العدد 3297 - الجمعة 16 سبتمبر 2011م الموافق 18 شوال 1432هـ

باكستان: الجوع يهدد الملايين في ظل تفاقم انعدام الأمن الغذائي

يشعر سليم الدين، 35 عاماً، بالسعادة اليوم. فقد تمكن هذا المتسول المعوق الذي يعيش في مدينة لاهور شمال شرق باكستان، من شراء بعض العدس المطبوخ وست فطائر لأسرته المكونة من ستة أشخاص. ويتحدث عن ذلك بقوله: «سنقيم وليمة اليوم. فنحن عادة نتقاسم فطيرتين أو ثلاث فطائر في أحسن الأحوال، ولكن أحدهم أعطاني اليوم ورقة من فئة 100 روبية «1.17 دولار»، مكنتني بالإضافة إلى القليل من النقود المعدنية الأخرى، من شراء وجبة حقيقية».

ويشكل المتسولون، مثل سليم، الوجه الأكثر وضوحاً للجوع والفقر في البلاد. وبالرغم من أن عددهم غير معروف بدقة، إلا أنه يُقدَّر بعدة ملايين، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام. ويميل هذا الرقم إلى الارتفاع أكثر في المدن الكبرى قبل شهر رمضان، الذي بدأ في 2 أغسطس/ آب، حيث يصبح الناس خلاله أكثر سخاءً وميلاً للعطاء.

ولا تنعكس حالة انعدام الأمن الغذائي في المتسولين فقط. فوفقاً لتقرير صادر في العام 2010 عن معهد سياسات التنمية المستدامة (SDPI)، الواقع مقره في إسلام أباد، بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، يعاني 48.6 في المئة من سكان باكستان البالغ عددهم 165 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي.

وقد ذكر التقرير أن «الأمن الغذائي في باكستان شهد تدهوراً منذ العام 2003، فالظروف اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي غير كافية في 61 في المئة من المقاطعات (وهو ما يشكل 80 مقاطعة من أصل 131 مقاطعة)... ويمثل هذا زيادة حادة عن النسبة المسجلة في العام 2003، عندما كانت الظروف اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي غير كافية في 45 في المئة من المقاطعات (54 مقاطعة من أصل 120 مقاطعة)».

وأضاف التقرير أن حالة الأمن الغذائي الأسوأ (67.7 في المئة) توجد في المناطق القبلية التابعة للحكومة الاتحادية، وهي المناطق الواقعة على طول الحدود الباكستانية الأفغانية والتي تعاني من صراعات مسلحة، تليها ولاية بلوشستان (61.2 في المئة). «وعلى الرغم من صعوبة إيجاد دليل مادي حاسم، فإن التداخل القوي بين انعدام الأمن الغذائي والصراعات المسلحة يدل على وجود صلة كبيرة محتملة بينهما».

وفي هذا السياق، قال رئيس معهد سياسات التنمية المستدامة، عبدالقيوم سوليري، لوسائل الإعلام إن «الفقر والجوع يشكلان مصدر قلق أمني بسبب الصلة القوية بين الأمن الغذائي والجوع والفقر وقابلية التعرض للكوارث».

الارتفاع الشديد في الأسعار

يرتبط انعدام الأمن الغذائي بالأسعار وليس بتوافر السلع الغذائية، حسب المنظمات المعنية. «إذ لا يستطيع الكثير من الناس الحصول على الغذاء بسبب انخفاض دخلهم. وعلى الرغم من أن باكستان تنتج ما يكفي من الغذاء، حيث وصل إنتاج القمح هذا العام إلى 24.2 مليون طن، وهو أكثر من المطلوب، إلا أن انعدام الأمن الغذائي قد زاد» حسب تصريح المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، أمجد جمال، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وأوضح جمال أن «سياسات التسعير الحكومية أثرت على 35 في المئة من السكان في المناطق الحضرية ومجموعة واسعة من المستهلكين في المناطق الريفية، حيث يعتمد 40 في المئة من الأسر على أجور ورواتب، و16 في المئة على أنشطة غير زراعية، و5 في المئة على التحويلات المالية الخارجية. وقد تضررت جميع هذه الفئات من ارتفاع الأسعار، بعد أن ارتفع سعر القمح بنسبة 131 في المئة من 550 روبية «6.47 دولارات» لكل كيس من فئة 40 كيلوغراماً إلى 950 روبية «11.17 دولاراً».

من جهته، أوضح رئيس الوزراء بأن الزيادة في الأسعار كانت بهدف «تشجيع زراعة القمح للوصول إلى إنتاج 25 مليون طن وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد». وأشار إلى أن هذه الخطوة الهادفة إلى مساواة أسعار القمح الباكستاني بالأسعار في البلدان المجاورة، سوف «تساعد على الحد من التهريب».

من جهتها، قالت ديلنور بيبي، وهي أرملة في الأربعين من عمرها، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إن دقيق القمح كان يكلف أقل من 15 روبية «17 سنتاً أميركياً» للكيلوغرام الواحد منذ ثلاث سنوات، ولكنه أصبح الآن يكلف أكثر من 30 روبية «35 سنتاً أميركياً»، مضيفة أن دخلها الشهري البالغ 5,000 روبية «58.82 دولاراً» والذي تجنيه من عملها كغسالة للملابس «يكفي بالكاد لإطعام أطفالي الثلاثة، والأطباء يقولون إن طفلي البالغ من العمر ثلاث سنوات، والمريض في أغلب الأوقات، يعاني من نقص حاد في الوزن ويحتاج إلى المزيد من الغذاء الذي لا أستطيع توفيره».

ويرى خبراء التغذية الجوع في كل مكان، حيث قال مسئول التغذية بصندوق الأمم المتحدة للطفولة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) شهيد أوان، إن «الرجال والنساء والأطفال يعانون جميعاً من سوء التغذية، ولكن الأثر على صحة النساء والأطفال هو الأكثر حدة». وأضاف أنه تم الكشف عن 95,000 طفل «يعانون من سوء التغذية الحاد» في البلاد، وأن الكثير من النساء يعانين من فقر الدم وغيره من المشاكل الصحية التي تؤثر أيضاً على صحة الأطفال، مشيراً إلى أن «الإسهال والأمراض المعدية الأخرى التي يعاني منها العديد من الأطفال هي مجرد أعراض، في حين أن السبب الحقيقي للمشكلة هو سوء التغذية الحاد، وهذا هو ما نحتاج لمعالجته على وجه السرعة»

العدد 3297 - الجمعة 16 سبتمبر 2011م الموافق 18 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً