العدد 2595 - الثلثاء 13 أكتوبر 2009م الموافق 24 شوال 1430هـ

«الشفافية الدولية» توصي بنقل مفهوم النزاهة الدائمة من الشركات للحكومة

في تقريرها السنوي الذي أطلقته «الجمعية البحرينية»

أوصي تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي، والذي تناول في هذا العام الفساد في قطاع الشركات، بإعادة التفكير في استراتيجية مكافحة الفساد في الشركات والعمل على نقل مفهوم النزاهة الدائمة في الشركات إلى القطاع العام.

وخلال الندوة التي نظمتها الجمعية البحرينية للشفافية مساء أمس الأول في فندق «غولدن تيوليب»، برعاية إعلامية من صحيفة «الوسط»، قدّم رئيس الجمعية عبدالنبي العكري عرضا لأهم ما جاء في التقرير.

إذ أشار إلى أن التقرير اعتبر أن أحد مسببات الأزمة المالية العالمية هو الفساد في الشركات والقطاع الخاص، وانعدام الشفافية ووجود عيوب كبيرة في أجهزة التدقيق على الشركات.

كما انتقد التقرير ضعف التعاون الدولي في مكافحة الفساد ما أتاح للأزمة المالية أن تنتشر وتتوسع، وأن بناء أنظمة الحوكمة المترابطة والفعالة في الشركات بات أمرا ملحا وضروريا وضمانا للاستقرار المالي والاقتصادي العالمي.

وأشار العكري إلى أنها المرة الأولى التي تطلق فيها الجمعية التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية والمخصص للفساد في القطاع الخاص، لافتا إلى أن التقرير يقع في 270 صفحة، وأن الجمعية ستطالب بترجمة هذا التقرير والتقارير اللاحقة إلى اللغة العربية.

وقال: «إن عضوية الجمعية في منظمة الشفافية الدولية بقدر ما يتيح لها من إمكانات وفرص فإنه يفرض عليها التزامات دولية».

وأضاف «إن قضية مكافحة الفساد والمحسوبية والعمل من أجل الشفافية والنزاهة، تأتي في صلب اهتمام جميع المخلصين في أي بلد في العالم، وفي البحرين نواجه تحديا في أن غياب الشفافية والمحسوبية ثقافة متأصلة تنعكس سلبا في جميع مناحي الحياة وتضر أشد الضرر بالمجتمع».

وتابع «في ظل العهد الجديد فإن القوى الخيرة في المجتمع والدولة تناضل من أجل التصدي للفساد، وترتب على ذلك تشكيل ديوان الرقابة المالية والتصديق على اتفاقية مكافحة الفساد، والتدقيق في موازنة الدولة وتشكيل المجلس الأعلى للمناقصات، إضافة إلى بعض الشفافية في إدارة الدولة للبلاد».

كما أكد العكري أن منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ينحوان باتجاه المزيد من الشفافية، معتبرا أن قرب إصدار قانون للرقابة الإدارية والتأكيد على ضرورة مكافحة الفساد في رؤية البحرين 2030 التي أطلقها ولي العهد مؤشرات إيجابية لمكافحة الفساد تستدعي تحويلها لاستراتيجية عملية للدولة والمجتمع.

وأوضح العكري أن التقرير شارك في إعداده أكثر من 80 خبيرا واقتصاديا ورجل أعمال، إضافة إلى إعداد استبيان لـ500 مشارك.

كما أشار إلى أن التقرير توصل إلى أن القطاع الخاص أصبح لديه إدراك أكبر لمسئوليته في مكافحة الفساد، وأنه على القطاع الخاص أن يدرك أن الفساد يبدأ برشا بسيطة لن تؤدي الغرض المطلوب. وشدّد العكري على ضرورة تعاون جميع الدول والعمل معا لدعم النزاهة والانتماء في الشركات والمؤسسات الخاصة، محملا رجال الأعمال والمستثمرين والمدققين والمشرعين مسئولية تحقيق النزاهة في دولهم من خلال التعاون المشترك. وفيما يتعلق بتوصيفات مشكلة الفساد في القطاع الخاص بحسب ما جاء في التقرير، أكد العكري أن الفساد شكل تحديا كبيرا لقطاع الأعمال ويمتد من أصغر بائع في أفقر دولة في العالم، إلى أكبر شركة في أغنى دولة في العالم.

ولفت إلى أن التقرير أكد أن الفساد يشكل تحديا مستمرا وأنه أكثر اتساعا وتعقيدا وخبثا من دفع الرشا هنا وهناك، وأنه يجب متابعة دفع الرشا والمحاباة في القطاع الخاص، ومراقبة المدراء التنفيذيين الذين يستغلون القرابة العائلية لإبرام العقود، مشيرا إلى أن كبار المدراء التنفيذيين يرون أن الفساد في القطاع الخاص يشكل عائقا لبرامجهم التنموية، ويهدد استمرار أدائها وتطويرها، ويقف عائقا أمام المنافسة الشريفة.

وأوضح العكري أن التقرير يستعرض ما تحقق بسبب تطبيق الجيل الأول من دليل حوكمة الشركات، وأن التقرير يؤكد أن هناك تطورا ملحوظا في مكافحة الفساد، إلا أن هناك نواقص يجب تلافيها مستقبلا.

ويشير التقرير، بحسب العكري، إلى ارتفاع غير مسبوق في الشركات التي تصدر تقارير دورية في مجال المسئولية الاجتماعية، مشيرا إلى أن جهود التوعية والتدريب تحتاج إلى جهد ودعم كل أصحاب المصلحة.

وتحدث خلال الندوة عضو جمعية المصرفيين وعضو اللجنة الوطنية لحاكمية الشركات الخبير في شئون الشركات صالح حسين عن حوكمة الشركات ودورها في تحقيق الشفافية، إذ أشار إلى أن حوكمة الشركات هي نشاط متحرك ديناميكي التغيير، ويعمل للمصلحة العامة الممثلة للمؤسسات والشركات والمجتمع وبمسئولية وتجاوب مع متطلبات الأطراف المعنية، ويراعي الأمور المادية والنوعية في جميع أوجه التعامل.

وقال: «إن المتطلبات الكمية للحوكمة هي القوانين التي تصدرها الدول، ومجلس إدارة وهيكلة المجلس، وتصنيف العضوية، وواجبات المجلس وأعضائه، ولجان المجلس وطرق عملها، ومكافآت مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا، وأمور الرقابة على عمل المؤسسة، وإدارة المخاطر، ونظام الإحلال ومؤشرات الأداء، والتقارير وسبل الإفصاح عن الأمور المتعلقة بالشركة».

وأضاف «أما المتطلبات النوعية فتتمثل في المبادء الأساسية للحوكمة كالعدالة في التعامل مع مختلف الأطراف ذات العلاقة بالشركة، والقبول بمبدأ المساءلة والمحاسبة وتحمل المسئولية تجاه المؤسسة والغير، والإفصاح والشفافية».

وأوضح أن الأسئلة التي يجب أن توجه لعضو مجلس الإدارة من أجل تحقيق الشفافية والمتعلقة بالأمور النوعية، تتمثل في ما إذا كانت هناك مصلحة للعضو تتضارب مع مصلحة الشركة، وما إذا كانت توجد لديه جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات، وما إذا كان القرار المزمع اتخاذه منطقي وله ما يسنده من الحقائق، وفيما إذا كان القرار يصب في مصلحة الشركة العليا، وما إذا كانت المعلومات المتاحة لأطراف التعامل مع الشركة صحيحة وأعطيت بشفافية كاملة، وما إذا كان القرار الذي يتخذ يحمي الشركة وممتلكاتها.

أما متطلبات الإفصاح والشفافية، فلخصها حسين في التقارير المالية الدورية عن مساهمي الشركة، ومجلس الإدارة واللجان الفرعية، والهيكل التنظيمي وأهداف الشركة ورؤيتها واستراتيجيتها، والسياسات المحاسبية وتقارير مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، والموازنة العمومية وقائمة الدخل والتدفق النقدي وتقارير المراجعين.

إضافة إلى العقود والمعاملات مع الأطراف ذات العلاقة بالمؤسسة، وتفاصيل العقود مع الشركة وأعضاء مجلس الإدارة وأية أطراف للأعضاء علاقة أو قرابة بهم، وقواعد السلوك في المؤسسة، وقواعد إدارة المخاطر، وبرامج التعيين والتدريب، والبرامج البيئية، وسياسات المسئولية الاجتماعية.

أما نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فراس غرايبة، فأشار في كلمة له إلى أن الفساد يعتبر ظاهرة عالمية بامتياز لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة تنعكس على وضع واستقرار الدول وخصوصا مع نمو العولمة، إضافة إلى أنه أصبح ظاهرة عابرة للحدود تنعكس في آثارها على كل المجتمعات، ما يجعل من مقاومتها أمرا بالغ الأهمية، وخصوصا لارتباط الفساد بالجريمة المنظمة من جهة وزيادة الفقر وضعف التنمية من جهة أخرى.

وقال: «على الرغم من تعريفات الفساد المتداولة، إلا أن اتفاقية مكافحة الفساد لم تُعرف الفساد بصورة شاملة وإنما حددت الممارسات الفاسدة التي تحرمها». وتابع «تعريف الاتفاقية للفساد جاء محدودا، إذ إنه يحصر الفساد بالحكومة وموظفي الدولة ولا يتطرق إلى فساد الشركات. ولذلك دعا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تعريف الفساد على أنه إساءة استعمال السلطة المخولة لتحصيل نفع خاص». واعتبر غرايبة أن اتفاقية مكافحة الفساد جاءت لتشكل إطارا جامعا لتطوير مقاربة دولية موحدة لمكافحة الفساد وإيجاد استراتيجية موحدة لمكافحته.

وأشار إلى أن العالم ينظر اليوم إلى الفساد على أنه عقبة أساسية أمام التنمية ويعيق النمو الاقتصادي ويضعف من تمكين الدولة على تأمين الخدمات العامة ويحول من دون توظيف الأموال العامة في تطوير البنية التحتية والمؤسسات وانحطاط وتذبذب القيم الأخلاقية.

العدد 2595 - الثلثاء 13 أكتوبر 2009م الموافق 24 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً