العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ

أبوسلام... مناضل طاف بأفكاره التقدمية مدن وقرى البحرين

السنابس: القرية الشهيرة بتاريخها وماضيها العريق، وهي إحدى قرى البحرين التي تزخر برجالها وأهلها، قرية رائدة في العلم والمعرفة أسهم أبناؤها في بناء مجدها لتصبح حلقة مهمة من حلقات تاريخ البحرين.

هي نكهة تاريخية وحضارية حافلة بالكثير من المفكرين والمثقفين وعلماء الدين الأفاضل وغنية بالأفكار التقدمية، هي عبق الماضي وشذى الحاضر وإشراقة المستقبل.

كانت البساتين تنتشر بكثافة على ساحلها لخصوبة تربتها وتوافر المياه العذبة فيها، مارس أهلها مهنة الزراعة ودخول البحر وذلك لظروف ومناخ المنطقة لكونها تقع على الساحل الشمالي المحاذي للبحر.

واليوم اتسعت رقعتها ومساحتها وشيدت البيوت الحديثة والمدارس التعليمية والمراكز الاجتماعية فيها وأصبحت منطقة ذات أهمية تعج بالكثير من الخدمات وأهمها مركز المعارض ومجمع الدانة وبيوت الشباب.

ومن هذه القرية ولد المناضل إبراهيم سلمان مكي، توفي عنه والده وهو في سن الثامنة فحرم من حنان وعطف والده الذي كان لصيقاً به لا يفارقه أبداً وعلى رغم سنه فإنه يحاول قدر الإمكان مساعدة والده في الحراثة وجمع الخضراوات، وبعده تعرض للكثير من المشكلات وواجه صعوبات عدة أهمها الفقر واليتم في سن مبكرة.

بعد وفاة والده تزوجت أمه من الملا أحمد بن مرهون فرعاه بحبه وكرمه واعتبره أحد أبنائه وتكفل بتربيته وأدخله المدرسة ليبدأ حياة جديدة وليصبح من الطلاب المتميزين والمتفوقين واشتهر بإلقاء الخطب الحماسية والشعر في المناسبات والأنشطة المدرسية.

في المرحلة الاعدادية ومن مدرسة الحورة اتسعت مداركه واحتك بزملائه التلاميذ فكون علاقات وطيدة معهم وكسب ودهم واحترامهم وعلى رغم ذلك لم يتراجع عن خدمة ومساعدة اخوته وخصوصاً والدته فأخذ يعمل في المساء في «غسيل السيارات» ليصرف على أهله ويخفض عنهم أعباء الحياة.

وشاءت الأقدار أن توفي عمه (زوج أمه) وترملت أمه ثانية فتضاعفت المسئولية وبدأ مرحلة مؤلمة.

انتقل إبراهيم ليعيش في بيت جده الحاج عبدالله معيوف في قرية الحجر مع خاله نصر معيوف وما هي إلا فترة وإذا بمناضلنا يحمل تلك الأفكار التقدمية ويقرأ لأشهر الكتاب التقدميين فحمل تلك الافكار وراح يطوف بها قرى البحرين ومدنها لتوعية الشباب، واستطاع ان يكون خلايا في جميع المناطق، إلا أن السلطة الاستعمارية ظلت تراقبه وتلاحقه وتكيل له التهم وتحرض عليه رجال الدين في القرية حتى نفر أهله، لكنه لم يأبه لتلك الممارسات بل ازداد إصراراً وتحدياً.

هو شعلة من الحماس تأثر سياسياً بثورة الجزائر العام م، اعتقل أبوسلام عدة مرات وكل مرة تزيده قوة وصلابة على رغم ما تعرض له من ضرب وتعذيب واهانات داخل السجن، لكنه أبى ان يساوم أو يستسلم لأية إغراءات.

في انتفاضة مارس /آذار م، كان أبوسلام من أبرز العناصر التي دفعت المسيرة الطلابية نتيجة الفصل التعسفي لعمال بابكو وفي ضوء تلك الحوادث أنذر من قبل مدير المدرسة ومنع من الدخول ومواصلة الدراسة إلا انه زاد حماساً ولهيباً ولم تخفه أو تمنعه تلك التهديدات.

شارك في الكثير من المظاهرات والإضرابات وأهمها المسيرة التي تبنتها جبهة التحرير الوطني البحرانية التي انطلقت من بلدية المنامة «عصراً»، وشارك فيها الكثير ومن مختلف الطبقات العمالية والمدرسين والتجار والفلاحين بالإضافة إلى طلبة المدارس واستمرت المظاهرات حتى تحققت تلك المطالب الشعبية للعمال. وعلى إثرها فصل أبوسلام من المدرسة ثم عاد بتعهد بالالتزام بالنظام.

في العام م، تعرض مناضلنا للتفتيش والاعتقال وأدخل السجن لمدة عام كامل هو وخاله معيوف الذي اطلق سراحه فيما بعد. وظل أبوسلام في السجن مع رفيق دربه المناضل الكبير علي دويغر وكتب هذه الابيات حباً فيه، قمت بتلحينها وغنائها ويقول مطلعها...

يا رفيقي يا دويغر يا رفيقي... يا رفيقي انت نبراس طريقي

سر إلى الدرب العريق... واشعل الدنيا حريق... كل يوم يتلظى فيها خائن وعميل

في العام م، وبعد خروجه من السجن تعرف على زوجته أم سلام فتقدم لخطبتها من أهلها لكنهم رفضوه في بادئ الأمر وبعد عدة محاولات اقتنع والدها ووافق على الزواج وحالياً لديهما اولاد و بنات جميعهم متزوجون ولديهما أحفاد.

في العام م، رشح ابوسلام نفسه للبرلمان بجانب الرفاق الديمقراطيين ولم يحالفه الحظ بالفوز.

بعد حل المجلس الوطني واغتيال المرحوم عبدالله المدني وجهت إليه المخابرات تهمة القتل فأودعوه السجن وتعرض لأبشع أشكال التعذيب والضرب المبرح في انحاء جسمه، لكن ابوسلام قاوم تلك الممارسات بصبر وإرادة.

وعلى رغم اثبات برءاته فإنهم لم يراعوه بل نقلوه إلى سجن الجفير وهو سجن غير لائق صحياً، إذ تنبعث منه الروائح الكريهة والحرارة العالية فبقي هناك تحت وطأة التعذيب النفسي ثمانية أشهر في حبس إنفرادي خرج بعد ذلك بكل شجاعة وانتصار مرفوع الرأس منادياً بالإصلاح والدستور.

هكذا هو أبوسلام دائماً وأبداً داعياً للسلام والحرية والخير والحب والرفاهية لهذا الشعب الوفي فقد ضحى بكل ما يملك من أجل البحرين والتحرير... إذ انه دفع الثمن غالياً وكان حرصه الشديد المحافظة على المكاسب التي حققتها جبهة التحرير الوطني البحرانية، وها هو اليوم أحد المساهمين في تأسيس المنبر التقدمي الديمقراطي.

علي الوادي

العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً