العدد 558 - الثلثاء 16 مارس 2004م الموافق 24 محرم 1425هـ

البدوي: النساء أكثر إصابة بهشاشة العظام والوقاية تبدأ من الصغر

«اللص الصامت» ينخر عظام 75 مليون شخص في العالم

حل ضيفا على البحرين بدعوة من مستشفى البحرين الدولي، فـأتحفنا بمحاضرته القيمة «الجديد في هشاشة العظام»، فعلمنا منه ما لم نعرفه سابقا... إنه استشاري الروماتيزم وأمراض المفاصل بجامعة القاهرة سمير البدوي.

روى البدوي قصة «اللص الصامت»، وكانت المفاجأة في الرقم المهول لعدد المصابين به... 75 مليون شخص في العالم مصابون بهشاشة العظام!! ترى كم نصيب الوطن العربي من هذا الرقم؟ وما قصة هذا اللص الذي يداهم عظامنا ونحن في غفلة من أمرنا؟ كيف نقي أنفسنا منه ونكون السباقين في مواجهته قبل أن يلتهم عظامنا؟

هذه الأسئلة وغيرها وجهناها إلى الزائر سمير البدوي فكان هذا الحوار:

بداية نود أن نعرف ما هشاشة العظام وهل لها ارتباط بمرض الروماتيزم؟

- قصة هشاشة العظام بدأت قبل حوالي عشرين سنة في أوروبا وأميركا على أساس أنه كلما تقدم الإنسان في العمر أصبحت عظامه غير مهيئة لتحمل هذا السن. والمقصود بهشاشة العظام هو نقص أو زيادة في مسامية العظام، ويمكن تشبيهه بالاسفنج، فكلما زادت مسامية العظام أصبحت أكثر عرضة للإصابة بالكسور، حتى من مجرد كحة جامدة. وهشاشة العظام مرض منفصل تماما عن مرض الروماتيزم فالهشاشة لا تؤدي إلى الإصابة بالروماتيزم ولكن العكس ممكن.

سر اللص الصامت

عرف هذا المرض بـ «اللص الصامت» فما أساس هذه التسمية وهل لها علاقة بأعراض المرض نفسها؟

- من المعتقدات الخاطئة السائدة بين الناس أن أي ألم في الجسم وفي أي سن يشخص على أنه هشاشة عظام. ومشكلة الهشاشة - كما ذكرت في المحاضرة - أنها لا تسبب أي ألم إلا عند حدوث كسور، وهذه الكسور قد تكون ميكروسكوبية لا ترى بالعين المجردة وخصوصا في فقرات العمود الفقري.

وما أود التركيز عليه أن مفهوم هشاشة العظم بألم مفهوم خاطئ، فقبل حدوث الكسر لا يشخص الألم بهشاشة العظام. وهذا سبب تسميته باللص الصامت إذ لا تظهر على المصاب به أية أعراض تبين إصابته بالمرض.

وما أكثر الأعضاء قابلية للكسر؟

- هناك ثلاثة أماكن هي: عظمة الساعد، العمود الفقري، وعظمة الفخذين.

وما أود أن ألفت نظر المرضى من الشباب في العشرينات والثلاثينات من العمر إليه، وخصوصا السيدات منهم، أنه انتشر في الآونة الأخيرة جهاز لقياس كثافة العظام وهذا الجهاز ليسوا بحاجة إليه أبدا في هذه المرحلة من العمر.

هل نفهم من ذلك أن هناك سنا معينة من الممكن أن يصاب فيها الشخص بالهشاشة وبالتالي يحتاج إلى هذا الجهاز؟

- نعم. فبالنسبة إلى النساء فإنهن بحاجة إلى قياس كثافة العظام عند توقف الدورة الشهرية بعد عمر 45 سنة.

وهل هناك عوامل أخرى من الممكن أن تسهم في الإصابة بهذا المرض؟

- نعم. فبالإضافة إلى توقف الدورة الشهرية - كما أسلفنا - هناك العامل الوراثي المتمثل في تاريخ العائلة مع هذا المرض، كما أن الكسور التي قد يتعرض لها أحد أفراد العائلة قد تشير إلى قابلية هذه العائلة للتعرض لهشاشة العظام. ومن ناحية أخرى فإن الناس ذوي البشرة البيضاء أكثر عرضة للإصابة وكذلك الأشخاص الذين وزنهم أقل من 57 كيلوغراما. وهناك بعض الأدوية التي تسهم في الإصابة بالهشاشة ومنها الكورتزول المستخدم في علاج الأمراض الروماتيزمية المختلفة وأدوية الصرع . كما أن للعادات الغذائية الخاطئة دور في الإصابة ومنها عدم شرب الحليب من الصغر بالإضافة إلى عدم الحركة. وبحسب توصيات منظمة الصحة العالمية فنحن ننصح النساء أن يستخدمن مقياس كثافة العظام بعد توقف الدورة الشهرية من سنتين إلى خمس سنوات، والنقطة الأخرى التي أود تأكيدها ضرورة متابعة قياس الكثافة مرة كل عام ومقارنة النتائج القديمة بالجديدة للتأكد من مدى تقبل المريض للعلاج.

النساء وهشاشة العظام

كما علمنا من المحاضرة أن هذا المرض منتشر بين النساء أكثر من الرجال، فما السبب في ذلك؟

- نعم، فهذا المرض يحدث في سيدة من كل ثلاث سيدات بينما يحدث في رجل من كل ثمانية رجال إذ إن الكتلة العظمية عند السيدات أقل من الرجال بنسبة 20 إلى 25 في المئة، كما أن الرضاعة لفترات طويلة تسهم في إصابتها بهذا المرض، بالإضافة إلى أن الأمراض الروماتيزمية من الممكن أن تؤدي إلى هشاشة العظام، ومن ناحية أخرى فإن التكوين الخلقي عند السيدات بالنسبة إلى الجهاز العظمي أضعف منه عند الرجال. وبعد انقطاع الدورة الشهرية وتوقف الهرمونات تبدأ السيدات بفقد حوالي 5 في المئة في السنة من كتلهن العظمية مدة ثلاث إلى خمس سنوات.

ومتى يصبح هذا المرض مهددا لحياة المصاب؟

- عند حدوث كسر في عظم الفخذ يحتاج المريض إلى عملية جراحية التي يتوفى خلالها ما يقارب من 20 في المئة من المرضى إما بسبب مضاعفات العملية أو مضاعفات أخرى مثل الالتهابات الصدرية. و20 في المئة لا يستطيعون المشي من دون مساعدة، و20 في المئة لا يستطيعون التحرك بتاتا، بينما 40 في المئة فقط يستطيعون التحرك ومتابعة حياتهم بشكل طبيعي. من ناحية أخرى أنه لو حدث كسر في العمود الفقري قد يؤدي إلى حدوث شلل، وهنا يجب توعية الناس ليس من أجل تخويفهم وإنما من أجل وقايتهم من مرض يبدأ من مرحلة الطفولة وأعراضه الجانبية تصل إلى مرحلة الكهولة. وقد أوضحت الإحصاءات أن مرض هشاشة العظام سبب في الوفاة أعلى من كثير من الأمراض مثل السرطان.

الوقاية تبدأ من الصغر

إذا كيف نقي أنفسنا من مرض هشاشة العظام؟

- الوقاية تبدأ منذ سن الطفولة فيجب أن نضع في ذهننا أهمية بناء كتلة عظمية على مدار السنوات ولغاية سن 30 سنة. وهناك فترات لبناء هذه الكتلة، الأولى تبدأ من الولادة إلى غاية سن سنتين، والثانية من سن 10 سنوات إلى 12 سنة عند البنات ومن 12 إلى 14 سنة عند الأولاد، ونحن نبني كتلا عظمية لغاية سن الثلاثين وهذه الكتل تمثل مخزونا للكالسيوم. فجسم الإنسان يتكون من 206 عظمات بما يمثل 17 في المئة من وزن الإنسان، فيها 90 في المئة من الكالسيوم الموجود في جسمه.

والكالسيوم مهم جدا لعمل عضلة القلب وللتمثيل الغذائي للأجهزة المختلفة في الجسم وهو يكثف من الكتل العظمية ويحمي العظام. ومن هنا يجب تأكيد ضرورة تناول الأغذية التي تحتوي على الكالسيوم بنسب كبيرة وكذلك الأغذية التي تحتوي على فيتامين «د» والتعرض لأشعة الشمس لمدة عشر دقائق يوميا، إذ إن فيتامين «د» غير النشط الموجود تحت الجلد يتحول إلى فيتامين «د» نشط بعد التعرض لأشعة الشمس، كما لا ننسى ما للرياضة من أهمية وخصوصا رياضة المشي. وأؤكد ضرورة الابتعاد عن المياه الغازية لأنها تمنع امتصاص الكالسيوم إلى حد ما وكذلك تناول الألياف بكميات كبيرة يمنع امتصاص الكالسيوم.

إزاء ذلك ما الأغذية المقابلة لمنع الإصابة بهذا المرض؟

- منتجات الألبان، بعض الخضراوات مثل الخس والسبانخ والأسماك المحفوظة مثل التونة والسردين، الفول السوداني واللوز والفستق، الطحينة، البيض، وزيت السمك وزيت كبد الحوت اللذان يحتويان على فيتامين «د».

وهل يوجد علاج دوائي لهذه المشكلة؟

- يوجد علاج دوائي، فالكتل العظمية تكون بنشاط مجموعتين من الخلايا، الأولى تبني الكتل العظمية والأخرى تهدم هذه الكتل، فدائما توجد عملية إحلال وتجديد لهذه الكتل ويجب أن يكون هناك توازن بين البناء والهدم فعندما يختل هذا التوازن وتبدأ الخلايا الهدامة بالنشاط وفي المقابل فإن الخلايا البناءة لا تبني بمعدل الهدم نفسه تقل الكتلة العظمية وتزداد مسامية العظام فتحدث هشاشة عظام قد تؤدي إلى حدوث كسر. والعلاج الدوائي يعتمد على الإقلال من نشاط الخلايا الهدامة وجعل الخلايا البناءة تعمل وبالتالي يحدث التوازن. وتوجد أدوية تعمل على تنشيط الخلايا البناءة وتبني كتلا عظمية، كما أن هرمون الأستروجين يسهم في بناء كتل عظمية وكذلك الأملاح مثل الفلورايد ولكن الكتلة الناتجة عنه غير قوية.

لكن العلاج الأمثل يكمن في تناول الكالسيوم سواء في الغذاء أو على هيئة أدوية. ومن أجل زيادة نسبة الكالسيوم في الدم للمساعدة على امتصاص الغذاء من الأمعاء وتوفير نسبة منه في العظام يجب تناول فيتامين «د» الذي من دونه يكون امتصاص الغذاء قليلا جدا وإسناده للكتلة العظمية يصبح ضعيفا أيضا.

هل لمناخ الخليج المتميز بارتفاع درجة الحرارة والرطوبة دور في انتشار هذا المرض على مستوى المنطقة؟

- إطلاقا، والعامل الوحيد المسبب للمرض ويكون مرتبطا بالطقس هو عدم التعرض لأشعة الشمس، بينما الرطوبة تتسبب في تفاقم الأمراض الروماتيزمية.

العالم العربي وهشاشة العظام

ما مدى انتشار هذا المرض على مستوى الوطن العربي؟

- إنه منتشر ولكن للأسف لا توجد لدينا إحصاءات تبين نسب الإصابة. وهذه الإحصاءات تتطلب أخذ عينات من الأصحاء في أعمار مختلفة ومناطق مختلفة وفحصهم للتوقف عند تاريخهم المرضي وتاريخهم العائلي ثم عمل مسح بواسطة أجهزة نقالة تختلف عن جهاز الكثافة الكبير على عظمة الساعد او الكاحل ولو وجدنا نسبا منخفضة أو قراءات عالية لهشاشة العظام نأخذ هذه القراءات ونعرضها على الجهاز الكبير الذي يقيس ثلاثة أماكن توجد فيها الهشاشة... وهذه عملية مكلفة وتحتاج إلى موازنة وتعاون من وزارات مختلفة في الدولة كوزارة الصحة والشئون الاجتماعية والجمعيات العلمية. وعدم توافر الإحصاءات لا يمنع من أن المشكلة موجودة ويجب علينا أن نواجهها ونمنعها، فهذا المرض من الممكن الوقاية منه وخصوصا إذا اكتشف في وقت مبكر. ومن الأفضل أن نقي المرضى قبل حدوث الكسور التي ستضطرنا إلى تقديم العلاج إليهم ما يكلف مبالغ طائلة تفوق كلفة علاج أمراض القلب والسرطان.

كيف ترى مراكز التأهيل في الوطن العربي؟

- يجب أن تكون هناك جمعيات علمية اجتماعية للتوعية بهذا المرض ودراسة نسب الإصابة. ومن ناحية أخرى نحن بدأنا بإشهار الجمعية العربية لهشاشة العظام في بيروت العام 2001 وأنشئت بعد ذلك جمعيات في الوطن العربي مثل مصر ولبنان والأردن والإمارات وتونس وليبيا والكويت والعراق وفلسطين.

هل هذا دليل على وجود وعي بهذا المرض في الوطن العربي؟

- نعم الوعي موجود، وعلى هذه الجمعيات أن يكون لها دور اجتماعي يتمثل في توعية الأهالي بضرورة مراقبة أبنائهم فيما يتناولونه من غذاء وبيان أهمية شرب الحليب من الصغر بدلا من العادات الغذائية الغربية التي أخذت باقتحام كل البيوت وحالت دون سيطرة الآباء على أبنائهم فيما يخص الغذاء، بالإضافة إلى الدور العلمي الذي يقوم على توعية الأطباء بالحديث والجديد في هذا المجال.


جوابكِ يحمي عظامكِ

هل تعانين سيدتي من هشاشة العظام؟ لا تعلمين ذلك... إذا هذه أسئلة الإجابة عنها قد تجعلك سيدتي على علم بأن كنت تعانين من هشاشة العظام أم لا، وبالتالي فإنها تدلك إلى الطريق السليم لوقاية نفسك من تداعيات هذا المرض الصامت الذي ستكتشفينه مع تقدمك في السن إن لم تتبعي منذ الطفولة ما يجنبك شر الابتلاء به.

- هل انقطعت عنك الدورة الشهرية؟

- هل تعرض أحد أفراد أسرتك لكسر في العظام؟

- هل تمارسين الرياضة أقل من مرتين في الأسبوع؟

- هل غذاؤك قليل الكالسيوم؟

- هل أنت نحيلة البنية؟

- هل تتناولين أدوية معينة كالكورتيزول المستخدم في علاج الروماتيزم أو أدوية الصرع؟

- هل طعامك يفتقر إلى فيتامين «د»؟

- هل تشربين المياه الغازية بكثرة وتتجنبين تناول الحليب؟

- هل تمتلكين بشرة بيضاء؟

- هل تتناولين المشروبات الكحولية أو تدخنين؟

إن كانت إجاباتك على هذه الأسئلة بـ «نعم» فأنت مصابة بهشاشة العظام، وعند ذلك عليك مراجعة الطبيب المختص لمحاولة تفادي أية عواقب قد تكون وخيمة إن لم تسارعي في اكتشاف المرض والتغلب عليه في وقت مبكر.


الوقاية المنزلية من هشاشة العظام

إميل حنا

إن هشاشة العظام تمثل مخاطر شديدة على صحة الإنسان، بل وعلى حياته. فإذا تم تشخيص حالكِ على أنكِ مصابة بهشاشة العظام وكنتِ تعرضت لكسر أحد عظامكِ فمن المهم العمل على منع تدهور الحال والحفاظ على عظامك.

ومن الأمور المساعدة على تجنب الإصابة بهذا المرض طرق الأمان داخل المنزل وهي:

1- التأكد من الإضاءة الكافية في الأماكن التي تتحركين فيها وبجوار سريرك وفي الحمام.

2- إذا كان إبصاركِ ضعيفا فاعرضي نفسك على الطبيب ليزودك بنظارة أو عدسات لاصقة لإصلاح قوة الإبصار.

3- التأكد من أن أحرف السجاد ثابتة وغير قابلة للإنزلاق.

4- التأكد من أنه لا توجد معوقات أثناء المشي داخل المنزل مثل أسلاك الهاتف والكهرباء وقطع الأثاث الصغيرة.

5- لا تدعي الحيوانات الأليفة تمشي بجوارك أو قريبة منك.

6- عند عملكِ في المطبخ أو داخل المنزل اثني جذعك عند مفاصل الفخذ والركبتين ولا تنحني باستخدام العمود الفقري.

إن الاستثمار في العظام هو الضمان الوحيد للوقاية من هذا المرض حتى نستطيع أن نهزمه، بل ونقضي على هذا اللص الصامت... هشاشة العظام.

استشاري الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل - مستشفى البحرين الدولي

العدد 558 - الثلثاء 16 مارس 2004م الموافق 24 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً