العدد 2646 - الخميس 03 ديسمبر 2009م الموافق 16 ذي الحجة 1430هـ

موعد أوباما للانسحاب من أفغانستان ينطوي على مجازفة كبيرة

الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما بيوليو/ تموز 2011 لبدء انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مجازفة محسوبة لها هدفان، هما تذكير حكومة كابول بأن الدعم له حدود وطمأنة المتشككين بشأن الحرب في الداخل.

ويرى محللون مخاطر جسيمة على أوباما إذا لم تتمخض خطته عن نتائج في غضون الأشهر الثمانية عشر بالنظر إلى التحديات الضخمة التي تواجهها قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان.

وفي اختلاف حاد عن سلفه الرئيس جورج بوش الذي رفض وضع جدول زمني للانسحاب من العراق قال أوباما يوم الثلثاء الماضي إن استراتيجيته الجديدة التي تشمل إرسال 30 ألف جندي إضافي ستمكننا من بدء نقل قواتنا خارج أفغانستان في يوليو من عام 2011. وقال بروس ريدل المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي. ايه) الذي قاد مراجعة أوباما لسياسته في أفغانستان في مارس/ آذار من العام الحالي إنها مقامرة كبيرة. ربما أكبر مقامرة في الخطاب والاستراتيجية ككل. وأضاف ريدل الذي يعمل الآن بمعهد بروكينجز في غضون 18 شهرا سنعرف ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ناجحة... إما سنكون قد كسرنا زخم «طالبان» أو لا.

وانتقد جمهوريون - وقد رحب كثير منهم بزيادة القوات - الجدول الزمني البالغة مدته 18 شهرا قائلين إن أي أهداف صريحة للانسحاب ستشجع متشددي «طالبان» و»القاعدة» على الانتظار إلى أن تنسحب الولايات المتحدة. وأشار ريدل إلى أنه إذا أحرز تقدما في غضون الأشهر الثمانية عشر فإنه سيصبح من الممكن بدء نقل المسئولية عن الأمن للأفغان.

وتابع أنه إذا لم يحدث هذا فإن الاستراتيجية على الأرجح ستستوجب تغييرا جذريا للمسار. وقال المتخصص في العلوم السياسية بجامعة راتجرز روس بيكر من غير الواقعي توقع حدوث المعجزات بمعنى الكلمة خلال 18 شهرا. وأضاف هذه ليست دولة متقدمة ولو حتى بمقدار تقدم العراق، ليست دولة حديثة بمعنى الحداثة الذي ينطبق على العراق.

أعتقد أن مشاكل التغلب على الفساد وتدريب الجيش وقهر «طالبان» خلال 18 شهرا (هدف) طموح للغاية وأعتقد أنه طموح غير واقعي على الأرجح.

وقال مسئول أميركي بارز إن الجدول الزمني يهدف جزئيا إلى بث الشعور بضرورة الاستعجال ليس بالنسبة لحكومة كابول فحسب بل أيضا بالنسبة للإدارة الأميركية لإنجاح الاستراتيجية. وأضاف المسئول الرئيس يؤمن بشدة بقياس التقدم وقال إنه لا أحد يتوقع أن تصبح أفغانستان مكانا مثاليا بحلول يوليو 2011. وأردف قائلا ولا أحد يتوقع سحبا متهورا لقواتنا في أعقاب هذه النقطة على الفور. هذه نقطة انتقال.

واعتمدت الحملة الانتخابية لأوباما العام الماضي على دعم قوي من الديمقراطيين المناهضين للحرب حفزته معارضته القوية لحرب العراق. وسيحتاج إلى هذا الدعم مجددا حين يخوض الانتخابات لولاية ثانية عام 2012. وبشكل فوري يواجه أوباما مهمة صعبة لإقناع الكونجرس.

ومن المتوقع أن تتكلف زيادة القوات ما يصل إلى 30 مليار دولار ويخشى كثير من زملاء أوباما بالحزب الديمقراطي من أن يأتي المال على حساب الأشغال العامة وبرامج توفير الوظائف.

وعزز التشكك الذي يزداد عمقا بين الجماهير الأميركية تجاه الحرب من حذر المشرعين الديمقراطيين. ويشك بيكر في أن تحديد موعد نهائي للانسحاب سيفيد جهود الحرب لكنه قال إنه سيخفف من حدة بعض مخاوف الديمقراطيين. غير أنه أشار إلى أنه غير واثق من أن تحديد مواعيد نهائية هو الطريقة الصحيحة لكسب الحروب وقال لم تأت نهاية الحرب الباردة نتيجة لموعد نهائي.

وفي حين يؤكد البيت الأبيض أن السياسة الداخلية لم تؤثر على قرار تحديد الموعد المستهدف فإن محللين قالوا إنه قد يطمئن الديمقراطيين بأن أفغانستان لن تصبح مستنقعا مثل فيتنام. وقال ريدل لم يكن أمامه خيار على الأرجح. كان يجب أن يكون لديه شيء يجيب مطلبا من النواب الديمقراطيين بالكونغرس بوضع جدول زمني يبين كيفية بداية نهاية كل هذا.

وصرح مسئولون بالإدارة بأن تاريخ يوليو 2011 ليس موعدا نهائيا ثابتا. بل إنه الموعد الذي ستبدأ فيه القوات الأميركية نقل المسئولية الأمنية للحكومة الأفغانية. وأضافوا أن الجدول الزمني لازم لمواصلة الضغط على الرئيس الأفغاني حامد قرضاي للتعامل مع الفساد والاضطلاع بنصيب اكبر من المسئولية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس هذا ليس التزاما بلا نهاية... سنمدهم بالحوافز التي يحتاجونها من خلال نقطة الانتقال هذه لترتيب أمورهم وتدريب قوات الأمن والجيش بحيث نستطيع اعتبارا من يوليو 2011 نقل المسئولية عن الأمن الأفغاني للأفغان.

ويقول ريك نيلسون خبير الأمن القومي وهو طيار مروحية سابق بالبحرية إن الجدول الزمني ربما يتيح لأوباما بعض الضغط على حكومة قرضاي. وأضاف نيلسون الذي يعمل الآن بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مؤسسة بحثية من المؤكد أنه في وجود استراتيجية هجومية كهذه هناك مخاطر. وتابع قائلا لا يمكن أن نظل في أفغانستان إلى الأبد.

العدد 2646 - الخميس 03 ديسمبر 2009م الموافق 16 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً