العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ

الشملاوي: توزيع «الدوائر» مُجحف... و«القانونية»: النظام مُعتبر في أعرق الديمقراطيات

هل ينتصر «القضاء» للمطالبين بتعديل الخريطة الانتخابية قبل 2010؟

تنتظر القوى السياسية الحكم النهائي والكلمة الفصل التي ستنطق بها السلطة القضائية ممثلة في محكمة التمييز في دعوى الطعن على مرسوم توزيع الدوائر الانتخابية، وذلك بعد صدور حكمين - مخيبين لآمال الداعين إلى إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية - إذ كان الحكم لصالح الدولة متمثلا في رفض الدعوى المقامة وإبقاء التوزيع كما هو، وتأييد دستورية المادة (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية.

وفيما لاتزال الدعوى منظورة لدى آخر محطة قضائية وهي محكمة التمييز، يبقى السؤال: هل تنتصر السلطة القضائية لطلبات القوى السياسية المنادية بإعادة توزيع الدوائر الانتخابية لتغير واقع الحياة السياسية قبل الإعلان عن انتخابات 2010 التي بدأت ملامحها تطفو فوق السطح ببدء فعاليات وبرامج من ينوون الترشح؟

ويأتي نظر محكمة التمييز للدعوى إثر عدم رضا المحامي عبدالله الشملاوي بالأحكام القضائية المؤيدة للتوزيع الحالي.

ففي تعليقه على طعنه قدّم الشملاوي شرحا مفصّلا للمفارقات بين النسب والأعداد بين الدوائر الانتخابية، وما بها من مخالفات، والتي قال: «إنها قدر لا يمكن أن تخطئه عين تنظر بقلبٍ مبصر عندما وصل الفارق بين عدد ناخبي دائرة موكلي والعدد المحقق للمساواة المطلقة إلى (109 في المئة) بالزيادة، وهي نسبة لا تعكس بالقطع العدالة التقريبية ولا الحسابية ولا أي مصطلح من مصطلحات العدالة بل هي الشطط والجور».

وقال الشملاوي في تبريره للطعن على الأحكام القضائية الرافضة لطلبه المتمثل في إلغاء المرسوم رقم (29) لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية: «إن ما ذهب إليه حكم أول درجة ومن بعده الحكم الاستئنافي الطعين، يُعد توجها مخالفا لما هو مستقر في القضاء الإداري من أن سلطة الإدارة التقديرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون سلطة تحكمية تمارسها جهة الإدارة من دون أي قيد يتصل بمحلها وسببها، لما في ذلك من خروج على مبدأ دولة القانون».

وجدّد الشملاوي طلبه بنقض الحكم الطعين فيما قضى به من رفض الاستئناف المقام والقضاء له بطلباته الواردة في القضية المرفوعة والتي تمثلت في: إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى، والقضاء بإلغاء المرسوم رقم (29) لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها واللجان الفرعية للانتخابات العامة لمجلس النواب كاملا، لارتباط أحكامه ارتباطا غير قابل للتجزئة.

وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى من رفض الدعوى، والقضاء بإلغاء المادة الثانية من المرسوم رقم (29) لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها واللجان الفرعية للانتخابات العامة لمجلس النواب.

وطالب الشملاوي احتياطيا - وقبل الفصل في الموضوع - بتكليف دائرة الشئون القانونية بتقديم كل المعايير والاعتبارات التي رسمت على أساسها جميع الدوائر، مع بيان شواهد توافر هذه المعايير في خصوص الدوائر التي تمت مراعاتها فيها، وعدم توافرها في خصوص الدوائر التي لم تطبق فيها.

كما طالب بندب خبير رياضي (محاسبي) لبيان الدوائر الانتخابية التي يكون فيها الفرق بين أعداد الناخبين في حدود 20 في المئة، والدوائر الانتخابية التي يزيد أو يقل الفرق فيها بين عدد الناخبين عن 20 في المئة، ومقارنة نسبة زيادة عدد الناخبين في دائرة المستأنف مع غيرها من الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق الانتخابية، وفقا لترسيم الدوائر الانتخابية الحالي.

وعلى سبيل الاحتياط الكلي التمس المحامي عبدالله الشملاوي من محكمة التمييز إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم دستورية المادة (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، والتصريح للمستأنف بالطعن أمام المحكمة الدستورية على دستورية المادة (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، ووقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى الدستورية.

وأشار الشملاوي إلى أن «الثابت أن حيثيات حكمي أول درجة والحكم الاستئنافي الطعين لم يتضمنا ما يشير صراحة أو ضمنا لسند المحكمتين في إعراضهما عن تقويم ممارسة جهة الإدارة لسلطتها التقديرية وفقا لمبادئ القانون العام».

وأوضح أسباب طعنه «تمسكنا أمام محكمة الاستئناف بالقول إن جهة الإدارة لم تلتزم حتى بالعدالة التقريبية التي قالت بها محكمة البداية، وتمسكنا بأنه على الرغم من أن دائرة الشئون القانونية كشفت عن مفهوم جهة الإدارة للعدالة التقريبية من وجهة نظرها معتبرة أن نسبة (20 في المئة) كفارق في عدد ناخبي الدوائر الانتخابية تمثل النسبة المقبولة لتحقيق هذه العدالة، إلا أن واقع أعداد الناخبين في جميع الدوائر الانتخابية المقيدة رسميا والتي تعلنها جهة الإدارة وإجاباتها على أسئلة أعضاء مجلس النواب يكشف أن هذه العدالة التقريبية مفقودة، وذلك كون أن الدوائر الانتخابية لم تراعِ هذه النسبة إطلاقا، وأن ذلك شكل إهدارا جليا لثقل صوت الطاعن الانتخابي وصوت الكثير من الناخبين، وأن جهة الإدارة لم تستخدم معايير منضبطة في ممارسة سلطتها في التقسيم».

وقال: «استعرضنا المبدأ الذي أقرته محكمة البداية، بالأرقام التي طرحت أمامها ثم أمام محكمة الاستئناف من واقع المستندات الرسمية التي لا تنازع فيها دائرة الشئون القانونية، وكان من الثابت أن هذه الأرقام تكشف بوضوح منقطع النظير ويفقأ العين وضوحا، عدم التزام جهة الإدارة حتى بمفهومها للعدالة التقريبية التي تقر بأنها قيد على سلطتها، وتشاطرها محكمة البداية في ذلك، بما لا يحتمل أي تأويل ولا يلتمس معه أي عذر، حتى لو كان عذرا مستخلصا من المعايير التي ادعتها جهة الإدارة لتسوغ خروجها على مبدأ العدالة والمساواة التقريبية، فقد استعرضنا في لائحة الاستئناف أعداد الناخبين الخاصة بالمناطق والدوائر الانتخابية ونسب الفوارق فيما بينها، وفيما بينها وبين المتوسط المفترض والتي تكشف، بوضوح تام وبغير تستر، الخروج غير المبرر بل والجائر مبدأي المساواة والعدالة التقريبية وفقا للنسبة التي حددتها جهة الإدارة والبالغة (20 في المئة) كفارق بين عدد كتل الناخبين، وإهدار هذا المرسوم الطعين للثقل الانتخابي لحق الطاعن في الانتخاب، وعدم قيام ذلك المرسوم على معايير منضبطة».

وبيّن «إن الأرقام التي تم عرضها بعد استقائها من خلال إجابات السلطة التنفيذية على أسئلة النواب كشفت عن أن المتوسط الحسابي لعدد الناخبين في كل الدائرة، والذي يحقق المساواة الحسابية المطلقة هو 7392 ناخبا، على أساس أن قسمة كتلة الناخبين في انتخابات الفصل التشريعي الثاني 2006 التي بلغت 295686 ناخبا على أربعين دائرة بعدد أعضاء مجلس النواب توصل إلى العدد المذكور أعلاه، والذي يمثل العدد الذي يحقق العدالة والمساواة المطلقة، وكشفت عن أن الكتلة الانتخابية الوحيدة على مستوى المناطق الانتخابية التي تمت مراعاة العدالة التقريبية فيها وفقا لمفهوم جهة الإدارة على مستوى المناطق الانتخابية، وهو الأصل، هي محافظة المحرق فقط، إذ تقرر تقسيمها إلى ثماني دوائر، في حين أنها وفقا لأعداد السكان، يجب أن تقسم إلى سبع دوائر، وزيادة دائرة واحدة لا يجاوز نسبة (20 في المئة) وهو الحد المقبول لدى جهة الإدارة نفسها وفقا لما عبرت عنه ممثلة المطعون ضده، كما كشفت الأرقام أن جميع المناطق الدوائر الانتخابية لم يكن عدد دوائرها داخلا ضمن الحدين الأدنى والأقصى لعدد دوائر كل منطقة انتخابية بحساب عدم تجاوز الفارق بين كتلة ناخبيها نسبة (20 في المئة) الذي تمسكت به جهة الإدارة، كما ذكرت ذلك دائرة الشئون القانونية، فأعداد الناخبين تشير إلى وجوب تقسيم المنطقة الجنوبية إلى دائرتين فقط، بينما المرسوم قسمها إلى ست دوائر، ومنحها بموجب ذلك الحق في إيصال ستة نواب للمجلس النيابي بزيادة عن الأصل تساوي (168 في المئة) أي ما يقارب ثلاثة أضعاف النسبة التي اعتبرتها دائرة الشئون القانونية بأنها النسبة المعتبرة لتحقيق العدالة التقريبية، والتي يفترض أن جهة الإدارة اعتمدتها وراعتها وهي تجري التقسيم، بشكل ترتب عليه استقطاع عدة دوائر من حق ناخبي المحافظة الشمالية التي تستحق أن يمثلها 12 - 13 نائبا بموجب نسبة (20 في المئة) ليتقرر لها تسعة نواب فقط، وكذلك مع المنطقة الوسطى، إذ استقطعت عدة دوائر من حق ناخبيها كونها تستحق أن يمثلها 12 نائبا بموجب نسبة (20 في المئة) بينما كان ما منحت هو 9 نواب فقط». وأردف الشملاوي في بيان تفاصيل فارق عدد الأصوات بين كل دائرة انتخابية «كما كشفت الأرقام أن نسبة الـ (20 في المئة) تمثل مفهوم المساواة والعدالة التقريبية، إذ تمسّكت دائرة الشئون القانونية بأن جهة الإدارة طبقت تلك المعايير عند تقسيم الدوائر، وهو ما يوجب أن يكون الحد الأدنى لعدد الناخبين في كل دائرة هو 5914 ناخبا، وألا يزيد عدد الناخبين في كل دائرة على 8871 ناخبا، وذلك إذا احتسب العدد المحقق للعدالة المطلقة هو 7392 ناخبا، وكشفت عن أن الفارق بين عدد الناخبين المحقق للمساواة الحسابية المطلقة التي لم يطالب بها الطاعن والعدد الفعلي لناخبي كل دائرة لا يتوافق مع مفهوم دائرة الشئون القانونية لمعياري المساواة والعدالة التقريبية، والقائم على وجود فرق بنسبة (20 في المئة) والذي تمسكت بأن جهة الإدارة طبقته عند تقسيم الدوائر، فالأرقام التي استعرضناها، تفصيلا وبطريقة حسابية لا لبس فيها، تكشف أن 10 دوائر فقط من الدوائر الأربعين التي أجريت بموجبها انتخابات الفصل التشريعي الثاني 2006 كان فيها النقص أو الزيادة عن متوسط العدالة المطلقة لا يتجاوز (20 في المئة) ويفترض بموجب ذلك أنها محققة للعدالة التقريبية وفقا لمفهوم جهة الإدارة، وأن 30 دائرة لا تحقق العدالة التقريبية وفقا لهذا المفهوم كون أن الزيادة أو النقص فيها عن متوسط العدالة المطلقة قد تجاوز (20 في المئة)، بل تكشف أن الفارق كان في 15 دائرة يتراوح ما بين (21 في المئة) و (50 في المئة)، وأن عدم تحقق مبدأ العدالة التقريبية، وفقا لمفهوم جهة الإدارة الذي عبرت عنه دائرة الشئون القانونية، ظهر بصورة واضحة في 14 دائرة لتجاوز الفارق بين عدد ناخبيها والعدد المحدد للمساواة المطلقة سلبا أو إيجابا نسبة (51 في المئة) و (-51 في المئة)، وبلغت هذه المخالفة قدرا لا يمكن أن تخطئه عين تنظر بقلبٍ مبصر عندما وصل الفارق بين عدد ناخبي دائرة الطاعن والعدد المحقق للمساواة المطلقة إلى (109 في المئة) بالزيادة، وهي نسبة لا تعكس بالقطع العدالة التقريبية ولا الحسابية ولا أي مصطلح من مصطلحات العدالة بل هي الشطط والجور».

أما دائرة الشئون القانونية فقالت في ردها على طعون المحامي عبدالله الشملاوي في توزيع الدوائر الانتخابية: «إن النظام الانتخابي لا يمكن أن يكون بمنأى عن طبيعة الشعب وظروفه السياسية والاجتماعية ومدى حظه من المدنية والتقدم». مشيرة إلى أن ذلك هو الأمر الذي يتعين معه أن يستوحى هذا النظام ومعاييره من الواقع ومن ظروف البيئة وخاصة القوى الاجتماعية بحيث يكون في النهاية البرلمان صورة صادقة ومعبرة عن إرادة الناخبين، لذلك يتعين، إلى جانب الكثافة السكانية كمعيار أساسي لتوزيع الدوائر الانتخابية، الأخذ في الاعتبار التجانس السكاني والمساحة الجغرافية والأهمية الاقتصادية والنمو العمراني والمستقبلي وسيادة المملكة، ويتضح ذلك جليا في مراعاة أن تكون الدوائر الانتخابية ذات طبيعة متجانسة قدر المستطاع من دون أن يؤثر ذلك بشكل كبير على الكثافة السكانية.

وفي تفصيلها على ما أبداه المحامي عبدالله الشملاوي من مخالفة المرسوم للمبادئ العامّة للقانون وأنه قد جاء محمولا على أساس معيار الكثافة السكّانية، بمعنى أنّ مقياسه على عدم انضباط ترسيم الدوائر الانتخابية يقوم على مقارنة محاسبية بين الكثافة السكّانية وعدد الدوائر؛ ردّت دائرة الشئون القانونية مؤكدة «أن لا جدل بأنّ عامل الكثافة السكّانية محل اعتبار ويشكّل أهمية كبيرة في ضمان المشاركة الإيجابية من قبل المواطنين في العملية الانتخابية، إلا أنه لا يمكن إنكار أن هناك أسسا أخرى إلى جانب الكثافة السكّانية يتعيّن مراعاتها والالتزام بها فالنظام الانتخابي لا يمكن أنْ يكون بمنأى عن طبيعة الشعب وظروفه السياسية والاجتماعية ومدى حظه من المدنية والتقدم، وهو الأمر الذي يتعيّن معه أن يستوحى هذا النظام ومعاييره من الواقع ومن ظروف البيئة وخصوصا القوى الاجتماعية بحيث يكون في النهاية البرلمان صورة صادقة ومعبرة عن إرادة الناخبين، لذلك يتعيّن، إلى جانب الكثافة السكّانية كمعيار أساسي لتوزيع الدوائر الانتخابية، الأخذ في الاعتبار التجانس السكّاني والمساحة الجغرافية والأهمية الاقتصادية والنمو العمراني والمستقبلي وسيادة المملكة، ويتضح ذلك جليا في مراعاة أنْ تكون الدوائر الانتخابية ذات طبيعة متجانسة قدر المستطاع من دون أنْ يؤثر ذلك بشكل كبير على الكثافة السكّانية، وبناء عليه فقد راعى المرسوم الملكي الطعين الأمور الآتية:

أولا: النظام السائد في معظم دول العالم لعدالته ودقته وبساطته، إذ إنّ طبيعة النظام الفردي في الانتخابات يتطلب أنْ تكون الدوائر صغيرة من حيث المساحة ويزداد عددها وتقل نسبة سكّانها على عكس نظام الانتخاب بالقائمة مطلقة كانت أو نسبية.

ثانيا: الثبات النسبي في توزيع الدوائر الانتخابية بحيث لا يعتريه تغيير بتعاقب الفصول التشريعية للبرلمان حتى لا تكون العملية الانتخابية لعبة في أيدي الجمعيات والتكتلات السياسية فكلّ جمعية أو كتلة ستحاول تغيير الدائر وإثبات عدم وجود العدالة في دائرة أو أخرى من أجل تحقيق مصلحتها.

ثالثا: إنّ ثبات عدد السكّان في جميع الدوائر يُعد من الأمور المستحيلة، وخصوصا أنّ المملكة تحظى بقدر كبير من التغييرات بسبب إنشاء مدن ومناطق سكنية جديدة وتحول بعض المناطق من سكنية إلى تجارية، ما يغير من طبيعة التركيبة السكانية لبعض الدوائر الانتخابية، لذا لا يعقل أن يتم تغيير هذه الدوائر كلما تعرضت للتغيير النسبي في عدد السكّان.

رابعا: إنّ التوزيع يكون متطابقا أو على الأقل متجاوبا مع التقسيم الإداري للدولة المتمثل في نظام المحافظات والبلديات والعناوين.

خامسا: روعي مبدأ المساواة في الاقتراع، ولا ندعي أنّ المساواة هنا مطلقة وإنما هي مساواة نسبية، تقريبية، ذلك أن المساواة المطلقة والتي يطالب بها المدعي والتي تقوم على المساواة المحاسبية التامّة عملا تحقيقيا، والقاعدة الأصولية هي أنه لا تنفيذ بمستحيل، فالمساواة التي أخذ بها المرسوم الطعين في توزيع الدوائر الانتخابية هي مساواة نسبية تقريبية يسهل تطبيقها بحيث لا يكون هناك شديد في تحديد الدوائر الانتخابية يصل إلى حد إهدار الثقل النسبي لكل صوت.

وأضافت القانونية «الصفوة فيما تقدم أن التقسيم الذي تولاه المرسوم الطعين قد راعى بشكل كبير جميع الأسس التي تجعل من الدوائر الانتخابية بقدر المستطاع ذات طبيعة متجانسة من دون تأثير فج على معيار الكثافة السكّانية.

وبشأن البيانات والإحصاءات المحاسبية التي أوردها المدعي في مذكرته للتدليل على وجود تفاوت في عدد الدوائر الانتخابية مقارنة بالكثافة السكّانية للمناطق التي أشار إليها، قالت دائرة الشئون القانونية: مع عدم التسليم بصحة تلك البيانات ودقتها، فقد أفرزتها الأسس الأخرى التي راعها المرسوم الطعين في التوزيع والتي تلتزم باعتبار التجانس السكّاني والأهمية الاقتصادية والنمو العمراني والمستقبلي والمساحة الجغرافية وسيادة المملكة، والتي وجدت مساحة في التطبيق بشأن المحافظة الجنوبية والتي تشكل نحو 60 في المئة من إجمالي مساحة المملكة وهو الأمر الذي دعا إلى تقسيمها إلى ست دوائر انتخابية على رغم أنّ كثافتها السكّانية قليلة نسبيا عن باقي المحافظات، وذلك للاعتبارات التي نلخصها بالآتي:

- تعتبر جزر حوار قضية حسّاسة ومهمة جدا تمس سيادة المملكة، وقد تم تثبيت حق المملكة فيها بعد أن حكمت محكمة العدل الدولية بأحقية البحرين بها، كما أنّ مساحة الجزر تزيد على أية دائرة انتخابية أخرى، بالإضافة إلى اختلاف طبيعتها وبعدها الجغرافي عن أيّة دائرة أخرى.

- أما بخصوص الدائرتين الرابعة (الزلاق وبلاج الجزائر وأم جدر ورميثة والمطلة) والخامسة (جو وعسكر ورأس أبوجرجور ورأس جيان ورأس زيود والمناطق المحاذية لها)، فهي أيضا ذات طبيعة اجتماعية مختلفة كثيرا عن مناطق الرفاعين وغيرها، بالإضافة إلى وجود مساحات شاسعة يمكن استغلالها للنمو السكّاني، فهي ليست كبعض مناطق العاصمة والشمالية التي وصلت الكثافة السكّانية مداها، وبدأ السكّان في النزوح عنها، إنما تعتبر هاتان الدائرتان من المناطق التي يمكنها استقطاب أعداد كبيرة من السكّان بعد إنجاز المشروعات الإسكانية، كما أنها تبعد مسافات كبيرة جدا عن بقية الدوائر الانتخابية، ولا يمكن ضمان مشاركة أهالي هذه المناطق النائية، إلا من خلال أن تكون دائرة مستقلة، وهي اعتبارات لا يمكن صرف النظر عنها.

- ولا تعتبر هذه القضية جديدة على المجتمع الدولي، فهناك الكثير من الدول أعطت الجزر النائية مقاعد في البرلمان على رغم قلّة سكّانها، وعدم تناسب عددهم بأي شكل من الأشكال مع عدد ناخبي بقية الدوائر، كما يتم إعطاء أهالي المناطق الزراعية قليلة الكثافة السكّانية مقاعد من دون اشتراك تناسب أعدادهم مع أعداد سكّان المدن، كل ذلك يتم بشكل استثنائي محدد لضمان مبدأ المشاركة وتجنب عزوف فئات محددة من العملية السياسية لأنها تعرف سلفا أنها لا يمكن أن توصل صوتها من خلال هذه العملية، وكلنا نعرف أبعاد وسلبيات مثل هذا العزوف لو حصل.

- مما سبق نجد أن أسس إعطاء 3 مناطق في المحافظة الجنوبية خصوصية في تقسيم الدوائر قوية جدا ومعتبرة في كبرى الديمقراطيات العالمية، كما أن هذه المناطق الثلاث وحدها تشكل أكثر من نصف مساحة المملكة، ويجري العمل حاليا على إنشاء مشاريع إسكانية وسياحية ضخمة ستغير شكل وتركيبة هذه المناطق في المستقبل.

وبخصوص هذا الدفع، خلصت القانونية إلى «وجود ثمة توازن بين السكّان في الدوائر المختلفة من المملكة وفق معيار المساواة النسبية التقريبية، ولكنها ليست مساواة حسابية مطلقة تم على أسس محدودة تشمل بدرجة أساسية على الكثافة السكانية مع اعتبار التجانس السكّاني والمساحة الجغرافية والأهمية الاقتصادية والنمو العمراني والمستقبلي وسيادة المملكة، وذلك كله من أجل ضمان المشاركة الإيجابية من قبل المواطنين في العملية الانتخابية، فضلا عن أنّ هذا التقسيم بما يحمله من دقة وبساطة يتفق مع طبيعة النظام الفردي في الانتخابات، على عكس نظام الانتخابات بالقائمة المطلقة كانت أو نسبية».

وشرحت في ذلك وجهة نظرها موضحة أنه «يؤيد ما تقدم ذكره من أنّ الاعتبارات السالف ذكرها والتي صبت معظمها على توزيع الدوائر بالمحافظة الجنوبية أنه لو أخذنا بمعيار الكثافة السكّانية فقط وهو المعيار المعتبر لدى المدعي لوجدنا أنّ نصيب محافظة العاصمة 7 مقاعد، وبتطبيق مبدأ المرونة المعترف به والذي يسمح بالتفاوت في توزيع الدوائر في حدود 20 في المئة، نجد أن محافظة العاصمة لم تحظ بأكثر من هذه الزيادة مع الاعتبار لأهمية المحافظة كونها المركز التجاري للمملكة، ولتداخل المصالح السكّانية والاقتصادية والصناعية فيها بشكل كبير، إضافة إلى الاختلاف الكبير بين طبيعة منطقة وأخرى، ما يجعل من الصعب تجاهل هذه العوامل، وبالحسبة نفسها نجد أن نصيب محافظة 7 مقاعد وثلث؛ أي أنّ الزيادة التي حظيت بها المحافظة ضمن النسبة المقبولة، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على المحافظة الشمالية والمحافظة الوسطى، وبناء عليه يكون المرسوم الطعين إذ أعمل إلى جانب معيار الكثافة المعايير الأخرى التي وجد تطبيقها صدى ملحوظا في المحافظة الجنوبية، وكانت تلك المعايير محمولة على المصلحة العامة ومكفولة بإرادة موضوعية قوامها التوازن الإحصائي للدوائر، وليست إرادة شخصية تفقد العملية الانتخابية مصداقية ضماناتها اللازمة.

وعليه اعتبرت دائرة الشئون القانونية أن النعي على المرسوم الطعين بمخالفة المبادئ العامّة للقانون يكون قد جاء عقيما لا يقوى أن يقوم على سند قوي من قانون يكفي لحمله ويكون طلب رفض الدعوى قد صادف صحيح القانون يتعين القضاء به

العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً