العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

 كشف الأسرار

المثل المنحدر إلينا من الآباء والأجداد، الذي يندرج تحت هذا المسمى (رجل كرجل ورجل كألف رجل)، وإن صحت التعابير، فهو يأتي من عدة زوايا بمفاهيم مختلفة، هل هو الرجل المحنك سياسياً، أو قوي البدن، أو من له سلطان و نفوذ، أو زعيم أو وجيه، وفي تعابير الحرب، الرجل الذي يعد بألف رجل، هو الشجاع أو البطل الضرغام أو البطل الهمام، و منهم من يقتلع البيداء بصولاته وجولاته و من أمثالهم بكر ابن غانم وفي حروب المعصومين ضد الكفرة الضالين أقدر وأعظم فهم أبطال الرجال وأسود ساحات القتال الواحد منهم يزيد على ألف أو أكثر، و منهم كرماء النفس والمال الذين لا ينضح عطاؤهم و لا يقل مالهم كأمثال حاتم الطائي إلا أن التعريف العام من له تمييز، أو ذات أهميات مشهورة تفوق غيره بألف مرة وهو ينطلق من ذات نفسه بفعل وعزم تعجز عنه رجال في تعداد ألف رجل، أما الذي نحن بصدده فهو رجل يدعى جواد اسم على مسمى، اشتهر بالكرم ومساعدة الفقراء، وبناء بيوت للمحتاجين ومساجد، وإعطاء قروض حسنة لكل من سأله، لكن تأخذ الإنسان الدهشة ويظل حائراً في تفكيره، إذ ليس لجواد عقارات ولا مصانع ، ولا حرفة محددة، وأولاد جواد لا يمارسون أية حرفة سوى التفرغ لأعمال الخير وإدارتها بأوامر والدهم، وقد سأله أولاده (من أين لك المال؟) فيجيب (من عند الله مقسم الأرزاق) فجواد لا يملك إلا منزله الذي يعيش فيه مع أولاده وله أرض قد ورثها من أبيه، لكنها جرداء، لا بناء فيها ولا زرع، قام بتسويرها فقط لحفظها من الضياع، وكانت هذه الأرض تطل على البحر وبها جبال يأوي إليها ليلاً فينظر إلى السماء والنجوم الشفافة فيه، والقمر المنير، ومياه البحر الزرقاء، من أجل هذا أحب هذه الأرض، وأوصى بعد موته لأولاده ألا يبيعوا هذه الأرض أو يؤجروها على أحد أو يقتسموها بل يجعلوها ملكاً على الشيوع، وإن خالفوه بعد موته ندموا وأصابهم المكروه وقال لهم: سأكتب الوصية في كتاب تقرأونه بعد وفاتي، بدأت كتابته وسأكمله لاحقاً خلال يومين أكشف فيه الأسرار لكم و من أين لي المال، و في أي مكان تجدونه إلا أنه وهو يتحدث سقط ميتاً، فتصارخ الأولاد وأصابتهم الرعشة والحزن الشديد، ثم إنهم أعلنوا الوفاة فتسارع أهل البلد صغاراً وكباراً ورجالاً ونساء في موكب عزائي ضخم، وفاء لهذا الرجل المحسن الذي عرف البذل والعطاء وواسى فقيرهم، وتمنوا أن يكون أولاده الخلف لخير سلف وأن يمضوا على سيرة أبيهم المرحوم.

وانتهت مراسم العزاء، واجتمع الأولاد، و قرروا أن يبحثوا عن الأموال والوصية، فلم يستدلوا على شيء، فبهت الأولاد، ماذا يفعلون بعد هذا العز، ويقابلون الناس ويوفون للفقراء بعد هذه القطيعة والضياع، ويقنعون الناس بأنهم لا يملكون وأين ذهبت الأموال ومن أين جاءت، وهم لا يملكون إلا الأرض وقد منعوا من بيعها أو تأجيرها على الغير أو قسمتها ومن أين لهم الأموال حتى يستثمروا الأرض، أو يبنوها؟ لكنهم اهتدوا إلى أن يزرعوها بأقل ما يملكون، و قاموا بالفعل بزرعها، فأينعت الأرض بالمزروعات والأشجار لكنها ماتت فأعادوا زرعها فنمت وأثمرت، لكن المزروعات ذبلت وصغرت وماتت و أحاط بهم الفقراء من أهل بلدهم لمساعدتهم كما كانت عادتهم في أثناء حياة والدهم فأصاب الأولاد الإحباط والإرباك ووقفوا واجمين وخرست ألسنتهم عن الكلام، فهم لا يستطيعون توفير قوتهم، فكيف بهم والناس!

ووعدوا الفقراء خيراً وهم لا يملكون، ثم عاد الأولاد يبحثون عن الثروة، وأين ذهبت الأموال ومن أين أتت، وهل سلبها منهم أحد، أم أنها لا تزال محفوظة في مأمن، ولكن أين هي ومن الذي يساعدهم على تقلبات الزمن، وما السر من عدم بيع الأرض أو تأجيرها على الغير أو قسمتها واستقلال كل واحد بنصيبه، ولو خالفوا الوصية ماذا يحّل بهم، وهل هو الدمار كما وعدهم والدهم، أو يحل بهم أعظم مما أصابهم؟ إنهم يحتاجون إلى كشف الأسرار، ولكن من القادر على ذلك، وكيف الوصول إلى الحقيقة؟

قال أصغر الأولاد رأيت والدي يكثر من قراءة دعاء في صباح كل يوم، وإنه يضع في الكتاب ورقة كعلامة، لكنني وجدته بعد قراءة الدعاء يمسك بالقلم ويكتب فيها ، واستحييت أن أسأله ماذا يكتب أو أراقبه في الكتابة، وإن صدق الظن، فإنه يكتب وصيته بعد الموت، وقام الورثة وأحضروا هذا الكتاب من مكتبته وإذا فيه وصيته دون أن تستكمل، فقد فاجأه الموت قبل استكمالها، لكنها تتحدث في الشق المكتوب عن أسرار الأرض وكيف آلت إليه، فقد جاء في الوصية لأولاده: «إن هذه الأرض قد ورثها من والده المرحوم وهي بحالتها، وأوصاه بعدم بيعها أو تأجيرها، وأن يوصي لورثته من بعده بعدم فرز أنصبة لهم، بل يبقوا على الشيوع لأن أصل هذه الأرض مغصوبة من أيتام وإن الغاصب هو رجل طاغٍ باغٍ غادر مستأثر قد ملأ قلبه الحسد والحقد الدفين الذي يضمره لكل أهل هذا البلد وقد كان لهذا الظالم سلطة وعنفوان وبطش وكان الغصب عنوانه لا يردعه عرف ولا يوقفه قانون حتى الأعراض هينة بيديه فقد طمع فيها فطرد الأيتام واستباحها لنفسه فخرج الأيتام من الأرض يبكون، ودخلوا مسجداً ظلوا طوال ليلتهم يبكون ويرفعون أكفهم إلى السماء ويشكون، فانتقم الله من الظالم، وابتلاه في حياته وأماته، فبيعت الأرض على شخص، ولم يتنعم فيها فباعها على آخر، وهذا الأخير باعها إلى والدي ووصلت إليه أخبار من أهل البلد بأن هذه الأرض مغصوبة من أيتام فبحث عن أسماء هؤلاء الأيتام إلا أنه لم يتوصل إلى معرفتهم لمضي عشرات السنين، إلا أنه أخذ يحقق ويدقق في الأمر وإلى الآن لم يتوصل إلى معرفة، لذلك أوصي ورثتي من بعدي بعدم بيعها أو تأجيرها أو قسمتها أو بنائها أو زرعها، بل هي أمانة حتى تتوصلوا إلى أسماء ذريات الأيتام فتسلموها إليهم طوعاً وبدون مقابل، وإن قمتم ببنائها أو زراعتها فإن البناء لا يبقى والزرع يموت، وإن بعتموها ندمتم وهلكتم لأنه مال مغصوب ومآل الأمر لابد أن يرجع الحق إلى أصحابه، وخلاف وصيته يخشى على ورثته بعده) فأدرك الورثة سبب هذا المنع وموت الزرع، وبهذا اكتشفوا سر هذه الأرض، و لكن يبقى السر الآخر هو من أين له المال وأين ذهب، وهو لغز محير لم يفك طلسمه إلى الآن، و ضروري كشف هذا السر المحير، وبينما هم في حيرتهم يتحدثون، و إذا بطارق على الباب، فخرج الأولاد جميعهم لمعرفة الطارق فوجدوه رجلاً، طويل القامة أبيض اللون، كبير السن، و في يده حقيبة صغيرة، فما أن رآهم مد يديه واحتضنهم الأول تلو الآخر، وهو يبكي بدموع غزيرة ويقول: (علمت من وسائل الإعلام بنبأ وفاة والدكم جواد رحمه الله، وأمد في عمركم وجعلكم الخلف الصالح لخير سلف) قال له أولاد جواد: كيف عرفتنا واستدليت على بيتنا، ومن أين أتيت وماذا تريد؟) قال الرجل (هذه المرة الثالثة أدخل هذا البيت مرة في حياة جدكم والثانية في حياة أبيكم وهذه الثالثة ووجه جدكم شبيه بوجه أبيكم وأنتم والسلف متشابهون، فأدركت أنكم أولاد المرحوم وأحفاد والده، وأنا من بلاد نائية كان جدكم وأبوكم يترددان علي في الزيارة، ولدي أخبار فدعوني أدخل».

دخل الرجل الكبير السن ومعه الورثة، فقال (أريد شهادة وفاة وفريضة شرعية لأستطيع التحدث معكم بالأسرار، فأجابوه لطلبه وجلس الأولاد الثلاثة ومع أختين لهم فقال: ( اعلموا يا أولادي، أن جدكم قد كلفني أن أجمع الديون التي على الناس إليه، وقد مضى وقت طويل يعد بالسنين، و ما أن حضرت إليه بالأموال إلا بعد أن فارق الحياة، فوضعتها في يد والدكم لأنه هو الوارث الوحيد، فطلب أن أساعده باستثمار هذه الأموال فقلت له ضعها في بنوك استثمارية فوافق ووضع أمواله) فقال أحد الورثة (وأين هي؟) قال له الرجل (لا تقاطعني في كلامي حتى انتهي) فواصل الرجل حديثه قائلاً (و لمعرفة جدكم عند عامة الناس وأن ابنه الوحيد هو والدكم ، جاءوا إليه يطلبون منه المساعدة والقروض، فكان يستلم الفائض من الاستثمار لدى البنوك ويقرضهم على آجال، ثم أوكلني بجمع الديون لثقته بي فأخذت أجمع الديون، وهو يأتي بين آنٍ وآخر ليأخذ ما استلمته من الديون ويضيف إليها الفائض من الاستثمارات لدى البنوك، و يقوم بمشاريع في بلدكم، قروض حسنة، و بناء منازل للفقراء ومساجد وأعمال الخير الأخرى، لكنه انقطع عني منذ سنة و لما علم المدينون بوفاته أسرعوا بتأدية ديونهم إرضاء للضمير، وخوفاً من رب العالمين أن يحل بهم مكروه، وهي الآن في حوالات متعددة و لكن باسم والدكم أسلمكم إياها الآن، واثبتوا لدى المصارف شهادة الوفاة والفريضة أنكم الورثة من بعده فستصرف لكم، فقال أحد الورثة: وما حال أموال والدنا لدى البنوك الاستثمارية وكم هي؟ قال الرجل ( دعني أكمل حديثي) فقال المتكلم لك ذلك وبارك الله فيك من رجل أمين وأجزل الله لك في ميزان حسناتك، ثم أن الرجل واصل الحديث فقال ( الأموال أدخلها والدكم في البنوك الاستثمارية لدى بلدنا وباسمه، لكنني أدلكم على البنوك ولا أعرف أرقام الحسابات ولا المبالغ، فأسرعوا في تحصيلها واستعينوا بالله، فقال الورثة (الأموال في بنوك بلدك، و نحن صغار، لا يتجاوز الكبير منا تسعة عشر سنة، ولا نعرف الإجراءات، لذا فإننا نثق فيك ونوكلك في استحصال هذه الأموال و إرجاعها إلينا لنستثمرها في بلدنا) قال الرجل ( لكن هذا مخالف للشرع والقانون أن أوكل عن قصر وأنا غريب عنهم فالجأوا إلى إدارة أموال القاصرين في بلدكم وسأتعاون معهم وأدلهم، والآن لدي مليون دينار جمعتها وهي الديون التي لوالدكم من كل الناس في حوالات بنكية، فنادوا أمكم لتأخذها معكم وتصرفوا فيها باستلامها من البنوك أو إدارة أموال القاصرين التي ترعى حقوقكم إذا كان ذلك مطبق في قانون بلدكم، فاستلم الورثة من الرجل الحوالات البنكية، وشكروا له صنيعه وقالوا: أنت والدنا ومؤيدنا وكاشف الأسرار لنا، فإذا ذهبت زرنا ولا تنسنا حتى لا تنقطع الصلة بيننا فقال: (أنتم أولادي وأنا طاعن في السن، فإذا ذهبت عنكم زوروني، لتقوى الرابطة والمحبة) ثم استأذنهم وودعهم وقد غمرتهم الفرحة وشكروا الله تعالى على هذه النعمة بعد أن اكتشفوا هذه الأسرار الخفية.

عبدالله محمد الفردان


شعـبـيّات العـيـســى

 

زهيريّة العيسى

شَكْواكْ يا صاحِبِي هِي شَكْوِتِي وَأْمْرِي

مِنْ خِلِّة يا عَلِي ما هَمُّهُــمْ أَمْــرِي

أَمْرْ اِلْقَدَرْ مـا سِمَعْ لَمْــرُكْ وَلا أَمْرِي

شِـدْ اِلْظَعَنْ صُوْبُهُمْ يَلِّي تِرِيْدْ اِلْــراي

وِاْعْرِفْ سِبَبْ هَجْرُهُمْ يِمْكِنْ خَطَأ بِالراي

إِلْشُوْرْ شُوْرْ اِلأبُوْ مِنِّهْ اَلأمُــرْ وُالراي

حِجَّـةْ اِلْغايِبْ مَعَهْ خِـذْ عِبْرِةٍ بَأمْـرِي

أبوذيّة العيسى

لا خَطٍ لِي لِفى مِنِّــكْ وَلا راكْ

رُوَتْ لِنْخِيْلْ بِدْمُوْعِــي وَلا راكْ

سِبَبْ هَجْرِكْ كِرَهْتْ إِنْسِي وُلا اراكْ

رِجِيْـتْ الله يِــرِدْ خِلِّي عَلَيِّــهْ

ثنائيّات العيسى

حَبِيْبِي مِـنْ تِمُرْ قَلْبِي يِفِـزْ لَكْ

وُعِيْنِي ما رَأَتْ يا زِيْــنْ مِثْلَكْ

آحِنْ وَأشْتاقْ لِي مِنْ غِبْتْ عَنِّي

وَآصَبِّرْ خاطِرْ إِقْلِيْبِــي لأجْلَكْ

***

حَبِيْبِي يا بَعَدْ أِهْلِي وُناسِي

لِحُبِّي الاوِلي ماني بِناسِي

أَنا وُدِي تِشارِكْنِي وِناسِي

أَنا اتْرَيّا تُمُرْ خاطِرْ عَلَيِّهْ

***

حُبِّي إِنْتِهْ ما أَظِنْ أَعْشَقْ سُواكْ

عِزِّي إِنْتِهْ وُفَرْحِتي ساعَةْ لِقاكْ

يا شِمالي في سَمه صَدْرِي يِهِبْ

تَتْرِسْ إِفّادِي عِشِقْ نَسْمَةْ هَواكْ

***

آحِسْ نَظْراتْ عِيْنِكْ تِشْتِهِيْنِي

وُبَسْماتْ اِلْشِفايِفْ وِاْلْيَدِيْنِـي

وَاحِسْ إِنِّي آبادْلِكْ كِلْ شُعُوْرِكْ

وآحِسْ إِنِّي آبِيْكْ وِاْنْتِهْ تَبِيْنِي

غنائيّات العيسى

راحِتِي في نَظْرِتِــي لَكْ

وُنَظْرِتِكْ لي أَحْلَى راحَهْ

وُفَرْحِتِي لَمّا اْنْتِلاكَـــهْ

وُنِتْكَلَّـمْ بِالصَراحَـــهْ

لَما أَشُوْفُكْ قَلْبِي يِفْــرَحْ

وُعِيْنِي دايِـــمْ تِتْبِعِكْ

وَنْسى نَفْسِي فِيْكْ وَاْسْرَحْ

لَمّا عِيْنِـــي تْوَدِعِـكْ

مُضَتْ أَيّــامْ وُلَيالـي

وَانا عَالْحالِهْ مَعــاكْ

إِنْت ما تَدْرِي بِحالــي

وَنا ماخِذْني هَــواكْ

وِدِّي آشْرَحْ لَكْ شُعُوْرِي

وِشْكِثُرْ قَلْبِي يِحِبُّــكْ

بَسْ يِمْنَعْنِي غُــرُوْرِي

وُعِزِّتِي بْنَفْسِي بِقُرْبُكْ

خليفه العيسى


القمر والقدر

 

مرثية مهداة لعبدعلي محمد المتوفى بتاريخ 12 يونيو/ حزيران 2010

كل عــام يخطــف المــوت قمــر

كالشمس عند المغيب والدرك حين يحل

اسرع طيف مرني طيف الاهل

وانا في وحدتي كالرجل العطشان والماء ضحل

كالطير في موسم الهجرة قد تاه المحل

وكل عام نقتفي مفقوداً والفرح وجل

حزناً على حزنِ في روحنا كاد يذل

الا رحمة الباري لمن لاقى الاجل

والولد الصالح كالسنا نوراً يظل

يدنو الموت كأن للعمر بدل!

برحمة الرب تعزز الذكرى لما أفل

يزداد شوق السنين ولا يقل

و الشوق للحزن مثل

يرتادنا كما القمر يزورنا بأي وقت وشكل

بأي شكل قد يمــــر

في كــل يــــوم أو سحر

لا ننسى عزيزنا ولا ينسانا القدر

والموت تكراراً لذي القربى

يصب علينا كالنهر

ونذكر الرب الرحيم اذا الموت حضر

إنه فعــل عزيـــز مقتدر

وهو قضاء و قدر

كل عــام يخطــف المــوت قمــر ..

غفران محسن


علي (ع) أمير الفصاحة والبلاغة

 

تشهد الساحة الإسلامية على امتداد التاريخ في اليوم الثالث عشر من شهر رجب الحرام، ذكرى وليد الكعبة المشرفة عميد الطالبين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) الذي نقرأ في سيرته المباركة طهارة قلبه وصفاء بصيرته وعدالته الاجتماعية وأطروحاته الفكرية والثقافية وأخلاقه الفاضلة وبطولاته الخالدة في الحرب والسلام.

شارك مع ابن عمه ورفيق دربه الرسول الكريم (ص) في مسيرة العمل الجهادي والإصلاح السياسي في الحفاظ على مستقبل الدعوة الإسلامية نتيجة تتعدد لغة الثقافات الجاهلية، دشن من خلال ذلك الرسول الكريم (ص) حضارة إسلامية خالدة من أفضل وأرقى الحضارات التي عرفتها الحياة البشرية.

فيما جسد الإمام علي (ع) الحاكمية السياسية والأمامية الإلهية ليمارس دوره الطبيعي في هداية الأمة وإرشادها وإصلاحها وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في قوله تعالى «إنما أنت منذر ولكل قوم هاد» (الرعد: آية 7 ) جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) «أنا المنذر وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون».

في الملف السياسي والعسكري أجرى الإمام علي (ع) خلال فترة خلافته الشرعية تغيرات جذرية في جهاز الدولة مما أدى إلى رفع شعارات سياسية مفتعلة من جماعة ذات شهوات مادية، وحركات انفصالية أموية ظالمه من أجل تهميش قيادته الإصلاحية، مع أن الإمام علي (ع) في كل الظروف السياسية التي عاشها طوال حياته يملك كل المقومات في الدفاع عن شرعيته ولكن رأى من واجب المصلحة العامة للإسلام والمسلمين التسامح والعفو والتعايش السلمي مع جبهة المعارضة. في الحقل الاجتماعي حرص الإمام علي (ع) على تفعيل آلية العدالة الاجتماعية وإصلاح الحياة الاقتصادية في مسارها الحقيقي وكسر الفوارق الطبقية والمساواة في العطاء بين أفراد المجتمع ولو كان ذا قربى.

جاءه أخوه عقيل يوماً ليطلب زيادة في العطاء نظراً لظروفه المعيشية، فما كان من الإمام إلا أن أحمى إليه حديدة وأدناها منه ففزع عقيل ثم وعظه قائلاً: «يا عقيل ثكلتك الثواكل أتئنُّ من حديدة أحمأها إنسان للعبه وتجرُّني إلى نار سجّرها جبّار لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئنُّ من لظى. والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت، ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيُّر الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة ما لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع».

كلمات صادقة ترسم وثيقة تاريخية مهمة تجسد مثال للعدالة الإنسانية في حكومة الإمام علي (ع) تستحق أن تتعامل بها كل الأنظمة السياسية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان فالعدل يقود المجتمعات الإنسانية إلى حياة كريمة وعزة وعلاقة مودة بين الحاكم والرعية.

في المرجعية العلمية أعطى الإمام علي (ع) تراثاً فكرياً عكس واقعاً إيجابياً على الساحة الإسلامية تمثل في كتابه نهج البلاغة الموسوعة الخالدة الذي أشرف على جمع خطبه الشريفة الرضي (توفي 381 هـ) يحتوي على خطبه السياسية والتربوية والتاريخية بالإضافة إلى ذلك رسائله التي يبعثها إلى ولاته على الأقاليم الإسلامية يحثهم على عظمة المسئولية الإدارية والمالية، ولأهميته العلمية تشرف عدد كبير من العلماء بشرح خطبه على اختلاف المذاهب الإسلامية وأخص بذكر العالمين الجليلين الشيخ كمال الدين ميثم فيلسوف البحرين (توفي 679 هـ)، وابن أبي الحديد المعتزلي (توفي سنة 656 هـ).

في السلطة القضائية وبشهادة الرسول (ص) قال في حقه: «أقضاكم علي».

حيث شهدت الساحة الإسلامية في عصر الصحابة (رض) مرافعات قضائية تمثلت في خصومات ومنازعات كان أجلة الصحابة (رض) يرجعون إليه في أخذ أحكامها القضائية والفقهية.

في ظل الثقافة والأدب العربي الإسلامي والثقافة المسيحية هناك تاريخ مشترك تفاعل بمصداقية مع حياة الإمام علي (ع) عبر مؤلفاته الأدبية والشعر.

فقد كتب الأديب المصري عباس العقاد في كتابه عبقرية الإمام علي (ع) قائلاً: «ولد الإمام علي في الكعبة الشريفة إيذاناً بعهد جديد للعبادة، وتربى في بيت النبوة التي خرجت منها الدعوة الإسلامية».

فيما سطر عمالقة الفكر المسيحي في الشعر والأدب مؤلفات كثيرة تناولت شخصيته الكريمة وأخص بذكر الكاتب اللبناني – بولس سلامة – في ملحمته التاريخية قائلاً «فعلي هو بطل بدر وأحد وخيبر وحنين وهو المنتصر في يوم الجمل وصفين ونهروان وأعجب من بطولاته الجسدية بطولاته النفسية فلم يرَ أصبر على المكار هذا، كانت حياته موصولة الآلام منذ فتح عينيه على النور في الكعبة حتى أغمضها مع الحق في مسجد الكوفة».

وبالتالي تبقى سيرة عظمة الإمام علي (ع) المنهجية الرسالية الخالدة يسير على هديها كل الشرفاء والمحبين فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

أحمد حسن الغريب


مكافحة المخدرات(1)

 

بمناسبة اليوم العالمي للمخدرات الذي يوافق 26 يونيو/ حزيران من كل عام، وضمن خطة وزارة الداخلية لمكافحة المخدرات، فإن عمود الثقافة الأمنية سيولي موضوع المخدرات الاهتمام من خلال عدة مقالات متتالية تمتاز بالبساطة ؛ لتنمية الوعي لدى المواطنين والمقيمين بخطورة مشكلة تعاطي المخدرات.

تعاطي المخدرات مشكلة عالمية، تعاني منها جميع الدول بصور مختلفة، وهي من الموضوعات القليلة التي تجتمع الآراء حول شدة خطورتها، وهي من الأمور المتفق على تأثيرها السلبي على الجميع، فعلى الرغم من اختلاف الأديان والأوطان والملل والعقائد والطوائف والأحزاب إلا أن الجميع يتحد ضد هذه الآفة، بل إن مكافحتها واجب ديني وأخلاقي ووطني، ولا يتوقف الأمر على المكافحة فقط وإنما ينبغي أيضًا الإرشاد عن المعلومات التي تفيد في وقف انتشار المخدرات، وموضوع اليوم سيخاطب أولياء الأمور والأسر المختلفة ليتمكنوا من اكتشاف المشكلة -لا قدر الله- قبل تفاقمها لدى أبنائهم أو إخوانهم أو أخواتهم، فتعاطي المخدر ينتهي غالبًا إلى إدمانه و إدمانه يهدد ضحاياه المباشرين وغير المباشرين بأخطار فادحة، فالمخدر يُتلف تدريجيًا مداركهم وينتهي بعدد كبير منهم إلى الجنون أو الانتحار أو السجن.

وهناك دلائل تشير إلى التعاطي، و الواقع يقر أن تعاطي المخدرات يحدث أسوأ الأثر في المدمن فتراه عصبي المزاج لا يتحمل الضغط العصبي الناتج من المشاكل الحياتية، ويميل للانزواء والتقوقع وقد ينهار عاطفيًا، ويفقد الإحساس بالمسئولية الاجتماعية أو العائلية أو الزوجية، كما أكدت جميع الدراسات العلمية أن المتعاطي يتميز بضعف الإرادة والميل إلى اللامبالاة ويبتعد عن الدراسة ويكره العلم والعمل، فضلاً عن أن ولي الأمر يمكن أن يلاحظ تدهور صحة ابنه و قد يتأخر بعض أولياء الأمور في اكتشاف هذه الأمور الخطيرة وبالتالي يتحول الشخص من متعاطٍ إلى مدمن يصعب علاجه، فالإدمان هو الخراب والدمار ولذا ننبه أولياء الأمور إلى ضرورة ملاحظة وجود آثار تدل على الإدمان وهي اضمحلال جسم المدمن وشحوب وجهه وتغير في طريقة مشيته وضعف أعصابه، والمدمن يستنفذ مصروفه اليومي أو الأسبوعي بشكل سريع أما في مرحلة متأخرة من الإدمان فإن المدمن يلجأ إلى ارتكاب جرائم جنائية يعاقب عليها القانون بعقوبات شديدة دون أدنى إرادة لأن المدمن هدفه هو شراء المخدر سواء حصل على المال بالسرقة أو الاحتيال أو النشل أو بأية طريقة أخرى.

ويمكن لولي الأمر أن يتعرف على بعض العلامات التي تشير إلى درجة الإدمان وتشير أيضًا إلى الفترة الزمنية للتعاطي وهذه الدلائل تتراوح من بسيطة إلى خطيرة وهي احمرار العين باستمرار والتعرق في الجو البارد و سرعة الإحساس بالتعب و الإرهاق و الابتعاد عن الألعاب الرياضية رغم تعلقه بهذه الألعاب، و السهر ليلاً خارج المنزل، و مرافقة المدمنين، و الإهمال المتزايد في جميع الأنشطة، وإن رأى ولي الأمر ظهور بعض من هذه الدلائل فعليه أن يعرض المدمن على المختصين و أن يسرع ويحسن التصرف فالوقاية خير من العلاج ومراقبة الأبناء تصرف سليم وعدم الثقة الزائدة مطلوب، وتفتيش دولاب الابن بين فترة وأخرى مطلوب، وعلى الأم التأكد من ثياب ابنها بين فترة وأخرى سواء في المدرسة أو في الجامعة، لنتقي شر المخدرات .

وزارة الداخلية

العدد 2850 - الجمعة 25 يونيو 2010م الموافق 12 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:04 ص

      عبير الورد

      السلام عليك ياسيدي ومولاي يا ابا الحسنين
      وجهت سلامي اليك والى الارواح الحافة بقبرك الشريف
      السلام عليك يامن ردت له الشمس بعد غروبها
      اسالك ياربي بحقه الشريف ومكانته عندك ان تشافي كل مريض
      وان تغني كل فقير
      وان ترد كل غائب
      وان ترزق كل من يطلب الذريه الصالحه
      وان يرزقك اخاك ياستراويه
      ويفرح نظرته
      ومتباركين بمولد حيدرة الكرار

    • سترة نور العين | 6:00 ص

      متباركين بالمولد يا مؤمنين

      السلام عليك سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين يا ابا الحسن والحسين
      الله يعود الجميع على هذه الأيام بخير وعافية
      اللهم بحق هذا اليوم المبارك ميلاد أبن عم الرسول ((ص)) أن تشافي كل مريض وتفرج عن جميع المعتقلين وترحم الموتى وترزق كل من يطلب منك الذرية الصالحة دعواتكم لأخي بأن الله يرزقة مع جميع المؤمنين

    • زائر 5 | 5:56 ص

      سنابسي

      يابن الفردان المثل (رجل كألف وألف كرجل)والسلام على عليٍّ في الأولين والسلام على عليٍّ في الآخرين ياسيدي ومولاي يا وليد حرم الله الآمن ويا مطهر محل ولادته ..براً وعرفاناً ..

    • زهرة الاشواق | 5:13 ص

      علي قسيم الجنة والنار

      السلام عليك يا ابا الحسنين...والله استبشرت قلوب الشيعه بذكرى ولادتك ايها الامير...
      علي اسم يمشي بشرايني مع الدم ...علي من انادي باسمه اشوفه لجروحي بلسم...علي الهوا اللي اشمه شم...علي يمن شوفة قبته تريحني من الهم...

      علي وما ادراك ما علي ؟قسيم الجنة والنار ...والحق معه وهو مع الحق...حلال المشاكل ...ولو نعدد ما نحصي فضائلك يا امير المؤمنين...
      متباركين ياشيعة علي بالمولد واعادنا الله واياكم ...

    • زائر 4 | 4:59 ص

      سلاما مني اليك يا ابا الحسنين

      تبقى سيرة عظمة الإمام علي (ع) المنهجية الرسالية الخالدة يسير على هديها كل الشرفاء والمحبين فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

    • زائر 3 | 4:24 ص

      نهبئ الأمة الإسلامية

      السلامُ عليك يا مولاي و أميري إمامي علي "ع"

    • زائر 1 | 2:43 ص

      سلام عليك

      السلام عليك يا مولاي يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا

اقرأ ايضاً