العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ

«منتدى المستقبل» يسعى إلى إزالة أسباب الإحباط والإرهاب

قمة الدول الثماني في «سي آيلاند» أنشأت منطقة جديدة أسمتها «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا»

 

في حوار أجراه مساعد وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأدنى سكوت كاربنتر عبر الأقمار الاصطناعية من مقره في واشنطن إلى مقر السفارة الأميركية في الزنج (المنامة) مع الصحافة المحلية الاسبوع الماضي قال ان البحرين ستحتضن واحداً من أهم التجمعات الدولية التي ستتيح فرصة لفتح أبواب الحوار بين المسئولين وقادة المجتمع المدني وأصحاب الأعمال في الدول الصناعية الكبرى (مجموعة الدول الثماني) والدول الشرق أوسطية التي ستشارك في مداولات (منتدى المستقبل)

وأعرب عن تطلعه بأن يحظى هذا المنتدى بالنجاح وخصوصاً ان مملكة البحرين شديدة الاهتمام بالقضايا التي يناقشها المنتدى معرباً عن أمله في ان يحقق نتائج عملية ومثمرة. وقال ان المنتدى، يهدف إلى ارساء حوار غير رسمي يتسم بالانفتاح والمرونة والشمولية بغرض تعزيز الديمقراطية وتشجيع شراكة المجتمع المدني وآليات التنمية الاقتصادية المتقدمة. وأضاف كاربنتر ان المنتدى الذي عقدت أولى اجتماعاته في العاصمة المغربية (الرباط) قبل عام أثار الكثير من التساؤلات حول مدى اهميته للعالم العربي والمنطقة، مشيراً إلى انه على مدى سنوات متعاقبة بذلت حكومات المنطقة ومؤسسات المجتمع المدني جهوداً مضنية وقدراً هائلاً من الاسهامات التي تدعم الاهداف نفسها التي نرمي اليها للمنطقة.

وأكد ان منتدى المستقبل سيكون له تأثيره في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا حين يلتقي الوزراء جنباً إلى جنب مع المؤسسات المدنية وخصوصاً ان هذا المنتدى لا يوجد له نظير في المنطقة بل على مستوى العالم إذ يضم عدداً من الحكومات الذين سيجتمعون لمناقشة قضايا شديدة الحساسية مثل الديمقراطية ودور المؤسسات المدنية في المجتمع والتعليم. وأضاف ان أهمية هذا المنتدى تأتي من ان الحوار لا يقتصر على الحكومات فقط بل يؤكد على اهمية مشاركة واسهامات المؤسسات والجمعيات المدنية.

وقال نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ان وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس ستحضر المنتدى على رأس وفد يضم مجموعة من المسئولين في وزارة الخارجية بالاضافة إلى وزراء خارجية دول المنطقة فضلا عن وزراء خارجية مجموعة الثماني.

 وحول المواضيع التي سيناقشها المنتدى قال ان المنتدى سيركز على القضايا الجوهرية التي تهم المنطقة بما في ذلك ايجاد مجتمعات معرفية وتعزيز المؤسسات المدنية وعناصر الاصلاح السياسي في ضؤ المبادرة المهمة التي اعلن عنها في قمة «سي آيلاند» تحت عنوان «حوار تعزيز الديمقراطية»،  وقال ان هذه المبادرة حظيت على مدى العام الفائت بزخم كبير إذ عقد في فينيسيا اجتماع حضره أكثر من مئة من منظمات العمل المدني تناولت قضايا مثل الشمولية السياسية والاجراءات الانتخابية وحرية وسائل الاعلام.

 

مشاركة ممثلي المجتمع المدني

 

وأكد أن المسئولين عن منتدى المستقبل أخذوا بالانتقادات التي وجهت إليه العام الماضي بشأن عدم المشاركة الفعالة لمؤسسات المجتمع المدني، اذ سيفسح المجال لثلاثين ممثلاً عن مؤسسات المجتمع المدني الشرق - أوسطي للمشاركة في منتدى المستقبل الذي سيحضره وزراء خارجية الدول المشاركة في ١١ و١٢ نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسيعقد في فندق الريتز كارلتون.

وفي رد على سؤال عن أسباب عدم استجابة وزارة الخارجية الإيرانية لحضور المنتدى للمرة الثانية، قال كاربنتر انه «لا يوجد أي تعليق على ذلك»، موضحاً «ان البحرين هي التي تكفلت بتوجيه الدعوة إلى دول الشرق الاوسط الموسع وشمال إفريقيا هذا العام، ولم نمارس أي ضغط في هذا الاتجاه أو ذاك». وفي الوقت ذاته قال كاربنتر انه «لم يتم أيضاً توجيه الدعوة إلى «إسرائيل» في هذه المرحلة، اذ ان المنتدى يركز على الجانب العربي بالدرجة الاولى في قضايا تتعلق بدعم الإصلاح السياسي والاقتصادي وموضوعات تمكين المرأة ومكافحة الفساد وتطوير مناهج التعليم».

وفي شأن تمكين المرأة، قال كاربنتر: «ان منتدى المستقبل يدفع باتجاه تمكين المرأة من خلال تحسين القوانين في المنطقة بما يرفع دورها في الشأن العام»، كاشفاً «ان البحرين هي واحدة من الدول المدرجة ضمن قائمة البلدان الشرق - أوسطية التي تتقدم في مجال تعزيز دور المرأة، ولذلك، فإن البحرين ستحتضن مؤتمراً إقليمياً عن القوانين الأسرية في الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا مطلع العام المقبل للتحاور مع مختلف الأطراف بشأن هذا الموضوع الاستراتيجي».

وعما اذا كان منتدى المستقبل يطرح دبلوماسية جديدة على مستوى الحوار بين الدول وأقطاب المجتمع المختلفة، أكد كاربنتر «أن ذلك فعلاً ما هو حاصل مع منتدى المستقبل الذي يعتبر أسلوباً جديداً في الدبلوماسية الدولية بهدف الحوار والشراكة في صنع مستقبل أفضل للجميع». وأوضح «أن مبادرة منتدى المستقبل هي السبيل لمواجهة الارهاب والتطرف، وذلك من خلال فتح آفاق الحوار وفسح المجال للمشاركة الديمقراطية في صنع القرار، وما يتطلبه ذلك من مراجعة مخرجات التعليم وتحسين القوانين وتنفيذ البرامج الاصلاحية بما في ذلك تطوير الامكانات والقرارات والآليات التي من خلالها يمكن ان تنمو المجتمعات وتتجه نحو السلم وتعزيز الاستقرار».

وردا على سؤال لـ «الوسط» عما اذا كان منتدى المستقبل ينوي استضافة الصحافيين والمؤسسات الصحافية طرفا مباشراً كما هو الحال مع المجتمع المدني وأصحاب الأعمال، قال «ان اجتماع الرباط في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، طرح الموضوع وتم الاتفاق على اشراك الصحافة، وسيتم طرح الآلية في المستقبل القريب».

وقال كاربنتر: «ان رياح التغيير قادمة»، وان الإدارة الأميركية لديها سياسة جادة في دعم مشروعات الإصلاح، داعياً إلى عدم اتخاذ ما حصل للعراق أسلوبا للتغيير، مشيراً إلى ما يحدث في لبنان وما يترتب على مجمل التغييرات الجوهرية الحاصلة في منطقة الشرق الاوسط الموسع وشمال إفريقيا، مؤكداً «ان المنطقة بدأت تستجيب لموجة الحرية، وان الولايات المتحدة تقوم بدورها من خلال مساندة الاصلاحيين، وان هذه الجهود تتم على مستوى العلاقات الثنائية والعلاقات متعددة الاطراف».

 

 أكثر من ٣٠ وزير خارجية سيحضر منتدى المستقبل

 

وفي نهاية الشهر الماضي أكد وكيل وزارة الخارجية البحريني الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة حضور أكثر من ٣٠ وزير خارجية عربي وعالمي لـ «منتدى المستقبل» وعلى رأسهم وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس ووزراء الاتحاد الأوروبي وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي.

ووصف الشيخ عبدالعزيز هذا المنتدى بانه الفرصة الأولى المعطاة للمجتمع المدني في دول المنتدى لتقديم الأفكار والطروحات بشأن الكثير من الموضوعات للحكومات والهيئات الدولية، التي من المفترض ان يتم قبولها والعمل بها بطريقة جدية.

يذكر أن هدف هذا المنتدى وهو الثاني من نوعه بعد انعقاد الأول في الرباط العام الماضي، ان يهيئ الإطار لحوار مرن وصريح وشامل ينصب على تعزيز الديمقراطية ومشاركة المجتمع المدني وتنمية الكفاءات التدريبية وتطويرها وتشجيع نمو الاقتصاد العصري الحديث الذي من شأنه ان يولد الثروة ويكون مندمجا في الاقتصاد العالمي. وهذا المنتدى جهد تعاوني بين دول الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا ومجموعة الدول الصناعية الثماني وشركاء آخرين.

وكان الشيخ عبدالعزيز يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين في لندن في مقر وزارة الخارجية البريطانية وإلى جانبه السفيرة فرنسيس غامي عن المنتدى مؤكداً انه من المنتظر ان تصدر عن المنتدى توصيات ومقررات، كما ستحضره أكثر الشخصيات تمثيلاً للمجتمع المدني.

 

 نتائج «منتدى المستقبل» الأول

 

«منتدى المستقبل» الأول عقد في العاصمة المغربية، الرباط، في العام الماضي، وأنهى أولى اجتماعاته التي بدأت في ١١ ديسمبر/كانون الأول ،٢٠٠٤ واعتبر المنظمون انهم «نجحوا في اعطاء دفعة لعملية الشراكة التعاونية بين مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى وبين دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» فيما يتعلق بتحديات الإصلاح. كما أكد المشاركون في المنتدى من دول الشرق الأوسط على عزمهم «اجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية». وأكدت الدول الصناعية الثماني الكبرى «عزمها على دعم دول المنطقة في سعيها هذا».

وقد شاركت الدول بوفود رفيعة المستوى، وعلاوة على ذلك أدلى ممثلو المجتمع المدني بتصريحات ناقدة وصريحة مثلت نقاطاً مهمة. وحسب ما ذكره وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر فإن «التحدي الرئيسي يتمثل في كيفية اشتراك المنطقة في العولمة واستفادتها منها». كما أعلن عن «نية ألمانيا إعلان مبادرة للتعاون العربي المشترك في مجال نظام التعليم الثنائي تتعاون فيها ألمانيا مع شركائها العرب، ومن المقرر أن تعرض ألمانيا هذه المبادرة أثناء اللقاء القادم للمنتدى في البحرين».

 

 بيان الرباط

 

وقد أصدر المشاركون في منتدى المستقبل العام الماضي بيانا في ختام أعماله، أكدوا فيه الآتي:

- يعتبر « منتدى المستقبل» من أهم دعائم مبادرة «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا».

- أكد المنتدى على أهمية توافر الإرادة السياسية لإجراء إصلاحات في دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا».

- شارك في المنتدى ٢٧ دولة بممثلين رفيعي المستوى، وزراء خارجية ووزراء مالية، كما شارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

- تم التأكيد على المبادئ التي وضعتها قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى للمبادرة في منتجع «سي آيلاند» بالولايات المتحدة: تشجيع الخصوصية المحلية لعملية الإصلاح في دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا»، عدم فرض أية إصلاحات من الخارج، ترك الحرية لكل بلد للتقدم حسب أوضاعه الخاصة وحسب وتيرته الخاصة به ومراعاة تنوع الخصوصيات والمتطلبات لمختلف البلدان، والاعتماد في العمل المشترك على البنى الموجودة سلفاً في المنطقة (مثل عملية برشلونة)، العمل على دوام الحوار مع دول المنطقة.

- تقوم البحرين بتنظيم «منتدى المستقبل ٢٠٠٥»، والأردن بتنظيم «منتدى المستقبل ٢٠٠٦».

- أكد الحاضرون مجدداً أن تسوية النزاع في منطقة الشرق الأوسط لا يجب أن تكون شرطاً لتحقيق تقدم في تنفيذ عملية الإصلاح. كما اتحدت الآراء على أن إحراز تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط سيكون من شأنه إعطاء التحديث والإصلاح دفعة للأمام. وقد أكد وزير الخارجية الالماني على ضرورة استغلال الفرصة الحالية للتغلب على ما يعترض سبيل عملية الإصلاح من عوائق.

  

نقد منتدى المستقبل

 

وقد شارك ممثلو المجتمع المدني في وضع أساس مهم لعمل المنتدى، وتمثلت انتقاداتهم في النقاط الآتية:

- عدم أخذ مقترحات منظمات المجتمع المدني بعين الاعتبار عندما تم الإعداد للِّقاء في نيويورك.

 الدول الغربية تكيل بمكيالين فيما يتعلق بحقوق الإنسان في المنطقة.

- غياب إرادة الإصلاح لدى دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» بشكل عام.

 

 مطالب المجتمع المدني

 

طرح ممثلو مؤسسات المجتمع المدني الذين شاركوا في اجتماعات منتدى المستقبل في الرباط العام الماضي عدداً من المطالب، منها ما يأتي:

- تطبيق مبدأ سيادة القانون.

- المساواة بين الجنسين.

- محاربة الفساد.

- عدم استغلال النزاع في الشرق الأوسط كذريعة للتمسك بالوضع القائم.

- إتاحة إمكانية التواصل المباشر بين حكومات «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» دون اللجوء لمجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى كوسيط.

- استحداث آلية لمراقبة ما يتم احرازه من تقدم في عملية الإصلاح.

 

دعم التجارة الحرة

 

أما في المجال الاقتصادي، فقد أعلنت مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى دعمها لانضمام دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» لمنظمة التجارة العالمية، كما أكدت على ضرورة استكمال العمل الإقليمي المشترك ومنه عقد اتفاقات لإنشاء مناطق تجارة حرة على المستوى الإقليمي. كما أكد المنتدى على أهمية تطبيق مبادرات قمة «سي آيلاند» التي قام بعض المشاركين بتحديد تفاصيلها.

 

مطالب أصحاب الأعمال

 

أصحاب الاعمال الذين شاركوا في اجتماعات منتدى المستقبل في الرباط العام الماضي طرحوا عدداً من المطالب، من بينها ما يأتي:

- تحقيق السلام في الشرق الاوسط كمقوم للنمو.

- إزالة العوائق أمام التجارة والاستثمار.

- الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخصوصاً في المجالات التي يوجد فيها نقص في المهارات في سوق العمل.

- ترسيخ دولة القانون وتفعيل مؤسساتها.

- يجب أن يستمر «منتدى المستقبل» كمنتدى للحوار بصورته الحالية، اي ان يكون «غير رسمي، مرن، منفتح وشامل».

- لا توجد حاجة لاستحداث مؤسسات جديدة.

- كما تم ابراز موضوع التعليم (وخصوصاً تعليم المرأة) الذي تهتم به ألمانيا اهتماماً خاصاً.

 

 

تواصل اللقاءات طوال العام .٢٠٠٥

 

استلمت بريطانيا الرئاسة الدورية لمجموعة الدول الثماني، بينما استلمت البحرين ترتيب الاستعدادات لعقد المؤتمر الثاني لـ «منتدى المستقبل» للإصلاح في الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا. وقد تم تكليف الوكيل المساعد للتنسيق والمتابعة الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة بتنظيم الاستعدادات من الجانب البحريني. وتمت الاستعانة بمركز البحرين للدراسات والبحوث لتنظيم بعض جوانب الاجتماعات التحضيرية. كما تم الاتفاق مع شركة «جولد مارك للعلاقات العامة» لتنظيم المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل في فندق الخليج في المنامة في الفترة بين ٧ و٨ نوفمبر الجاري.

المعارضة البحرينية بدأت بتنظيم صفوفها بهدف التأثير على الاجتماعات التحضيرية لمؤسسات المجتمع المدني، ولكن انعقاد اللقاءات في أماكن بعيدة خفف من امكانية التأثير بالحجم الذي تحدثت عنه بعض اصدارات المعارضة.

وهكذا عقدت في تركيا ورشة عمل عن «الحكم الصالح» في ٢٠ - ٢١ يونيو/ حزيران الماضي، وفي ايطاليا عن «تمكين المرأة» في ٢٠- ٢٣ يوليو/ تموز الماضي، وفي اليمن عن «الاحزاب والحياة الديمقراطية» في ١٩ - ٢٠ سبتمبر/ ايلول الماضي، في لبنان عن «الشفافية» في ٢٥- ٢٧ سبتمبر الماضي، وفي الاردن عن «حكم القانون» في ٢٦ - ٢٧ سبتمبر الماضي، وفي البحرين عن «تمكين المرأة اقتصاديا» في ١ - ٢ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفي المغرب عن «التعددية» في ١ - ٣ أكتوبر الماضي. وتعقد في قطر ورشة تحضيرية اخرى عن «حقوق الانسان» في ٨ و٩ نوفمبر الجاري.

ورش العمل التابعة لنشاطات المجتمع المدني كانت هي الأكثر، وهو أمر متوقع، وخصوصاً أن «منتدى المستقبل» يستهدف الإصلاح في ما يسمي بـ «الشرق الأوسط الاوسط وشمال إفريقيا»،على اساس مبادرة «الشراكة من أجل التقدّم ومستقبل مشترك مع منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» التي أطلقتها مجموعة الدول الثماني في قمتها في «سي آيلاند» في الولايات المتّحدة الأميركيّة في ٨ - ١٠ يونيو .٢٠٠٤

 

قمة سي آيلاند

 

 

قمة مجموعة الدول الثماني في «سي آيلاند» في يونيو ٢٠٠٤ أسست «منتدى المستقبل» وترأس كلّ من وزير الخارجيّة الأمريكي كولن باول (ممثّلاً عن مجموعة الدول الثماني الكبرى (باعتبار أنّ واشنطن كانت ترأس قمّة الثمانية الكبار آنذاك)، ووزير الخارجيّة المغربيّ محمّد بن عيسى نيابة عن المجموعة العربيّة. وشارك في المنتدى نحو ٤٠ من وزراء الخارجيّة والمال ينتمون إلى دول عربيّة وإسلاميّة في المنطقة التي أطلقت عليها الولايات المتحدة الأميركية مسمى «الشرق الاوسط الكبير»، ولكن الدول الأوروبية المشاركة في قمة «سي آيلاند» اعترضت على ذلك، وتمت إعادة صوغ تسمية المنطقة لتصبح «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا». وقد حضر قادة الدول التالية (من المنطقة المستهدفة): أفغانستان، الجزائر، البحرين، الأردن، تركيا، اليمن، ورئيس العراق الجديد.

مجموعة الدول الثماني، وهي الولايات المتّحدة الأميركيّة، اليابان، المانيا، بريطانيا، فرنسا، كندا، روسيا، شاركت بكل ثقلها، بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات إقليميّة مثل الاتّحاد الأوروبيّ وجامعة الدول العربيّة ومجلس التّعاون الخليجيّ واتّحاد المغرب العربيّ، إضافة إلى البنك الدوليّ، ومنظّمات دوليّة، وجمعيّات غير حكوميّة، وأصحاب أعمال.

 

محاور الإصلاح

 

وسبق انعقاد قمة «سي آيلاند» اجتماعات تمهيديّة على مستوى الخبراء قدّمت خلالها أوراق عمل تركّزت على ٣ محاور، هي:

أولاً: تعزيز الديمقراطيّة والإدارة الرشيدة (الحكم الصالح) من خلال إجراء انتخابات حرّة، وتشجيع وتدريب النساء على المشاركة في الحياة السياسيّة، ودعم حملات مكافحة الفساد.

ثانياً: تعزيز مجتمع المعرفة بالعمل على خفض نسبة الأمّيّين إلى النصف في غضون السنوات الخمس المقبلة، وتعليم ٢٠ مليون شخص إضافيّ في غضون ١٠ سنوات، وتدرب ١٠٠ ألف مدرّس، وتسهيل الحصول على أجهزة الكومبيوتر والتواصل مع الشبكة العنكبوتيّة «الإنترنت».

ثالثاً: تعزيز فرص القطاع الخاصّ في التنمية الاقتصاديّة، والعمل على تطوير المشروعات الصغيرة وإنشاء مصرف متخصّص يهدف إلى إقامة مليوني وحدة إنتاجيّة صغيرة خلال خمس سنوات.

كما تطرّق الخبراء إلى مسألة شطب ديون الدول العربيّة المستحقّة إلى مجموعة الدول الثماني، وكذلك الديون العربيّة والإسلاميّة لحساب الاتّحاد الأوروبيّ والتي تقدّر بأكثر من ٢٠٠ مليار دولار تمتصّ بين ٣٠ و٤٥ في المئة من مجموع الموازنات القُطريّة.

  

مواجهة أسباب اليأس والاحباط

  

مبادرة «منتدى المستقبل» أطلقتها أميركا وساندتها بقية الدول في مجموعة الثماني على اساس انها «خطوة عمليّة» لمواجهة ما أطلق عليه وزير الخارجة الأميركي السابق كولن باول «أسباب اليأس والإحباط التي يستغلّها الإرهابيّون». واعتبر باول أنّ «الوقت ليس مناسباً الآن للجدل بشأن نمط الإصلاحات الديمقراطيّة، أو معرفة ما إذا كانت الإصلاحات الاقتصاديّة يجب أن تأتي قبل الإصلاحات السياسيّة»، بسبب «التهديد الإرهابيّ».

وأكّد باول أنّ «التغيير الفعّال والمستدام لا يمكن أن ينبع إلاّ من الداخل»، لافتاً إلى «أنّ الدول التي تتحقّق فيها مشاركة سياسيّة واسعة هي أكثر قدرة على استقطاب الاستثمارات، وتحقيق النموّ الاقتصاديّ، وإرساء نظام تعليميّ ذي جودة عالية». كما «ثمّن انخراط عدد من البلدان في مبادرات الإصلاح السياسيّ والتربويّ والاقتصاديّ كأفغانستان، والجزائر، والبحرين، ومصر، والأردن، والمغرب، واليمن».

وزير الخارجيّة المغربيّ محمّد بن عيسى اعتبر مبادرة  «منتدى المستقبل» الإطار المركزيّ «للشراكة من أجل التقدّم والمستقبل المشترك في منطقة الشرق الأوسط الموسّع وشمال إفريقيا»، وذلك في أفق «تحقيق تنمية مشتركة، وتشجيع الإصلاحات الملائمة، وخصوصاً في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعية والثقافيّة».

وركّز الأمين العامّ لجامعة الدول العربيّة عمرو موسى في كلمته أمام مجموعة الدول الثماني «على ضرورة اتّخاذ موقف واضح برفض مقولة صراع الحضارات»، معتبراً «أنّ الشراكة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول مجموعة الثماني، والتي تشكّل صلب اهتمام المنتدى، يجب أن تقوم على أساس المساواة بين الطرفين والصراحة»، مؤكدا أنّه «لا يمكن أن تنجح شراكة وأحد طرفيها متّهم بالإرهاب»، داعياً إلى «سحب الاتّهامات الموجّهة للإسلام كديانة وثقافة».

  

المسمى الرسمي لمبادرة الدول الثماني

 

مسمى المبادرة الرسمي الذي انطلق من قمة «سي آيلاند» هو «شراكة من أجل التقدم والمستقبل المشترك مع دول الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا لدعم الجهود من أجل الدفع قدما بالحرية والديمقراطية والازدهار في المنطقة».

ووفقا لهذه المبادرة فقد أنشأت مجموعة الدول الثماني «منتدى من أجل المستقبل، سيجتمع فيه قادة الدول الثماني وقادة اقليميون، بمن فيهم ممثلون عن أصحاب الأعمال والمجتمع المدني، لمناقشة الإصلاح».

وتبنت المبادرة «خطة دعم» تقدم مساعدة لتلك المنطقة عبر مبادرات مصممة من أجل تحسين المؤسسات الديمقراطية، وتوفير قروض صغيرة للأعمال، وتدريب المعلمين على مكافحة الأمية، وتدريب النساء على القيام بمشروعات تجارية حرة، واستثمار ١٠٠ مليون دولار لتمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم.

 

خطة الدعم

 

أقرت مجموعة الدول الثماني خطة دعم للدول التي تدخل في مبادرة «منتدى المستقبل»، منها الآتي:

- تسهيل اجراء حوارات تجمع بين مؤسسات ديمقراطية، ومجموعات مجتمع مدني، وحكومات من الدول الثماني والمنطقة، ودول أخرى لترويج وتقوية المؤسسات الديمقراطية، وتنسيق واقتسام معلومات عن برامج بشأن الديمقراطية، وتدشين برامج جديدة بشأن الديمقراطية، وتبني تبادلات.

- مبادرة تمويلات صغيرة لتمكين أكثر من مليوني شخص من تنفيذ مشروعات تجارية حرة تنتشلهم من وهدة الفقر عبر قروض صغيرة تقدم خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وسيستضيف الأردن مركز تدريب على أفضل ممارسات التمويلات الصغيرة بينما تستضيف اليمن أول مشروع إرشادي للتمويلات الصغيرة.

- مبادرة التعليم لدعم جهود المنطقة لرفع معدل القدرة على القراءة والكتابة إلى النصف خلال العقد المقبل، بما في ذلك تدريب فريق من ١٠٠,٠٠٠ معلم بحلول العام .٢٠٠٩

- مبادرة تدريب أصحاب الأعمال الحرة لمساعدة ما يصل إلى ٢٥٠,٠٠٠ مغامر في الأعمال، وخصوصاً النساء، وتوسيع فرصهم للتوظف. وستشترك البحرين والمغرب في رعاية هذه المبادرة.

- مرفق لتنمية المشروعات الخاصة في مؤسسة التمويل الدولي لاستثمار مبلغ ١٠٠ مليون دولار في تمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم.

- شبكة من الصناديق المالية لتنسيق عمل مؤسسات التنمية والمؤسسات المالية الدولية العاملة في المنطقة، وفريق عمل خاص للاستثمار لمساعدة جهود المنطقة لتحسين جو الأعمال.

وتلزم «خطة الدعم» أيضاً الدول الثماني بالعمل في شراكة مع حكومات المنطقة وقادة الأعمال، والمجتمع المدني «لتعزيز وتوسيع» برامج حالية تركز على: ترويج الديمقراطية، تحسين التعليم، وإيجاد وظائف ودفع عجلة النمو الاقتصادي.

 

العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً