العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ

حرية تأسيس «الجمعيات» في القانون الدولي والعربي

لم يستقر حتى الآن على مفهوم المجتمع المدني من قبل منظري علمي الاجتماع والسياسة، وتأتي صعوبة صوغ تعريف نهائي جامع مانع للمجتمع المدني، من النظر اليه بوصفه سيرورة تاريخية لها تعيناتها وتشخصاتها المعبرة عن خصوصية المجتمعات التي عايشتها. لذلك نجد ان فرغسون وسميث وهيغل وماركس مع المفكرين العصريين رولز وجون كين وأدم سيلدمان يختلفون في تحديد هذا المفهوم.

ويمكن القول ان مفهوم المجتمع CIVIL) SOCITY/SOCIETE (CIVILE im «مجموعة المنظمات غير الربحية أو غير الحكومية؛ وهي كل منظمة لم تنشأ بواسطة الدولة ولا توجه مباشرة من قبلها ولديها أهداف اجتماعية ونشاط يخدم غرض المجموعة كما يخدم المجتمع عموماً».

المعايير الدولية والعربية لحرية الجمعيات

يعتبر حق انشاء جمعيات واتحادات ونقابات أي مؤسسات المجتمع المدني من الحقوق المتصلة بحرية الرأي والتعبير، ففي الاعلان العالمي لحقوق الانسان تنص المادة (20) على ان «لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية»، كما ان العهد الدولي الاول جاء بهذا الحق بشيء من الدقة والتفصيل، إذ تذهب المادة (21) بالاعتراف بالحق في التجمع السلمي؛ ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يفرض منها تمشيا مع القانون والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطي - مصلحة الامن الوطني او السلامة العامة او النظام العام او حماية الصحة العامة او الاخلاق او حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

كما ان الخبراء القانونيين والنشطاء في مجال العمل المدني العربي أعدوا وثيقة تسمى «إعلان مبادئ ومعايير بشأن حرية الجمعيات في الدول العربية» وذلك في ورشة العمل عن «الإطار التنظيمي للجمعيات في العالم العربي» المنعقدة في عمان يومي 9 و10 مايو/ أيار 1999.

وسنعرض أهم المبادئ التي جاءت بها الوثيقة، فلكل شخص الحق في المشاركة في تأسيس الجمعيات وإدارتها او الانسحاب منها بحرية كما لا يجوز وضع قيود على هذا الحق الا التي يستوجبها المجتمع الديمقراطي، كما ان حرية تكوين الجمعيات يقوم على اساس الاخطار وليس الترخيص ولا يجوز ان يخضع التأسيس لأي تدخل من جهة ادارية او قضائية ولا يجوز ان تكون اهداف الجمعية او انظمتها او شخصية مؤسسيها او انتماؤهم سببا لفرض أية قيود على تأسيسها، وتتمتع الجمعية بالشخصية المعنوية المستقلة فور بعد الاخطار وليس هناك حاجة إلى ترخيص، كما ان الجمعيات يجب ان تخضع للرقابة ولكن الرقابة تكون من رقابة أعضائها لها ومن خلال الجمعية العمومية ورقابة عامة من خلال الرأي العام عبر أجهزة الإعلام والصحافة بمناقشة أنشطتها بالإضافة الى رقابة القضاء بشأن أي نزاع بين الجمعيات وجهة الإدارة، شريطة ان يكون قضاء مختص بحس نوع وطبيعة المخالفة، ولا يجوز حل الجمعية إلا بقرار من مؤسسيها طبقا لنظامها الداخلي او بحكم قضائي بات.

الديمقراطية هي الأزمة

إن غياب الديمقراطية وسلطة التشريع من المجلس الوطني أدى إلى إصدار مراسيم بقوانين لأكثر من 30 عاماً، ما شكل الأزمة الخطيرة في انحراف التشريع عن مقاصد المشرع الدستوري فقيدت الحريات ولم يتم تنظمها على خلاف نية المشرع الدستوري الذي يحيل تنظيم الحق الى القانون وقد وضعت المحكمة الدستورية العليا في مصر لحكم على عدم دستورية النص معايير إحالة التنظيم الى المشرع العادي إذ قالت: إن المشرع يملك تنظيم بعض الحقوق التي احال فيها الدستور الى القانون، وكما قالت المحكمة «يملك المشرع تنظيم الحق ولكنه لا يملك الانتقاص منه كما لا يملك جعل ممارسة الحق أمراً مرهقاً». ويذهب يحيى الجمل وهو أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بقوله عن قانون الجمعيات المصري بقوله: «هذا القانون يكاد يهدم هذا الحق هدماً كاملاً؛ فالفرد العادي يمارس حقوقه في أوضاع وظروف طبيعية وعادية؛ اما ان قلت لي: من اجل تكوين جمعية أهلية يجب ان تذهب الى وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الداخلية وقد تصل الأمور إلى السجن ومن ثم يعرض الناس عن هذه الأنشطة، وبالتالي فهذا القانون الذي يمنع العمل الأهلي على غالبية الشعب المصري تحيط به شبهة عدم الدستورية من كل جوانبه وهذا هو عملي، فأنا أستاذ قانون دستوري وأعلم جيداً ما أقول. وكما أن الحال البحرينية لا تختلف مع الحال المصرية كثيراً وخصوصا في القانون المتعلق بالجمعيات لذلك يمكن ان نطبق رأي يحيى الجمل على قانون الجمعيات البحريني رقم 21 لسنة 1989

العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً