العدد 2768 - الأحد 04 أبريل 2010م الموافق 19 ربيع الثاني 1431هـ

شاشة الفضائيات... الساحة الأولى للحرب الانتخابية

شكلت الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في السابع من مارس/ آذار الجاري فرصة ذهبية لانتعاش سوق الإعلان السياسي في الفضائيات العراقية والعربية.

ورغم أنه يصعب على وجه الدقة حصر الإنفاق الإعلاني للدعاية الانتخابية للكيانات السياسية العراقية، إلا أنها تتجاوز ملايين الدولارات. واستقطبت الفضائيات العراقية التي تعود ملكيتها لشخصيات سياسية وتجارية مقربة من التيارات المشاركة في المعترك الانتخابي.

وكان لقناة «العربية» الفضائية قصب السبق في استحواذ إعلانات كبرى الكيانات السياسية العراقية التي سعت إلى حملة إعلامية مزدوجة: كسب ود الناخب العراقي في الداخل والخارج بالإضافة إلى مغازلة المحيط العربي عبر نشر إعلانات موجهة تؤكد الانتماء العربي للعراق.

وتصدرت صور زعماء التيارات السياسية شاشات التلفزة المحلية والعربية قبل وأثناء وبعد الانتخابات التي شكلت منعطفا مهما في العراق الجديد، عراق مابعد سقوط النظام السابق.

وفي ظل المعركة الانتخابية التي خاضها العراقيون لعبت الفضائيات العراقية والعربية دورا كبيرا، في التسويق للحملات الانتخابية للمرشحين من مختلف الائتلافات والكيانات، وشكلت القنوات التلفزيونية جزءا من حراك انتخابي حاد وشرس.

ووفقا لما أفادته وكالة «أبنا» كانت قنوات «الشرقية» و «البغدادية» و« البابلية» قد تميزت في السعي إلى التسويق «للقائمة العراقية» بشكل خاص، مع إعطاء مساحة من حملتها الإعلامية للتغطية لكل من «ائتلاف وحدة العراق» الذي يرأسه وزير الداخلية جواد البولاني و «أحرار» التي يرأسها إياد جمال الدين، وحسب إعلاميين متابعين للسياسة الإعلامية للقنوات الفضائية العراقية، فإن هذه القنوات كانت تسعى بشكل خاص إلى تسقيط مرشحي « الائتلاف الوطني» و «ائتلاف دولة القانون» أو ماتعرفه القناتان «بمرشحي القوائم الدينية» وحرصت على تكثيف لقاءات مع مواطنين ترفض ما أسموه بتسيس الدين، والإعلان بأن المواطنين لن ينتخبوا من يرفع شعارات دينية.

وقال الصحافي حيد عبد الهادي (لوكالة «ابنا»): «إن قناتا «الشرقية» و «البغدادية» كانتا تجسدان مشروعا لحزب المد القومي بشكل لايقبل الإنكار»، أما الصحافي زمن الساعدي فقد أشار إلى أن «الشرقية والبغدادية، لم ينفذا مشروعا بعثيا وإنما كانتا تدعمان مشروعا سياسيا إقليميا ودوليا لإعادة المد القومي، وإنهما ساهما في خلق أجواء إعلامية لزيادة الثقة في نفوس المد القومي بين بأنهم يشكلون مشروعا حقيقيا سيتحقق في العراق وسيعودون إلى السلطة».

كما قامت تلك القنوات تسويق قائمة إياد علاوي وقائمة جواد البولاني وقائمة إياد جمال الدين وغيرهم للناخب العراقي، وتكثيف اللقاءات والفواصل الإعلانية بشكل مكثف.

ولوحظ أن القنوات الفضائية العراقية التابعة للأحزاب الدينية «الفرات» و «المسار» و «بلادي» و « آفاق» بثت فواصل إعلانية ضد حزب المد القومي، وانشغلت بشكل كبير في بث برامج وحوارات لمرشحي القائمتين «الائتلاف الوطني» و «ائتلاف دولة القانون».

ولفت انتباه المراقبين إلى أن قنوات «الفرات» و «المسار» و «بلادي» و «آسيا» التابعة لأحزاب منضوية في «الائتلاف الوطني العراقي» تخصصت كل واحدة منها في الترويج لأحزابها والمرشحين المنتمين لها، فيما خصصت نسبة بسيطة للمرشحين المنضوين في «الائتلاف الوطني العراقي». وصرح أكثر من مرشح عضو في الائتلاف لشبكة الأخبار العالمية بأن هذا التصرف لم يكن تصرف الحلفاء وإنما هو استثارة وعدم فسح المجال للمرشحين المؤتلفين معهم للظهور على الشاشة ومخاطبة الناخبين.

من جانب آخر، فوجئ العراقيون بدخول قناة « الأنوار 2» الفضائية إلى المعركة الانتخابية بكل قوة، وذلك بإطلاقها برنامج مفتوح منذ أربعة أيام بعنوان «يوم البيعة للقيم والمبادئ»، كما أن عددا كبيرا من الإعلاميين فوجئوا قبل الناخبين بطرح سياسي قوي رغم أنها قناة غير مسيسة، إلا أنها تمتاز بشريط إخباري مثير لاهتمام.

وقال الصحافي عبد الرحمن الموسوي «إنني أعمل في قناة تابعة لحزب منضوي في الائتلاف الوطني العراقي، فاجأتنا قناة الأنوار 2 الفضائية بدخولها في المعركة الانتخابية إلى حد أن طرحها الإعلامي أذهلنا في القوة وتجاوزها ما نعرفه نحن في قناتنا وبقية القنوات بالخطوط الحمراء». ولوحظ أن قناة «الشرقية» و «البغدادية» بدأتا تبثان في برامجها أغان حماسية للمغنى الذي قتل في أيام سقوط نظام صدام، المنشد المعروف داود القيسي، وخلقت أجواء إعلامية «انقلابية».

وبخلاف الانتخابات البرلمانية الأولى التي أجريت في العام 2005 فإن الإعلانات الدعائية للانتخابات الأخيرة خلت من أي الإيحاءات والرموز الطائفية، ويمكن تفسير ذلك في مسببات شتى من بينها تغير مزاج الناخب العراقي الذي ضاق درعا من التقسيم الطائفي لمخرجات النظام السياسي الجديد، إلا أن ثمة سبب آخر يمكن ذكره وهو إعلان المرجعية الدينية العليا وقوفها على مسافة واحد من الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات بخلاف انتخابات العام 2005.

ومن المثير في الانتخابات الأخيرة لجوء الكثير من السياسيين الكبار في المشهد الانتخابي العراقي إلى استثمار الوسائط الإلكترونية المتعددة التي تستهوي الشباب العراقي، إذ كان واضحا حرص زعماء الكتل السياسية لفتح حلقات تواصل مباشر مع الشباب مثل مواقع الـ « FACEBOOK».إذ أن الموقع التواصلي شكل فرصة لتكوين مجموعات الأصدقاء والمعجبين بالتيارات السياسية العراقية على تنوعها.

ومن السهولة بمكان رصد المحتوى الرئيسي لكل الإعلانات الدعائية في الانتخابات، ورغم اختلاف البرامج والرؤى بين الكتل السياسية إلا أن شعاراتها كانت متشابهة إلى حد كبير، إذ ركزت جل الحملات الإعلانية على تحقيق الأمن والاستقرار في العراق، وإعادة فرض هيبة الدولة وبناء دولة المؤسسات والقانون، والحفاظ على وحدة العراق.

أما على الصعيد الآخر فقد حرصت الماكينة الانتخابية العراقية على معالجة التدني الكبير في مستوى الخدمات العامة وعلى رأسها الكهرباء وتطوير المستوى المعيشي والتوزيع العادل للثروة وإعادة أعمار المحافظات عبر التعهد برصد موازنات كبيرة لبناء المؤسسات الاجتماعية في مختلف أنحاء العراق.

وتملك غالبية الكيانات السياسية العراقية ترسانة من وسائل الإعلام المقروءة والإلكترونية، لكنها كانت أقل فاعلية من النشاط الإعلاني للقنوات الفضائية التي قدم بعضها عروضا خاصة للمرشحين المحسوبين عليها أو على توجهاتها الفكرية والسياسية.

ورغم ما قيل عن وجود «مال سياسي» من دول الجوار لدعم الحملات الإعلامية لكتل سياسية بعينها، إلا أنه من الصعوبة بمكان إثبات ذلك بقرائن مادية ملموسة كما يرى بعض المسئولين العراقيين.

وتميزت الانتخابات الأخيرة بكثرة اليافطات الانتخابية في الشوارع، والمعدة بتقنية عالية ما أنعش سوق دور الطباعة العراقية التي وجد بعضها في الانتخابات فرصة ثمينة لتعويض ركود الأسواق في الشهور الماضية.

العدد 2768 - الأحد 04 أبريل 2010م الموافق 19 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً