العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ

عصا «القوانين» الخطرة!

الدول التي تحترم حقوق الانسان، تتناغم قوانينها مع الحقوق، لكن و(لسوء الطالع) يبدو ان المعادلة مقلوبة لدينا دائما، إذ يبقى القانون سيفا مُسلطا على رؤوس المواطنين، بدلا من حمايتهم، وبعث الأمان في نفوسهم.

على رغم الانفراج السياسي، وانقشاع قانون أمن الدولة، فإن روح «الحقبة الماضية» مازالت تتخلل بعض القوانين، التي تنتهك الحقوق بشكل واضح وصريح، والسؤال: لصالح مَن يُطبق قانون «العقوبات» و«المطبوعات» و«الجمعيات» و«السجون»، وغيرها من القوانين التي تُغرد خارج سرب الانفتاح، وتُحارب تيار الحقوق.

إذ تنص المادة (134) من قانون«العقوبات» الصادر في العام 1976، وتعديلاته في العام 1982 على ان: «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن مئة دينار، أو باحدى هاتين العقوبتين كل مواطن أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو اشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للدولة، وكان من شأن ذلك اضعاف الثقة المالية بالدولة، أو النيل من هيبتها أو اعتبارها؛ أو باشر، بأية طريقة كانت، نشاطا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية». وطبقا لهذه المادة، فإن أي مواطن يحاول التعبير عن رأيه خارج البحرين كتابة أو تحدثا عن أي شأن داخلي يكون معرضا لإحدى العقوبتين! .

ولم يكن قانون «الجمعيات» أوفر حظا في الحفاظ على الحقوق من «العقوبات»، إذ يقيد حق تعديل النظام الأساسي للجمعية وفقا للمادة (14)، ومازال يحظر الاشتغال بالسياسية حسب المادة (18)، ويقيد حق الارتباط بجهات خارجية طبقا للمادة (21)، ناهيك عن فرض الرقابة والتحكم في اجتماعات الجمعيات العمومية.

والطامة الكبرى لا تكمن في قانون «المطبوعات» الذي طُعن في دستوريته، بعد جرجرته للصحافيين في المحكمة الجنائية الصغرى، بل تكمن في قانون السجون الصادر في العام 1964!. ولا نعرف لماذا لم يُغير هذا القانون بعد، على رغم صدوره أثناء الاستعمار البريطاني!. والمضحك المبكي ان عباراته وكلماته غير مفهومة، لأنها بالية، بل عفا عليها الزمن، إذ يُسمى فيه رئيس الشرطة «بالقمندان»، ويُسمى حارس السجن «بالمأمور»!، بل إنه صدر قبل القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، التي أقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة العام 1977. والمفارقة (العجيبة)، ان وزارة الداخلية كثيرا ما تصرح بأن أوضاع السجون لديها توازي بل «تفوق المعايير الدولية»!.

الغريب ان النواب بعيدون كل البعد عن «الازمة القانونية»، ولم يكن تعاطيهم مع تلك الأزمة بقدر تعاطيهم مع مشكلات «شم الغرا» و«السائقات المنقبات» و« المطربات العجرميات» و« حظر الاحتفال بالمناسبات الدينية»، وهي قضايا مُلحة، ولا تحتمل التأجيل على ما يبدو! أما الأزمات الحقيقية فلتذهب أدراج الرياح.

المُقلق ان تلك القوانين مازالت نافذة، وعدم تطبيق بعض بنودها، لا يعني تجميدها، فمتى ما تعكر المزاج السياسي، سنجدها ماثلة بصلابة، ويبدو ان بعض جهات الضغط، من جمعيات سياسية وحقوقية، ستظل مكتوفة الأيدي طويلا، وستنتظر صفعة «العصا» المؤلمة والخطرة قبل أن تحتج على تهديدها! ... وكما قال أحد الحقوقيين متهكما : العصا التي لا نُضرب بها... لا نشعر بتهديدها!

العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً