العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ

جامعاتنا وهموم «شفيق ياراجل»

تقف حائرا إزاء الإصرار على حال المراوحة على مستوى المناهج والأنشطة في جامعاتنا.

تقف حائرا إزاء «الأذن الصمخة» التي وعلى رغم الزعيق والصراخ، تظل في عزلة تامة عما يدور من حولها، لا تهزها ريح.

تقف حائرا إزاء التركيز على سلوكيات الطلبة والطالبات فيما عدد لا يستهان به من أساتذة الجامعة بحاجة الى دورات مكثفة في حسن السلوك، والعلاقات العامة، والتعاطي مع طلبتهم بعيدا عن الاستهداف وأحيانا «العنطزة»!

تقف حائرا إزاء بعض «المناهج» التي لا تمت الى الفوضى «بصلة» أو «خيار»!.

«صفقنا» حتى ابيضت أكفنا يوم أن أجريت أول انتخابات لمجلس الطلبة في الجامعة ولكن بعد تشكيل المجلس والصلاحيات التي منحت له والتي أخضعت لـ «الرجيم»، «لطمنا» على وجوهنا حتى «احمرت» لأننا «شربنا» المقلب ولن نتمكن من تقيئه!... إذ من المتعارف عليه ان مجالس الطلبة في العالم هي في واقع الأمر شكل آخر من أشكال النقابات، لها صوتها المؤثر والفاعل في الكثير من القضايا التي تهم الطالب وترتبط بوجوده في المؤسسة الجامعية، فيما بعض المجالس تنحصر وظيفتها الرئيسية والخطيرة في « الفرجة » ولا شيء غير «الفرجة»، فكم من الطلبة والطالبات تعرضوا لتجاوزات طرفها الأول الهيئة التعليمية مرورا بالهيئة الإدارية للجامعة، وهي تجاوزات دفعت أصحابها الى اللجوء الى أكثر من بريد للقراء في الصحف المحلية، وتم حل بعضها دون أن يبادر المجلس بحكم محدودية صلاحياته أو لأنه آثر التأني، لأن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، هذا إذا كان ثمة «عجلة» أو «إطار» يقود الى الندم! خصوصا في ظل ما يشبه «الكساح» على مستوى الدور والتأثير! لنكتشف ان بعض صفحات بريد القراء كان لها من الفاعلية والتأثير مايفوق بمراحل فاعلية وتأثير المجلس!

لن نتحدث عن المناهج لأنها تحتاج الى «شغل بعد الظهر» على حد تعبير عادل امام في مسرحيته «الواد سيدالشغال»! إذ يكفي أن نشير الى انها حولت الطلبة والطالبات الى أجهزة حافظة إذا ما أردنا أن نخفف من بعض آليتها كي لا نقول أجهزة تسجيل، فيما هم خارج النص الا من رحم ربك ، اذ لا علاقة لهم بأمور كثيرة بدءا بالحاكم العسكري على العراق في زيه المدني «الحاج» بول بريمر، مرورا بمنطقة القبائل في الجزائر وليس انتهاء بـ «خراطة» عفوا «خريطة الطريق»! عداك عن أمور تتعلق بما وراء مشروع الهندسة الوراثية وتنقيح الذاكرة الذي تتولاه أميركا في طريق الألف ميل، لتحويل «غابة» الشرق الأوسط الى «جنة عدن»!

أمور كثيرة تكاد وأقول «تكاد» كي لا يأخذني أحدهم على حين غرة، تكاد تكون معرفتها من المحرمات.

لابد من الإقرار بأن المناخ والبيئة في جامعاتنا العربية عموما، وجامعاتنا خصوصا لا يحفزان على «بدعة» اسمها الإبداع والخلق والإبتكار و نعمت البدعة، ذلك المناخ وتلك البيئة بحاجة الى هزة لاتقل عن 8 درجات على مقياس ريختر!

ولابد أن نعرج في هذه المشاكسة على دوائر الإعلام والعلاقات العامة ولن أكتبها «إعلام» كما يحلو لصديق دخل الجامعة كمشروع عبقري وخرج منها «يونس شلبي» في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وأحيانا يشبهونه بـ «شفيق ياراجل» الشخصية الشهيرة التي أداها ممثل الكوميديا الرائع «محمد نجم».

دوائر الإعلام والعلاقات العامة بحاجة هي الأخرى الى هزة أقل بقليل من هزة المناهج، لذلك نطمح بهزة لا تقل عن 7 درجات وثلاثة أرباع الدرجة على مقياس ريختر!، فما يصدر من مطبوعات من قبل تلك الدوائر يظل على درجة من العمق والتميز والرصانة والمنهجية وهو في غالبيته لاستيعاب السوق أكثر من استيعاب الجامعة له، ولن نتحدث عن كلفة تلك الإصدارات التي لا تحقق أي عائد يذكر بسبب خلل ينتاب عملية التسويق على رغم أن مادة التسويق واحدة من المواد الرئيسية التي تدرس في تلك الجامعات!، فيما المخصص من إصدارات للطلبة يعاني من «أنيميا» على مستوى المضمون والشكل، وفي ظل خسارة غير معلنة من قبل تلك الدوائر.

أليس أجدى لدوائر الإعلام أن تتبنى عددا غير محدد من الطلبة الموهوبين فتعمل على استنساخ مشروع قطاع الثقافة والفنون المتمثل في الإصدار الأول، فربما عبر توجه من هذا القبيل تسهم تلك الدوائر في ضخ أسماء وامكانات ومواهب جديدة الى الساحة الإبداعية التي بدت وكأنها أصيبت بالشيخوخة والخرف لولا مجموعة من الأقطاب الذين مازالوا يسهمون بحضورهم ونتاجاتهم في إعادة الروح الى جسد الساحة».

الإصدار الأول واحد من المشروعات التي تعقد عليها الكثير من الآمال، وسنكون ممتنين لتلك الدوائر ماحيينا فيما لو تم تبني هذا المشروع، علاوة على اجتراح حوافز يمكن للدوائر تلك البدء فيها عبر تجاوز آلية المسابقات والجوائز التي بدأتها، بدليل انها لم تتمكن من إهداء الساحة أسماء بعدد الأصابع الواحدة منذ بدئها!

لا تسئموا حين نبدي لكم ملاحظات نتوخى من خلالها أن تكونوا في الصورة المثلى والمقام الذي نطمح، نتوخى من خلالها دخول أبنائنا وهم أصحاء عقليا وجسديا، وخروجهم وهم متبرئون من «حالة» يونس شلبي «في هبله ومحمد نجم» في تخريجاته التي تشبه البحث عن ملجأ وملاذ في أمكنة تعج بالمآزق.

هل نتجنى اذا ما أعربنا عن يأسنا... عن قلقنا... عن إحباطنا في ظل واقع كهذا؟ في ظل استشراء «الشلبيين» وفي ظل حكمة شائعة في زمن «البلادة»... حكمة مفادها: «شفيق ياراجل» و «الراجل اللي لما تكون الدنيا حر بيكون حران... شفيق ياراجل.. الراجل الطويل القصر... التخين الرفياع... الأسمر المبيض... شفيق ياراجل»! هو ذاته واقع جامعاتنا المزدحمة بألف «شفيق»... بألف «تخين» في بدنه «رفياع» في تفكيره... وليست تلك مشكلته لأن جامعاتنا لها ملامح شفيق... وحالات يونس شلبي!

وعودا الى الزلزال بدرجات مبعثها اليأس... حددتها بثماني درجات... وأسلمت الأمل لزلزال في الذروة من الإستواء

العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً