العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ

"بنك العطاء"

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأفكار المبدعة تبدأ صغيرة، وتأخذ بالنمو والازدهار مع الوقت حتى تتبلور في مشروعات كبيرة، لتعطي أكلها كالشجرة المثمرة. ومن هذه المشروعات الإبداعية فكرة "بنك الدم الحسيني"، الذي بدأ في البحرين قبل سنوات، بحملة واحدة، وإذا كان المشهور أن هذه الحملات إنما تنظم في موسم عاشوراء، إلا انها بلغت اليوم خمسا وأربعين حملة، موزعة على مدار السنة، تشارك فيها المآتم والحسينيات والصناديق الخيرية أيضا، وهو ما أدى إلى تزويد وزارة الصحة بجزء كبير من احتياجاتها من الدم، وخصوصا في شهري محرم وصفر. بل إن وزارة الصحة توقفت عن تسلم المزيد من الدم المتبرع به في ليلة العاشر من المحرم، بعد الحصول على أكثر من خمسمئة كيس دم، نظرا لعدم وجود أماكن للتخزين.

وللأمانة التاريخية، ولينسب الفضل لأهله، يجب القول أن الفكرة جاءتنا من جمهورية باكستان الإسلامية، إذ أنشئ قبل سنوات "بنك الدم الحسيني"، وكان تجربة ناجحة بمعنى الكلمة، والدليل انها أدت إلى فكرة ريادية أخرى، إذ تم إنشاء مستشفى خاص لأمراض الدم. وهذا البنك متخصص في العطاء، على خلاف البنوك الأخرى التي تأخذ منك أكثر مما تعطيك، وتقرضك مالا وتقرض لحمك أيضا!

من الجانب الآخر، انتقلت الفكرة من البحرين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك إلى جمهورية إيران الإسلامية، التي أخذت بمناقشة الفكرة. ولأن الفكرة الإبداعية الحية لا تنحصر في حدودها الجغرافية، فإنها أخذت أبعادا أخرى، إذ وصلت إلى الجزر البريطانية على المحيط الأطلسي، وعندما أخذت سبيلها للتنفيذ أثنى عليها مجلس اللوردات البريطاني، لأنها كانت فكرة "أممية" بمعنى الكلمة.

حتى هنا في البحرين، ومن العام الماضي، عندما وصلت الفكرة بعض الأجانب الآسيويين والأوروبيين وغير الأوروبيين، شاركوا في حملة التبرع بالدم، بعد أن تبين لهم عظمة أهداف الحسين "ع" التي تنظم كل هذه الفعاليات "الإنسانية" باسمه.

ومن أجمل ما في هذه الحركة المباركة التي تستلهم روح وأهداف الحسين، انها تقدم خدماتها لجميع المرضى من دون تمييز أو تفرقة بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.

وفي الوقت الذي تتكرر في مثل هذا الموسم كلمات من قبيل "الحسين ليس خاصا بطائفة أو دين، وإنما للإنسانية كلها"، من دون أن يكون لها تلك الظلال القوية على أرض الواقع، فإن مثل هذه الفعاليات الإنسانية الروح، الأممية الطابع، العقلانية الاتجاه، لهي خير تعبير وأفضل ترجمة لأهداف الحسين في ثورته الإنسانية الكبرى

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً