طبقا لما ذكره المسئول عن تغير المناخ بمنظمة الصحة العالمية فإنه على الرغم من الإصرار الدولي على تجنب المخاطر الصحية البيئية، فإن المجتمع الطبي- المثقل فعليا بالتحديات الصحية - ظل بصورة كبيرة خارج الحوار الخاص بتغير المناخ.
وقال المختص بإدارة البيئة والصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية ديارميد كامبل لندرم، في حديثه عن العاملين في مجال الصحة وصناع السياسات والجهات المانحة، «إن المجتمع الصحي كان متأخرا في التطرق إلى القضية لأن لدينا من القضايا الأخرى ما يكيفنا».
«كان ينظر إلى تغير المناخ كقضية تأتي في ذيل قائمة الأولويات نظرا لأن لدينا جدول أعمال لم يتم التعامل معه بشكل كامل، وعلى سبيل المثال وفيات الأطفال دون سن الخامسة. لم نقم بإصلاح تلك المشكلة. وعندما عرض علينا مشكلة المخاوف من تغير المناخ كان ينظر إلى ذلك على أنه جدول أعمال آخر منافس».
وقالت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مارجريت تشان: إن تغير المناخ «ربما يتحول إلى أكثر الصراعات شؤما» بالنسبة للمجال الصحي في السنوات القادمة.
وعلى الرغم من ندرتها النسبية وانحصار معظمها في النطاق الإقليمي فقد ربطت الدراسات الطبية ارتفاع درجات الحرارة بزيادة محتملة في أمراض الإسهال وسوء التغذية والملاريا وتدهور الأمن الغذائي.
وقال كامبل: إن المخاطر الصحية البيئية كانت إلى حد كبير غير فعّالة في تعبئة العاملين في مجال الصحة والجهات المانحة للتصدي لتغير المناخ. وأضاف أن «الطريقة التي تحصل بها على المشاركة ليس بأن تذهب وتقول هناك ألف حالة وفاة بسبب الملاريا وأن تغير المناخ سيضيف 20 في المئة من الوفيات خلال عشرين عاما. كل ما ستحصل عليه هو هز الكتفين بلا مبالاة».
وقال كامبل لندرم إنه بدلا من ذلك كانت الرسالة التي شجعت المزيد من العاملين في المجال الصحي للتصدي لتغير المناخ هي أنه «لو تحركنا الآن لتحسين نظمنا الصحية سنكون في موقع أفضل للتعامل مع تغير المناخ».
أضاف كامبل لندرم أن المدافعين عن الصحة بدأوا في إدراك أهمية معالجة الآثار الطبية لتغير المناخ.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية إيرين قال كامبل لندرم «البديل هو أن تقول إما أنه من المستحيل التكيف مع تغير المناخ أو تفترض أن الخدمات الصحية العامة سوف تستوعب التحدي دون أن يكون علينا نحن صناع السياسات والجهات المانحة القيام بجهد معين - وكلاهما غير صحيح. أعتقد أن المجتمع الصحي أدرك أن تغير المناخ ليس صرفا للانتباه عن جدول أعمال الصحة العامة ولكنه سبب آخر لما نفعله».
وفي مايو/ أيار 2008 حثّ قرار أصدرته الأمم المتحدة الدول الأعضاء على «وضع تدابير صحية ودمجها في خطط للتكيف مع تغير المناخ». وفي الوقت الذي أشارت فيه تقديرات الأمم المتحدة إلى أن كلفة مواجهة الآثار الصحية لتغير المناخ ستصل إلى 12 مليار دولار سنويا بحلول العام 2030، أقرت المنظمة في خطة عمل حديثة «بالفجوات المهمة في معرفتنا» بالمخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ.
وقد أقرت دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية في 2009 بأن البحوث ما زالت ضعيفة في هذا المجال الأمر الذي يعني أن مشروعات التكيف ذات النوايا الحسنة يمكن أن تتحول إلى «سوء تكيف مضر بالصحة» إذا لم يتم تقييمها من المنظور الصحي.
كما أوصى تقرير «حماية الصحة من تغير المناخ» الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية بتطوير برمجيات لتحديد كم الأمراض الحساسة إزاء المناخ، وتحسين أنظمة إنذار صحية من الحرارة يجري حاليا تطويرها في أوروبا كردّ فعل لموجة الحرارة المميتة في العام 2003، وتحديد من الذي سيدفع تكاليف العلاج والوقاية من الأمراض الحساسة إزاء المناخ، هل يتحمل الكلفة الجهات المسئولة عن الأرصاد الجوية أم الجهات المنوطة بالخدمات الصحية، ودراسة كيف يمكن لتغير المناخ أن يؤثر على التدخلات الصحية.
وتشمل الجهات المانحة التي تدعم برنامج منظمة الصحة العالمية بشأن تغير المناخ والصحة كل من الحكومة البريطانية والأسبانية. وقد قامت ألمانيا بدعم حكومات دول آسيا الوسطي في تكييف نظمها الصحية مع تغير المناخ. وقال كامبل لندرم أن منظمة الصحة العالمية تنتظر تأكيدا بشأن منحة تبلغ خمسة ملايين دولار مقدمة من مرفق البيئة العالمي لتمويل الإصلاحات الصحية في سبع دول.
وفي الوقت الذي يزيد فيه تغير المناخ من الحاجة الملحة لمثل تلك الإصلاحات أضاف كامبل لندرم أن تحسين الصحة فكرة جيدة سواء مع أو من دون تغير المناخ، مضيفا «أنه ينبغي أن يكون هذا مجرد تذكير بجدول أعمال لم يتم الانتهاء منه».
العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ
