العدد 946 - الجمعة 08 أبريل 2005م الموافق 28 صفر 1426هـ

عسكريون عراقيون يتدربون في أكاديمية الناتو ببافاريا

مشى علي جاسم البالغ 45 عاما من العمر للمرة الأولى في حياته على الثلج. ولف هذا العقيد الذي خدم في جيش الرئيس العراقي السابق صدام حسين، رقبته بكوفية. توجه جاسم من فندق "إيدل فايس" التابع للناتو إلى المدرسة العسكرية، إذ كان ينتظره فيها عسكريون من النمسا وسويسرا وروسيا وكازاخستان. هؤلاء جميعا يتعلمون ما يسمى "ثقافة الناتو" وتحديدا: دراسة طرق مناقشة الوضع العسكري وكيف يتصرف المرء خلال عقد المؤتمرات الصحافية. بالنسبة إلى غالبية المشاركين في الدورة فإن موضوعات التدريس عادية باستثناء جاسم علي الذي شارك في ثلاثة حروب الأولى ضد إيران وحربان ضد الولايات المتحدة وحلفائها. الآن يتمنى جاسم أن يتعلم كيف بالإمكان حسم العمليات العسكرية بصورة أفضل وهو ورفاقه يشعرون على الأقل أنهم يحصلون على تدريب عسكري في واحد من أبرز مراكز التدريب العسكري في العالم. وكان المستشار الألماني غيرهارد شرودر الذي لم يعارض حرب العراق فحسب بل يرفض حتى اليوم إرسال عسكريين ألمان إلى العراق قد وعد الحكومة العراقية الانتقالية بالمساعدة في بناء مؤسسات العراق. واجتمع شرودر سرا مع رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي خلال الزيارة الرسمية التي قام بها المستشار في مطلع مارس/ آذار الماضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ طلب منه علاوي زيادة هذه المساعدات. بينما تستمر فرقة عسكرية ألمانية بتدريب عناصر من شرطة وجيش العراق في قاعدة عسكرية بالقرب من أبوظبي يجري في أعالي بافاريا تدريب عسكريين من العراق يتعلمون على أصول الديمقراطية وتشمل الدفعة الأولى 73 عسكريا وتستمر الدراسة بضعة أسابيع يتدرب خلالها هؤلاء على عمليات حفظ السلام والتعاون المدني والعسكري استعدادا للحصول على مناصب رفيعة في الجيش العراقي الجديد. ففي بلدة أوبر ميرجاو توجد مدرسة تعليم تابعة للناتو وهي عبارة عن أكاديمية عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي تأسست في العام .1953 يجلس جاسم في الصف الثاني ولغته الإنجليزية ضعيفة لكنه يبذل قصارى جهده لمتابعة الدرس ويساعده مترجم في فهم ما يدور حوله. ليس جاسم اسمه الحقيقي لأنه لم يرغب في أن يتم ذكر اسمه كما رفض أن يتم تصويره كسائر العراقيين الموجودين في أوبر ميرجاو. قال إن الأصدقاء والجيران لا يعرفون أنه يتعاون مع جيش الاحتلال أو أنه موجود حاليا في ألمانيا. وقال عسكري كردي إن جميع معارفه يعتقدون أنه يعمل في دكان ببازار الشعب شمال بغداد. مازال العسكريون يخشون على الأكثر انتقام المتمردين الذين يتهمونهم بالتعاون مع الاحتلال ويهددونهم بالقتل. كما يشعر هؤلاء باستمرار بالخوف على سلامة عائلاتهم، إذ لا يمر يوم في العراق من دون وقوع أعمال عنف، ويقوم العسكريون بالاتصال بعائلاتهم مرة واحدة على الأقل للاطمئنان عليهم. أنهم على حق حين يشيروا إلى مخاوفهم. إذ في الوقت الذي كانوا يتدربون فيه على إحدى العمليات العسكرية سمعوا أن ابن قائد كبير في الجيش العراقي قد اختطف لاشتباه المتمردين في أنه متعاون مع جيش الاحتلال الأميركي. هناك معارضة ألمانية أيضا لوجود عسكريين عراقيين في مدرسة الناتو. منذ أيام دعت مبادرة شعبية مناهضة للعسكرية إلى التظاهر عبر الإنترنت ما دفع بالسلطات المحلية إلى زيادة الإجراءات الأمنية المفروضة على المدرسة. حتى اليوم لم يحدث ما يعكر الأمن. كما أدرجت الشرطة المحلية مبنى المدرسة على قائمة الأهداف المعرضة للخطر إذ سبق وأن كانت مدرسة الناتو في العام 1984 هدفا لهجوم شنته الخلايا الثورية للجيش الأحمر. لكن العبوة الناسفة التي وضعت داخل سيارة رابطت أمام المبنى لم تنفجر. في المساء يلتقي العسكريون المشاركون في الدورة للتعارف ومناقشة مختلف القضايا. قال جاسم لعسكري ألماني حين سئل لماذا حمل السلاح في ثلاثة حروب: أنا لم أدافع عن صدام وإنما عن بلدي وأضاف جاسم: كان صدام مجرما يفكر بنفسه فقط ولم يفكر مرة بشعبه. بعد الحرب الأخيرة التي جرت قبل عامين جلس جاسم طويلا في بيته بعد أن تم تسريح أفراد الجيش العراقي بقرار من الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر إلى أن حصل على عرض بالعودة إلى الجيش تحت قيادة عسكرية أميركية ونظير أجر قدره 800 دولار شهريا. بالنسبة إلى جاسم هذا مبلغ كبير نظرا للأوضاع المزرية في العراق وعدم توافر فرص العمل وفي نهاية المطاف فهو أب لخمسة أطفال. عراقيون مثله يدينون بالشكر إلى الأميركيين الذين حرروا العراقيين من نظام صدام حسين. لكنهم في الوقت نفسه يشعرون بإهانة نتيجة استمرار الاحتلال. وقال جاسم: من يحب أن يرى بلده تحت رزح الاحتلال؟ في الوقت الحالي ليس هناك حل آخر غير التعاون مع الأعداء السابقين لإعادة بناء العراق وإنهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن. وقال جاسم: نأمل أن يساعدنا الأوروبيون في ذلك. هو شخصيا يراهن على الألمان الذين عارضوا حرب العراق. قال جاسم: المستشار شرودر رجل شجاع. ثم رفع شارة النصر عاليا

العدد 946 - الجمعة 08 أبريل 2005م الموافق 28 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً