.... متعدد المواهب، كثير العطاء، يتمتع بفكر نيّر وخيال خصب، وظف جل وقته لخدمة مجتمعه... يعد أحد ألمع رواد التربية في البحرين، فقد عمل مدرّسا ومديرا، وكانت له نظرته الثاقبة وفلسفته الخاصة في مجال التربية والتعليم... عرف الجشي بالأب الروحي لمجلة صوت البحرين ، فمن النادر صدور عدد منها دون مقالة له أو افتتاحية بقلمه، وكان يكتب مقالاته المختلفة التي شملت الفكر والسياسة والتربية والفلسفة والأدب مستخدما اسمه الصريح أو تحت اسم مستعار « ابن ثابت» وأحيانا يرمز إلى اسمه بحرفين ( ح.ج) وحينا باسم التحرير أو المحررون.

هيئة الاتحاد الوطني

ساهم الجشي بدور نشط في هيئة الاتحاد الوطني في الفترة من العام 1954 إلى العام 1956 وكان أحد أعضائها البارزين. كما كان أحد أعضاء اللجنة الاستشارية التابعة لهيئة الاتحاد الوطني.

- تم اختياره كأحد أعضاء مجلس إدارة (اتحاد العمل البحراني) الذي أعلن عن تأسيسه في العام 1955، وانخرط مع زملائه في معالجة مشكلات العمل والعمال، ومناقشة مسودة قانون العمل والعمال، وقانون إنشاء نقابات العمل الحرة في البحرين. وكانت لجنة دراسة قانون العمل والعمال الرسمية برئاسة مستشارها البريطاني (مارشال) تدعو مجلس (إدارة العمل البحراني) لعقد اجتماع مشترك كلما تأزم الوضع ودب الخلاف حول مواد ذلك القانون. وفي يناير/ كانون الثاني من العام 1957 غادر البلاد إلى الكويت، إذ عمل هناك في مجال التربية حتى العام 1966.

بعدها رحل من الكويت إلى دمشق في العام 1966 وبقي هناك حتى العام 1971. وفي أثناء وجوده في دمشق ساهم بتقديم برنامج أدبي أسبوعي من الإذاعة السورية عن أدب الخليج وأدبائه، وكان ذلك إسهاما منه في التعريف بالحركة الأدبية والثقافية في البحرين بصورة خاصة، وعموم منطقة الخليج عموما. اهتم خلال وجوده في خارج البلاد في الفترة من العام 1957 وحتى العام 1971 بقضايا الأدب والثقافة، ودعي إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي، وشارك في مؤتمرات الأدباء العرب في خلال تلك الفترة كأديب مفكّر من البحرين. ثم عاد إلى البحرين في العام 1971 بمبادرة من أمير البلاد الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكان محل اعتزاز وتقدير جميع أبناء المجتمع البحريني.

تقدير الجهود

كان الجشي ضمن مرشحي الدولة العشرة لحمل وسام التكريم من مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمسقط عاصمة سلطنة عُمان في العام 1989. و في العام 2002 قام عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة باختياره واحدا من الشخصيات الوطنية الذين شملهم الأمر السامي بإطلاق اسمه على شارع من شوارع مدينة المنامة مملكة البحرين، تقديرا لجهوده في خدمة الوطن ورفعة شأنه. وفي العام 2004 قررت اللجنة الأهلية لتكريم رواد الفكر والإبداع في مملكة البحرين، تكريمه كرائد من رواد الفكر والإبداع في مملكة البحرين، تقديرا لما بذله من جهود عظيمة في المجال التربوي والثقافي والوطني. وتم الاحتفاء به وتكريمه في حفل أقيم في مساء يوم السبت 8 يناير/كانون الثاني 2005 بنادي العروبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كلمة رئيس المجلس الوطني حسن جواد الجشي في افتتاح المجلس الوطني للعام 1973 بعد اختياره رئيسا...

( ... صدقوني إذا قلتُ لكم إنني كنت أؤثر أنْ أعمل صوتا يرتفع من بين صفوفكم مناقشا ومحاورا بحرية ودون قيد ولكنكم أبيتم إلاّ أن تغمروني بفضلكم فتختاروني رئيسا لهذا المجلس الذي تشهده البحرين العريقة لأوّل مرة فما كان منّي إلا أن أقبل هذا التكريم؛ لأنكم شئتم ذلك ومشيئتكم من مشيئة الشعب الذي أوصلكم إلى هذا المجلس وما اعتدت طوال حياتي إلا أنْ أكون حيث يريد الشعب أنْ أكون فأنا منه وإليه.... أرجو أنْ تضعوا أيديكم في يدي لنعمل معا على أن تسير هذه السفينة بروّية وحكمة في رحلتها الطويلة آملا أنْ يتجلّى خلالها التعاون الصادق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لخير هذا الوطن... إن الذي يتحقق على أرض البحرين اليوم هو حلم الأجيال منذ أكثر من نصف قرن وقد آن لهذا الشعب الذي كافح وناضل ودافع عن ابتسامته حتى الموت أنْ يقطف ثمار هذا الكفاح حرية وعدلا ومساواة ولاشك أنّ ترجمة ذلك إلى واقع تحييه الجماهير هو الرسالة التي ائتمننا الشعب على أدائها بصدق وإخلاص. إننا أيّها الإخوة نستهل هذا اليوم عهدا جديدا من المشاركة الفعّالة بين الشعب والحكومة في بناء بيتنا الكبير فلتحشد كلّ الطاقات لإعلاء هذا الصرح متسامين فوق كلّ النزعات الفردية والأهواء الضيّقة والمطامح الخاصة مكرمين كلّ جهدنا لبلوغ الأهداف التي من أجلها نادينا الشعب إلى هذا المجلس ومحققين ما يزخر به وجدان الشعب من مطامح وآمال...أيّها الإخوة إنني أدرك أن العمل البرلماني يقتضي كثيرا من الاختلافات في وجهات النظر ولكنني أدرك وأرجو أنْ أكون مصيبا في هذا الإدراك، إننا نختلف حول الوسائل وليس حول الغايات ولذلك يهمني جدا أنْ لا نفسح المجال للحساسيات تأخذ سبيلها إلى نفوسنا وللبغضاء والكراهية أنْ تفرز مخالبها في قلوبنا حرصا منّا على أن يسود الصفاء هذا المجلس وحرصا منّا على أن تكون هذه التجربة رائدة في أسلوبها وفي مناقشاتها بحيث تتناسب مع المستوى الحضاري والقيمة الثقافية التي تمثلها البحرين في هذه المنطقة من الخليج وأن تتجاوز هذه التجربة دائما ذاتها منتصرة ومنتقلة من إنجاز إلى إنجاز أكبر).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموت يغيب مؤسس أقدم مكتبة في المحرق

الوسط - محرر الشئون المحلية

غيب الموت يوم أمس (الجمعة) الشيخ عبدالله بن أحمد الجودر عن عمر ناهز 82 عاما. ويعد الشيخ الجودر مؤسس أقدم مكتبة في المحرق في خمسينات القرن الماضي، وهي المكتبة العصرية المتخصصة في بيع الكتب الدينية والثقافية النادرة.

واهتم الجودر بالقراءة وجمع الكتب كثيرا، وكان يعمل في المحكمة الشرعية وهو الوحيد المتخصص في توزيع الأسهم على الورثة، ولديه باع طويل في الحكم الشرعي. وللفقيد 3 بنات وولد واحد وهو أسامة الجودر الذي يشغل منصب رئيس قسم الكيمياء بجامعة البحرين.

العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً