العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ

استملاك الأراضي يقضي على أكبر مقبرة في التاريخ البشري

مقابر عالي تدوسها الجرافات

أصبح مشهد الجرافات التي تعمل في منطقة عالي«عاديا» بالنسبة إلى أهالي القرية بعد أن استمرت في عملها «الدؤوب» لتسوية الأراضي وبناء المساكن عليها، إلا أن الزائر للقرية من الخارج قد يضطر إلى «فرك عينيه» قبل أن يصدق أن هذه المنطقة هي نفسها التي تحوي تلالا تعود لآلاف السنين والتي صنفت بأنها أحد أكبر مقابر التاريخ البشري.

فبدلا من أن تتحول المنطقة إلى مقصد للسياح، ويتردد عليها الزوار للتعرف على تاريخها العريق، زارتها الجرافات وبدأت تسويها بالأرض لتحولها إلى مساكن خاصة بعد أن تم استملاكها على مدى عقود من الزمن من قبل «متنفذين» حسبما ذكر ممثل المجلس البلدي في المنطقة.

ويبدو أن الزحف العمراني الذي تتعرض له مختلف المناطق في البحرين والذي بدأ يهدد السواحل والمزارع والقرى، امتد أيضا للآثار التي يعود تاريخها لآلاف السنين قدما، ربما لنجد أنفسنا يوما ما دون سواحل ودون مزارع ودون «تاريخ».


في قرية عالي

صناعة الفخار مهددة بالانقراض والمقابر تدعسها الجرافات

عالي - ندى الوادي

بدت صناعة الفخار في عالي مهددة بالانقراض بعد الإهمال الذي يعانيه أصحابها من مختلف المؤسسات، في الوقت الذي تعرضت فيه تلال المدافن في عالي للدعس تحت عجلات الجرافات بدعوى استملاك أراضيها وتحويلها إلى مبان سكنية. وقال ممثل المجلس البلدي في المنطقة سيدعبدالله مجيد العالي «انهم في المجلس البلدي يعرفون أن معظم الأراضي الأثرية في جنوب قرية عالي تم استملاكها كأراضي سكنية من قبل متنفذين»، وأن أهالي القرية يشعرون بالحزن عند مشاهدة الجرافات وهي تساوي المقابر التي تعودوا رؤيتها والتي تعود في تاريخها إلى آلاف السنين. وأشار العالي إلى أنه سبق ان تحدث محافظ المنطقة بشأن هذا الموضوع وتم الاتفاق مع مدير إدارة شئون السياحة مبارك العطوي على القيام بزيارة المنطقة ومحاولة حل المشكلات التي تعاني منها، إلا أن موعد الزيارة تأجل أكثر من مرة وبقيت المشكلات على حالها.

وفي هذا الصدد أوضح العالي أن المدافن الكبيرة معروفة ومسورة بشكل واضح، إلا أن باقي المدافن والتلال الصغيرة كثيرا ما مسحت من قبل إدارة الآثار، ثم تحولت بقدرة قادر إلى أراضي استملكها أشخاص وبدأوا يقيمون المباني عليها، وهنا يتضح أن دور الإدارة فقط في التنقيب عن الآثار، ولا تملك أي قدرة على الحفاظ عليها أو حمايتها. إذ أشار العالي إلى أن كثيرا من الأراضي تم تسويرها بسياج من السلك، ومع الزمن تذوب هذه الأسلاك أو يعبث فيها العابثون لتتحول إلى أراضي مكشوفة لا حماية لها.

وعن مشكلات صناعة الفخار في عالي قال العالي إن أصحاب الأفران المستخدمة لصناعة الفخار في عالي يعانون من مشكلات جسيمة لم تتمكن من حلها اللجنة التنسيقية التي كان من المفروض أن تضم في عضويتها وزارة التجارة وشئون البيئة وإدارة الآثار للحفاظ على الصناعة وتطويرها. وأوضح العالي أن أولى هذه المشكلات هي الأفران التي تستخدم لتسخين الفخار بعد تشكيله، إذ بدأت بإنشاء فرن يعمل بالغاز أثبت بعد فترة قصيرة فشله بسبب حرارته العالية وتسببه في احتراق ثلاثة أرباع المصنوعات إذ لا يمكن من خلاله التحكم في عملية الصب لأنها أفران بدائية لا توازن في تقنيات توزيع الحرارة. وكان الحل التالي بحسب العالي هو تسخينها بحرارة حرق إطارات السيارات والتي كانت تضر بالبيئة بشكل كبير مما دعا للاستغناء عنها، ومازال الأسلوب المتبع في التسخين هو حرق الخشب أو أفران الغاز دون وجود وسيلة عملية وفاعلة بشكل أفضل. وتأتي المشكلة الآتية بحسب العالي في عدم توافر مادة الطين التي تستخدم لصناعة الفخار، إذ أن الطين بنوعيه الأبيض والأصفر كان يجلب من منطقة الحنينية أو الرفاع، إلا أن تحويل هذه الأرض إلى موقع مبنى الديوان الملكي حال دون الاستفادة من الطين هناك. وأشار أن العمال مضطرون الآن إلى استيراد الطين من الخارج بعد إدخال تقنية التزجيج في الفخار، غير أن هذا الطين الذي يتم استيراده من أوروبا غالي الثمن في حين يمكن الحصول على النوع نفسه من الطين من مناطق في المملكة العربية السعودية وتحديدا من جدة لو وفرت وزارة التجارة التسهيلات الملائمة.

وتأتي المشكلة الثانية التي يعاني منها صانعو الفخار في عالي في استملاكهم لأفرانهم قانونيا، إذ أشار العالي إلى أن معظم الأفران في عالي مملوكة بالتوارث وغير مسجلة، في حين حددت وزارة الإعلام ملكيتها للوزارة على اعتبار أنها مناطق للصناعات الأثرية. وأضاف العالي مشكلات عدم وجود تسهيلات في توفير الكهرباء والماء، إلى جانب الإهمال الذي تتعرض له المنطقة في تصميم شوارعها والتي كان من المفروض الاهتمام بها وتصميمها بطابع تراثي معماري مميز. يذكر أن كلا من النائبين عبدالهادي مرهون وعبدالنبي سلمان أصدرا سابقا بيانا صحافيا يستنكران فيه التعدي على مدافن عالي وإهمالها بشكل كبير، وشددا فيه على ضرورة أن تقوم الجهات المسئولة في إدارة التراث بدورها في الحفاظ على تراث وحضارة البحرين

العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً