العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

جياع العالم يحتاجون إلى أدوات الصيد وأن يفي رؤساء الحكومات بوعودهم

الفقراء لا يحتاجون إلى سمك... مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام نجيب فريجي في حديث خاص:

دعا مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام نجيب فريجي - في حديث خاص إلى «الوسط» - الدول الخليجية إلى إعطاء مسألة العجز في الموارد المالية اهتماماً أكبر، وخصوصاً أنها (دول الخليج) تبدو في مأمن نسبياً من الدخول في أزمة غذاء حقيقية جراء زيادة إيراداتها النفطية.

وحدّد فريجي الإشكالية الرئيسية التي تعصف بالمجتمع الدولي في أزمة الغذاء، في الالتزام بالمعاهدات الدولية الداعية إلى الحد من مستويات الفقر وتأمين الحاجات الغذائية للمجتمع الإنساني، مؤكداً أن ذلك يرتبط بالدرجة الأولى بتحقيق المستويات المأمولة من الاستثمار في الزراعة والالتزام بالمعايير الدولية في التنمية والتعليم، داعياً إلى المسارعة في تحقيق تنمية إنسانية حقيقية توزاي الوعود الكبرى التي أطلقها حكام العالم لشعوبهم في أكثر من حفل.

وأكد فريجي أن جهود الأمم المتحدة في هذا السياق لن تستطيع لوحدها الوفاء للإنسانية بما تأمله، مشدداً على ضرورة أن تلتفت الدول والشعوب كافة إلى هذا الخطر الذي يحدق بالإنسانية جمعاء.

العديد من المعلومات التي تخص هذا الملف بالتحليل والتدقيق تجدونها في الحوار الآتي:

* 180 بلداً أعلنت موافقتها على خطة طموحة لمعالجة الأزمة الغذائية العالمية ولضمان الأمن الغذائي المستقبلي وذلك عن طريق الاستثمارات في مجال العلم والتكنولوجيا وذلك في ختام قمة الغذاء العالمية في روما التي تنظمها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أين تقف اليوم هواجس الأمم المتحدة حيال هذا الملف؟

- يعتبر توفير الأمن الغذائي للبشرية جمعاء والفقراء في العالم خاصة من أول وأهم مشاغل وهواجس الأمم المتحدة التي وضعت منذ تأسيسها معظم جهودها الإنمائية والإنسانية لمكافحة الفقر وسوء التغذية وذلك من خلال منظمتين متخصصتين وهما منظمة الزراعة والأغذية (الفاو)، وبرنامح الغذاء العالمي.

ومع تفاقم الأزمة الغذائية مؤخراً، كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أطلق منذ الأشهر الأولى لتوليه منصبه حملة عالمية وتوجت هذه الحملة بقمة منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) التي انعقدت في روما والتي ناقشت مستقبل الأمن الغذائي وإيجاد حلول للأزمة الغذائية العالمية وسط حضور زعماء 40 دولة. لم تعقد هذه القمة شكلياً بل أصر الأمين العام على خروجها بالتزام قوي من قبل رؤساء الدول والحكومات بالعمل على حل المشكلة، وخاصة أن ذلك «قد يكلف المانحين الدوليين أكثر من 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً». وأقر كي مون أن ذلك «يتطلب إرادة سياسية قوية».

وأكد كي مون ضرورة رفع إنتاج المواد الغذائية بنسبة 50 في المئة مع حلول 2030 لتلبية الطلب المتزايد عليها إضافة الى تحسين البنية التحتية في هذا المجال. ودعا إلى تطبيق سريع لما جاء في محادثات منظمة التجارة العالمية في الدوحة لإلغاء سياسات الضرائب التي تشوه الأسواق. وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة الراهنة تسببت في تجويع 100 مليون إنسان إضافي، حيث تواجه الدول الفقيرة زيادة في تكاليف وارداتها من المواد الغذائية تبلغ 40 في المئة. فيما تنفق الدول الغنية مليارات الدولارات على الدعم الزراعي واستهلاك زائد للغذاء أو على الأسلحة.

وانطلاقاً من هذه القمة، فقد تحددت عدة مسئوليات على كل الأطراف العالمية وعلى رأسها مجموعة الثماني إزاء المعونات ودعم الحاصلات الزراعية في اجتماعها الذي يختتم أعماله في طوكيو اليوم، وما ينظر إليه على أنه المراحل النهائية لمحادثات متعثرة تجري تحت رعاية منظمة التجارة العالمية من أجل خفض التشوهات التجارية. الدول عكفت على درس مقترحات لخفض الرسوم الجمركية والدعم في قطاع الزراعة ضمن اتفاق تجارى عالمي تحت مظلة منظمة التجارة العالمية بعد أن تضاعفت أسعار السلع الغذائية الرئيسية خلال العامين الماضيين وسجل الرز والذرة والقمح مستويات قياسية. وتفاقمت الأزمة أكثر فأكثر وسجلت بعض الأسعار أعلى مستوياتها في 30 عاماً بعد حساب عامل التضخم مما قاد لاحتجاجات وأعمال شغب في بعض الدول النامية حيث ينفق السكان أكثر من نصف دخلهم على الغذاء.

الأمين العام دعا قادة مجموعة الثماني في قمة اليابان إلى القيام بخطوات ملموسة لمكافحة الأزمة الغذائية العالمية والفقر والتغير المناخي. وخاصة تطبيق التدابير التي اتخذت في قمة الفاو لإنهاء الأزمة الغذائية، ولاسيما تعهد البلدان الموقعة برفع القيود عن الصادرات.

واقترح على القمة مضاعفة نسب المساعدة الرسمية للتنمية بالبلدان النامية والمخصصة للإنتاج الزراعي والتنمية الريفية، ثلاث مرات. وكان الأمين العام حذر خلال قمة روما من مغبة الإخفاق في مواجهة أزمة الغذاء. وأوضح أنه من أجل تخطي الأزمة الغذائية فإن أقل ما يحتاج إليه العالم هو ثورة خضراء ثانية. كما أسف لكون المجموعة الدولية مازالت بعيدة عن أهدافها المتصلة بالتنمية الألفية على صعيد خفض الفقر حتى عام 2015. وأحد أهم هواجس المنظمة الدولية لجهة أزمة الغذاء يتعلق بالتغير المناخي، حيث دعا الأمين العام إلى بذل جهود تتيح التوصل إلى اتفاق تاريخي جديد العام المقبل بالعاصمة الدانمركية (كوبنهاغن)، موضحاً أنه سيدعو قادة مجموعة الثماني إلى الاتفاق على أهداف قصيرة ومتوسطة المدى لخفض الانبعاث.

* يراهن البعد الجديد في حل أزمة الغذاء العالمي على عنصري التكنووجيا والعلم، ولكن ألا تعتقد ان ازدياد الاعتماد على إنتاج الوقود الحيوي، الذي يعتمد على استهلاك المنتوج الرزاعي بالدرجة الأولى يمثل حالة معاكسة لما تتبناه الأجندة الدولية في هذا السياق؟

- من البديهي أن تشمل المقاربة الأممية كل جوانب وأبعاد الأزمة كما من الطبيعي أن يقارب الجانب العلمي لتشخيص الأزمة وأيضاً لمحاولة حلها. وفي هذا السياق كانت مجموعة تابعة للأمم المتحدة قد حذرت منذ ما يقارب نصف سنة من كارثة وشيكة اذا لم يتم تطبيق إصلاحات جذرية لقطاع الزراعة. وأعربت مجموعة «مبادرة التقييم الدولي للعلوم والتكنولوجيا الزراعية الموجهة لأغراض التنمية» عن مخاوفها من حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية مؤيدةً بذلك مخاوف زعماء العالم من ارتفاع أسعار الأغذية.

وقالت المجموعة التي ترعاها الأمم المتحدة وتضم 400 خبير في تقرير لها «يجب تغيير الزراعة الحديثة جذرياً لخدمة الفقراء والجياع بشكل أفضل إذا أراد العالم أن يواجه تزايد عدد السكان والتغيير المناخي ويتجنب اضطراباً اجتماعياً وانهياراً بيئياً». وخلص الخبراء إلى أن «مواصلة التوجهات الحالية الخاصة بالإنتاج والتوزيع ستستنفد مواردنا وتعرض مستقبل أبنائنا للخطر». وقال مدير مجموعة الدراسة بوب واتسون ان الدعوة الى تغيير الممارسات الزراعية «ليست جديدة (...) الا انها لم تلق دائماً الاستجابة في بعض انحاء العالم». وأضاف واتسون انه «اذا كان من يمسكون السلطة مستعدين الآن للاستماع إلينا فقد نأمل في وجود سياسات عادلة أكثر تأخذ مصالح الفقراء في الاعتبار».

ومن ناحيتها ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) ان ارتفاع الأسعار يجبر الطلاب على التغيب عن المدرسة للعمل من اجل مساعدة أسرهم على دفع أسعار الأغذية. ويترك ارتفاع الأسعار اثره بشكل خاص على الدول الفقيرة حيث تنفق الأسر 75 في المئة من دخلها على الطعام مقارنة مع الدول الغنية التي لا يتجاوز إنفاقها على الطعام نسبة 15 في المئة بحسب اليونسيف.

ومن جانبه، حث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الشركات على التوسع لتخطي الممارسات التقليدية في الأعمال واقترح بعض الاستراتيجيات والأدوات الجديدة لإدخال فقراء العالم شركاء في النمو الاقتصادي. ويلفت تقرير البرنامج الصادر بعنوان «خلق قيمة للجميع: استراتيجيات للعمل مع الفقراء»، إلى الدراسات المعمقة التي توضح فعالية نماذج الأعمال مع الفقراء.

* وزير الزراعة الأميركي أعلن أن الولايات المتحدة تعتزم إنفاق مبلغ قدره نحو 150 مليون دولار خلال العام 2008 لمساعدة البلدان على تحسين بنيتها التحتية بما في ذلك الطرق اللازمة لنقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق، وكذلك أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عن تخصيص صندوق سعودي برأس مال كبير في هذا الصدد، هل تعتقد أن أوان تصحيح المسارات فيما يتعلق بالأمن الغذائي العالمي قد بدأ؟

- هذه المبادرات التي صدرت عن هذه البلدان ذات الثقل في الخريطة الدولية والإقليمية تشكل استجابة مشجعة لمبادرة الأمم المتحدة ومنظمة الفاو الرامية للحد من الجوع وسوء التغذية. وهناك مبادرات أخرى إقليمية ومنفردة سجلت في هذا السياق لتبعث الأمل على أن مكافحة الفقر والجوع أمر بمكن أن يؤتي ثماره. وهذا يعيد للأذهان أمراً لافتاً وهو مثلما حذرت منه «الفاو» من أن الزراعة ربما أصبحت ذات دور ثانوي في اقتصاديات العديد من البلدان الصناعية، بَيْدَ أنها يجب أن تقوم بدور رئيسي على المسرح العالمي إذا ما أردنا أن نسدل الستار على ظاهرة الجوع. وعلى الرغم من ذلك، استمرت المعونة الخارجية للتنمية الزراعية والريفية في تراجعها. فقد هبط إجمالي تلك المعونات من زهاء تسعة مليارات دولار سنوياً، في مطلع الثمانينيات إلى أقل من خمسة مليارات دولار سنوياً في أواخر التسعينيات.

لكن الأمل أن تساهم الوقفة الحازمة التي بدأت بوادرها تتبلور من خلال هذه الهبات السخية في تطبيق المثل الصيني الشهير القائل إن أهم من إعطاء الجائع سمكة هو مساعدته على كيفية اصطياد السمك بنفسه وضمان غذائه بصفة مستدامة تكفل له كرامته وعزته وحقوقه.

* ألا تبدو العديد من الدول في مناطق الصراع العالمي مشغولة عن هذا الملف بملفاتها السياسية المعقدة، وفي حين ترتبط أجندة الألفية بشكل أو بآخر بهذا الملف الحساس والذي يحدد مستقبل المجتمع العالمي في الألفية الجديدة فإن العديد من الأوساط المعنية بهذا الملف تبدي وجهة نظر سلبية، وخصوصاً أن الدول المتقدمة لا تسير في هذا الملف كما يراد لها أن تكون؟ كيف تقرأ هذه التحديات؟

- لا يختلف اثنان على أن الاستقرار والسلام هما شرطان أساسيان لتحقيق التنمية والتقدم والرقي وبناء مجتمعات أفضل للشعوب والأمم. لكن واقع بعض البلدان يختلف تماماً بسبب النزاعات الظرفية والمزمنة والتي كلفت أجيالاً كاملة خسائر لا تحصى من ضياع عشرات السنين من العيش في كرامة وأمن ورفاهية.

لكن من ناحية أخرى فظواهر جديدة مثل التغير المناخي التي أثبتت أنها أضحت لا تقل تدميراً على البشر والطبيعة من أعتى وأكثر الحروب ضراوة والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير وموجات الجفاف الحادة والزلازل.

وفى الوقت نفسه هناك في البلدان التي تنخرها نزاعات والبلدان التي تعاني من عجز زراعي بسبب الفقر وانعدام الموارد وربما غياب الحكم الصالح والإدارة الكفؤة ما يقدر بنحو 854 مليون شخص لا يزالون يعانون من نقص التغذية. ولا يمكن تغيير هذه الأوضاع إلا من خلال الاستثمار في الزراعة مشفوعاً بالدعم المقدم للتعليم والصحة. ويلاحظ أن معظم المزارعين في العالم هم من صغار المزارعين الذين يشكلون، كمجموعة، أكبر المستثمرين في الزراعة. كذلك تتصف قدراتهم في الحصول على الأغذية بأنها غير كافية أو متقلبة. غير أنهم إذا تمكنوا من تحقيق الربح من زراعتهم، يصبح بوسعهم إطعام أسرهم على نحو كافٍ طوال السنة، وأن يعيدوا الاستثمار في حقولهم، بشراء الأسمدة وتحسين نوعية البذور والمعدات الأساسية.

ويتبلور، حالياً، نموذج جديد للتعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال التنمية الريفية. ويتضمن هذا النموذج أساليب جديدة تهدف إلى: (1) التضافر بين المنتجين والقائمين على التجارة الزراعية، (2) وضع وتطبيق درجات ومواصفات الأغذية المطلوبة، (3) تحسين المناخ الاستثماري للزراعة، (4) توفير المرافق العامة الضرورية كالبنية الأساسية الريفية.

وهكذا، فإن الاستثمار في البنية الأساسية في المناطق الريفية، وبخاصة في مجالات المياه والطرق والطاقة الكهربائية والاتصالات، له دور حيوي في تنشيط النمو الزراعي. وإذا ما استطاعت البلدان أن توفر مثل هذه الظروف، فإن تحقيق منافع أساسية للزراعة وللأسر الريفية الفقيرة يصبح أمراً متوقعاً.

* على صعيد دول الخليج العربية، هل ثمة مشروعات أو قراءة واضحة على الأقل لهذا الملف بالنسبة إليكم، وما هي وجهة نظركم في الخطوات التي اتخذتها بلدان الخليج في هذا السياق؟

- تعمل بلدان الخليج ضمن استراتيجياتها الوطنية والإقليمية والأطر متعددة الأطراف كالأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة على معالجة الأوضاع الزراعية وتوفير الغذاء الملائم لشعوبها وأيضاً العمل على إيجاد استراتيجيات استعداد لتحديات المسألة الغذائية والتي والحمد لله لبست مطروحة بالحدة نفسها التي تعاني منها البلدان الفقيرة.

فهناك يقظة ووعي بضرورة ضمان توفير الغذاء ضمن مقاربات جديدة تنبني على شراكات وطيدة مع بلدان المنطقة وغيرها لضمان التزود بالمواد الغذائية التي يحتاجها المجتمع الخليجي. ومن ناحية أخرى، فإن بلدان الخليج تعتبر أكثر بلدان العالم سخاء في مجال المساعدات من أجل التنمية والعون الإنساني لمكافحة الفقر والجوع والعجز الغذائي العالمي.

لكن المنطقة كمعظم البلدان العربية تعاني من ندرة المياه وهي موارد أساسية للإنتاج الزراعي. فهناك ضرورة لإيجاد صيغ محدثة ومتكاملة لإدارة الموارد المائية من بُعدها الفني، والاقتصادي والاجتماعي والقانوني والمؤسساتي بالإضافة طبعاً إلى البحث في صيغ تكامل وتعاون على المستوى الخليجي وأيضاً بين بلدان الخليج وباقي البلدان العربية التي توفر فرصاً كبيرة لتوفير الحاجات الغذائية لكنها تفتقر إلى الموارد التقنية والخبرات والخدمات الاستشارية التي يمكن أن تساهم بلدان الخليج توفيرها بسهولة بفضل نعمة وفرة الموارد المالية.

* إلى ماذا ستنتهي مجمل الجهود الدولية في هذا السياق، وخصوصاً أن عدد جياع العالم يزداد كل يوم قبالة طبقة أخرى مترفة تتحكم بمخرجات العالم وخيراته؟

- أعتقد أن الجهود لا تقتصر على الأمين العام ولا على الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة التي ستواصل جهودها ومساعيها لمساعدة دول العالم على تحقيق هدف التخفيف من الفقر والحد من الجوع، إنما المسألة بلغت درجة من الخطورة بمكان أصبح من غير المقبول أن لا تتم تعبئة كل الجهود الفردية والأهلية والحكومية والإقليمية والدولية لمجابهة هذه المعضلة التي تهدد مئات الملايين من البشر.

فليس من باب الصدفة أن يكون الأمين العام الذي أصر على متابعة هذا الملف من قمة روما إلى البلدان الصناعية في طوكيو هذا الشهر قد جعل من مسألة مكافحة الجوع والفقر أهم الملفات التي سيطرحها على زعماء البلدان الأكثر ثراءً على أمل أن يقوموا بدورهم ويتحملوا مسئولياتهم الأخلاقية والإنسانية. لكن في الوقت نفسه يجب على الجميع بما في ذلك الفقراء كأفراد أن يعبئ كل منّا الطاقات والموارد والإمكانات لتنسيق الجهود لبلوغ هدف دحر الفقر.

ومثلما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، يتوجب الوقوف وقفة رجل واحد وإظهار الإرادة السياسية اللازمة للقضاء على بلاء الفقر. والى ضم الأيدي إلى أيدي الفقراء في جهد جماعي، جهد ينضم إليه المجتمع المدني والقطاع الخاص والأفراد في جميع أنحاء العالم للقضاء عليه.

ويجب أن يتذكر زعماء العالم وصانعو القرار أنهم «في فجر الألفية، قدموا عهوداً واضحة لفقراء العالم. فقد تكفلوا بإقامة عالم يتمكن فيه جميع الأطفال من إتمام مرحلة التعليم الابتدائي، عالم يستطيع فيه الناس الحصول على مياه نقية صالحة للشرب وتتقي فيه الأسر شر الأمراض الفتاكة، عالم تعمل فيه الدول معاً على خفض انبعاث الغازات الدفيئة التي تسهم في ظاهرة الاحترار العالمي. وفي المقام الأول، وعدنا زعماؤنا بعالم يتخلص فيه الناس من نقمة العيش في ظل الفاقة والفقر المدقع. وها نحن الآن في منتصف المدة المحددة لبلوغ تلك التعهدات - الأهداف الإنمائية للألفية - بحلول سنة 2015.

إن نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد تنخفض ونحن نتابع السير على الطريق المفضي إلى تحقيق هدف الألفية المتمثل في خفض معدل الفقر المدقع إلى النصف، لكن التقدم المحرز في هذا المجال مازال متفاوتاً.

ويجب على العالم اليوم أن يعيد تركيز اهتمامه وموارده على المناطق والسكان المتخلفين عن الركب. وعند قيامنا بذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أنه ما من أحد أشد التزاما بالقضاء على الفقر من الفقراء أنفسهم. وكل ما يفتقر إليه هؤلاء في أغلب الأحيان هو الإرشاد والأدوات والفرص للفوز في هذه المعركة. وتتمثل مهمتنا في معالجة مواطن الضعف تلك. إذ يجب علينا أن ننظر إلى الناس الذين يعيشون في حالة فقر بوصفهم محفزي التغيير. وهذا يتطلب منّا أن نشجع الملكية الوطنية لاستراتيجيات التنمية. ويتطلب من المواطنين المشاركة بفاعلية في صنع القرار، ويتطلب من الحكومات أن تخضع لقدر أكبر من المساءلة أمام مواطنيها فيما تبذله من جهود لتحقيق أهداف الألفية. والأهم من ذلك أنه يتطلب شراكة حقيقية من أجل التنمية، شراكة تؤدي فيها الدول الغنية دورها بإيصال الموارد وتوفير فرص العمل المنتجة من خلال إتاحة إمكانية الوصول إلى الأسواق مما يمكن الفقراء من التحكم بحياتهم.

العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً