العدد 1000 - الأربعاء 01 يونيو 2005م الموافق 23 ربيع الثاني 1426هـ

لكي لا نعود إلى عصر الاقطاع: أوقفوا "جدار العزل"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي "قرابة 1750م" بدأت النهضة الصناعية، أولا في بريطانيا، ثم انتشرت في أوروبا ولاحقا في أميركا، وبعد ذلك في عدد غير قليل من مناطق العالم التي تمتلك حاليا اقتصادا متطورا. ومع بدء "العصر الصناعي" نشأت "الدولة القومية" الحديثة التي قامت على مبادئ "السيادة الوطنية" ضمن حدود جغرافية معينة يسكنها مجموعة من الناس اطلق عليهم مسمى "مواطنين". وقبل هذا العصر الصناعي فإن كثيرا من الدول كانت تعيش "عصر الاقطاع"، اذ كان يسيطر ملاك الأراضي "اللوردات والبارونات وغيرهم" على مقاطعات يملكونها ملكا مطلقا، ومن يعيش على تلك المقاطعات فانه إما ان يكون عبدا أو سخرة أو تابعا. والنوع الأخير "التابع" كان عليه ان يدفع الاتاوات والضرائب مقابل عدم قتله أو عدم طرده من المقاطعات التي يسيطر عليها الاقطاعيون.

انتهى عهد الاقطاع مع قيام الدولة الحديثة التي تأسست على مفاهيم دستورية اطلقتها الثورات الشعبية، وأهمها كانت الثورة الفرنسية العام 1789م، التي أعلنت "مساواة كل الناس أمام قانون واحد فقط" يحكم الناس ضمن حدود وطنية ذات سيادة، وأن هذه السيادة يجب أن تستمد من الشعب عبر الانتخابات والممارسات الديمقراطية الاخرى.

وعندما تأسست هيئة الأمم المتحدة في العام 1945 قامت بتثبيت جميع مبادئ الدولة القومية واعترفت بسيادتها التامة على أراضيها، كما اطلقت هيئة الأمم المتحدة لاحقا في العام 1948 "الاعلان العالمي لحقوق الإنسان" الذي يضمن سيادة الإنسان على نفسه، ويمنع سيادة الدولة من الاعتداء على سيادة الإنسان، ويمنع اهانة كرامته بحجة ممارسة السيادة الوطنية.

"الدولة القومية" بدأت تتطور منذ الثمانينات والتسعينات القرن الماضي مع بروز ظاهرة العولمة التي بدأت تخترق الحدود الوطنية وتقرب الناس من مختلف انحاء العالم من بعضهم الآخر. والعالم المتطور يعيش الآن "العولمة" في عصر "ما بعد الصناعة"، او مايطلق عليه بـ "العصر المعرفي"، وبدأ يظهر مفهوم "الانسان المعرفي"، أو "مشغل المعرفة" وبالانجليزي يسمى knowledge worker. هذا الإنسان المعرفي أصبح مطلوبا عبر الحدود، وعليه يعتمد التطور الإنساني الحالي، اقتصاديا وسياسيا.

الإنسان المعرفي ليس بديلا عن المواطن، وإنما هو الدرجة الراقية من المواطن، وهو أيضا أكبر حجما من حدود دولة ذات حدود معينة، لانه وفي عصر العولمة فإن المحرك الاساسي هو المعرفة التي يختزنها الإنسان المتعلم والمتدرب والخبير الذي يستطيع ان يذهب الى أي مكان يود اللحاق بـ "عصر المعرفة". وعلى هذا الاساس، تتوجه جميع الدول لإعادة صوغ استراتيجياتها لخلق البيئة التي تنتج المعرفة بقيادة الإنسان المعرفي، وعلى هذا الاساس بدأت دول مثل الصين والهند تلتحق بالدول المتطورة، بل وان المستقبل يتحدث عن تفوق بعض الدول التي كانت متأخرة على الدول المتطورة حاليا بفضل امتلاك عامل "الإنسان المعرفي".

أما في البحرين فيبدو ان الواقع يدفع بنا إلى الوراء، إلى عصر الاقطاع، إلى اقتطاع الأراضي وطرد الناس، الى اعتبار البشــر الموجوديــن علـى الاراضي، أو بالقرب منها، اتباعا من دون حقوق.

أقول هذا لأن "جدار العزل" الذي يتم تشييده على ساحل قرية المالكية "على رغم كل الاعتراضات من المسئولين والنواب والبلديين والأهالي" يبعث في النفس الأسى، وخصوصا انه ليس الحال الوحيدة في البحرين، وإنما هو واقع يتوسع كل يوم على رغم اننا نعيش في فترة انفتاح سياسي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1000 - الأربعاء 01 يونيو 2005م الموافق 23 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً