العدد 3221 - السبت 02 يوليو 2011م الموافق 30 رجب 1432هـ

حوار الصبر والحكمة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من يحاول أن يتابع الأنشطة المتعلقة بالحوار التوافقي الذي انطلق من قاعات مركز عيسى الثقافي، كي يرسم صورته الكاملة، يدرك، دون جهد يذكر، أنه ليس مجرد لقاء فكري بين مجموعة من الأفراد أو المؤسسات الذين تداعوا كي يلتقوا ويتداولوا فيما بينهم. الأمر أعقد من ذلك بكثير، والصورة الكاملة، هي الأخرى أكبر كثيراً من ذلك. الحوار التوافقي هو لقاء تقع على مسئوليته وضع أسس البحرين، كما نريد أن نراها اليوم، ونحلم بها في المستقبل. ولكي يحقق المشاركون في الحوار، وهم أهل لذلك، ولديهم القدرة على تحقيقه، ربما انطلقوا في حوارهم من مجموعة من المسلمات التي يمكن أن نضع عناوين أهمها في المقاطع التالية:

1 - الجرح، الذي خلفته الأحداث الأخيرة التي عصفت بالبحرين، وتأثرت بها نسبة لا يستهان بها من السكان، بمن فيهم من يعملون في مؤسسات الدولة وإداراتها عميقاً، ولا يزال ينزف، ومن ثم يحتاج اندماله، بشكل سليم، سعة صدر واسعة ممزوجة بقدرة على التحلي بالصبر، منطلقة من رؤية حكيمة رزينة. ومن هنا يتوقع المواطن أن يتحاشى جميع المشاركين، ولا ينقصهم ذلك، كل ما من شأنه نكء الجروح، وعوضاً عن ذلك الانطلاق من الواقع المعاش، والبناء عليه، بعد طي صفحات الماضي دون التفريط في حقوق المتضررين، ولا التسامح مع المنتقمين، بغض النظر عن الخندق الذي تمترسوا فيه.

2 - الاستفادة من جلسات الحوار من أجل فهم البعض للبعض الآخر، دون أن يكون ذلك مقدمة لنفي أيٍّ من المشاركين للآخر. فمن الطبيعي أن تتيح جلسات الحوار فرصة كبيرة أمام من يريد، كي يرى مساحات الاتفاق فيُوَسِّع منها، ويُشخِّص مناطق الاختلاف، فيقلصلها. وكلتا العمليتين تتطلبان أيضاً الكثير من الصبر والحكمة، فبدونهما يحدث العكس تماماً، إذ تتسع دوائر الخلاف، وتتلاشى نقاط الالتقاء، ويتحول الحوار، لا قدر الله، إلى جبهات للتلاسن، وخنادق للتمترس، وهو ما لا يريد المخلصون من أبناء هذا البلد أن يروه سائداً في قاعات الحوار.

3 - جدولة الأولويات، والتركيز على الأهم، يليه الأقل أهمية، فمن يراجع أرقام الحوار يكتشف أنه أمام قائمة طويلة من الموضوعات، ضمتها ما يقارب من 200 من المرئيات، التي بحاجة إلى معالجة. وما لم تحدد الأولويات وترتيبها وفقاً لأهميتها، وحضورها في صورة الحوار الكبيرة، ستتشوه هذه الصورة، وتتداخل مكوناتها، الأمر الذي يحدث الكثير من الإرباك الذي ليس هناك من في وسعه أن يعيد له الهدء، ومن ثم يعيد ترتيب مكونات الصورة بشكل جيد، سوى أولئك الذين يتمتعون بالصبر المطلوب، والحكمة التي لا يمكن التفريط فيها.

تأسيساً على ذلك، ربما احتاج المشاركون في الحوار، أن يفتحوا صدورهم الرحبة لبعضهم البعض كي يظهروا علامات الصبر التي تنظم العلاقات فيما بينهم، ويمزجوها بالحكمة المطلوبة، كي يتزودوا بما يمكنهم من رؤية واضحة فيأتي الحوار جادّاً ومثمراً كما يريد له المخلصون من أبناء البحرين

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3221 - السبت 02 يوليو 2011م الموافق 30 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:46 ص

      تساؤل

      ألا تتفق مع الشريحة الواسعة من الشعب بأن الأسئلة التي طرحتها الوفاق للحوار مهم أن تعرفها أنت كمشارك وبقية الشعب ليطمئن بجدية هذا الحوار

اقرأ ايضاً