العدد 367 - الأحد 07 سبتمبر 2003م الموافق 11 رجب 1424هـ

الحقيقة المُرّة: 04 طالبا في الفصل الدراسي

بين تأكيدات الطلبة ونفي الجامعة...

ماذا بوسعك ان تفعل لو ساقك القدر يوما ما في غرفة تجمع تحت سقفها 04 طالبا مهما كان حجمها؟، وماذا ستفعل أيضا إذا علمت ان ذلك أقل الضررين؟، أما تأخير التخرج لفصل دراسي كامل، أو غض الطرف والصبر على شقاء ما بعده شقاء! حتما ستكون انت - أيها الطالب الجامعي - أمام خيارين أحلاهما مر، لكنك في نهاية المطاف مجبر على القبول بأحدهما مهما كان الثمن... وكان هذا هو الملف الذي فتحته «جامعات» لهذا الأسبوع...

في البداية كانت لنا وقفة قصيرة مع عميد القبول والتسجيل عيسى الخياط الذي نفى بدوره وجود قرار من إدارة الجامعة على هذه الشاكلة، على رغم إقراره بضرورة تطبيقه في بعض المقررات قائلا: «هذا الأمر لا ينطبق على كل المقررات، واعتقد ان هذا الأمر يصب في مصلحة الطالب في نهاية المطاف»، وعزا الخياط ذلك لوجود «الكثير من الطلبة الذين يتوقف تخرجهم في الفصل الثاني على مقررات الفصل الأول»، ويمضي الخياط في شرح رؤيته التفسيرية لهذا الموضوع قائلا: «ولا يعد هذا حكرا على المقررات ذات الصبغة الأدبية فحسب، بل ايضا على المقررات العلمية، لأن هناك أجهزة وطاقة استيعابية كافية لهذه المقررات الدراسية» علاوة على وجود قاعات كبيرة تسع لستين طالبا في الصخير، وكذلك في مدينة عيسى، فهناك مقررات مشتركة تدرس لجميع الطلبة، وهي من متطلبات التخرج كمقرري التاريخ والإسلاميات، ولا اعتقد ان هناك ضررا على درجة استيعاب الطلبة، كما ان الأمر ذاته مطبق في غالبية الجامعات الخليجية وبصورة أكبر ايضا.

ولكن يا ترى، ماذا يقول طلبة الجامعة المعنيون أولا وأخيرا من هكذا قرار ان وجد في المستقبل القريب؟

يرى مرتضى عبدالحسين «كلية الآداب - سنة ثالثة» ان هذا التوجه في حال تقنينه لن يكون صائبا، ويعلل مرتضى ذلك بالقول: إن ذلك يمثل عبئا إضافيا على الاستاذ الجامعي والطالب على حد سواء، ويجعل من عملية ايصال المعلومة إلى الطالب في غاية الصعوبة والتعقيد، كما ان ذلك يؤثر سلبا على درجة استيعاب الطالب، وبالتالي على تحصيله العلمي والأكاديمي، واعتقد ان هذا القرار سيكون على حساب المقرر الدراسي، والمفترض ان الفصل الواحد يتحمل 03 طالبا فقط كحد أقصى، ويطرح مرتضى شاهدا على صحة الرأي الذي يميل له قائلا: لو افترضنا ان كل طالب في الفصل قد سأل سؤالا واحدا لمدة دقيقة واحدة فإن ذلك يعني تصرم أكثر من 06 في المئة من مدة المحاضرة الواحدة! ويوافقه في الطرح ذاته زميله محمد عبدالرضا «نظم المعلومات - سنة ثالثة» الذي يرى ان المحاضر لا يستطيع التحكم في الفصل الدراسي بوجود هذا العدد الكبير، كما ان الطلبة انفسهم لا يحصلون على الراحة النفسية الكافية، خصوصا مع وجود طلبة من الطراز الثقيل!

52 - 03 طالبا

أما زميله جعفر كاظم «كلية التربية - تمهيدي» فأكد لنا ان هذا التوجه لن يصب في صالح الطلبة. وهذا برأيه يمثل عقبة كأداء في المسيرة الأكاديمية للاساتذة والطلاب على قدم المساواة، ولا يتيح للاستاذ الجامعي ان يطلع اطلاعا دقيقا على معاناة الطالب، ويتلمس همومه بصورة صحيحة. وعن العدد النموذجي في الفصل الدراسي الواحد، يجيب كاظم قائلا: يجب ان يتراوح بين 52 و03 طالبا في الفصل الدراسي الواحد كحد أقصى.

ومن جانبها قالت «فاطمة مجيد» التي تخرجت العام الماضي من قسم الإعلام والعلاقات العامة إن تكديس 04 طالبا في قاعة دراسية واحدة شبابيكها محكمة الإغلاق ولا تهوية فيها أمر غير صحي، موضحة انه في فصل الصيف ومع ارتفاع درجة الحرارة يزداد الوضع سوءا إذ تنتشر روائح العرق وهذا ما يميز بعض الكليات عن غيرها، على حد تعبيرها.

واستطردت مجيد قائلة: «كنا نعيش هذا الوضع في بعض المقررات في قسم الإعلام، وفي أحيان يزيد العدد عن 04 طالبا، لم يكن الوضع بذاك السوء لأننا كنا من قسم واحد ونعرف بعضنا، فكنا نصبر ونغض الطرف، وقد اجتزنا كل المقررات ولم يؤثر ذلك على مستوى التحصيل (...) لذلك فإن كان لابد من تطبيق ذلك فيمكن تطبيقه على مقررات التخصص وليس المواد المشتركة، ذلك لأن العلاقة بين طلبة التخصص أكثر عمقا من طلبة المواد المشتركة». وأضافت: «يجب استثناء المقررات العملية من هذا القرار، فلا يمكن على سبيل المثال تدريس مقرر التصوير الصحافي لأربعين طالبا في مرة واحدة، وهذا ينسحب على كل المقررات العملية في كل الكليات والتخصصات».

أما الطالبة جواهر محمد «كلية الآداب - السنة الرابعة» وبخلاف زملائها فقد أيدت هذا القرار بقوة، قائلة إنه يصب في مصلحة الطلاب في نهاية المطاف، وأرجعت جواهر ذلك لسبب محوري كما قالت وهو: إن هذا القرار يساهم في تخرج أكبر عدد ممكن من الطلبة وبصورة سريعة، على عكس الفترة السابقة التي يحرم فيها بعض الطلبة من فرصة التخرج من الجامعة بسبب مقررين فقط، علاوة على ذلك فإن قاعة الفصل الدراسي تسع لأكثر من خمسين طالبا في المحاضرة الواحدة. واختتمت حديثها بالقول: «لا اعتقد ان هذا القرار سيترك تأثيرا سلبيا على درجة استيعاب الطلبة او على مستوى تحصيلهم العلمي والأكاديمي».

فيما يجزم محمد راشد «تقنية المعلومات - سنة أولى» بأن هذا العدد كبير جدا، وستكون له تأثيراته السلبية على الطلبة، على رغم انه لم يعاصر هذه التجربة التي وصمها بـ «المأسوية» بعد، لكنه استنتج قناعاته هذه من خلال تجربته الدراسية في المرحلتين الإعدادية والثانوية.

أقل الضررين

وكان لمجلس الطلبة رأي في هذا الموضوع ايضا، فأدلى كل من عضوي المجلس يوسف عبدالله وبدر سلمان بدولهما في هذا الموضوع، إذ قال الأول إن الأعداد الكبيرة التي تستقطبها الجامعة تزيد عن 0003 طالب سنويا، لذلك فإن الحل - برأيه - يتمثل في خيارين لا ثالث لهما، أما زيادة عدد الطلبة في الفصل الواحد لاستيعاب هذه الزيادة، وأما لجوء الجامعة إلى افتتاح مدرجات جديدة في بعض المقررات النظرية، لكنه يعتبر هذا التوجه خطوة جيدة على رغم ما تنطوي عليه من سلبيات كثيرة بالنسبة إلى الطلبة، لكنها أقل الضررين. ويضيف: ان الطالب في النهاية لا يريد ان يحصل على الراحة بقدر ما يتمناه من سرعة التخرج. وكمخرج مستقبلي، ويتمنى يوسف من إدارة الجامعة ان تقوم ببناء مبان جديدة، وإضافة عدد الكادر الأكاديمي لا ستيعاب هذه الزيادة الطردية الكبيرة نسبيا في عدد الطلبة.

فيما يرى زميله بدر عدنان ان غالبية المواد في بعض المقررات الدراسية هي نظرية، ويبرر توجه الجامعات لأن هذا لن يترك تأثيرا سلبيا وفق الرؤى الموضوعية. كما ان الجامعة لا تستوعب هذا العدد الكبير من الطلبة، وبالتالي فإنه يكون لزاما على الطلبة ان يضعوا ذلك في الاعتبار.

وبدا طالب الدراسات العليا «محمد الكواري» أكثر اعتدالا في نقده لهذا التوجه، ويعزوه ذلك لحاجة بعض الطلبة إلى التخرج سريعا «فهناك عدد من الطلبة يتأخرون في التخرج لمدة عام دراسي كامل، بسبب إلغاء البرنامج الصيفي بصورة مفاجئة ودونما سابق انذار، وابدى موافقته على هذا القرار شريطة ألا يكون ذلك على حساب تقليل عدد المقررات او حجم المادة العلمية فيها، وبما ان الجامعة هي مؤسسة منظمة وتسير وفق منهجية واضحة، وبالتالي فإن على إدارة الجامعة اشراك مجلس الطلبة في اتخاذ هذه القرارات ذات التأثير المباشر على الطلبة».

معاهد جديدة

وكان لأساتذة الجامعة رأي في هذه المعضلة، وفي هذا السياق يرى الاستاذ الجامعي فريد البيات انه «يجب ان يتحدد العدد وفقا لطبيعة المقررات، فهناك بعض المقررات النظرية، وارى ان زيادة العدد في الفصل الواحد قد يحل مشكلات كبيرة، ولكن لا أنكر ان لذلك تداعيات سلبية على الطلبة، وتحديدا في المقررات العملية فالطالب لا يأخذ حقه من المعلومة، وخصوصا اذا ما وضعنا في الاعتبار ان مدة المحاضرة لا تتجاوز الساعة والنصف الساعة. وهذا يؤثر ايضا على درجة تقييم الطلبة، وتحديدا في البحوث والمشروعات التي تتطلب تقييمها وقتا كافيا، لكن فريد يلقي باللائمة على الطلبة قائلا: إن - مع الأسف - لا يسيرون وفق الخطة الأكاديمية التي ترسمها إدارة الجامعة سلفا، ما يؤدي بالضرورة الى احداث ضغط كبير على بعض المقررات وخصوصا الصباحية منها. لذلك فإن على الطلب ان يتكيف دائما مع الخطة الدراسية التي تقتضيها المصلحة العليا للطلبة، وليس المصالح الفردية لكل طالب. كما لفت البيات النظر الى مسألة غاية في الأهمية وهي ضرورة التوازي بين الطاقة الاستيعابية للجامعة مع مخرجات التعليم الثانوي، فالجامعة تستقبل سنويا نصف خريجي الثانوية العامة تقريبا، وهذه نسبة مرتفعة للغاية إذا ما قورنت مع الجامعات الغربية. والمخرج الوحيد هو تأسيس معاهد خاصة تستقطب خريجي الثانوية لتخفيف العبء عن كاهل الجامعة الوطنية.

إحداث التوازن

اما الاستاذة الجامعية نبيلة زباري فرأت ان لهذا الموضوع شقين رئيسيين، أولهما ايجابي، ويتمثل في إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الطلبة للانخراط في الحياة الجامعية، لأن قبولهم يعني تحقيق تطلعاتهم، كما يجعل من التخرج عملية أكثر سهولة، وهذا يرضي شريحة عريضة من الطلبة. أما البعد السلبي للموضوع فيتعلق بوجود هذا العدد الكبير من الطلبة في الفصل الدراسي الواحد، ما يفرض عبئا على الاساتذة والطلبة على حد سواء، وبالذات فيما يتعلق بقضية المتابعة القريبة والمركزة للطلبة، وخصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار المدة الزمنية لعملية التقييم، ومن جانب آخر فإن التدريس الجامعي لا يقتصر على المحاضرات وحدها، وكذلك بالنسبة الى طبيعة المقرر ذاته ان كان نظريا او قريبا من الصبغة العملية، ام الاثنين معا. فالمقررات العملية تتطلب الاشراف الفردي والمباشر، واختتمت زباري قائلة: نحن على ثقة بأن إدارة الجامعة برئاسة الشيخة مريم آل خليفة قادرة على وضع أنجح الحلول لتلافي هذه المشكلة بحيث لا يطغى الكم على الكيف، الأمر الذي يتطلب إحداث قدر كبير من التوازن في هذه المعادلة الصعبة.

العدد 367 - الأحد 07 سبتمبر 2003م الموافق 11 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً