العدد 312 - الإثنين 14 يوليو 2003م الموافق 14 جمادى الأولى 1424هـ

عار وسائل الإعلام الغربية

كاتمندو - كاناك ماني ديكست 

تحديث: 12 مايو 2017

كانت صورة أحد ضحايا الحرب في العراق نموذجا للانجاز الصحافي في وسائل الاعلام الغربية. منذ عقود من الزمان والصحافيون في جميع انحاء العالم عموما والعالم النامي خصوصا ينظرون الى الصحافة الأميركية بالرهبة والاحترام، كنماذج للأمانة والاستقامة، الاستقلال، الجرأة والحماس البحثي وليس أدل على ذلك من كشف فضيحة ووترغيت.

ولكن تغيرت الحال اذ لم تستطع وسائل الاعلام الغربية اثبات تلك المبادئ، وعندما حان الوقت لمحرري الأخبار، الصحافيين المذيعين في استديو الأخبار، المخرجين الأميركيين، كي يقفوا لبناء تلك الثقة وسط التوقعات الضخمة من الجمهور زلت أقدامهم وذبلت.

فقد جاءت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر بتاريخ 30 مارس/ آذار بعنوان رئيسي بواسطة ديفيد سانغر «بينما النصر الخاطف اصبح أقل احتمالا، الشكوك تثار سرا»، إذا عندما يثير السياسيون والصحافيون الأميركيون الشكوك «سرا» فما الذي يميزهم عن نظرائهم في جميع أنحاء العالم من الدول النامية أو تلك المفرطة في التنمية.

بدأ هذا التحول بعد الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول 2001، عندما بدأت شبكات التلفزيون والصحافة والاذاعات بتزويد الجمهور الأميركي بما يرغب ان يسمعه عن بقية العالم. وكان ذلك بمثابة «التزييت القسري» لبقية دول العالم. وفي تغطيتها لحرب الخليج الثانية لم تعترض أو تحذر الصحافة الأميركية على الاطلاق الممثلين ضعفاء الارادة وأعضاء مجلس الشيوخ الذي منحوا جورج بوش تفويضا مطلقا ليشوه الطريق الى الحرب.

ربما كانت اسوأ ساعة للصحافة الغربية عندما أخذ موظفوها المدمجون في التحالف الانجلو - أميركي أو اعضاؤها الذين قلّما يكونون صحافيين يبعثون تقاريرهم عن البطولات في الطريق الصحراوي الى بغداد، بينما يظهرون عدم رغبة في تقديم أي ربط مباشر بين البث من سماء الليل المتألق والموت والبتر للمدنيين على أرض الواقع.

ومن أجل عدم جرح مشاعر المشاهدين في الموطن، فضلت الفضائيات الغربية ألا تعرض صور الموتى والجرحى والناس المعدمين. وبكل قوتها وامكاناتها، جردت وسائل البث الفضائي الغربية الرجال والنساء والاطفال العرب من انسانيتهم، وكان ذلك سببا اساسيا دفعنا الى ألا نحس بألم الآثار الضخمة بينما تنفجر الصواريخ وصواريخ كروز والقنابل الموجهة بالليزر في المدن والاحياء المأهولة بالمدنيين.

ووجد صاروخ عراقي ضرب مركز تسويق كويتي من دون خسائر في الارواح مساحة كبيرة من البث الفضائي اكثر من عشرات الصواريخ المدمرة في سوق بغداد، وتم رفع التحية للارتال المدرعة للسرعة التي ابدتها من خلال الصحراء الخاوية، وأخذ جنرالات العلاقات العامة الأميركيين في التحدث الى الصحافيين بخضوع واذعان، الأمر الذي يذكر بعض صحافة الحكومات بالدكتاتوريات الصغيرة.

لقد حان الوقت الذي يجب ان توضع فيه أميركا جانبا كنموذج لدور وسائل الاعلام. لقد تصرف الصحافيون الاميركيون بطرق لا تختلف عن الصحافيين في المجتمعات المضطهدة، وذلك عندما انكمشوا مرتعدين أمام المعتقدات العنيفة والمتشددة للنخبة الحاكمة. الخوف من تصنيفهم جنودا غير وطنيين دفع الصحافيين الأميركيين الى تتبع أثر حكومتهم، وهي الطريقة نفسها المتبعة في دول مثل النيبال، الهند، باكستان، تايلند، كينيا... أو العراق.

وبينما تستمر التناقضات والنفاق لوسائل الاعلام الاميركية في التكشف على شاشات شبكات التلفزة والمقالات المنحطة في جميع انحاء العالم لا أحد يحتاج الى ان يشعر بأي احساس بالعظمة والرفعة والتفوق. لانها كارثة عندما يكتشف ان المعلم غير كفوء. لا أحد يفترض ادعاء السمو الاخلاقي أكثر من صحافيين يلتقطون شاكرين توافه معلومات من القيادة المركزية الأميركية.

وبينما نحن نشاهد المراسلين في الشبكات التلفزيونية والمذيعين وهم يمارسون السخرية والمكر، فإن التجاوب المحترم الوحيد هو البحث داخل انفسنا، ودوافعنا في كل مرة نحفظ فيها قصة، ومع انكشاف المثالية الغربية بوقاحة يجب ان نعيش الآن في عالم نؤسس فيه معاييرنا الخاصة بنا، ومن ثم نحتكم ونتقيد بها





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً