العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ

«الأطلسي» لم يخسر حرب أفغانستان و لكن النصر بعيد المنال

مع مرور خمسة أعوام على غزو العراق تعاني قوة من 40 دولة يقودها حلف شمال الأطلسي لإثبات أنها لم تخسر حربا أطول في صحارى أفغانستان وجبالها. لكن القوة تشدد على أن كسبها لهذه الحرب بات أمرا بعيد المنال.

في قرية متربة في أقصى الشمال بدأت فتاة عمرها 11 عاما يومها الأول في مدرسة ممولة بالمعونة الألمانية تكافح لتحديد موقع دولتها على خريطة للعالم. ويقول مسئولون في حلف شمال الأطلسي إن بناء المدارس وإصلاح البنية الأساسية الحيوية بالتوازي مع الجهود العسكرية هي الطريق الأمثل للمضي قدما في أفغانستان بعد أن أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بحكومة «طالبان» منذ أكثر من ستة أعوام في إطار ملاحقتها لتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن.

لكن في إطار الاستعداد لقمة لدول حلف الأطلسي تعقد في رومانيا الشهر المقبل يخشى مسئولو الحلف لأن المعركة لا تتعلق فقط بكسب قلوب وعقول الأفغان في مواجهة هجمات مسلحة لا تتوقف لـ «طالبان» ولكنها تتعلق أيضا بتوضيح تصورات داخلية على القدر نفسه من غموض الجغرافيا بالنسبة للفتاة الصغيرة.

ورفض القائد الأعلى لحلف الأطلسي الجنرال جون كرادوك عندما كان في زيارة عادية لأفغانستان الأسبوع الجاري تقييما لبادي أشدون صانع السلام المخضرم قال فيه إن الحلف يعاني من فوضى وقد يواجه هزيمة في أفغانستان. وقال للصحافيين بغضب «أعتقد أنه بيان غير صحيح».

لكن الحلف نفسه لا يخجل من اللجوء إلى تكتيكات الصدمة بأن استهل مؤتمرا مع صحافيين يزورون أفغانستان بتوجيه سؤال «هل يحقق المتمردون انتصارا في الحرب» ثم الإجابة عليه.

ودعا كرادوك مكررا تصريحات سلفه الجنرال جيمس جونز إلى تنسيق أفضل لأعمال الأمن والإعمار وحث دول الحلف على إنهاء القيود على استخدام قواتها وطالب بمزيد من العتاد والأموال.

وحذر جونز في تقرير في يناير/ كانون الثاني من أن الحلف يواجه مأزقا استراتيجيا في أفغانستان ومن أنه «لا يحقق انتصارا في الحرب». ومطلوب اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة قوة الدفع المفقودة.

وقال كرادوك ردا على سؤال عن قمة الحلف في بوخارست في الفترة بين 2 و4 أبريل/ نيسان المقبل «نظرا إلى أنني متفائل دائما فإنني أتطلع إلى أن توافق النتائج توقعاتي». واستطرد قائلا «أود أن أرى دفعة قوية... لسد الفجوة بين ما نحتاجه وما نملكه. أود أن أرى جهودا مستمرة لتقليص العقبات والقيود». كما ألح كرادوك الى إعلان واضح للرؤية يمكن نقله للقوات على الأرض ليمكن من فهم للنية (...) وكيف يمكن لها تحقيق النجاح».

وزعم أن «طالبان» والمسلحين المتحالفين معهم يعملون في الفجوة بين الموارد المتاحة للحلف والموارد التي ينبغي أن يمتلكها. وقال «لنقضي على تلك الفجوة ولنحرمهم من الفضاء الذي يتحركون فيه. وإذا لم يكن لديهم فضاء يعملون منه سيصبحون بلا تأثير وسنرى تحسينات كبيرة في وضعنا الأمني». وطالب كرادوك الدول بتقديم مزيد من العتاد وطائرات المروحية وطائرات الاستطلاع وجنود ومدربين لتدريب الجيش الوطني الذي يتطلع حلف الأطلسي لأن يضطلع في وقت لاحق بجميع المهمات الأمنية.

وبينما يبلغ قوام الجيش الأفغاني في الوقت الحالي 50 ألف جندي فإنه أقل بكثير من قوته المستهدفة التي تزيد على 80 ألفا كما يعاني من نقص في العتاد والمدربين. ويغطي حلف الأطلسي فقط 33 مجموعة للتدريب من أصل 71 مجموعة وبينما يزعم أن القوة الأفغانية قادرة على نحو متزايد فإن المناورة التي شهدها كرادوك في إقليم قندوز الشمالي أوضحت بشكل مؤلم مدى العجز في العتاد الأساسي. وأشار كرادوك إلى نجاح مشروعات توفر وظائف نفذتها الولايات المتحدة في الشرق وممولة بمبلغ 200 مليون دولار من الأموال التي قدمتها الولايات المتحدة في العام الماضي.

وقال إن هذه المشروعات ساعدت على توجيه الشباب بعيدا عن العمل المسلح وبينما اعترف بأن بعض الدول لا تملك أموالا كثيرة تابع قائلا «أعتقد أن بعض الدول في حاجة لأن تدقق في ماهية أولوياتها».

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تأييد الأفغان للقوات الدولية لايزال مرتفعا على رغم تراجع في العام الماضي نظرا لتزايد أعداد الضحايا المدنيين في الهجمات الجوية مع اشتداد حدة القتال. لكن كثيرا من الأفغان شككوا منذ فترة طويلة في ضخ الأموال عن طريق المنظمات الدولية والمقاولين وشكك البعض في الحكمة من ضخ مليارات الدولارات في قوة دولية كبيرة لمحاربة المسلحين.

وقال المستشار الثقافي لقائد قوة المعاونة الأمنية الدولية التي يقودها حلف الأطلسي عبدالله أميني إن الحكومة الأفغانية تدعو منذ فترة طويلة إلى تمويل جيش أكبر. ومضى يقول «إذا كان لدينا جيش وطني أفغاني قوامه 100 ألف جندي في الوقت الحالي فإننا لن نحتاج إلى 40 ألف أو 50 ألف جندي أجنبي في أفغانستان». وتابع قائلا «إذا كنا ننفق 100 دولار في اليوم على الجندي الأميركي أو الجندي البريطاني فإن خمسة دولارات ستكون كافية بشكل جيد للجندي الأفغاني». وأضاف أميني «الشعب الأفغاني سيحارب بشكل أفضل بكثير من الجنود الدوليين إنه يعرف كل جبل وكل واد وهم يعرفون شعبهم... ومن العدو ومن ليس عدوا». وتساءل «في الوقت الحالي لدينا جيش أفغاني قوامه 60 ألف جندي ولكن هل لدينا ولو اثنين من المروحيات». وقال «إذا كان المجتمع الدولي يريد حقا إنقاذ جنوده وإنفاق أمواله بحكمة يتعين عليهم دعم قوات الأمن الأفغانية... ذلك سيكون أكثر نفعا من إرسال مزيد من الجنود للبلاد». وقال ريموند دوبوا وهو مستشار سابق لوزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد وهو الآن محلل كبير في مركز الدراسات الأمنية والإستراتيجية بواشنطن إن الالتزام الأجنبي تجاه أفغانستان يجب أن يكون طويل الأجل. وقال بعد أن رافق كرادوك في زيارته لأفغانستان «إذا نجحنا في أفغانستان... فستكون هناك منافع كبيرة ليس لأفغانستان وحدها وإنما للمنطقة». وأضاف «لا يمكن الانسحاب من هذا البلد بمعنى استراتيجي وسياسي وعسكري فقط».

العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً