العدد 768 - الثلثاء 12 أكتوبر 2004م الموافق 27 شعبان 1425هـ

رسالة الهيئة إلى وزير الخارجية البريطاني: لا نجد أي مبرر الحرمان شعب البحرين من نيل حقوقه المشروعة

حضرة صاحب الفخامة وزير خارجية حكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا الأفخم.

تحية:

أننا ننتهز فرصة زيارتكم للبحرين فنرفع إلى فخامتكم هذه المذكرة، راجين أن تكون قضيتنا موضع درس وعطف حكومة صاحبة الجلالة التي نعتقد أنها الحليفة الطبيعية لنا، والتي يعلق الشعب البحرياني عليها آملا في تحسين أوضاعه ورفع مستواه واعادة حقوقه السليبة إليه.

لقد تقدمنا إلى حاكم البحرين باسم الشعب البحراني الذي انتخبنا ممثلين له، بعدة مطالب عادلة، وقد بعثنا بنسخة منها إلى فخامتكم ورافقناها بكتاب خاص أوضحنا فيه الوضع القائم في هذه البلاد. ومن المؤسف اننا لم نحصل على جواب من حكومة صاحبة الجلالة حتى الآن، اللهم الا بعض كلمات عطف عبارة خرجت من أفواه المعتمدين السياسيين هنا، وقضيتنا العادلة لا يجديها أن تكون محل عطف بمقدار ما يجديها أن تكون محل رعاية فعلية ناجزة.

منذ ان تقدمنا بمطالبنا الشعبية إلى حاكم البلاد ونحن نهدئ الناس ونطالبهم بضبط الاعصاب، على رغم الانفعالات القوية التي تتأجج بها نفوسهم من جراء التعسفات التي تقدم عليها حكومة البحرين والقوانين الجائزة التي تمليها على هذا الشعب، ومن جراء التحكم الأعمى في مقدراته دون مبالاة أو اهتمام. وكنا كلما لفتنا نظر ممثلي حكومة صاحبة الجلالة في البحرين إلى هذه الاستفزازات والتعسفات التي تجرى كل يوم، كانوا يوصوننا بالصبر والتريث، وامعانا في العمل بهذه النصائح أخذنا نلح على الشعب أن يصبر وأن يتريث حتى كاد يفلت الزمام منا فاضطررنا تحت ذلك الضغط المتواصل من الشعب المتذمر إلى أن نعلن الاضراب العام السلمي الذي لم يسبق له مثيل في العالم كله في سلميته، والذي لاشك قد سمعتم عنه في حينه. وما كاد هذا الاضراب السلمي ينتهي حتى وجهت الحكومة من جديد ضربة جديدة لنا بقطعها رواتب الموظفين والعمال لديها ولدى جميع الشركات والمؤسسات، وكاد ينقلت الزمام مرة أخرى منا، وطرقنا باب دار الاعتماد ودار المقيم السياسي مرة أخرى ممنين النفس بالظفر بمعونتهما، ولكن من دون جدوى. وعندما جاء المستر شكبرى إلى البحرين ظننا أنه يحمل معه حلال لقضيتنا، ولكن خاب ظننا إذ لم يسمح لنا حتى بمقابلته. وسافر فبدأ حكومة البحرين بعده تتمادى في تصرفاتها التعسفية أكثر فأكثر ومع هذا كله ضبطنا أعصاب الشعب، ولم تكتف حكومة البحرين بكل ما قامت به من تحديات وتعديات سافرة على حقوق هذا الشعب حتى عطلت الصحف المحلية كلها، وبدأت تشن حملتها على الشعب وممثليه في نشرتها الرسمية، ما كان له اسوأ الوقع في نفوس الناس جميعا وحتى من الأجانب لأنه لم يسبق لحكومة ما أن شتمت من يعارضها في الوقت الذي تكمم فيه الافواه وتعطل الحريات وتخنف الصحافة اللهم إلا في بلد يسوده الحككم الدكتاتوري البغيض، كما هو الحال في البحرين الآن. ولم تكتف الحكومة بذلك بل أخذت تغري بعض الأفراد الذي ينتمون إلى العائلة الحاكمة على إصدار مناشير سيرية يقصدون بها بذر الفتنة والشقاق بين أفراد الشعب الذي صمم على الاعتصام بالوحدة. والواقع أن هذا النوع من التشجيع بدأت تظهر نتائجه السيئة على نطاق واسع، فظهرت جماعة تنسب نفسها للاخوان المسلمين، وبدأوا ينشرون سمومهم تحت ستار التعاون مع الحاكم وعائلته، كما خرجت شرذمة هدامة أخرى تعمل تحت ذلك الستار أيضا. وقد أدى هذا الموقف إلى أن يفقد الشعب صبره ويخرج من ذلك الصمت الذي نطالبه به ليستنكر التصرفات التي تقوم بها الحكومة مع تجاهلها التام لمطالبه ورغباته المشروع، وقد عبر عن هذا الاستنكار في مقاطعته لانتخابات مجلس البلدية في المنامة الذي تديره الحكومة وتوجه سياسته وتشرف على جميع قراراته.

يا صاحب الفخامة

أننا نعلم جيدا أن حكومة صاحبة الجلالة ليس لها أي مطمع في هذه البلاد، وأن كل ما هنالك أنما هو التعهدات الدولية لصيانة الخطوط العالمية للعالم الحر، وحفظ التوازن الدولي ليس إلا... ولهذا السبب لا نجد أي مبرر لحرمان الشعب في البحرين من نيل حقوقه المشروعة. أن الاستقرار الدائم للبلاد التي تعيش في فلك الديمقراطيات تدعو إليه سياسية حكومة صاحبة الجلالة، وهذا التذبذب في الأوضاع الداخلية واتساع الهوة بين الشعب والحكومة القائمة لهو أكبر عامل على خلق الاضطراب وعدم الاستقرار في البلاد كما هو حادث فعلاً.

ثم أن حكومة صاحبة الجلالة قد عودت الشعب منذ زمن طويل وتعهدت له بان تساندة دائما وتؤيده في نيل حقوقه.

وإنه ليسرنا أن نرفق اليكم بالطي نسخة من الكتاب الذي كتبه المقيم السياسي في العام 1933 للشعب البحراني وتعهد باستمرار التزام حكومة بريطانيا العظمى لسياسة الاصلاحات.

أننا قلنا مرارا وتكرارا لممثلي حكومة صاحبة الجلالة أننا لسنا في غنى عن معاونتها، وأن وضعنا الجغرافي لا يسمح لنا أن نستغني عن مساعدتها لنا في نيل حقوقنا واستقرار أوضاعنا. وانه لمن المؤسف أن نجد حكومة صاحبة الجلالة تتجاهل بدورها هذه الحقيقة وتساعد الحكم الاقطاعي والفردي وقد ولى زمانهما، وهي الدولة العريقة في الديمقراطية. فهل الحكومية البريطانية تمنح ثلث دخل بريطانية لفرد واحد ان يتحكم فيها ويتصرف في شئونها، أو هل تسمح لحفنة من الاقطاعيين ليسيطروا على اقتصادياتها؟ فإذا كانت بريطانيا قد تخلصت من كل هذه المفاسد منذ زمن طويل، فلماذا لا تعاون البلاد الناشئة على التخلص منها تدريجيا لاسيما وهي تمد يدها طالبة العين والمساعدة؟

أن أوضاعنا يا صاحب الفخامة تتطور من سيئ إلى أسوأ وأن مستشار حكومة البحرين هذا الدكتاتور قد درج منذ تعيينه على أتباع سياسية واحدة منذ ثلاثين عاما، والغريب في الأمر أن حكومة صاحبة الجلالة مازالت على ييد وتقره على سياسيته. وهذا فيما نتقد أو رجل في المملكة المتحدة يبقى في الخدمة الخارجية مدة طويلة كهذه المدة وتقره حكومته على سياسته التعسفية ازاء شعب مسالم متطلع إلى حياة رغيدة فاضلة في ميدان العالم المتطور كل يوم، وأن الذي كان صالحا للعام 1924 (وهو العالم الذي عين فيه بليغريف) لا يمكن ان يكون صالحا للعام 1955 ومع هذا فهو باق على رغم بغض الشعب له بينما نجد الدولة البريطانية في البلاد الأخرى تغير رجالها كلما رأت ان سياستهم لا تتمشى مع الأوضاع القائمة في البلاد ومع تطور الزمن. وهذه قطر التي تعتبر متأخرة جدا بالنسبة لنا قد غير رجالها ومستشارها خلال أربعة أعوام... أما نحن فكلما شكونا قيل لنا أن الحاكم يريد هذا المستشارها خلال أربعة أعوام... اما نحن فكلما شكونا قيل لنا أن الحاكم يريد هذا المستشار ومعنى ذلك أن الشعب ليست له كلمة أو رأي في سياسة بلاده، أو قيل لنا أن الحكومة البريطانية مرتبطة مع الحاكم، ونحن نرى أن مثل هذا الارتباط كان ذا موضوع في وقت من الأوقات، أما الآن فاننا تعتقد أن حكومة صاحبة الجلالة من صالحها أن ترتبط بهذا الشعب الذي من دون مساندته لا يمكن ان يتم الأمر لأي حاكم ومن دون تأييد الشعب له لا يمكن أن يستتب له حكم. وأن حكومة بريطانيا لتدرك طبعاً هذه الحقيقة وهي قادرة على أن تنصف الجانبين وتحمل ميزان العدل. اننا واثقون من حسن نية حكومة صاحبة الجلالة تجاه الشعب البحرياني ولكننا في الوقت نفسه لا نريد أن تتبع معنا سياسة التسويق والانتظار تلك السياسة التي لا تؤدي إلى شيء عملي، بينما يمكنها أن تفعل كل ما من شأنه أن يطمئن هذا الشعب ويعيد إليه حقوقه.

لقد قيل لنا أن حكومة صاحبة الجلالة لا تريد أن تدخل التحسينات على الاوضاع القائمة بالسرعة اللازمة ترضية لبقية مشايخ الخليج، ولا ترغب أن تمنح البحرين الحياة الدستورية التي تلائم مستوى الشعب البحراني الراقي بالنسبة إلى شعوب البلاد المجاورة. ولكنا نعتبر هذا القول اجحافا في حقنا كشعب يريد الحياة الحرة الكريمة ومخالفا لشريعة حقوق الإنسان التي وقعت عليها بريطانيا العظمى نفسها وتعهدت بموجبها برفع مستوى الشعوب المتأخرة وأعدادها للحكم الدستوري العادل، وان حكومة صاحبة الجلالة التي تسعى لتهذيب الشعوب الإفريقية المتأخرة لا نجد ما يمنعها من أن تأخذ بيد هذا الشعب إلى المستوى الذي يريده. أننا في الواقع لا نؤمن بالطفرة، ولكن المطالب التي قدمناها نعتبرها حقا من حقوقنا المشروعة ولا نعتقد أنها طفرة بالنسبة لأوضاعنا التي نحن عليها، وبالنسبة للوعي الشعبي السائر في طريق النضوج بقوة هائلة.

إننا نؤمل ان في شرحنا لكم عن وضعنا القائم كاف لأن يحملكم على العمل المجدي والبت الحاسم في موضوع قضيتنا العادلة. وفي انتظار ردكم تفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول تحياتنا، وإجلالنا.

المخلصون

ممثلو الشعب البحراني

  • السيد علي السيد إبراهيم كمال الدين
  • الحاج محسن التاجر
  • الحاج عبدالله أبوذيب
  • الحاج عبدعلي العليوات
  • الحاج إبراهيم بن موسى
  • الحاج ابراهيم محمد حسن فخرو
  • الاستاذ عبدالعزيز الشملان
  • الاستاذ عبدالرحمن الباكر

العدد 768 - الثلثاء 12 أكتوبر 2004م الموافق 27 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً