العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

كيف يكون الشباب عماد الوطن... فعلاً !

مستقبل الوطن في شبابه، تعمير الأوطان يبدأ بالشباب، إلى غيرها من العبارات التي نسمعها تسطر في مقال هنا أو ندوة هناك، ويردد أغلبنا هذه العبارات إما نتيجة لتفاؤل وحماس مفرطين وإما رغبة حقيقية في إثبات هذا الأمر، أن الشباب هم مستقبل هذا الوطن.الوطن ليس دمية نلعب بها كيفما نشاء، الوطن ليس شماعة لكل من أراد الظهور الإعلامي أو الشهرة، وحينما نطلقها مدوية «الشباب عماد الوطن «يجب أن نعي هذه الكلمات ونعي متطلباتها وواجباتها تماماً.

الشباب... الشباب... يا ترى ما الدور الذي قام به الشباب كي يثبتوا حبهم لوطنهم أولاً ثم يثبتوا بأنهم فعلا محل الثقة لقيادة الأوطان والتعمير والبناء ؟ فحب الوطن ليس الخروج في مسيرة، أو تشجيع منتخب، أو وضع علم على السيارة !إن حب الوطن أيها الشباب لا يستدل عليه إلا بالتضحية والعمل، بالدفاع والذود، بالإخلاص والوفاء.

أن نضحي من أجل الوطن هذا من أكبر أدلة الحب، أن نعمل بإخلاص وتفانٍ هذا من أسمى معاني الحب وبراهينه، فإن أراد الشباب أن يثبتوا حبهم للوطن فإن عليهم دورا كبيرا وثقيلا، على الشباب أن يجدوا ويجتهدوا في التحصيل العلمي والدراسة والتعليم أولاً فكيف للجهلاء أن يعمروا الوطن، وكيف لهم أن يساهموا في رقيه وازدهاره، نريد شباباً متعلمين مثقفين، ولا نريد منهم أن يكونوا سطحيين في معلوماتهم وتفكيرهم، نريد شباباً يخلصون في عملهم وفاعلين فيه ولا نريد شبابا ينتظرون الدقيقة تلو الأخرى رغبة في انتهاء الدوام اليومي!

ودور الشباب لا يقف عند هذا الحد، فعلى الشباب أن يكونوا قدوات وأمثلة لأقرانهم وزملائهم، قدوات في الإيمان والتقوى والصلاح، وقدوات في النجاح والهمة والعزيمة، كي نقضي على مظاهر التشرد والانحراف والضياع ونحمي شبابنا من تلك الدروب المهلكة، وهذه هي أولى الخطوات التي تجعل من الشباب قادرين على المضي في أولى خطوات بناء الوطن.

وحدة الشباب من الأمور المهمة والضرورية إذا ما أراد الشباب أن تسمع لهم كلمة أو يأخذ عنهم رأي، فما نراه في واقعنا من اختلاف الشباب فيما بينهم إما لأسباب مذهبية أو اجتماعية أو حتى سياسية لا يزيدنا إلا شكاً وتردداً بشأن مقدرة هؤلاء الشباب فعلياً على التوحد والذود عن الوطن ضد الأعداء والخصوم، وضد الغزو الفكري والثقافي على أوطاننا، فافتراق الشباب وتشتتهم في مجموعات صغيرة مبعثرة وغير متفقة فيما بينها يجعل من دور الشباب مجهولاً وضعيفاً، في حين يكون الحال عكس ذلك، لو اتفق الشباب على حب الوطن وجعلوه شعاراً لهم، ليس شعاراً براقاً فقط، بل شعار يليه عمل ومنهج، بعد ذلك بإمكاننا أن نتمسك بأملنا في شباب هذا الجيل للوصول بالوطن إلى أعلى المراتب وإعلاء شأنه.

كل ما سبق هو سبب رئيسي من أسباب تراجعنا للوراء بعد ما كنا في المقدمة، ولسنا هنا بصدد إلقاء اللوم كله على الشباب، إنما كانت هذه الكلمات وقفة تنبيه وعتاب لشباب هذا الوطن ليسألوا أنفسهم، ماذا حققنا للوطن ؟ ما الذي قمنا به لإثبات حبنا للوطن ؟ ما واجبنا نحو الوطن ؟ وما هو الواجب علينا القيام به لرفعة الوطن وازدهاره ؟ لو قرأ كل شاب وشابة هذا الكلام وتأمل في هذه الأسئلة وحرص على أن يحب وطنه حبًا حقيقًا غير زائف وأن يعمل بجد على تطوير نفسه وتثقيفها وأن يخلص في عمله ويساهم في وحدة الشباب لاستطعنا أن نقول بأننا سائرون في ركب الدول المتقدمة بإذن الله.

خالد محمد


طفلة تبصر بعيداً عن عين والدها

 

أبي أين أنت يامن كنت تناجيني وأنا في بطن امي

انا صغيرتك انا مولودتك الجميلة

انا من أتيت إلى هذه الدنيا لأسعدك ولأحمل اسمك

لماذا أبعدوك عني لماذا حُرِمَوك ضمي لماذا سلبوك فرحتك بي

مشتاقه لضياء وجهك ولمسه دفئ من يديك

تمنيتك بأول من يضمني بحنانك

وأن أسمع دقات قلبك وأنت تناجيني

رسمت صورك بمخيلتي وأنا في بطن أمي

ولكن اين أبي لا أرى أبي وأرى وجوهاً كثيره حولي

ولكن ليسوا أبي

وتهت في نظرات حزن عمتي وخالي وخالتي وفرحه جدتي بي

وبكاء أمي وقد مزج الحزن بالفرح بي

ولم أفهم لغتهم الا بعد أن عرفت بظلمهم لك

وأنت بين قضبان السجن تتألم شوقاً لرؤيتي

اهو القدر الذي أتى بي لهذه الدنيا لأتجرع الألم مع حليب امي

ام هو ظلم البشر علينا وحرماني حنانك ابي

أفهمني يا أبي يالقساوة الدنيا على طفلة في المهدِ

أيظنون أنني ولدت من غير حواسٍ

لاأفهم شيئا غير بكائي ونومي وشرب حليبِ

أنا لأبكي جوعا يا أمي بل ظلما أهكذا الظلم من بني البشر

أيحرم الاب من اجمل لحظات حياته

أبي ألم تقل لهم طفلتك أشرقت وأنها محتاجه لحبك وحنانك

أبي قل لهم بأنهم ظلموك وبأنك أصبحت أباً لطفلة جميله مشتاقه لرؤيتك وانك تنتظرها تسعه اشهر

قلهم يا أبي حرموك من اجمل لحظه عمرك

أبي افقد الأمان بدون لمسه حنان يديك

لو كان بيدي لرجعت الى بطن أمي

أعيدوني إلى بطن أمي!فحبلها السري وضمه لي كان احن علي من بني البشر

وكان رفيق دربي وملهم صبري تسعه اشهر

أمي سامحيني ففي بطنك دفئاً وحناناً

وفي الدنيا ظلم وقساوة فيالسوء حظي ولم ارَ إشراقة وجه ابي

وحليبك ممزوج بالحزن و ما اتجرعه الا ظلم الدنيا وقساوتها

وأبي بين جدران السجن القاسي

أمي سامحيني أنا لا أبكي جوعاً بل ظلماً من بني البشر

طفلة أحد المفتشين


هل خروج الحسين إلى الكوفة ثورة؟

 

فقد كثر الكلام حول خروج الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق، وهل خروجه ثورة على النظام أم لا؟

وما إذا كان خروجه ثورة كما يُعبّر عنها في عصرنا الحاضر، وهو الخروج المسلح لتغيير النظام الفاسد غير الشرعي بالقوة.

فإذا كان خروجه ثورة فإنه لا بد لتحقيق هذه المهمة من تهيئة الظروف المناسبة والعوامل المساعدة على نجاح الثورة، ومنها:

- توافر الأنصار المكافئة للعدو.

-توافر المال والعتاد المناسب لخوض المعركة.

- استغلال الظروف المناسبة لوقت قيام الثورة المؤدي إلى نجاحها.

مناقشة هذه الفرضية: بالتأمل السريع للعرض التاريخي لسيرة الحسين عليه السلام وخطاباته والتي منها:

- خطاب الإمام الحسين عليه السلام قبل خروجه إلى العراق من مكة والذي جاء فيه: «خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء... إلخ».

فإذا كان خطابه ممهدا للثورة، فكيف ينعى نفسه ويخبر بأنه يقتل، والمفروض أن هذا خطاب تعبئة، وتحشيد للقتال، وما ذكره في الخطبة خلاف الغرض من الإعداد للثورة، إذ الغرض جمع الأنصار والموالين.

- خطابه لمن لحق به في منزل زُبالة، لما جاءه نبأ قتل مسلم ورسله إلى الكوفة، قام قائلاً: «أما بعد فقد أتانا خبرٌ فظيع! قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه ذمام»، فتفرق الناس عنه تفرقا يمينا وشمالا...

فلو كان الغرض الثورة، فلماذا يطلب منهم الانصراف، بدلا من الدعوة إلى الثبات معه؟ فهذا لا ينسجم مع دعوى أنه ثائر.

- رسالته لبني هاشم، والتي جاء فيها: «من لحقنا استشهد، ومن تخلف عنا لم يدرك الفتح». نقلا بالمضمون.

فإذا كان خروجه من أجل الثورة فكيف يخبرهم بأن مصير الملتحق به هو الشهادة، فهذا خلاف الدعوة إلى الثورة.التي يفترض أن الغرض منها الانتصار في الحرب.

- خطابه لأصحابه ليلة العاشر، والذي طلب منهم فيه الانصراف لأن القوم يقصدونه وحده بالقتال، «هذا الليل قد أرخى سدوله فاتخذوه جملا، فإن القوم إنما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم، وأنتم في حل وسعة. فقالوا: لا والله! لا يكون هذا أبدا ... إلخ»

كيف تكون حركته ثورة وهو يطلب من الجميع الانصراف عنه، وكيف تقوم الثورة بقتال الحسين عليه السلام وحده في قبال هذه الجموع المؤلفة من الجند والعسكر ولا يعقل قطعا أن تتم الثورة بغير أنصار.

- خطبه يوم العاشر وكذا أصحابه، لثني الناس عن قتاله، وتركه ليرحل إلى وطن جده، أو إلى أي ثغر من ثغور المسلمين، وغيرها من محاولات منع وقوع هذه الكارثة والجريمة الكبرى بحق سيد الشهداء عليه السلام، وأهل بيته عليهم السلام وأصحابه رضوان الله عليهم.

نظرا لما ذكرناه، كيف يتسنى لنا وصف حركة الإمام الحسين عليه السلام بأنها ثورة، فهي تفتقر لأهم مسببات نجاح الثورة.

ويظهر من خلال بعض المرويات، أن الإمام الحسين عليه السلام لم يكن يريد من خروجه إلا الهرب من البيعة وحماية نفسه وعدم إعطاء الشرعية لنظام يزيد الفاسد، وأن القتال فرض عليه فرضاً، وأنه حتى لو بايع فإنه يقتل أيضا، وإليك ما يدل على ذلك وهو ما نقل عن الحسين عليه السلام عندما طلب عبد الله بن عباس من الإمام عليه السلام قبول البيعة ليزيد والصلح مع بني أمية، قال: «هيهات هيهات، يابن عباس!إن القوم لن يتركوني، وإنهم يطلبوني أين كنت حتى أبايعهم كرهاً ويقتلوني»

وكذا ما نقل عن أبي هرة عندما سأل الإمام الحسين عليه السلام عن سبب خروجه عن حرم الله وحرم جده محمد صلى الله عليه وآله، فقال الحسين عليه السلام له: «يا أبا هرة، إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، يا أبا هرة لتقتلنّي الفئة الباغية... إلخ»

وهنا ذكر الإمام الحسين عليه السلام أن السبب في خروجه هو المحافظة على نفسه من القتل والانتهاك على رغم صبره على سرقة ماله وشتم عرضه، وقد أكد الإمام عليه السلام لعبد الله بن الزبير وفي أكثر من نقل عن سبب خروجه من مكة، حتى لا يقتل فيها وتهتك حرمة البيت بقتله، والنأي عن حدوث هذه المأساة قدر الإمكان ومحاولاته الكثيرة يوم العاشر للحئول دون ذلك. وأنه يقبل بعدم الخروج لو أعفي عن البيعة، وقد قال لعبد الله بن عباس:»فإني مستوطن هذا الحرم، ومقيم فيه أبدا ما رأيت أهله يحبوني، وينصروني، فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم، واستعصمت بالكلمة التي قالها إبراهيم الخليل عليه السلام يوم ألقي في النار «حسبي الله ونعم الوكيل» فكانت برداً وسلاما... إلخ».

فإنه لو ترك عن الإلزام بالبيعة والقتل، لما خرج إلى العراق، فإنه خرج من العراق بسبب الخوف من ذلك، ولهذا لمّا شعر برغبتهم في قتله ولو كان متعلقا بأستار الكعبة، خرج إلى العراق، ويظهر ذلك من جوابه لما سأله الريّاشي عن سبب نزوله بأرض قفراء ليس فيها ريف ولا منعة، فقال الإمام عليه السلام له: «إن هؤلاء أخافوني، وهذه كتب أهل الكوفة، وهم قاتلي... إلخ» .

الخلاصة: يتضح مما ذكرنا أن موقف الإمام الحسين عليه السلام لم يكن يختلف عن موقف أخيه الحسن ووالده الإمام علي عليهم السلام، وهو منهج المسالمة والمهادنة، وإلى ذلك يشير العلامة الإمام شمس الدين في كتابه فقه العنف المسلح في الإسلام ص130: بل إن سيرتهم وسنتهم تدلان على أن موقفهم كان موقف المسالمة والمهادنة، وهو الموقف المبدئي الذي اتبعه الإمام الحسن عليه السلام، والإمام الحسين عليه السلام لو اكتفى منه يزيد بالامتناع من البيعة.

الشيخ حسين جواد البلغة


صراع الشعوب العربية والأوروبية على الديمقراطية

 

الحديث عن الديمقراطية طويل ولم ينته منذ نشأتها في الفترة اليونانية للديمقراطية ما بين عامي 338 و508 قبل الميلاد، هذه الديمقراطية حاصل جهود مجموعة من إصلاحي أثينا: صولون وكليتن وبركليس الذين عملوا على تطوير النظام السياسي الارستقراطي، وانتهت هذه التجربة الأولية للديمقراطية باجتياح فليب المقدوني لليونان العام 338 ق .م ثم عادت فكرة الديمقراطية تطفو على سطح النقاش السياسي والفكري مع بداية عصر النهضة الأوروبية الذي حاول مفكروه اقتباس التجربة اليونانية والرومانية وإحياء مفاهيمها.

ومازال العملاء والمفكرون الغربيون حتى عصرنا هذا يحاولون تقليد الديمقراطية اليونانية وإصلاحها، يقول الأكاديميون المتخصصون في الدساتير انه سئل صولون - الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، سئل عن أفضل الدساتير. فأجاب: قل لي: لأي شعب سيعطى وفي أي زمن، راجع المقدمة في الموجز في القانون الدستوري لمحمد عرب صاصيلا، وهذا كلامه واضح ان ديمقراطيته لا تصلح لكل زمان وشعب.

يتوهم المسلمون ان هذا المصطلح لو أجري على أحسن وجه سيحقق أحلامهم وطموحاتهم ويسترد حقوقهم المسلوبة ويخلصهم من الدكتاتورية والتوتالريا، لكن ما شاهدناها ونشاهده أصبح وباء علينا ونحن نلهج به ليلا ونهارا ونتمناه عاجلا غير آجل، الديمقراطية أصلها يوناني مركبة من كلمتين (Domos) وتعني الشعب و(Cratia or Kratos) وتعني السلطة والمدلول العام لها تعني سلطة الشعب أي حكم الشعب بنفسه.

هنا سؤال يطرح نفسه متى عرف ابن آدم مصلحته ومضاره حتى يحكم نفسه لأن الإنسان مجموعة غرائز ويتوق الى الأنا والمادة، فلا يراعي مصلحة الآخرين، وكذلك العلمانية والليبرالية والدكتاتورية والاشتراكية كلها من صنع البشر فلا يركن مثل الايديولوجيبات في تقنين حكم للآخرين.

الانتخابات التي تجرى في هذا البلد وذاك من اجل ترسيخ نظام ديمقراطي كما يزعمون لا يمكن الوثوق به كما شاهد المواطن في لبنان وإيران والعراق ومصر حاليا كيف كان حال الشعب المسكين وتكالبه على الديمقراطية المخلصة له، وان هذا النظام بأي حال من الأحوال لا ينسجم مع روح الإسلام والقرآن والأحاديث النبوية، هذه الكلمة بشقيها اللغوي دخيلة على ثقافة الأمة العربية وسيوسيولجتيه.

وعلى ضوء الشعار الديمقراطي طرح رجال الفكر الحداثي سؤالا قالوا فيه «هل حقا العالم العربي الإسلامي يستعصي على الديمقراطية والحداثة السياسية، وطرحها بطريقة ثانية، هل العالم العربي محكوم عليه بالدكتاتورية والأنظمة البوليسية الى ابد الدهر؟ أم هناك في نهاية النفق بصيص أمل في نهاية النفق المظلم؟ وهناك أيضا اسئلة طرحها بعض المفكرين الغربيين قائلين، لماذا يمشي العالم كله باتجاه الديمقراطية والليبرالية السياسية ماعدا العالم العربي والإسلامي؟ فهل هناك خصوصية لهذا الدين؟ رأى بعض المفكرين ان الإسلام يتناقض مع فكرة الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، يقول هذا المفكر العربي المسلم وهو جواب صحيح وغير صحيح في الوقت نفسه.

إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المفهوم السائد والشائع للإسلام حاليا، يقول إذا فهم الإسلام بحسب الفكر الأصولي المتزمت فلا، وأردف قائلا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمكانية ان يجدد الفكر الإسلامي نفسه وإقامة دولة الحق والقانون والعدالة، الصحيح وخال من الشوائب والعصبيات، الذي يهمني من هذا ان الكاتب وهو هاشم صالح في كتابه الانسداد التاريخي ذكر واثبت في كتابه سلبيات الانتخابات والديمقراطية في أوروبا على رغم عراقتها وسنأتي على ذكرها لكن بالإسلام يذكر علماء المسلمين ان الحل لكل الشقاء الإنساني لن يكون إلا من خلال رسالة الإسلام الخالدة حيث تربية الإنسان فيه موكولة الى قيادات معصومية مسددة من السماء يقول الشهيد الصدر (رض) في كتابه القيم «فلسفتنا» ص 46 و47 و48 ان التوفيق والتوحيد يحصل بعملية يضمنها الدين للبشرية التائهة، وتتخذ العملية أسلوبين:

هو تركيز التفسير الواقعي للحياة، وإشاعة فهمها في لونها الصحيح كمقدمة الى حياة أخروية، يكسب الإنسان فيها السعادة على مقدار حاجته المحدودة هذه، في سبيل تحصيل رضا الله، فالقياس الخلقي او رضا الله تعالى يضمن المصلحة الشخصية، فالدين يأخذ من الإنسان الى المشاركة في إقامة المجتمع السعيد فالمحافظة على قضايا العدالة التي تحقق رضا الله تعالى أما الأسلوب الثاني الذي يتخذ الدين، التوفيق بين الدافع الذاتي والقيم والمصالح فهو التعهد بتربية أخلاقية خاصة، تعنى بتربية الإنسان روحيا وتنسيه العواطف الإنسانية والمشاعر الخلقية فيه وغيرها من القيم الروحية لا المادية او الشخصية.

ان الحكم إلا لله، فالدين حاسم في تشكيل حكومة بموجب الشرع يرأسها العلماء بوصفهم أوصياء على القانون الإلهي وفق النموذج الذي أقامه الرسول والخلفاء الراشدين.

الشعوب العربية والإسلامية دائما ترنو بنظرها نحو الغرب الذي يبني نظم حكمه على أسس انتخابات شعبية وحرية ولكن في باطنها أسوأ من العالم الإسلامي الذي يرزح تحت الحكم الاستبدادي والرجعي.

على عكس ما يتوهم فان الديمقراطية لا تؤدي الى الحرية بشكل اتوماتيكي، لنضرب على ذلك مثلا انجلترا أعرق نظام ديمقراطي في العالم، فقد كانت دولة ليبرالية دستورية أي دولة حق وقانون طوال القرن التاسع عشر لكنها لم تصبح ديمقراطية تماما، أي لم تعط حق التصويت لكل أبناء الشعب البريطاني ومن ضمنهم النساء والفلاحون والعمال إلا العام 1930م. ولنضرب مثلا على ما حصل في فيينا العام 1895 عندما انتخب الشعب عمدة للمدينة شخصا عنصريا وطائفيا ينتمي الى اليمين المتطرف قمع الحريات، كما انتخب ميلوزفيتش وحصلت المجازر المرعبة بين مختلف فئات الشعب قبل ان تتدخل أوروبا وخصوصا الولايات المتحدة لحسم الصراع وإيقاف نزيف الدم، كما وصل الى السلطة في الرايخ أدولف هتلر المعروف، والأمثلة على هذا كثيرة.

يقول بعض الخبراء ان الديمقراطية برغم كل ايجابياتها بها انحرافات محتملة على الدوام، فضلا عن بعض العناصر التي تكمن في بنيتها من حيث عدم قدرتها على تمثيل الكل، كما نشهد تاريخها الواقعي المتجسد في نماذج وصيغ متباينة ومتحولة في إطار الأنظمة الديمقراطية نفسها.

فكرت النظم الارستقراطية والمستبدة كيف تحتفظ بسلطتها وهيمنتها فأشركت الشعب ليضفي الشرعية الشعبوية على خططها، لذلك أمرت بإجراء مثل هذه الانتخابات الصورية لكي تنظم ظلمها في إطار مجلس منتخب أفضل من ان يكون مشتتاً وقد أوجز المرحوم شاعر النيل حافظ إبراهيم ذلك في هذا البيت:

لقد كان فينا الظلم فوضى فهذبت

حواشيه حتى بات منتظما

شاهد وسمع المواطن العربي والإسلامي كيف كانت تجرى الانتخابات البرلمانية في العالم العربي والإسلامي في خضم الجدال الحاد والتجاذبات والمحسوبيات والغش وغيرها، العالم يشاهد حاليا في مصر كيف وصل الأمر الى هذا التشنج والعداء والانفعالات من ضرب واعتقالات بين الشعب والحزب الحاكم كلها حول «الديمقراطية». لا احد ينكر ان مثل الانتخابات التشريعية تفتقد تماما الى المعايير الدولية والشفافية والنزاهة وحماية المنافسة بين المترشحين، سمعنا وشاهدنا كل حزب يتهم الآخر بانتهاكات خطيرة في العملية الانتخابية أبرزها التزوير والرشوة المالية والعينية وغيرها، على إيقاع ما ذكر أعلاه نستنتج بان معركة الديمقراطية لا تصمد أمام الحكم الإسلامي المستوحى من السماء والمتجلي في قرآن كريم وسنة نبوية شريفة.

قرأت مقالا شيقا حول الانتخابات البرلمانية في العالم العربي بصحيفة «الاكونوميست» 2 ديسمبر/ كانون الأول 2010 البريطانية الواسعة الانتشار والعريقة ومن بلد اعرق الديمقراطيات في العالم «المملكة المتحدة» عنوان مقالها «الديمقراطية العربية سلعة مازالت شحيحة» ونظرا لما جاء فيه من حقائق ترجمت بتصرف أكثر فقراته لكي يطلع القارئ العربي على ما يكتب وينشر في مجرى الانتخابات في الوطن العربي، بدأ مقاله قائلا كان موسم الخريف مفعما بالحيوية ومنشغلا لإجراء انتخابات برلمانية في البحرين والأردن ومصر.

أما السياسيون العراقيون التي انتهت عملية الانتخابات عندهم في شهر مارس/ آذار الماضي اقتربوا لإنهاء جدالهم حول كيفية اقتسام الغنائم الخاصة بهم، لكن لا يبدو ان هناك تغيرا ديمقراطيا عميقا، بالإضافة الى ذلك فقد أجريت في السنوات الماضية انتخابات عامة في الجزائر والكويت ولبنان والمغرب وتونس واليمن فقد تبين ان ممارسة الديمقراطية في هذه البلدان أعطت النتيجة ذاتها بل حصنت صاحب السلطة تحصينا جيدا وسحقت كل معارض راديكالي لها، هناك أيضا تباين واضح في العالم العربي بين من يمارس الديمقراطية للعرض وبين من لا يتظاهر بها مثل المملكة العربية السعودية.

يقول الكاتب ان بعضا من هذه الأنظمة الاستبدادية مثل المغرب سمحت بالتعددية أكثر من غيرها ووسعت من دائرة الحوار، وهناك دول أخرى مثل الكويت سمحت بمجلس برلماني منتخب (مجلس امة) مع هذا مازالت العائلة الحاكمة تمسك بزمام المسئولية في آخر المطاف، وفي اغلب الأوقات يصاب المجلس التشريعي بالشلل، كما سعت الكثير من المملكات الصغيرة في الخليج الى إعطاء شعوبها المزيد من حرية الرأي ولكن إذا ما خرجت الأمور من إطارها، وجب على الحكام ان يضغطوا على الفرامل لإيقاف عجلة الديمقراطية خشية من الإطاحة بهم إذا ما ملك الشعب حرية الاختيارالحقيقي.

وذكر الكاتب ان دايموند أستاذ الديمقراطيات في جامعة ستنادفورد، كاليفورنيا قال في خطاب له ان الحكومات العربية سواء كانت ملكية او جمهورية فإنها تفعل الشيء نفسه، وأضاف ان جامعة الدول العربية أصبحت في الواقع نادياً للمستبدين (الاتوقراطين) وحتى بعد ما فرضت الإصلاحات الديمقراطية، وكما يبدو ان مسار الديمقراطية يلف في حلقة مغلقة أكثر منها مستقيمة، قد يسمح للمعارضة ان تمارس استحقاقها الانتخابي ومتابعته ولكن عادة ما تكون هذه الانتخابات من اجل عرض البهرجة الزائفة والتنفيس عن النفس والى حين ما يشعرون الحاكم المستبدين بالخطر الذي يهددهم.

ان البعض يلوم التأثير التاريخي للدول العربية ثم قال الكاتب وكثير من الأنظمة العربية السياسية صنيعة أوجدتها الامبريالية الأوروبية، فقد ركزت بالضرورة طاقاتها في بناء الدولة بدلا من تشجيع المواطنين في المشاركة ويشير البعض الى الجغرافية السياسية لهم، ومن بين تلك الأشياء فان العرب يستغلون نضالهم اللانهائي ضد «إسرائيل» لتبرير قمعهم في الداخل، والبعض الآخر لايزال متمسكاً بالسلطات الغربية وعلى رأسها أميركا لاستمرار الدكتاتوريات العربية ولضمان تدفق النفط.

ان الإسلام كإيديولوجية اقل تأثيراً من أي عقيدة أخرى، السلفية مثلا التي ترفض حكم الإنسان «Rule of man « ولذلك فان الديمقراطية لا تنسجم مع حكم الله « Rule of God»، هناك عدد من الدول غير عربية مثل تركيا واندنوسيا وماليزيا نظامها ديمقراطي لكن مازال الغموض يكتنف العلاقة الصحيحة بين الدين والدولة إذا ما خلق نزاع حول مساحة الحوار، الى هنا نكتفي من ترجمتنا الى مقال مجلة الاكونوميست.

وطالما جئنا على ذكر جامعة الدول العربية فانه يجدر بنا ان نتناول ولو النزر القليل من تاريخ تأسيس هذه الجامعة العربية التي تم تدشينها في لندن على يد انتوني ايدن، ورد سؤال من احد المستمعين العرب الى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» متى أسست جامعة الدول العربية؟ فأجاب المعلق البريطاني بول ليج: نتيجة لذلك دعت الحكومة البريطانية وفودا من مصر والعراق وشرق الأردن والمملكة العربية السعودية واليمن الى مؤتمر مائدة مستديرة في لندن في مطلع العام 1939م، وأيد أنطوني إيدن (Anthony Eden), وزير الخارجية البريطانية آنذاك هذه الفكرة في بيان أصدره 29 مايو/ أيار العام 1941، قال فيه: يبدو لي ان من الطبيعي والصواب تدعيم الروابط الثقافية والاقتصادية بين الدول العربية، وكذلك الروابط السياسية وستمنح الحكومة البريطانية تأييدها الكامل لأي خطة تحظى بموافقة عامة، ونختتم مقالنا بكلام مأثور للسياسي البريطاني المشهور ونستون تشرشل حول الديمقراطية قائلا:

ان الديمقراطية هي أسوأ نظام يمكن الأخذ به ما لم يطبق على الجميع.

علوي محسن الخباز

العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً