العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ

في شأن الاعتذار... من جديد

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

يرى مراقبون دوليون أن هذا العام سيكون عام المصالحات الوطنية في أكثر من قطر عربي، فالمغرب بدأ قبل أسبوعين تقريبا باستعراض عدد من شهادات من انتهكت حقوقهم، وذلك في محاولة لإطفاء جمر متوقد في قلوب من ديست كرامتهم، وامتهنت علاقاتهم بأنفسهم وعلاقاتهم بالمجتمع والدولة، بل والحياة أحيانا.

وفي الجزائر، تعد العدة لمصالحة وطنية كبرى بعد أكثر من عقد من الزمان على إلغاء نتائج الانتخابات العامة التي فاز بها الإسلاميون، والتي جرت البلاد بعد ذلك إلى مذابح لم تشهدها حتى أيام التحرر من الاستعمار الفرنسي، فقتل في هذا العقد نحو 150 ألف شخص، وهو ما لم يقتل إبان قرن من الاستعمار. وبعد أن سالت دماء كثيرة من المتشددين والجيش والشرطة والأهالي واختلطت الملفات، يبدو أن الأمر صار أبعد من أن يعاد إلى أصله ويلقى اللوم على جهة ما في إطلاق الرصاصة الأولى، أو جز الرقبة الأولى، وبالتالي، فلابد من دفن هذه الملفات معا حتى يبدأ الناس العيش في جو يؤمن لهم الحدود الدنيا المطلوبة من الكرامة حتى تستمر الحياة، ولن يكون ذلك إلا بمصالحة وطنية، وباعتذار جميع الأطراف عما ارتكبته.

بالأمس فقط، اعتذر مصرف أميركي عريق عن ضلوعه في التعامل مع الرقيق في القرن التاسع عشر، وذلك بعد أن وظف عشرة مؤرخين يفحصون سجلاته لمدة ستة أشهر. وفي حين لم يكن هناك من يطالب المصرف بالاعتذار، إلا أن ضميره المثقل بالخطيئة لم يسمح له بالاستمرار إلا بعد أن يقول الحقيقة، لينطلق في أعماله من جديد كمن يتطهر من الدنس والخطايا.

الاعتذار لن يرجع ضحية، ويرقئ دمعة، فقد ينسى الصافع صفعته، ولكن هيهات أن ينسى حرارتها المصفوع، إلا أن الاعتذار - بحده الأدنى - يعيد بعضا من الاعتبار للأطراف المتضررة، على أن يكون هناك توافق وطني بأن الاعتذار "خاتمة الأحزان"، وفاتحا لطريق جديد أمام مواطنين تخلصوا مما يثقلهم من ذنوب ارتكبوها في حق أبناء عمومتهم، ومواطنين تخلصوا من إحساسهم بالغبن والإهانة

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً