العدد 928 - الإثنين 21 مارس 2005م الموافق 10 صفر 1426هـ

وعود كلها سراب

لقد وعدني بأنه سيعرضني على أكبر اختصاصي عيون في العالم وسأرجع من أوكرانيا وأنا اجاري زرقاء اليمامة في النظر، كما وعد من معي على اختلاف أمراضهم بأنه سيعرضهم على أفضل بروفسورات الدنيا وعند الحقيقة لم نر إلا طبيبا واحدا فحص الجميع إلا أن مصيبتي أعظم من مصيبة رفاقي، إذ استغرب الطبيب وجودي في المصحة وعدم معرفتنا باللغة زاد الهم ثقلا ومرت الأيام صعبة وجاء الأكل والغالب عليه البطاطس المهروسة والرز، ما ضاعف السكر لدي.

وبدأت حالي تسوء فجاء أحد الأوكرانيين لي ناصحا وكان يتحدث الإنجليزية وطلب مني الذهاب إلى العاصمة أو المدينة الغربية من المصحة... عرضت عليه الأمر فما كان منه إلا أن هدد الأوكراني بأن يبتعد عن جميع المرضى حتى لا يظهر لنا ما خفي عنا إلا أننا رفضنا وصايته علينا وبطريق المصادفة التقيت عمانيين ورقا لحالي وصحتي المتردية واخبرتهما بأن صاحبنا يرفض أن نخرج من المصحة خوفا على سمعتها فما كان منهما مشكورين إلا أن أحضرا لي سيارة أجرة وأخذاني إلى طبيب خارج المصحة إلا أن الفأس وقعت في الرأس، إذ فقدت بصر إحدى عيني فنصحني الطبيب بالذهاب للعاصمة وبعد ضغط مني ومن الجماعة وبعد أن تعالت عليه الأصوات قبل تحت شرط أن تكون جميع المصاريف من المصحة للعاصمة للمصحة على حسابي الخاص!

وفي العاصمة استكثر علي أن يأخذني إلى طبيب في مستوى الاختصاص وقد أخذني إلى مستشفى طلبوا مني إجراء عملية اعطاني نسبة نجاح 50 في المئة، إذ اخبرنا الطبيب أن السكر تجمد في عيني فقلت في نفسي: يبقى لي بصر عين واحدة خير من أن أفقد الاثنتين، بعدها رجعت وقد ضاعت نقودي وضاع بصر عيني وساءت حالي الصحية والنفسية ورجعت للبحرين قبل موعد العودة بعشرة أيام على رغم أنه أخذ مني مبلغ عشرين يوما للمصحة فقط!

أما الجماعة فمنهم من ذهب يشكو مرضا فعاد بآخر وقد اوهمهم بأن عليهم شرب الماء قبل كل وجبة لأنه أفضل من العسل المصفى إلا أنه نخر أسنانهم وقال لهم إن الطبيب يخبرهم أن الماء انزل الرمال من كلواتهم حتى علق أحد المرضى باستخدام هذه الرمال للبناء في البحرين وخصوصا بعد أن شحت الرمال وارتفع سعرها. مريض آخر كان يشكو من شلل بسيط فأصابته اضطرابات في القلب من شدة المعاناة في المصحة، آخر ذهب يشكو من ركبته فرجع البحرين بعكاز! أكثر المرضى عاشوا جوا من النرفزة والتوتر طيلة العشرين يوما حتى ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت.

آخر المطاف طلب من جميع المرضى تنظيف الامعاء "عمل حقنة" البعض قال: شيء خير من لا شيء، ولكنهم تفاجأوا بأن الأجهزة هي عبارة عن ماسورة ماء عادية مع علبة صبغ قديمة اصاب بعضها الصدأ فقالوا: الوقاية خير من قنطار علاج.

مسلم جعفر البلادي

العدد 928 - الإثنين 21 مارس 2005م الموافق 10 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً