العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ

«الكوفية الفلسطينية»... موضة بكل الألوان

قبل فترة ليست بالبعيدة سمعنا أن بعض أنواع المقبلات ووجبات الطعام العربية في فلسطين ولبنان تتعرض للسرقة من قبل بعض الجهات في «إسرائيل»، فنسبوها إلى تراثهم وموائدهم، و «الفلافل» أو ما تسميه بعض الدول العربية «الطعمية»، ليست الوحيدة في محاولات النسب إلى غير أصولها، فـ «الكوفية الفلسطينية» تتعرض اليوم لمحاولات اختطاف من قبل بعض دور الأزياء ومنصات العرض الأجنبية، فبتنا نراها على أكتف عارضات الأزياء، وفي واجهات المحلات العالمية في كل مكان من العالم.

ولم يعد من الغريب أن نشاهد صورة لمراهق ياباني، لعله لم يسمع بفلسطين من قبل، يلفها حول عنقه، ويغلف بلونيها الأبيض والأسود المميزين حقيبته، أو يلون بها قميصه.

«الكوفية الفلسطينية» التي ارتبطت على مر الزمن بالقضية الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني، وبالمقاومة والنضال، وبشبان يحملون الحجارة يلثمون وجوههم بها، تستعمل اليوم في مختلف بلدان العالم كنوع من الكماليات أو «الإكسسوار»، وتلون بمختلف ألوان الطيف من دون استثناء، بالأحمر والأخضر والأصفر والزهري، بكل لون وخامة قد تخطر على البال، ولا يقتصر استعمال لونيها وتصاميم زخرفتها المميزة على تصاميم تمثل «الكوفيات»، فنقوشها السوداء والبيضاء المشابهة للأسلاك الشائكة التي حبس فيها كل شيء في أراضي الفلسطينيين، تستعمل في تصميم الحقائب والقمصان والقبعات، وبعض «الإكسسوارات»، بشتى الأشكال والتصاميم.

وبقدر ما شابها من تغيير وتبديل لبعض معالمها بإدخال قصات وزخارف ورسومات جديدة إليها، فإن المحافظة على طابعها العام بقي فيها، فبمجرد النظر إليها سيعرف مشاهدها أنها «كوفية فلسطينية» تعرضت للتبديل والتغيير، وأحيانا لـ «التشويه».

موضة «الكوفيات» الملونة التي نستطيع مشاهدتها في أسواق أوروبية وشرق آسيوية، كما هي في الأسواق العربية، أثارت جدلا كبيرا يتجاوز كونها موضة أو نوعا من الأزياء، يحق لمن يريد أن يتزين بها أن يلبسها، ويجوز لمن لا رغبة له فيها أن يبتعد عنها.

فـ «الكوفية» التي تعتبر من أهم الرموز العربية التي ترتبط بإحدى أهم قضاياهم، تعرضت للاستخفاف بقيمتها التاريخية ورمزيتها، وخصوصا أنها تعرض أو تلبس في بعض الأحيان بشكل غير لائق، وخصوصا في البلدان غير العربية، مما أثار انتقاد عدد كبير من الناس، لتحولها إلى موضة غربية تفد إلينا كما تفد إلينا موضات وصرعات قصات الشعر، والملابس، والحقائب، فبعد أن كانت رمزا لأطفال يلوحون بشارة النصر، حل بها كم كبير من التشويه والاستهانة.

في مقابل المعترضين على مسألة المتاجرة بـ «الكوفية الفلسطينية»، هناك من يرى أن «الكوفية» الجديدة الملونة، فرصة لنقل رمز وطني ذي قيمة كبيرة لدينا إلى مختلف أنحاء العالم، وإلى شتى الحضارات، كما أن فيها مجاراة للتطور والتغيير الذي طرأ على المجتمعات، بما فيها المجتمعات العربية والإسلامية.

وتبقى المسألة من نظر هذه الفئة أنها نوع من أنواع الأزياء يحق لمن يريد أن يقتنيها أن يكون له ذلك.

كما أن هناك نسبة كبيرة من مرتدي «الكوفية الفلسطينية» بشكلها الجديد، يقولون إن ارتدائها من مبدأ تضامنهم مع القضية، ومؤازرتهم للشعب الفلسطيني، وسواء أكانت ملونة على الطريقة الحديثة أو محتفظة ببياضها وسوادها، فهي تبقى «كوفية فلسطينية»، كما أن المتضامنين مع معاناة الفلسطينيين لا ينحصرون في بلد أو مكان واحد، فإن كانت في كثير من أنحاء العالم تلبس كنوع من الموضة، فهي أيضا نوع من التضامن لدى الكثيرين.

«الكوفية الفلسطينية» التي ارتداها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي وقت رؤوس فلاحين يقطفون الزيتون من شدة الحر وقسوة الشتاء... «الكوفية» التي كانت في أحياء كثيرة رمزا للفقراء والمقاومين، تباع اليوم بما يزيد أحيانا على مئة دولار، وتتزين بها نجمات هوليوود، وتعانق أعناق آلاف البشر الذين يجوبون شوارع مختلف دول العالم ينادون بالحق لفلسطين.

العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً