العدد 767 - الإثنين 11 أكتوبر 2004م الموافق 26 شعبان 1425هـ

معانقة شارون لمصر «شبك» لعلاقات استخبارية

تناولت الصحف الإسرائيلية التحقيقات الجارية في تفجيرات طابا لكنها ما زالت توزع الاتهامات في كل الاتجاهات علما أن التوجه الرسمي لـ «إسرائيل» أن التفجيرات من عمل تنظيم «القاعدة» وعلى رغم التأكيدات الرسمية الإسرائيلية عن ضرورة إبعاد المسئولية على الفلسطينيين بدا أن «توريط» الفصائل الفلسطينية ليس بعيدا عن «الدعاية» الإسرائيلية الناشطة. فضلا عن الإيحاء بتورط أجهزة أمنية مصرية مع حديث مصادر أمنية إسرائيلية من أن هناك احتمالا كبيرا في تورط رجال أمن في سيناء في المساعدة في الإعداد للتفجيرات. في أي حال، الملاحظة الرئيسية التي بدت واضحة في أكثر من تعليق، هي محاولة «استثمار» التفجيرات في تحسين علاقات تل أبيب مع القاهرة و«شبك» علاقات استخبارية و«قنوات سرية» مع مصر. ولاحظ أحد المعلقين أن «معانقة شارون لمصر» لم تنبع من عرفان بالجميل، وإنما تعود لهدف استراتيجي: توثيق التعاون الأمني والاستخباري بين الدولتين في مواجهة خطر «الإرهاب».

ونقلت «هآرتس» عن مصادر أمنية إسرائيلية أن أجهزة الاستخبارات المصرية لا تزال غير قادرة على تحديد الطرف المسئول عن تفجيرات طابا. غير أنها لفتت إلى أنه في المقابل فإن اعتقال «بدوي» من الصحراء واستجوابه يدفع إلى الشك بأن مجموعة مصرية إسلامية متشددة على علاقة بمنظمات دولية هي التي نفذت الهجمات معتمدة على دعم السكان المحليين. وكشفت الصحيفة أن المحققين ينظرون أيضا في احتمال تورط فلسطينيين في القضية. ولفتت إلى أن المصريين يجمعون معلومات عن عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» معارضين لمساعي مصر لضمان الانسحاب الإسرائيلي من غزة. غير أنها أشارت إلى أن المسئولين المصريين والإسرائيليين أوضحوا أن مصر لا تتهم الفصيلين بالهجمات بل تطرح احتمال تورط مرتدين داخلهما. ورأى ألوف بن في «هآرتس» أن عمليات طابا ورأس الشيطان وجهت ضربة لنسيج العلاقات الحساس بين «إسرائيل» ومصر، لأنها أصابت الميدان الوحيد الذي يشهد تعاونا واسعا بين مواطني البلدين. لكنه أشار إلى أن تجربة الماضي تؤكد أن صدمة العمليات التي ستقلص من عدد الإسرائيليين الذين يسافرون لسيناء لن يطول. وإذ لاحظ أنه منذ الساعات الأولى قرر شارون وشالوم الإشادة بالتعاون مع المصريين والثناء على سماح القاهرة دخول فرق الإنقاذ الإسرائيلية إلى أراضيها، رأى أن معانقة شارون لمصر لم تنبع من إقرار بالجميل، وإنما كذلك من هدف استراتيجي: توثيق التعاون الأمني والاستخباري بين الدولتين في مواجهة خطر الإرهاب المشترك. ونقل عن مسئولين إسرائيليين أن العمليات في سيناء تعزز العلاقات خصوصاً في القنوات السرية. كما نقل بن عن مسئول إسرائيلي كبير أن هذا هو زمن آفي ديختر ومئير داغان، موضحا أنه في الوضع الراهن من الصراع مع الفلسطينيين، لا ينتظر أحد في تل أبيب حدوث تحول في المواقف السياسية المصرية. ولكنه لفت إلى أن «إسرائيل» أظهرت في السنوات الأخيرة قدرة على إدارة علاقات أمنية وثيقة مع دول تعاديها دبلوماسيا، مثل الأردن وتركيا. فرأى أنه يمكن إقامة نموذج كهذا مع مصر أيضا، بحيث تواصل الأخيرة دعم الفلسطينيين ومهاجمة «إسرائيل» في الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه تتعاون مع «إسرائيل» ضد «الإرهاب» الإسلامي. وهنا رأى بن، أن بوسع «إسرائيل» استغلال نفوذها في واشنطن إذ تواجه مصر انتقادات. ونشر يوسي ميلمان في «هآرتس» تحت عنوان «القاعدة كانت على بعد 500 متر من إسرائيل»، رأى خلالها أن تفجيرات سيناء كانت الأولى من نوعها التي يمكن اعتبارها على علاقة مباشرة بروح أسامة بن لادن وتعاليمه. وأشار إلى أنه على رغم من أن هوية منفذي التفجيرات لم تحدد بعد، إلا أن معظم المؤشرات تدل على أنها نفذت على يد متشددين إسلاميين. وأوضح أن التخطيط الدقيق للهجمات والأهداف التي اختارها المهاجمون هي أيضا مؤشرات أخرى على تورط مجموعة إسلامية متشددة. وأشار ميلمان إلى أن المصادر الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن متشددين إسلاميين مصريين يقفون وراء الاعتداءات بمساعدة البدو أو مجموعة من الغرباء (سعوديين أو سودانيين أو يمنيين أو صوماليين) الذين تسللوا إلى الصحراء. وأضاف انه حتى لو تبين تورط فلسطينيين فإنه من المشكوك فيه أن يكون هؤلاء أرسلوا من جانب منظمة فلسطينية. ورأى المعلق أن منفذي تفجيرات سيناء حققوا ثلاثة أهداف لبن لادن. الهدف الأول هو إلحاق ضرر كبير بنظام عربي يعتبره بن لادن غير مسلم ومتعاون مع الغرب وذلك من أجل المس باقتصاده واستقراره. أما الهدف الثاني فهو إلحاق الأذى بمن يصفهم بن لادن بـ «الصليبيين» وهم في هذه الحال السياح الغربيون. والهدف الثالث هو قتل «أولاد الخنازير» أي اليهود على حد تعبيره. واعتبر عكيفا إلدار في «هآرتس» أنه على الرغم الحزن والغضب الذي يشعر به الإسرائيليون إلا انه يجب الإقرار بأنه من وجهة نظر المتعصبين الإسلاميين فإن الهجوم «الإرهابي» على سيناء كان متوقعا. فلم يمض وقت طويل بعد على إعلان نائب زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري بأن الطريق إلى القدس تبدأ في القاهرة. ولفت إلى ان التصريحات الرسمية والاستخباراتية تشير إلى ان «القاعدة» تعمل على تدمير العلاقات السلمية بين مصر و«إسرائيل» التي هي جزء مهم من رصيد النظام المصري وبوابته الأساسية إلى الغرب. ورأى انه لا يوجد دواء لهذا «الإرهاب» إلا دخول العالم كله بما في ذلك الدول العربية في معركة حتى الموت ضد من وصفها بـ«القوى الإجرامية التي تعمل باسم الله». واستبعد المعلق احتمال تورط المنظمات الفلسطينية، لافتا إلى أن هذه الأخيرة ترفض محاولة استخدام القضية الفلسطينية في النضال الإسلامي ضد الغرب بشكل عام باعتبار أن ذلك سيحرف الأنظار عن معاناة الشعب الفلسطيني. ونشر زئيف شيف في «هآرتس» تحت عنوان «إرهاب في سيناء: هدف مغر وسهل». فلاحظ ان أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لا تملك ما يكفي من المعطيات بشأن «الجهاد الإسلامي الدولي». وأضاف أن «الموساد» وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعاني من مشكلات في اختراق هذه الحركة الدولية. غير أنه اعتبر أن مشكلة «إسرائيل» أكبر من ذلك بكثير خصوصا انها هي هدف واضح لـ «القاعدة». وأوضح أنه في حال اتضحت صحة الافتراض بأن التحضيرات لهجمات سيناء استغرقت شهورا فإن ذلك يعني ان «إسرائيل» لا تعرف شيئا عن الأخطار التي تنمو بشكل بطيء. في المقابل لفت شيف إلى ان التفجيرات تدل على فشل الاستخبارات المصرية التي لم تستطع الكشف عن وجود تحركات «للقاعدة» على أراضيها من جهة ولا اقتفاء أثر المتفجرات التي استخدمت في الهجمات من جهة أخرى. ونشرت «جيروزاليم بوست» تقرير تحت عنوان «القاعدة أصبحت على رأس أولويات الموساد». وكشفت في مستهل التقرير بأنه بالإضافة إلى التحقيق الإسرائيلي المصري المشترك الذي يجرى في تفجيرات سيناء « فإن أميركا والسعودية والأردن تشارك في التحقيق وتؤمن الموارد اللازمة للكشف عن الطريق الذي سلكها «الانتحاريون» قبل الوصول إلى مواقع التفجيرات. كما لفتت إلى ان صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية نشرت معلومات تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون أصدر توجيهاته إلى جهاز «الموساد» بوضع احتمال وجود علاقة بين المنظمات «الإرهابية» الفلسطينية و«القاعدة» على رأس أولويات التحقيق في التفجيرات

العدد 767 - الإثنين 11 أكتوبر 2004م الموافق 26 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً