العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ

هل يزور أحمدي نجاد برلين خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم؟

برلين قلقة وتدرس التبعات الأمنية والسياسية

قبل وقت قصير زار وفد أمني ألماني عالي المستوى السعودية وإيران لبحث الإجراءات الأمنية التي سيخضع لها المنتخبان السعودي والإيراني حين يشاركان ببطولة العالم لكرة القدم التي تستضيفها ألمانيا هذا الصيف. بعد عودة الوفد الألماني الذي ترأسه أوجوست هانينغ الرئيس السابق للمخابرات الألمانية (بي أن دي) والذي يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية بعد التغيير الحكومي الذي حصل في برلين في العام الماضي، استضافت وزارة الداخلية مؤتمرا شارك فيه ممثلون أمنيون عن البلدان المشاركة بهذه المناسبة الرياضية الكبيرة إذ استمعوا إلى شرح من وزير الداخلية الألماني فولفجانغ شويبلي عن الاستعدادات التي قررت ألمانيا العمل بها لهدف إنجاح البطولة من الناحية الأمنية أيضا.

وفقا لما تم التحضير له حتى اليوم سيجرى إشراك نحو سبعة آلاف جندي ينتمون للقوات المسلحة الألمانية (بوندسفير) إلى جانب آلاف من رجال الأمن علاوة على شركات أمن خاصة مكلفة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) راعي البطولة والمشرف على أمن الملاعب.

مثل هذه البطولات الرياضية الكبيرة لا يحضرها فقط عشاق اللعبة من المواطنين العاديين بل كان هنري كيسينجر وزير الخارجية الأميركي السابق يشغل منظمي بطولة العالم لكرة القدم حين كان يعرب عن رغبته في حضور عدد من المباريات. وبعد حرب الخليج الأولى ضد العراق سعى رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم وقتذاك عدي صدام حسين نجل الرئيس العراقي السابق كي يتأهل منتخب العراق للمشاركة ببطولة العالم لكرة القدم التي استضافتها الولايات المتحدة الأميركية في العام 1994. ورغم أن منتخب العراق كاد أن يتأهل إلا أن الولايات المتحدة كانت اتخذت التدابير اللازمة كي يجري حرمان منتخب العراق من تأشيرات دخول الأراضي الأميركية بداعي الحظر الدولي الذي فرض على العراق بسبب احتلاله أراضي الكويت.

وغالبا ما كانت البطولات الرياضية فرصة لبعض الحكام للظهور أمام العالم وهكذا فعل هتلر في العام 1936 حين استضافت ألمانيا النازية الألعاب الأولمبية. وفي العام 1978 حين نظمت الأرجنتين بطولة العالم لكرة القدم وكانت ما زالت ترزح تحت حكم العساكر المستبدين. غير أن اللعبة الأكثر شعبية في العالم استخدمها بعض السياسيين لتلطيف أجواء العلاقات بين دولهم. فقد تبارى منتخب إيران مع نظيره الأميركي خلال عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لكن الأخير لم يملك الشجاعة الكافية ليقابل عرض الحوار الذي طرحه الرئيس الإيراني المتصف بالاعتدال محمد خاتمي. ونظم الألمان مباراة بين فريق كرة فلسطيني وآخر إسرائيلي حضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمعون بيريز.

كذلك من المعتاد أن يقوم رئيس دولة أو رئيس الحكومة فيها بزيارة تشجيع إلى لاعبي فريق بلاده في البلد الذي يستضيف بطولة العالم لكرة القدم. هذا إجراء معتاد لكن لم تنشأ مشكلات حوله لأن غالبية الفرق التي وصلت الدور النهائي حتى اليوم ليس لها صورة سلبية في السياسة الدولية مثل صورة إيران التي يشغل برنامجها النووي واشتباه الغرب بأنها تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، الرأي العام العالمي منذ وقت وسط شائعات بأن الولايات المتحدة تدرس احتمال توجيه ضربة وقائية للمنشآت النووية الإيرانية. في العام 1998 تأهلت إيران لبطولة العالم التي جرت في فرنسا واستغلت منظمة (مجاهدي خلق) المثيرة للجدل مشاركة إيران ونظمت في الملاعب حملات احتجاج ضد النظام الإيراني. يذكر أن أبرز قياديي هذا التنظيم الإيراني المعارض يعيشون في فرنسا. غير أن مثل هذه المناسبة الرياضية التي تحظى باهتمام إعلامي واسع النطاق لا يفوتها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أولاً لأنه رئيس الجمهورية الإسلامية ثانياً: لأنه مولع بلعبة كرة القدم كغيره من غالبية أبناء الشعب الإيراني. لكن في هذه المرحلة إذ الغرب يسجل كل كلمة تصدر عن هذا الرجل بالذات وكذلك المنظمات اليهودية أما إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش فقد وضعته بمستوى أدولف هتلر.

منذ يوم الجمعة الفائت تدور مناقشات في برلين عما يمكن عمله إذا رغب أحمدي نجاد بزيارة المنتخب الإيراني في ألمانيا وحضور مبارياته في الدور الأول من البطولة وعددها 3 مباريات أولها أمام منتخب المكسيك في مدينة نورنبيرغ بتاريخ 11 من يونيو/ حزيران المقبل. وتصدر نبأ احتمال قيام الرئيس الإيراني بزيارة لألمانيا لحضور مباريات فريق بلاده الصفحات الأولى لصحف يوم السبت وبقدر ما تم التركيز على تصريحات أدلى بها رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم محمد علي دادكان، تم التركيز على الموقف المحرج للحكومة الألمانية التي تأمل بأن لا يكون دادكان جادا في تلميحاته بشأن احتمال حضور أحمدي نجاد إلى ألمانيا. وكتبت صحيفة(فرانكفورتر ألجماينه) تقول إن حكومة المستشارة أنجيلا ميركل تجد صعوبة بالغة في الحكم على التقارير الصحافية التي أثارت نبأ احتمال قيام الرئيس الإيراني بزيارة ألمانيا لحضور مباريات المنتخب الإيراني. ونقل عن لسان رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم قوله لدى تفقده ملعب نورنبيرغ إذ سيلعب الفريق الإيراني أولى مبارياته: هناك احتمال كبير أن يقوم الرئيس بزيارة لمعسكر فريق بلاده وأضاف: رئيسنا يحب لعبة كرة القدم ويلتقي لاعبي الفريق الوطني باستمرار.

وأوضح تقرير الصحيفة المذكورة أن أوساطا سياسية وأمنية في برلين تناقش هذا الاحتمال منذ أسابيع معتبرة إياه أصعب وأكثر مشكلة تعقيدا إذا ثبتت أقوال رئيس اتحاد الكرة الإيراني. ليس هناك قلق فقط على أمن الرئيس الإيراني بل ستسفر زيارته عن مشكلات للسياسة الخارجية الألمانية. في حسابات سلطات الأمن الألمانية أن معارضي النظام الإيراني في ألمانيا سيستغلون الزيارة لتنظيم مسيرات احتجاج علاوة على أنهم سيسعون للقيام باحتجاجات خلال مباريات الفريق الإيراني. لكن الصعوبة على المسار السياسي تتلخص بالسؤال عن طريقة استقبال الرئيس الإيراني إذا جاء فعلا إلى ألمانيا. وكانت المستشارة ميركل شنت حملة قوية على أحمدي نجاد في الكلمة التي ألقتها في المؤتمر الأمني بمدينة ميونيخ في فبراير/شباط الماضي عقب تهديده بمحو «إسرائيل» من خريطة العالم إذا هاجمت المنشآت النووية الإيرانية ثم تشكيكه بمحرقة اليهود. علاوة على ذلك فإن ألمانيا طرفا في المفاوضات المتعثرة مع إيران التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع الولايات المتحدة لهدف إقناع إيران بتعليق برنامجها النووي وتقديم ضمانات على أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية. لكن ألمانيا تشجع من جهة أخرى التبادل التجاري مع إيران. وذكرت صحيفة(زود دويتشه) في طبعتها يوم السبت أن احتمال مجيء أحمدي نجاد، الضيف غير المرغوب به، لألمانيا موضع نقاش بين وزير الداخلية الألماني شويبلي ووزير المستشارية توماس ديميزير كما تفكر المستشارة ميركل بطريقة لتجنب الحرج على رغم أن السفارة الإيرانية في برلين أكدت يوم الجمعة عدم وجود رغبة بأن يزور الرئيس الإيراني ألمانيا في القريب. غير أن المراقبين يشيرون إلى أن الحكومة الألمانية تناقش الموضوع وتكشف عن عدم حماسها لمثل هذه الزيارة مسبقا كي يعدل الرئيس الإيراني عن القيام فعلاً بزيارة ألمانيا عند بدء بطولة العالم لكرة القدم. وفشل توماس شتيغ نائب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية بإيضاح موقف رسمي لحكومة بلاده وحاول التهرب من أسئلة الصحافيين الذين أرادوا معرفة مراسيم استقبال أحمدي نجاد إذا حطت طائرته في مطار فرانكفورت قبل بدء مباراة فريق بلده أمام المكسيك. ونقل عن مصادر سياسية مطلعة في برلين أن الجانب الألماني يرى أن تلميحات رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم قد تكون مناورة سياسية لجس نبض المسئولين الألمان ومعرفة موقفهم إذا رغب أحمدي نجاد فعلا حضور مباريات فريقه في البطولة العالمية. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية في برلين رداً على استفسار أن الرئيس الإيراني لا يحتاج للحصول مسبقا على تأشيرة دخول للأراضي الألمانية. وكانت المستشارة ميركل قد رفضت مطلب رئيس المجلس المركزي ليهود ألمانيا باول شبيغل بتعليق مشاركة إيران في بطولة العالم في ألمانيا عقب تصريحات أحمدي نجاد المعادية لـ «إسرائيل». سيلعب المنتخب الإيراني مباراته الثانية في لايبسيغ أمام أنغولا وفي فرانكفورت أمام البرتغال. يأمل السياسيون في برلين أن تخرج إيران بعد نهاية مباريات الدور الأول وتسهم الفرق المنافسة في وضع حل عاجل أما إذا تأهلت إيران ووصلت دور ربع النهائي فربما يلاقي منتخبها نده المنتخب الألماني وسوف تشعر ميركل والوسط السياسي في برلين بمزيد من الحرج فهناك احتمال حدوث مواجهة بين الفريق الإيراني ونظيره الأميركي إذا وصلا لدور نصف النهائي. لكن هذا أمر يستبعده خبراء اللعبة، لكن برلين تفكر في مرحلة إذا أخطأ خبراء اللعبة تقديرهم

العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً