العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ

الخيارات المتاحة لدول الخليج للتغلب على مشكلة المناخ

إنتاج الغذاء في بلدان أخرى وانتهاج سياسات مرنة تحافظ على الماء

تواجه التنمية الزراعية في منطقة الخليج العربي تحديات عديدة تتمثل في شح المياه الصالحة للري وتدهور نوعيتها مع قلة الأراضي الصالحة للزراعة وتدني خصوبتها مما يتطلب استعمالاً مكثفاً للأسمدة, وتؤدي تلك العوامل إلى ضعف مساهمة هذا القطاع في الدخل القومي والتي لا تتعدى نسبة 1- 4 في المئة.

كما إن المناخ القاسي الذي يسود منطقة الخليج العربي يؤدي، حسب تأكيدات خبير عربي في مجال الأمن الغذائي، إلى قصر الموسم الزراعي وحصر الإنتاج في فترات محددة. وكل ذلك يؤدي إلى تقليل الربحية وعزوف الشباب الخليجي عن مهنة الزراعة وتحول القطاع بأكمله من قطاع متنامٍ إلى قطاع منكمش ويعانى من التهميش.

ويقول هذا الخبير إن القطاع الزراعي هو المستهلك الأكبر للمياه, إذ يبلغ استهلاكه في المتوسط نسبة 80 في المئة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي, وعليه فإن أي تحول في نمط استهلاك الماء بسبب زيادة السكان أو النمو الصناعي والمدني سيكون خصماً من حصته في المياه.

ويضيف أن الآثار الناجمة بسبب تغير المناخ على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي قد تكون كبيرة جداً، فالكثير من المحاصيل تزرع الآن تحت ظروف الجهاد الحراري والمائي وفى أراضٍ متأثرة بالملوحة إلى درجة كبيرة. إذن فإن ارتفاع درجات الحرارة قد يسبب تدنياً كبيراً في الإنتاجية وتدهور نوعيتها وتحولاً عن مناطق الإنتاج التقليدية. وقد يسبب ذلك زيادة معدلات التبخر, وتدهور الموارد الوراثية, وزيادة في الآفات الحشرية التي قد تصير أكثر شراسة وانتشاراً في المنطقة مما يتطلب استعمالاً أكثر للمبيدات الضارة بالبيئة.

وفي المقابل فإن زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون سيزيد من الإنتاجية ومن كفاءة استخدام الماء إلا إن هذه الزيادة ليست كافية لمعادلة النقص الناشئ بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وتقترح الكثير من النماذج الرياضية التي وضعتها الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ انخفاض الإنتاج الزراعي خصوصاً في البلاد الأكثر فقراً والأقل قدرة على التكيف.

وتشمل آليات التكيف تحسين طرق الري وذلك بالتحول إلى طرق أكثر كفاءة مثل الري بالتنقيط (بدلاً من الري السطحي الذي يهدر المياه) وزيادة الكثافة الزراعية في المناطق المزروعة أصلاً مع استعمال أصناف ذات إنتاجية عالية ومقاومة للإجهاد بأنواعه مع التوسع في نظم زراعية حديثة. إذ أثبتت الزراعة بدون تربة جدواها الاقتصادية في العديد من دول العالم الجافة وتتناسب مع ظروف منطقة الخليج بسبب قضائها على الكثير من معوقات الزراعة (المياه والمناخ والأراضي وضعف التربة)، ويمثل هذا الخيار أحد الحلول المطروحة لحل المشكلة حلاً جذرياً غير تقليدي لبعض المحاصيل.

كما يوضح الخبير العربي أن هذا النوع من الزراعة ليس خالياً من المعوقات والمشاكل، فعلى الرغم من أن هذه التقنيات الزراعية تتميز بالإنتاجية المرتفعة لوحدة الماء والمساحة، والاستخدام الفعال للمياه والأسمدة، واستخدام مساحات زراعية أقل، وإمكانية الإنتاج في أراضٍ غير قابلة للزراعة، وإمكانية إنتاج بعض المحاصيل الزراعية في غير مواسمها، إلا أن هذه التقنيات تتسم أيضاً بتكاليف إنشائية عالية وتكاليف طاقة عالية نسبياً مقارنة بالمشاريع الزراعية التقليدية، وتحتاج إلى إدارة وقوى بشرية ماهرة ومدربة لضمان نجاح هذه المشروعات، وهي مختلفة عن العمالة السائدة حالياً في المنطقة وهي أمية وغير ماهرة وأغلبها أجنبية. كما أن التوسع في استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثياً يساهم في تقليل الضغط على الموارد المائية الشحيحة.

أحدثت بعض دول الخليج العربي تغيرات جذرية على سياساتها الزراعية بالتحول من محاولات الاكتفاء الذاتي إلى سياسات أكثر مرونة تعتمد على الاستثمار الزراعي في بلدان تتوفر فيها الأرض والماء ونقلت ذلك الإنتاج من تلك البلدان للداخل بدلاً من الشراء من السوق العالمي والتعرض لتقلبات الأسواق.

العدد 2854 - الثلثاء 29 يونيو 2010م الموافق 16 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً