العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ

الأميرة التي تنتظر أحدهما... الحياة أو الموت معا

ستون عاما مضت على الدولة العبرية بلا دستور أو حدود مرسمة

يبدأ «ويكيبيديا» تعريف «إسرائيل» بأنها «دولة ديمقراطية برلمانية في الشرق الأوسط تعتبر بحسب قوانينها دولة يهودية وديمقراطية». وتُمنع الإضافة على الصفحة التعريفية بهذه «الدولة» خلاف ما هو معتاد على شتى صفحات هذا الموقع الذي يعتبر موسوعة معلوماتية يعتمد عليها الكثير من الناس، وتعلو صفحة «إسرائيل» عبارة مضمونها أن قد تم منع التعليق أو التعديل بالإضافة أو الحذف جراء الزيارات التخريبية للصفحة.

«وبقيَ يعقوبُ وحدَهُ، فصارَعَهُ رَجلٌ حتى طُلوعِ الفَجرِ. ولمَّا رأَى أنَّه لا يقوى على يعقوبَ في هذا الصِّراعِ، ضرَبَ حُقَ وِرْكِه فاَنخلَعَ. وقالَ لِيعقوبَ: «طَلَعَ الفجرُ فاَترُكْني!» فقالَ يعقوبُ: «لا أتْرُكُكَ حتى تُبارِكَني». فقالَ الرَّجلُ: «ما اَسمُكَ؟» قالَ: «اسمي يعقوبُ». فقالَ: «لا يُدعَى اَسمُكَ يعقوبَ بَعدَ الآنَ بل إِسرائيلَ، لأنَّكَ غالَبْتَ اللهَ والنَّاسَ وغلَبْتَ».

سفر التكوين

الذي يبدو واضحا، أنه ثمة من لا يعترف بما ذهب له التعريف أعلاه بأن «إسرائيل» هي «دولة» في تشكيلها أو أنها «ديمقراطية»، إلا أن الجميع يدرك ويقر، بأنها يهودية خالصة.

60 عاما مضت على قيام هذه «الدولة» التي أُعلن تأسيسها في 14 أيار/ مايو 1948 من قبل المجلس اليهودي الصهيوني في فلسطين في اليوم المتمم لفترة الانتداب البريطاني. ولاتزال هذه الدولة مهووسة بذهنية الحرب والدفاع والاعتداء. حلقة لا تنتهي من صراع الإرادات الذي لا يهدأ بين شعب جديد يتطلع لتأسيس دولته الجديدة من جهة، وبين شعب آخر يناضل ويصراع على أمل استعادة دولته القديمة التي لا يستطيع تخيلها إلا أن تكون على أنقاض هذه الدولة الجديدة. إن أحدا منهما لا يقبل الآخر، وعلى رغم الكثير من محطات الحوار والمسايسة فإن هذا الصراع لا يبدو أن ثمة تسوية ما تستطيع أن تنهيه أو أن تغلق ملفه المفتوح على مصراعيه.

بلغة السياسة في المصارف، فإن على حساب «إسرائيل» أو «الدولة الجديدة»، داخلها الذي لم يهدأ منذ يوم قيامها كمنحة بريطانية لليهود عوض منحة دولة يهودية في أوغندا العام 1903 التي رفضها اليهود آنذاك، ولا يبدو أن هذا الداخل المشتبك مع نفسه سيهدأ. على الحساب أيضا، 3 أعداء معلنين يهددونها بالفناء (إيران/ لبنان (حزب الله)/ سورية)، اثنان - سورية، لبنان (حزب الله) - يتربصان بها على الحدود، ويقف الثالث - إيران - خلفهما بالدعم والتعزيز. وعلى الحساب أخيرا، مليار ونيف عربي ومسلم لا يفهمون/ يعرفون/ يقبلون «إسرائيل» إلا بوصفها ذلك الكيان اليهودي الصهيوني المحتل للمسجد الأقصى، وللأرض العربية، وهو الكيان الذي لن ترضى عنه هذه الشعوب مهما مضى من الوقت ومهما كانت لحكوماتهم إرادات أخرى.

في رصيد هذه «الدولة» أنها بالنسبة لمن يسكنوها، أرض كنعان التي استوطنها الأجداد من القرن السادس عشر قبل الميلاد إلى أن تم طردهم من قبل الرومان في القرن الثاني الميلادي. وهي وعد الأقوياء البريطانيين في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، إذ نشرت الحكومة البريطانية وعد بلفور الداعم لقيام دولة يهودية بفلسطين.

في الرصيد أيضا، ذاكرة حرب التأسيس 1948 إذ وقفت الدولة الوليدة في حربها أمام جيوش خمس دول عربية بالإضافة إلى السكان العرب لتنتهي بتوسعها على 75 في المئة من أراضي الانتداب سابقا. وفي الرصيد أيضا، حرب 1967 التي انتهت بالاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزّة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان، في الرصيد أيضا، سلام مع مصر أعاد للأخيرة سيناء في 1982 وفقا للمعاهدة السلمية مع مصر، وسلام آخر مع الأردن. في الرصيد أيضا، اقتصاد قوي، أثبت قدرته على تحمل الضربات، وجامعات تحتل المراتب العشر الأولى ضمن أفضل وأقوى الجامعات في العالم، ولوبي ضاغط داخل الولايات المتحدة (الأيباك) وتعهد أميركي بالحماية أثبت الأميركيون وفاءهم له في الكثير من المواقف.

تستطيع أية قراءة لما تنتج عنه معادلات رصيد هذه «الدولة» أن تنتصر لما هو على حسابها، فلا يكون حينها مخيال الرؤية أكثر من أن «إسرائيل» / «الدولة» اليوم أو غدا، في طريقها للزوال. فأية دولة تلك التي تستطيع أن تهدأ أو أن تستقر وكل ما يحيط بها يتربص بها. تستطيع قراءة أخرى مقابلة، أن تدفع نحو خيار السلم، وأن تشد على يد الفلسطينيين كثيرا للقبول بأقسى التسويات، فلا أحد يستطيع أن يكسر هذه الشوكة القوية المتفوقة بمراحل على أعدائها التي تقف من خلفها أكبر قوى العالم وأكثرها قدرة على الحفاظ على بقاء هذه الدولة في مكاناتها.

تعترف اليوم بـ «دولة إسرائيل» الدول العربية الآتية: جمهورية مصر العربية - منذ زيارة السادات إلى «إسرائيل» في 1977. المملكة الأردنية الهاشمية - منذ إعلان الملك حسين عن نهاية حال الحرب في 25 يوليو/ تموز 1994. الجمهورية الإسلامية الموريتانية - منذ تصريح الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. وثمة اعترافات شبه رسمية من قبل كل من: المملكة المغربية. الجمهورية التونسية. دولة قطر. وتجري الدول الأخرى محادثات مباشرة مع «إسرائيل» في أكثر من ملف، ومن ضمنها ملفات اقتصادية وهو ما يؤكد أن حال العداء ضد «إسرائيل» أصبحت شعبية أكثر منها على مستوى الحكومات والأنظمة السياسية.

وتمتلك «إسرائيل» اليوم اقتصادا نشيطا، ويعتبر من ثالث الاقتصادات قوة في المنطقة، وتعود قوة هذا الاقتصاد إلى الكثير من الاستراتيجيات التي عملت الدولة العبرية على تنفيذها منذ نشأة «إسرائيل» حتى اليوم. أدرك الإسرائيليون منذ البدء خطورة الاستمرار في الاعتماد على الدعم الأميركي والبريطاني فقط، وهو ما جعلها تنشط في تنويع مواردها ومجالات نشاطها الاقتصادي، وصولا لنجاحها النسبي في خلق منظومة اقتصادية قوية أثبتت الحروب والتجارب صلابتها. إلا أن ذلك كله لا يعني أن يتم احتساب أفضلية مطلقة لـ «إسرائيل» على المنظومة العربية تحديدا، ودلالة ذلك على الأقل، ان الاقتصاد السعودي مثلا يتفوق على الإسرائيلي وكذلك المصري!، وهو ما يجعل من تطور الدولة العبرية مسألة خلافية تؤثر في موازين القوى على أكثر من صعيد.

مستقبل «إسرائيل» (الدولة) هو مستقبل مجهول بالنسبة للإسرائيليين قبل أن يكون مجهولا إقليميا ودوليا، وإذا كانت المؤشرات في موازين القوى العسكرية والاقتصادية تميل لكفة «إسرائيل» نسبيا، فإن ذلك بالتأكيد لا يعني أنها في مأمن من مخاطر انهيارها أو حتى نهايتها، وهو ما يجعل الإسرائيليين مقتنعين تماما بضرورة الدخول في التسوية السياسية مهما كانت الأثمان باهظة بالنسبة لطرفي الصراع معا.

سجل هذه الدولة الذي أجاد اليهود صناعته في أوروبا والأميركيتين نظيف ما خلا ملفها في حقوق الإنسان والتمييز، إذ لم تستطع محاولات الدولة العبرية البتة في تبرير سياساتها الداخلية مع الفلسطينيين، وعلى رغم أهمية هذا الملف ومحوريته فإن الدعم الأميركي لها يجعل من تبعات هذا الملف محدودة إن لم تكن معدومة.

الأميرة الأميركية في الشرق الأوسط، والتي لاتزال بلا دستور أو حتى حدود موثقة خلاف حدودها المصرية (معترف بها من الجانبين) واللبنانية (معترف بها من جانب واحد)، لاتزال تنتظر إعلان الحياة أو الموت الأبديين، وإن الكثير من الإشارات تدفع ببقاء الأميرة، وهي دلالات الفناء والموت.

لجنة الشئون العامة الأميركية الإسرائيلية

American Israel Public Affairs Committee

أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأميركي. هدفها تحقيق الدعم الأميركي للكيان الصهيوني الموجود على أرض فلسطين.

لا تقتصر «الأيباك» على اليهود بل يوجد بها أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون. وتم تأسيسها في عهد إدارة الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور.

تعتبر «الأيباك» منظمة صهيونية وقد يكون أكبر دليل على ذلك الاسم السابق لها والذي تأسست باسمه وهوAmerican Zionist Committee for Public Affairs (اللجنة الصهيونية الأميركية للشئون العامة) التي تم تأسست في سنة 1953. تم تحويل مسماها إلى ما هو معروف اليوم بالأيباك بعد تدهور علاقة داعمي «إسرائيل» والرئيس الأميركي آيزنهاور حين وصلت الأمور إلى إجراء تحقيقات مع اللجنة الصهيونية الأميركية للشئون العامة. لهذا تم تغيير الاسم وتأسيس جماعة ضغط جديدة.

تعمل حاليا على تقوية العلاقات بين واشنطن والكيان الإسرائيلي من خلال التعاون بين أجهزة مخابرات البلدين والمساعدات العسكرية والاقتصادية. (بلغت في سنة 2006 موازنتها 2.52 مليار دولار أميركي.

العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً