العدد 584 - الأحد 11 أبريل 2004م الموافق 20 صفر 1425هـ

أمانٍ بالنصر ومخاوف من فشل أميركي في العراق

«العزيمة الأميركية اليقظة» في الصحف العبرية:

في حين كشفت عملية «العزيمة اليقظة» التي أطلقتها قوات الاحتلال في العراق، عن وجهها الحقيقي المتمثل في كونها حربا مفتوحة على المدنيين، من دون أي مراعاة لقوانين وأعراف دولية وإنسانية، استثارت التطورات الدموية في العراق المعلقين الإسرائيليين، الذين حاولوا عكس تجربة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين على التجربة الأميركية في العراق... فتحدث الجميع عن «انتفاضة» في هذا البلد. ولاحظت الغالبية «هزال» «مجلس الحكم الانتقالي العراقي» الذي يبدو في هذه الأثناء بلا حول له ولا قوة. وأبرزت الصحف العبرية، مخاوف من أن يضعف الأميركيون، لأن نتائج الحملة الأميركية على العراق ستكون لها تداعيات مهمة جدا على دولة «إسرائيل» كما قال زئيف شيف في «هآرتس»، الذي رأى ان من مصلحة «إسرائيل» أن تنتصر أميركا في حربها على العراق. مستبقا في مقاله، أمنيات رئيس أركان دولته شاؤول موفاز بانتصار أميركا في العراق.

السيمفونية العسكرية لم تنته بعد!

ومن المراقبين الإسرائيليين من انتقد اعتماد أميركا السياسات الشارونية في حربها على «الإرهاب» لأن ذلك لم يخدم مصالح «إسرائيل» ولأنه أخّر فرصة مميزة للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين من خلال «خريطة الطريق».

ولاحظ إيتان هابر في «يديعوت أحرونوت»، ان المزيد من الأميركيين يفيقون من نشوة النصر في العراق ويفهمون ان السيمفونية العسكرية في بغداد لم تنته تماما، ورأى ان الوضع في العراق يذكر الإسرائيليين بعهد النشوة الأولى في حرب لبنان التي شنها شارون في 1982 والتي انتهت بوقفة دقيقة صمت بعد صخب الانفجارات. ولاحظ أريك بخار في «معاريف»، ان الأميركيين بعد عام من وجودهم في العراق يدركون متأخرين انهم في مستنقع خطير. وخلص إلى انه حتى إذا خرجت أميركا من العراق فإن العراق سيلحق بها.

ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن رئيس دائرة الدراسات الشرق أوسطية في جامعة «بن غوريون» درور زئيفي، ان الأميركيين سيفشلون في العراق. ورأى ان الجناح الذي يقوده مقتدى الصدر يحاول تصعيد الوضع لمنع إقامة الحكم الذي يريده الأميركيون، والسنّة في ذلك هم الحلفاء الطبيعيون له. وأعرب زئيفي عن خوفه من توسيع دائرة الصراع ليضم أطرافا جديدة، معتبرا ان الأميركيين لن يميزوا في ذلك بين صديق وعدو. فالخطابية عن الاحتلال والاستعمار تلهب حماس العراقيين وتقودهم نحو المزيد من النضال. وختم بالقول: انه من المحتمل ان الأميركيين سيهدئون الوضع، ولكنه تساءل كيف سيحققون ذلك؟

وتناول تسفي برئيل في «هآرتس» على مدى يومين التطورات العراقية، وكتب تحت عنوان «انتفاضة عراقية»، اعتبر فيها ان المواجهات الأخيرة التي اندلعت في العراق لا تشكل فصلا جديدا من «الاعتداءات» العشوائية التي طبعت الوضع الأمني في البلاد أخيرا، بل هي المؤشرات الأولى على اندلاع تمرد بدأ يأخذ شكل الانتفاضة. ولاحظ برئيل ان أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، لايزالون أقلية في العراق، لكنه أكد انهم يسعون بكل الوسائل للحصول على تأييد الغالبية الشيعية. وأوضح ان الصدر، يتمتع بفصاحة تذكّر بفصاحة والده الذي قتله صدام في العام 1999. وأضاف ان الصدر الابن استغل الاتفاقات التي وقعها مع القوات الأميركية والتي تنص على عدم دخول هذه القوات إلى مدينة الصدر في بغداد، للسيطرة على المربع الشيعي في بغداد، من خلال تشكيل ميليشيات وصل عدد عناصرها إلى العشرة آلاف. وتابع برئيل، ان الحرب التي يشنها الصدر، ضد قوات التحالف هي جزء من صراعه على السلطة لا سيما في مواجهة الزعيم الديني السيدعلي السيستاني، الذي لا يزال ملتزما بالصراع السلمي مع قوات التحالف. وأوضح المعلق الإسرائيلي، ان الصدر يرغب من خلال حرب على التحالف أن يضع حدا للخط السلمي الذي ينادي به السيستاني باللجوء إلى العنف. ولاحظ برئيل في مقال ثانٍ انه إلى جانب العدد الهائل من الخسائر البشرية واستخدام الطائرات من جديد خلال المعارك، ثمة حادثتان مهمتان تستحقان التوقف، وهما: تدمير ما وصفها بأنها «مدرسة دينية سنية» (يقصد المسجد) في الفلوجة وسقوط الضحايا فيها، والثانية مقتل رئيس مكتب الزعيم مقتدى الصدر في كربلاء، مرتضى الموسوي على يد الجنود البولنديين. وحذر برئيل من أن يؤدي حصار الفلوجة التي تحولت إلى رمز للمعارضة إلى نشوء نوع من التحالف بين مناصري الصدر وزعماء العشائر في المدينة. ويرى برئيل ان مقتل الموسوي قرّب المعركة من أبواب المدن الشيعية المقدسة، الأمر الذي من شأنه أن يهدد بانضمام خصوم الصدر لا سيما المرجع السيستاني، إلى الحملة التي يشنها أنصار الزعيم الشاب ضد قوات التحالف.

اسرائيليون: «شدوا الحزام»!

ولاحظ المعلق الإسرائيلي، ان مجلس الحكم الانتقالي يبدو لا حول له ولا قوة، فهو لم يكن قادرا على تهدئة الوضع في الوقت الذي طالب عدد قليل من أعضائه بإجراء تحقيق بشأن عمليات الجيش الأميركي، وهدد البعض الآخر بالاستقالة.

وأكد زئيف شيف في «هآرتس» انه يجدر بـ «إسرائيل» ألاّ تقف مكتوفة اليدين وهي تشاهد الحوادث المتلاحقة في العراق، لافتا إلى ان المسئولين الإسرائيليين المهتمين بمستقبل المنطقة وليس فقط أولئك المنتمون إلى وكالات الاستخبارات يعتقدون ان نتائج الحملة الأميركية على العراق ستكون لها تداعيات مهمة جدا على «إسرائيل»، وقد تؤثر على أمن دول المنطقة خلال السنوات المقبلة. ولفت شيف إلى ان نقاشا جرى بشأن ذلك في مكتب وزير الدفاع موفاز، وشارك فيه ممثلون عن كل الوحدات الاستخباراتية، ورأى المشاركون ان التدهور الأمني في العراق واشتداد حدة المعارك قد يؤديان إلى حرب أهلية تكون إيران محركها الرئيسي. وأشار إلى بروز رأي مفاده ان التصعيد العسكري في العراق قد يؤدي إلى تدهور القوة الرادعة للأميركيين في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص.

وتابع شيف، ان المجتمعين خلصوا إلى انه يجدر بالدولة العبرية إعادة النظر في استعداداتها للحوادث المتوقع حدوثها في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة في حال تدهور الوضع في العراق. وووجهت واشنطن بمطالبات دولية للانسحاب من هذا البلد ونسيان طموحها في إقامة نظام ديمقراطي فيه. وأوضح شيف من جانبه ان تدهور قوة الردع الأميركية من شأنه تشجيع القوى الراديكالية في المنطقة مثل إيران وحزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي. لذلك فإن من مصلحة «إسرائيل» أن تنتصر أميركا في العراق وتقيم دولة معتدلة لا تشكل خطرا على جيرانها وتكون مستعدة للمشاركة في الحرب الأميركية على «الإرهاب».

لكن جدعون ساميت في «هآرتس»، طرح وجهة نظر أخرى في التطورات العراقية. فقد لاحظ ان الولايات المتحدة، بدأت تتبع سياسات «إسرائيل»، في التعامل مع الشعب الذي تحتل أرضه. فالقوات الجوية الأميركية لا تتوانى عن تنفيذ عمليات الاغتيال التي توقع أعدادا هائلة من المدنيين. مشيرا إلى ان أميركا تتصرف في العراق كما يتصرف صقور هيئة الأركان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. وأضاف ان الحرب الأميركية ضد بن لادن وصدام، جعلت الإدارة الأميركية تتبنى الأساليب الحربية لشارون وموفاز ويعالون. غير انه علق على ذلك بالقول ان محاولة واشنطن الربط بين حربها على «الإرهاب» والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي خطيرة جدا لأن الأولى لا تشبه مطلقا المشكلة العالقة هنا. واستنتج ان ثمة التباسا ظهر في واشنطن، جعل المستنقع العراقي يغرق في رمال لبنان المتحركة مع لمسة خاصة من الغابة الفيتنامية على حد تعبيره.

الاسرائيليون المخطوفون

وأثارت الصحف الإسرائيلية مسألة «الإسرائيليين» المخطوفين في العراق، وأشارت «هآرتس» إلى ان الخاطفين أعلنوا انهم سيخلون سبيل الرهينتين مقابل إطلاق سراح المعتقلين السنّة والشيعة الذين تحتجزهم القوات الأميركية في العراق. وأوضحت الصحيفة ان المخطوفين من سكان القدس الشرقية، وهما نبيل جورج يعقوب رزوق وهو من عائلة مسيحية قبطية وأحمد ياسين تيكاتي، الذي وجدت السلطات الإسرائيلية صعوبة في تحديد عائلته. وأوردت ان عائلة أحد المخطوفين طالبت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بالتدخل من أجل الإفراج عن ولدها. ونقلت الصحيفة العبرية عن الوزير جدعون ميرزا، ان المخطوفين من سكان القدس ولكنهما ليسا مواطنين إسرائيليين غير انه أكد ان «إسرائيل» ستحاول بكل الطرق الدبلوماسية استعادتهما من بين براثن الأشرار على حد تعبيره.

وعلق تسفي برئيل في «هآرتس» على خطف مواطنين من عرب «إسرائيل»، في مقال لا يخلو من السخرية، بالقول: ان وضع العرب الإسرائيليين يبدو معقدا أكثر من غيرهم من الأجانب بالنسبة إلى الخاطفين الذين يعتبرون انه بمجرد ان الشخص يحمل الجنسية الإسرائيلية فهو عميل للموساد. وتابع سخريته بالقول: ان الخاطفين قد يجدون صعوبة في فهم الفرق بين من هو عربي إسرائيلي ويهودي إسرائيلي، خصوصا ان المواطنين يحملان جواز سفر إسرائيليا ووثائق مكتوبة باللغة العبرية. ورأى برئيل، ان الإفراج عن المواطنين العربيين مسألة معقدة جدا خصوصا في ظل الحوادث الدامية التي تهز العراق، وفي حال كانت المجموعة الخاطفة من أنصار الصدر فإن الدولة الوحيدة القادرة على التوسط للإفراج عن المخطوفين هي إيران أو أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.

لكن المفارقة، التي عادت وكشفت عنها «هآرتس» هي ان الحكومة الكندية أكدت ان أحمد ياسين تيكاتي، الذي اختطف في العراق أخيرا هو مواطن كندي وقد استخدم اسما مزيفا لسبب غير معروف، وان اسمه الحقيقي هو فادي إحسان فاضل (33 عاما) وذلك بعدما أعلن خلال الشريط الذي بثه تلفزيون «العالم» الإيراني، انه يحمل الجنسية الإسرائيلية. وأضافت الصحيفة العبرية ان مسئولين في وكالة الغوث التي كان يعمل فيها المخطوف، ومقرها نيويورك، أكدوا ان الرهينة كندي الجنسية وان اسمه ليس أحمد تيكاتي، بل إحسان فاضل من دون أن يوضحوا السبب الذي دفعه إلى تغيير اسمه. وتابعت «هآرتس»، أن السلطات الكندية أكدت ان فاضل وهو سوري الأصل قد اختطف في العراق، وطالبت كل الكنديين الموجودين في هذا البلد بالمغادرة فورا

العدد 584 - الأحد 11 أبريل 2004م الموافق 20 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً