العدد 3100 - الأربعاء 02 مارس 2011م الموافق 27 ربيع الاول 1432هـ

الشعب يريد ويعيد تشكيل المكان

لؤلؤة ووردة ثقافة آخذة في التشكل

يبقى للمكان ألقه، من كان يصدق أنه في يوم من الأيام ولو من باب الفضول سيجتاز الشارع ليدخل وسط هذه الدائرة «دوار اللؤلؤة» بكل تلقائية لولا تلك الأحلام والآمال التي عبرت هذا المكان في مخيلتها بداية بتفاؤلها الجريء، واتخذته موقعا رمزيا لتعبر به عن آمالها وتطلعاتها وطموحاتها وأحلامها.

وبعد كل هذه التضحيات في الوصول إلى هذه اللؤلؤة والاقتراب من نيل المراد، تأكد للجميع مقدار قيمتها وأن اللؤلؤ لا ينال إلا ببذل الغالي والنفيس سواء بالأمس أو اليوم فكم كان على الأجداد أن يبذلوا من جهود ويجتازوا الصعاب في أعماق البحار لمجرد الحلم باللؤلؤ.

ولبساطة هذا الحلم وتلقائيته ما كان على الجد سوى أن يتوكل على الله ويحمل زاده وينطلق في رحم المجهول ليعود بالدرر، كذلك لم يكن على الشبان سوى أن يحلموا.. ويطلقوا العنان للأمل إلى حيث تأخذهم المخيلة فيجتازوا القرى مشياً على الأقدام لا يحملون سوى الورود في قبضاتهم ومقولة «سلمية، سلمية، سلمية» على ألسنتهم بنبرة بحرينية خاصة صادقة، وبلحن يعكس كل ما في القلب من تلقائية، ويقفوا أمام الحديد ويلينوه فيستجيب لهم القدر الذي لم يكن للكبار حتى القدرة على الحلم بأن يكسروه في يوم من الأيام فضلا عن جعله يستجيب ويصبح لينا طيعا في أيدي الشباب يشكلونه كيف شاؤوا بمجرد كلمة ووردة.

أخيرا اكتشف العالم والشعوب العربية تلك التعويذة العابرة للدول التي «تسقط الأنظمة» وتقول إن ثمة شعباً مقموعاً يطالب بالحرية... «عنوانها الشعب يريد» وللفعل الأخير دلالة خاصة هي الإرادة التي مصدرها الشعب وليس من أحد آخر يقرر عنه.

ثمة ثقافة جديدة تجتاح الشعوب آخذة في التشكل وثمة تحولات ما كان الناس ليبلغوها إلا بمرور سنين طويلة وها هم الشباب يعبرونها في أيام قليلة للتأكيد على مقولة أن يوماً واحداً من الثورة يساوي سنوات من التغيير.

وثمة أماكن آخذة في التشكل عند هذا الجيل، ها هو يعيد اكتشافها برجله يهب إليها من كل المداخل يعبر القرى والأزقة والحواري والفرجان لتبقى للرجل ذاكرتها وهي تجتاز المكان وتكتشف ميدان التحرير في القاهرة، وساحة قلعة عمر المختار في ليبيا، وميدان الحرية في اليمن، ودوار اللؤلؤ في المنامة تدخل إليه عابرة من النعيم أو من السلمانية أو من السنابس لتقول الكلمة التي تريد وتزرع فيه الأمل الذي تحلم به.

كما أن ثمة أماكن آخذة في التشكل كذالك ثمة لغة جدية آخذة في التشكل، لغة قادرة على تجاوز الخصوصيات لتعبر للجميع وتعبر عن الجميع، لغة تستطيع أن ترسل رسائل إيجابية يتبناها كل من يسمعها، يتبناها كل من يقرؤها... لغة فيها من الحزم والحسم والتسامح والتفاؤل والأمل، مايجعلها عابرة ومعبرة...

العدد 3100 - الأربعاء 02 مارس 2011م الموافق 27 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً