العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ

آراء سورية في آثار اغتيال رفيق الحريري على سورية ولبنان

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

ترسم عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ظلالا سوداء في سماء العلاقات السورية - اللبنانية، بل ان هذه الظلال تمد وجودها الى ما هو أبعد من علاقات البلدين لتترك آثارها واحتمالاتها على سورية وعلى الأوضاع العامة في المنطقة كلها إذ تضعها امام احتمالات دراماتيكية.

"الوسط" في دمشق، توقفت مع ثلاثة من الكتاب السوريين وسألتهم عن آثار اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، وكانت أجوبتهم الآتية:

حسين العودات "اعلامي": ستفرض تنازلات على سورية

خلطت عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري الأوراق ليس في لبنان فحسب بل أيضا في سورية وفي المنطقة، ويصعب على أي مراقب أن يتكهن بالمستقبل وخصوصا بعد أن أعطت حادثة الاغتيال الفرصة للولايات المتحدة لتزيد ضغوطها على سورية وتوظفها في حل بعض مصاعبها في العراق وربما في المنطقة كلها، وصارت وسيلة تساعدها على تحقيق مشروعاتها الشرق أوسطية.

لاشك أن السلطة السورية وقعت في إرباك حقيقي بسبب عملية الاغتيال، فالمعارضة اللبنانية توسعت عددا وفئات حتى كادت تشمل معظم جوانب الطيف السياسي اللبناني، كما رفعت سقف مطالبها، فقد كانت المعارضة اللبنانية تطالب قبل عملية الاغتيال بتطبيق اتفاق الطائف وتجميع القوات السورية في البقاع ثم الاتفاق على مراحل انسحابها بين الحكومتين إضافة إلى عدم التدخل الأمني في الشئون السياسية اللبنانية الداخلية، إلا أن هذه المعارضة تطالب الآن بالانسحاب الفوري للقوات السورية من لبنان والتطبيق الحازم لقرار مجلس الأمن 1559 وتتهم السلطة السورية بأنها مسئولة مع السلطة اللبنانية عن عملية الاغتيال، وهي بدورها استغلت الفرصة لإضعاف الحكومة اللبنانية والدور السوري وتقوية نفوذها في الانتخابات النيابية المقبلة. لكن يبقى السؤال المهم يدور حول العلاقات السورية اللبنانية المقبلة. وفي هذا لاشك أن الوجود السوري في لبنان بصيغته الحالية يعطي سورية أوراق قوة، سواء بسبب وجودها العسكري، ونفوذها داخل السلطة اللبنانية أم في علاقتها مع المقاومة، وستحاول سورية المحافظة على هذه الأوراق وخوض معركة إضعافها في لبنان قبل أن تنتقل إلى سورية، لكن الظروف القائمة بعد اغتيال رفيق الحريري أصبحت غير مواتية، وخصوصا ان الولايات المتحدة وفرنسا والمعارضة اللبنانية تسعى إلى تدويل القضية اللبنانية، وإخراج سورية من اللعبة. من المتوقع أن تعمل سورية على مد خيوط جديدة مع المعارضة اللبنانية، سواء بشكل مباشر أم بطريق حلفائها اللبنانيين ومنها العمل على عقد مؤتمر وطني لبناني يتوصل إلى تسوية كانت دائما عزيزة على قلب اللبنانيين وهي سياسة "لاغالب ولا مغلوب". واذا كانت المعارضة ترفض حتى الآن عقد صلات مع سورية أو مع حلفائها اللبنانيين وتستقوي بالظروف القائمة وبعلاقاتها الدولية، فان سورية لن تخسر أوراقها بسهولة، وقد تعمد الى تقديم ما تعتبره تنازلات، منها جدولة مواعيد انسحاب قواتها العسكرية، والكف عن التدخل في الشئون الداخلية اللبنانية، والعودة إلى العمل تحت الطاولة، ومحاولة عقد اتفاقات شاملة ومتعددة مع السلطة اللبنانية بها شيء من التوافق.

وقد ترفق سورية ذلك مع تقديم تنازلات في أمكنة أخرى للأميركيين في العراق مثلا لحفظ بعض مصالحها في لبنان، ويمكن الاستنتاج على أية حال بأنها خسرت في لبنان من دون شك لكنها لم تلق سلاحها ولديها قدرة على الحفاظ على حد أدنى من مصالحها هناك.

شعبان عبود "صحافي": عمقت الخلافات السورية - اللبنانية

بغض النظر عما ستفضي إليه تداعيات ونتائج اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وبغض النظر عن نتائج التحقيق، إذا جرى مثل هذا التحقيق وخرج المحققون بنتائج، بغض النظر عن كل هذا، يبدو أن مسار العلاقة الثنائية بين سورية ولبنان يسير يوما بعد يوم نحو مزيد من الفصل والتباعد والأزمة، لقد نجح من كانوا وراء عملية اغتيال الحريري في جعل هذه العلاقة تذهب بعيدا نحو مزيد من الأزمة والإرباك بحيث لا يكون مخرج لذلك إلا باتخاذ خطوات عملية تفصل بين البلدين، ليس على مستوى رسمي وحكومي فقط، بل على مستويات شعبية ربما، وهذا أخطر ما في نتائج العملية الإرهابية،. وهذا ما بدأ يلوح وتظهر نتائجه في الشارع اللبناني الذي تأثر في الصميم بالحدث، ولأنه كذلك كان سهلا أن يقع فريسة سهلة أمام خطاب البروباغندا الذي صنعه بعض من الطيف اللبناني المعارض المتطرف بالتواطؤ مع أجهزة إعلام غربية سواء أتى ذلك نتيجة نية مبيتة أو حسن نية، بروباغندا تعتبر أن سورية مسئولة مباشرة عن اغتيال الحريري وكل ما يعانيه لبنان من مشكلات. صحيح أن سورية تتحمل مسئولية أخطائها في لبنان، وصحيح أن بعض أصدقائها يتحملون مسئولية فيما وصل إليه لبنان من أزمة ، إلا أننا يجب أن نعترف أن الجميع وقعوا فريسة سهلة وبدوا كما لو أنهم ضحايا للعملية مثلما هم متهمون، وأعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد خطوات عملية على الأرض قد تفضي إلى انسحاب كبير للقوات السورية من لبنان. ستتم تغطيته والتمهيد له بإقرار واعتراف سوري مباشر بالقرار 1559 ما يعني خطوة سورية جديدة إلى الوراء وانحناءة أخرى أمام المشروع الأميركي في الشرق الأوسط.

علي العبدالله "كاتب": صعدت التوترات

بغض النظر عمن قام باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، فإن سورية ستتحمل المسئولية السياسية لسببين: الأول: التوتر السياسي الذي سيطر على الحياة السياسية اللبنانية بعيد زيارة وليد المعلم لبيروت، إذ انزلق الوضع نحو سجال حاد وإطلاق تهم العمالة لأميركا و"إسرائيل" ضد المعارضة والتلويح بالرد على الخيانة، قول رئيس الوزراء اللبناني عمر كرامي "نفرجيهم" وتحذير النائب ناصر قنديل من حرب أهلية إذا ما فازت المعارضة بالانتخابات النيابية "اتهام رايس لسورية بزعزعة الاستقرار في لبنان"، والثاني: فشلها في حفظ الأمن في لبنان وهو مبرر بقاء قواتها فيه. وهذا جعل بقاءها غير مبرر"دعوة بيرنز إلى انسحاب سوري كامل وفوري من لبنان".

وعليه يمكن قراءة التصريحات الأميركية باعتبارها مقدمة لتطبيق القرار 1559 بصورة عاجلة وشاملة، وإخراج القوات السورية قبيل الانتخابات النيابية. إن طبيعة التعاطي السوري مع هذه الدعوة ستحدد مسار وطبيعة المرحلة المقبلة ونمط الضغط الأميركي الفرنسي المحتمل، وخصوصا على ضوء تلويح واشنطن بإجراءات عقابية، ربما تأخذ شكل ضربات عسكرية محدودة للقوات السورية في لبنان

العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً