التصنيف الأخير للفيفا وضع منتخبات أوروبا على رأس التصنيف العالمي وأبعد منتخبات البرازيل والأرجنتين إلى المركز السابع والعاشر وهذا يعني انحسار منتخبات أميركا الجنوبية عن زعامة كرة القدم في العالم، بعد أن كان المنتخب البرازيلي هو المتصدر لسنين طويلة، فجاء التصنيف ليضع منتخبات أوروبا، إسبانيا وهولندا والبرتغال في المراكز الثلاثة الأولى، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة، ولكنه في اعتقادي - تصنيف - لن يدوم طويلا، وما هي إلا كبوة حصان لمنتخبات أميركا الجنوبية التي أجد ما يقدمونه هو المتعة الحقيقية للعبة كرة القدم!

وأقول بصدق، أنا من الأشخاص الذين لا يعشقون مشاهدة مباريات المنتخبات الأوروبية، ولا أجد في عروضهم القوية، وتنفيذهم المحكم لخطط اللعب واعتمادهم على السرعة والقوة التي تتطلب لياقة بدنية مفرطة، هو الذي يشدنا إلى متابعة مبارياتهم، لأنه لا يضاهي المستوى الفني الرفيع الذي تقدمه كرة قدم أميركا الجنوبية، التي تمتاز بـ "الحرفنة" والمهارات الفردية العالية التي تكسر الخطط الدفاعية العقيمة التي اصبحت ماركة مميزة لمنتخب ايطالبا على سبيل المثال ! وهذا الامر أشعر به وأنا أشاهد مباريات فرق "السامبا" و"التانغو" وبقية فرق أميركا الجنوبية، ففي ادائها متعة كروية، وخليط من المهارات الفردية العالية , والتمريرات السلسة المتناغمة , والألعاب الجماعية المبهرة.

قد يقول قائل، إنك متحيز, لأنك لم تعطِ المنتخبات الألمانية و الإيطالية التي اكتسحت بطولات العالم حقها ، كما لم تشد بمنتخب إسبانيا بعد فوزه المستحق الأخير بكأس العالم في جنوب افريقيا ، فأرد وأقول، نعم , هذه منتخبات محترمة، وهي من أفضل وأقوى فرق العالم، فالماكينة الألمانية علامة مميزة للقوة والسرعة واللياقة البدنية العالية ولكنها ليست علامة مميزة للفن الرفيع! لذلك فإن التاريخ الكروي يذكر بوضوح نجوم منتخبات أميركا الجنوبية العظام مثل الداهية بيليه والفذ مارادونا الذين بهروا العالم بأدائهم الرائع الرفيع ولمساتهم السحرية وأصبحوا أسطورة زمانهم.

ما ينعكس على عشقي لكرة قدم أميركا الجنوبية يتواصل مع كرة القدم الآسيوية التي لا أجد في منتخباتها أو فرقها أيَّ متعة كروية حقيقية بعكس فرق القارة السمراء إفريقيا، فأجد في مستوياتها المتواضعة أول الطريق للوصول إلى المتعة الكروية الحقيقية