اتجهت المآتم والحسينيات في البحرين منذ عدة أعوام إلى تقديم المحاضرات التوعوية في المواسم الدينية عموما، وفي موسم عاشوراء تحديدا، بهدف نشر التوعية في مختلف المجالات.

وبحسب حديث عدد من الناشطات والمسئولات في بعض الحسينيات إلى «الوسط» فإن من أهم الأسباب التي جعلت أكثر الحسينيات تسير في هذا الاتجاه هو أن واقعة كربلاء وشخصية الإمام الحسين (ع) مدرسة واسعة جدّا، ولا تنحصر في البكاء فقط، بل هي أشمل من ذلك بكثير، وهو ما يدعو إلى تجاوز البكاء لتقديم المحاضرات وتوعية الجماهير.

وفي هذا الجانب قالت رئيسة «المركز الزينبي الثقافي للعمل النسائي الإسلامي» أحلام الخزاعي إن «المركز اتخذ هذه الخطوة لأنه يجب أن تتخذ منذ أعوام طويلة، بل حتى من بعد واقعة كربلاء في العام 61 هـ»، مشيرة إلى التأخر في هذا النهج المتمثل في إلقاء المحاضرات، على رغم بدء المركز فيه منذ 20 عاما.

وأضافت أن كربلاء مدرسة كبيرة وواسعة جدّا، وبحاجة إلى شرح طويل عن جميع الدروس المستفادة منها؛ إذ يمكن الحديث في جميع المجالات الروحية، والأخلاقية، والقيادية وغيرها، مشيدة بتوجه غالبية المآتم في البحرين إلى تقديم المحاضرات.

ورأت الخزاعي أن «تقديم المحاضرات بات أمرا ينال التقدير من قبل جميع الفئات، بمن فيهم كبار السن الذين ربما لا يدركون الكثير من المحاضرة»، معتبرة ذلك التقدير والإقبال على المحاضرات مؤشرا إلى زيادة تقديم المحاضرات.

وقالت «ربما يمكن أن نقول إن نسبة المآتم والحسينيات التي تقدم المحاضرات تجاوزت 30 في المئة من إجمالي عدد المآتم، إلا أنه في الواقع أسلوب ناجح ومطلوب».

وفيما يخص «المركز الزينبي» نوهت إلى أنه «يعتبر أول مأتم نسائي في البحرين يضم مسرحا ثابتا، ويجمع جل الشعائر الحسينية، بالإضافة إلى الأسلوبين التقليدي والحديث في الطرح»، عازية ذلك إلى أن «غالبية المشاركات في المركز هن من الشابات، اللائي هن في تغيير مستمر، بينما نحن نريد لهويتنا ولقضية الحسين (ع) البقاء، لذلك نسعى إلى الحفاظ على موروثاتنا وتطويرها».

أما عن برنامج المركز للعام الجاري، فقد قالت إنه سيحمل شعار: «فخذ حتى ترضى»، وسيضم في كل ليلة فعالية تحت مسمى «عطاءات»، بالإضافة إلى أنه سيضم أذكارا، ووقفات أخلاقية من خلال تقديم أفلام منتجة، ومحاضرات، ومشاهد تمثيلية، وعزاء مطورا، منوهة إلى أن «مدة البرنامج في كل ليلة سيشمل تلك الأنواع من الشعائر، ولن يتجاوز الساعتين».

واختتمت الخزاعي حديثها مشيرة إلى أن «الاستعدادات لموسم محرم 1431 باتت غير عادية، وظهرت علاماتها على جميع المؤسسات الصغيرة والكبيرة، بسبب عظمة الإمام الحسين (ع)، وقلة عطائنا له».

المهم أن تحقق المشروعات أهدافنا

أما مسئولة المحاضرات في مأتم «المعلمة» نعيمة أحمد فقد أكدت أن «المأتم بدأ في تقديم المحاضرات منذ العام 1990 وكان ذلك بأسلوب سهل يتناسب مع المتلقيات، قدمته والدتي رحمها الله، وخصوصا أن الفكرة كانت جديدة بالنسبة إلى الحضور».

وأضافت «فيما بعد تسلمت المهمة وقمت بتقديم المحاضرات بنفسي، إلى أن تطور الأمر واستقطبنا محاضِرات من مختلف المناطق».

وألمحت إلى أن «المأتم يسعى إلى عقد المحاضرات في جميع المناسبات الإسلامية المهمة، وفي موسم عاشوراء، خلال أكثر من فترة في اليوم»، مشيدة بالإقبال على المحاضرات.

وبحسب أحمد فإنه «من أجل كسر الروتين في الشعائر المقدمة نسعى إلى عقد بعض التمثيليات إلى جانب المحاضرات، ولا نمانع من تقديم أي مشروعات هادفة، في ظل استقطابنا لفئة الشابات أكثر من غيرهم»، مؤكدة أن «ثورة الإمام الحسين (ع) لم تكن للبكاء فقط، لذلك نحن بحاجة إلى تقديم المحاضرات، وهو ما دعانا إلى بث أحد مجالس الرجال بثا مباشرا بعد انتهاء مجلسنا لمن ترغب من المعزيات في الجلوس والاستفادة».

الكلمة أفضل طريق إلى القلوب

وأخيرا قالت أمين سر مأتم سفينة النجاة مريم عبدالغني مرهون إن «المأتم اتجه إلى أسلوب تقديم المحاضرات منذ أكثر من 20 عاما، لأنه الأسلوب الأمثل في (عشرة محرم) ويستقطب أعدادا كبيرة من المعزيات».

وأضافت أن الكلمة أفضل طريق لإيصال واقعة كربلاء وشخصية الإمام الحسين (ع) إلى القلوب، وهو الأسلوب الذي استخدمته السيدة زينب بنت علي (ع) عندما ألقت خطبها الشهيرة، وكان لها الدور الكبير في نشر واعية الحسين (ع)».

ورأت أنه «على رغم التطور في الشعائر المستخدمة لإحياء ذكرى عاشوراء، فإن الخطابة والمحاضرات لاتزال هي الأفضل»، منوهة إلـــــــــى أن «مأتم سفينة النجاة سيــــــحيي محرم من خــــــــــــلال تقديم محاضرة وعزاء وفقرة دعــــــاء في كل لــــــــــــيلة».

وناشدت الجميع استثمار موسم محرم الجاري استثمارا صحيحا، موجهة خطابها إلى الشباب والشابات؛ داعية إلى الاستفادة من المنبر الحسيني، الذي رأته أهم عامل من عوامل الجذب للطريق الصحيح.

وأملت «أن يختار القائمون على إعداد المحاضرات الموضوعات بدقة وأن تكون ذات هدف وعمق، وهذا ما يسعى إليه مأتمنا من خلال اتباع الأسلوب العقائدي والأخلاقي أكثر من غيره عند طرح المحاضرات»، متمنية أن يحمل الجميع رســـــــــالة الوحدة والحب فيما بيننا، كما وحد الحسين (ع) الجـــــــــميع، ونشر الحب فيما بينهم».