العدد 3440 - الإثنين 06 فبراير 2012م الموافق 14 ربيع الاول 1433هـ

أضواء أخرى على جولات المفاوضات بين الهيئة والحكومة في 1956

عبدالكريم العليوات يتذكر... (10)

عبدالكريم العليوات
عبدالكريم العليوات

الزمن لا يشيخ؛ وخصوصاً للذين هم شاهدون عليه. هم يمثلونه في أكثر من قلب وحس إضافي في اللحظات الفارقة والحاسمة. هم ثرمومتر الزمن. البعض يريد للزمن أن يشيخ ويهرم ضمن شروطه واصطفافه أو حتى مزاجه. ذلك لن يحدث؛ لأن الزمن ليس أجيراً عند أحد بالمياومة أو براتب مقتطع يحدده صاحب مزاج أو وهم.

عبدالكريم العليوات واحد من شهود مرحلة فاصلة امتدت منذ منتصف القرن العشرين وشهد أحداثاً وتحولات.

وحين يتذكر هنا لا ليذهب في السرد، بقدر ما يذهب في محصلات ذلك السرد. يواصل عبدالكريم العليوات حديث الذكريات.


الهيئة والوعي النقابي العمالي

تتطرق هيئات الاتحاد الوطني إلى تبلور الوعي النقابي العمالي، وتشير تلك الأدبيات الصادرة عن الهيئة إلى النصوص التالية:

«لقد أوجدنا وعياً عمالياً هو الآن في سبيله نحو التبلور والنصح، ولقد دعمنا هذا الوعي بالمبادرة في إنشاء نقابة موحدة للعمال تستطيع أن تقف في وجه استبداد الشركات وتلاعبها بحقوق العمال وتعمل السلطات على الشروع في وضع قانون للعمل والعمال يشترك في اللجنة المكلفة بوضعه ومناقشته ممثلون انتخبهم العمال أنفسهم. ولقد دخل هذا القانون في مرحلته النهائية الآن وعندما يأخذ صفة التنفيذ ستلعب النقابة دوراً مهماً في تسيير شئون العمال ومعالجة مشكلاتهم».


الهيئة: مطالبنا العمالية وحدة لا تتجزأ

وقالت الهيئة في أدبياتها: حينما طالبت الهيئة بتأليف نقابة للعمال وسن قانون للعمل كانت ستهدف من وراء ذلك تحقيق عدد من الإصلاحات الحيوية التي تؤثر تأثيراً مباشراً في رخاء المجتمع وبعث إمكانياته الإنتاجية واستثمار طاقاته وتوجيهها بصورة سليمة عادلة. وكانت أقرب النتائج المنتظرة من وراء تحقيق هذه الخطوة هي:

- تحقيق الاستقرار الاجتماعي عن طريق إزالة شعور التظلم والتذمر بين صفوف العمال من أوضاعهم السيئة.

- إيجاد جهاز فعال لحل خلافات العمل وتحقيق التفاهم بين أصحاب العمل والعمال حول تحسين شروط العمال ورفع مستواهم.

- وضع حد أدنى لمستوى المعيشة ولأجور وشروط العمل والتعويضات يتماشى مع متطلبات العدالة.

- تشغيل جميع الأيدي القادرة على العمل في البلاد وفسح المجال أمام المواطنين للتقدم في أعمال الإدارة وتشغل المناصب المهمة في مختلف الدوائر.

- وضع حد لسيل الهجرة الأجنبية وتنظيمها تبعاً لحاجات المجتمع.

لقد استجاب المسئولون – بصورة من الصور – إلى مبدأ سن قانون للعمل وتشكيل نقابة للعمال ولكن هذه الاستجابة لم تؤتِ أية ثمرة حتى الآن، إذ مازالت تعوزها على ما يبدو الرغبة الصادقة المخلصة في تحقيق ما يقتضيه الوضع العمالي من إصلاحات عاجلة. وبسبب معارضة ممثلي الشركات الأجنبية المستغلة لكل اقتراح يتضمن إنصاف العمل وتحقيق فوائد لهم، فإن قانون العمل لم ينته من وضعه حتى الآن على رغم أنه قد مضى على اللجنة التي شكلت لوضعه أكثر من السنة والنصف سنة تقريباً.

وعلى رغم خلود العمال إلى الهدوء طيلة الفترة الماضية وعدم إقدامهم على اتخاذ خطوات إيجابية لتأييد مطالبهم العادلة والاحتجاج على المظالم التي تنتابهم يوماً بعد يوم، فإن الحكومة لم تحاول أن تستفيد من هذه الفرصة لتحقيق الإصلاحات المنشودة، بل على العكس من ذلك فإن موقفها من جلب الموظفين الأجانب بالذات قد شجع الشركات الأجنبية على التمادي في محاولتها لاستبدال الوطنين بغيرهم من الأجانب، كما أن الحكومة لم تحرك ساكناً إزاء إقالة العمال من الموطنين بالجملة وتركهم ضحية للبطالة وكأن ذلك أمر لا يعنيها مطلقاً.

لقد أخذت الحكومة مبدأ موافقة الطرفين كشرط لإقرار القانون. وهو مبدأ غير صحيح نظراً لاستحالة تطبيقه ولانعدام كفة التوازن بين كل من جانب العمال وأصحاب العمل. إذ كيف يجوز أن تعطي حكومة لعدد محدود من الشركات التي كانت ولاتزال تستفيد من نفوذها الواسع العريض لظلم العمال وإرهاقهم الحق نفسه الذي يعطي لفئات العمال المغلوبة على أمرها والتي تمثل غالبية المجتمع.

وكيف يجوز لحكومة في العالم أن تتخذ موقف المتفرج وأن تساوي بين مطالب العمال التي تستهدف غير المجموع والمصلحة العامة وبين المعارضة التي يثيرها ممثلو الشركات الاستغلالية بدافع من الحرص على مصالحهم الخاصة. من دون اعتبار لمصلحة المجموع، فهل تعني موافقة الطرفين إذاً شيئاً سوى تنازل العمال عن حقوقهم وتراجعهم أمام نفوذ الشركات المدللة في هذا البلد، والتي تسخر كل ما تملكه من إمكانيات وسطوة جبارة على مقدرات العمال للحيلولة دون تحقيق المطالب العمالية. إن واجب كل حكومة في العالم هو أن تتدخل لحماية حقوق الفئات العاملة المستضعفة لا أن تتركها ضحية لنهم الاستثماريين النفعيين الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة والسعي لامتصاص ثروة البلاد.

وقد نتج عن تهاون الحكومة هذا عدة نتائج سيئة أدت إلى الإضرار بهم من شتى الوجوه. فتمادت الشركات الاستغلالية في تشددها لمعارضة التشريعات العمالية وإخضاعها لمنطق المساومات الرخيصة، كما أنها استغلت فرصة هدوء العمال وانتظارهم لصدور القانون احتياطات واسعة للتخلص من عدد من التزاماتها تجاه العمال المواطنين، وكان مما لجأت إليه في هذا السبيل:

أ - إقالة العمال المواطنين أو إحالتهم إلى الشركات المقاولة كعمال جدد من دون اعتبار لخدماتهم الماضية.

ب - التهالك الشديد على جلب موظفين أجانب في مختلف الوظائف بما فيها الوظائف العادية وإحلالهم محل الوطنيين وذلك بقصد «تطهير المراكز المهمة من العناصر الوطنية».

ج - التمادي في إساءة معاملة العمال المواطنين ومحاولة الإيعاز لهم بأن وضعهم الحاضر مع تلك الشركات تغير مما سيحققه لهم القانون.

د - حرمانهم من الزيادات والترقيات السنوية المعتادة كمحاولة للإيحاء لهم بأن رضا الشركات وخدمة مصالحها وتأييد سياستها التعسفية والتقرب لمرؤوسيهم كل هذه الوسائل الوحيدة لتحسين أحوالهم. لقد أعطت إحدى الشركات زيادة مئوية لموظفيها الأجانب بمقدار 10 في المئة، لكنها لم تعط البحرانيين سوى 3 في المئة فقط، وذلك على رغم ازدياد تكاليف المعيشة أضعافاً مضاعفة، وهكذا تمضي الشركات الأجنبية في سياسة تفضيل الأجانب على المواطنين على مسمع ومرأى من المسئولين.

لقد كان مما شجع الشركات على انتهاج هذه السياسة المقصودة موقف الحكومة من هجرات الأجانب بغية توفير العمل الأجنبي الرخيص على حساب الأيدي العاملة الوطنية، وذلك على رغم استنكار الناس الشديد ومعارضتهم الدائمة. وكان الواجب يقضي بأن تعمد الحكومة إلى سد باب الهجرة حالاً وإصدار هويات عمل للمواطنين ورخص عمل خاصة للأجانب، الذين يجب أن يستوفوا شروطاً معنية تؤهلهم للعمل داخل البلاد، وأن تكون تلك الرخص خاضعة للتجديد في فترات متقاربة للتأكد من حاجة البلاد فعلاً إلى مثل أولئك العمال. هذه الإجراءات وغيرها هي ما درجت عليه معظم البلدان التي تهتم فعلاً بمصلحة المواطنين.

لقد عمدت الحكومة إلى إنشاء دائرة للعمل قبيل نهاية العام الماضي. ولكن هذه الدائرة على رغم اختصاصها بشئون العمال فإنها لم تستطيع أن تحرك ساكناً تجاه الشكاوى المرة التي يعانيها العمال من جراء تعسف الشركات وتلاعبها بمصالحهم. ومن الغريب أن هذه الدائرة لا تعرف لها صلاحيات معنية تستطيع استعمالها إزاء تصرفات الشركات المجحفة، أو تمكن القائمين على أدائها من تأدية الواجب الذي يتطلبه الوضع على الوجه الصحيح. لذلك فإنه لم يعرف لها حتى الآن أي برنامج مرسوم لتحقيق ما يجب تحقيقه في الحقل العمالي. إن وجود هذه الدائرة في صورتها الحاضرة لا يخدم العمال حقيقة بقدر ما يحقق أغراض الدعاية المجردة التي تريد الحكومة استغلالها لذر الرماد في العين. وهو أمر لم يعد مستغرباً في ظل نظام فردي رجعي يسعى للتملص من أجراء أي إصلاح يستهدف مصلحة عامة.

إن استعرضنا سريعاً لسياسة الحكومة تجاه تحقيق الإصلاحات العمالية تثبت حقيقة واحدة فقط إلا وهي استمرارها في معالجة قضايا العمال على الصورة السلحفائية نفسها التي تتبعها في شتى المجالات الأخرى. أنها لاتزال تنظر إلى مشاكل العمال وكأنها قضايا متناثرة لا رابط بينها، بدلاً من أن ترسم لها سياسة إصلاحية شاملة تستوعب القضية العمالية برمتها وتعالجها من جميع نواحيها.

فوضع قانون للعمل وتعويضات الإصابات، وتأليف نقابة للعمال وتحديد مستوى أدنى للأجور، والسيطرة الكاملة على الهجرة الأجنبية، وتحديد نسبة المواطنين في الأعمال، ومكافحة البطالة والعوز المادي والعناية بشئون الإنتاج وإنماء الثروة المحلية كل هذه وغيرها أجزاء مترابطة لا يمكن فصل يعضها عن الآخر، وكل تسوية تقوم على أساس تجزئة هذه القضايا وتحقيق شطر منها دون الشطر الآخر لن يؤدي إلى النتيجة المتوخاة من تنظيم الحياة العمالية ووضع أسسها الصحيحة وبالتالي تحقيق الاستقرار العمالي المنشود.


الهيئة وتفعيل مبدأ «التمثيل الشعبي»

أشارت وثائق الهيئة إلى ما يلي: «لقد دفعنا الحكومة إلى الاعتراف بمبدأ التمثيل الشعبي في المجالس وبحق الشعب في إدارة شئون بلاده، صحيح أن هذا التمثيل المعترف به لايزال محدوداً لا يحقق رغبات الشعب ولا يؤمن مصالحه الحيوية، إلا أننا غرسنا البذر وسنسقيها بدمائنا إذا اقتضى الأمر لتطيب ونزكو وتؤتى ثمارها المرجوة يانعة إن شاء الله.

ثم إن اضطرار الحكومة إلى الاعتراف بهيئتكم، هيئة الاتحاد الوطني، إنما هو في حقيقته اعتراف بوجود الشعب وكيانه، هذا الشعب الذي وصفه المسئولون ذات يوم سخرية واستخفافاً بأنه (بعض أناس) ثم ما لبثوا أن وجدوا أنفسهم مرغمين على الاعتراف بوجوده. ولاشك في أن هذا بداية النصر سيعقد لواؤه بشعبنا المكافح الأبي بفضل اتحاده ووعيه.

لاشك في أن المواطنين لايزالون يذكرون ذلك الموقف الحازم الذي وقفته الهيئة ومن ورائها الشعب من قانون العقوبات الاستعماري البربري الذي لو أتيح لهم أن يفرضوا علينا لعشنا في ظل أحكام عرفية لا نهاية لها ولقد ترتب على ذلك الموقف أن اضطرت الحكومة في مفاوضاتها مع الهيئة إلى الاعتراف بضرورة إصلاح جهازها القضائي كما اعترفت بمبدأ أوضح قوانين جنائية ومدنية وجلب قضاة ذوي كفاءة وإذا كان هذا لم ينفذ رغم أن عليه فعلاً فإن الشعب عندما يتبين له أن الحكومة تنوي عدم التنفيذ لما اتفق بشأنه لن يتأخر عن اتخاذ الخطوات الإيجابية التي تضمن تحقيق ذلك».


الهيئة تطالب بحرية التعبير

تحدثت الهيئة عن إيقاف صحيفة «الوطن» التي كانت تصدر في الخمسينيات بالقول: «لقد كان للإجراء التعسفي الذي اتخذته الحكومة بإيقاف صحيفة «الوطن» أسوأ الأثر في نفوس المواطنين جميعاً لأن في هذا الإجراء انتهاكاً صريحاً لحرية التعبير ولأنه لا تستند لأي أساس قانوني. لقد طالبت الهيئة بإلغاء الرقابة وسن قانون عادل للصحافة بدلاً من هذا القانون الحالي الجائر. ومع ذلك فإن قانون الصحافة للعام 1954 والإعلام الذي استندت إليهما في الحكومة إيقاف صحيفة «الوطن» لا ينصان إطلاقاً على تعطيل أية صحيفة على هذه الصورة التعسفية. فقد درسناهما مادة وكلمة كلمة ومع ذلك لم نجد فيمهما ما يسوغ للحكومة اتخاذ مثل هذا الإجراء الذي أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه أجراء تعسفي مجحف صدر من دون مراعاة للحق والعدالة. إن الصحافة هي اللسان المعبر عن آمال الشعب ورغباته واتجاهاته والمتنفس الوحيد لهذا الكبت الذي يعاني منه شعبنا الأمرين».

وفي بيان آخر قالت: «إن حرية التعبير عن رأي مقدس لكل مواطن وقد كافحت الإنسانية كفاحاً مريراً للظفر بهذا الحق وانتزاعه قسراً من مخالب الرجعية والإقطاعية والاستعمارية, وللهيئة مواقف مشرفة في الدفاع عن هذه الحرية ما اضطر المسئولين إلى رفع الرقابة عن الصحف أخيراً. وسنكافح حتى نضيف إلى هذا النصر نصراً جديداً وذلك بإلغاء قانون الصحافة الحالي، لأنه قانون رجعي جائر، واستبداله بقانون يتمشى وروح التطور الحديث. ولقد اقترن هذا الدفاع عن حرية الرأي والتعبير من جانب هيئتكم بجهود كبيرة في إلقاء الأضواء على فساد الحكم الفردي في البحرين سواء في بلاغاتنا أو بياناتها أو في مذكراتها العديدة التي رفعتها إلى جهات مختلفة...

لقد كان المسئولون يحرصون على أن تظل حركتنا وأهدافها محلية لا تتسرب أنباؤها وتطوراتها إلى خارج البلاد. ولقد بدلوا من جانبهم جهوداً كبيرة لفرض هذا الحصار. ولكننا من جانبا قمنا بعدّ دراسة وافية للموضوع بجهود جبارة مضادة للخروج بقضيتنا من نطاقها المحلي وعرضها أمام الرأي العربي والعالمي وقد كللت مساعينا بالنجاح ولمس المواطنون أنفسهم أثار ما نشرته ولاتزال تنشره الصحف العربية والأجنبية عن حركتنا وفي ما أذاعته ولاتزال تذيعه وكالات الأنباء والإذاعات عنها. هذا مع العلم بأن أكثر ما ينشر لا يتاح لأكثر المواطنين الاطلاع عليه. ولاشك في أن نصرنا في هذه وستميد به، لا محالة».


تواصل الهيئة مع ما مكان يجري في مصر

قالت الهيئة في أدبياتها: «لقد نسينا أن نذكر في مقدمة مكاسب هذه الحركة المؤزرة بالتوفيق إن شاء الله تلك البعثات التي بدأت الهيئة إرسالها إلى مصر، قلب العروبة النابض، منذ السنة الماضية (1955)، وتلك المؤازرة القيمة والتعاون الصادق الذي تلقاه في الميدان الثقافي من الحكومة المصرية ومن المؤتمر الإسلامي في القاهرة.

وسنواصل إرسال هذه البعثات بإذن الله، سنة بعد أخرى لكي نفسح المجال أمام شبابنا الظامئ إلى المعرفة للارتشاف من مناهلها العذبة، والعودة إلى بلاده أصلب عوداً وأوسع وأكثر خبرة وتجربة، وبذلك يستطيع أن يساهم في بناء نهضتها مساهمة واعية فعالة.

وبعد، فعلى رغم هذه المكاسب المعنوية والمادية، فنحن ندرك أننا لانزال في بداية الطريق وأن أمامنا جهاداً شاقاً ونضالاً لا هوادة فيه. ولكننا ندرك أيضاً أن ما حققناه حتى الآن هو الدعامة التي سنشيد عليها مكاسبنا القادمة، وهو نقطة الانطلاق نحو غد أفضل، ومستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً، وذلك بفضل وحدة هذا الشعب وإيمانه وعزائم أبنائه التي لا تلين».


الخارجون على الإجماع

تطرقت أدبيات الهيئة إلى بعض من حاول التصدي لها بالقول: «لقد ابتلى الله هذا الوطن الحبيب بشرذمة من بائعي الضمائر وفاسدي الذمم، فراحوا ينفثون سمومهم بين المواطنين وهم يتوهمون أن أقوالهم ستلاقي قبولاً وأنهم بهذه المساعي سيرتفعون قليلاً من الحضيض الذي يتمرغون في وحله بعد أن أنزلهم الشعب إليه وغمس في رغامه.

إلى هؤلاء الذين يحاولون النيل من الهيئة ومطالب هذا الشعب الأبي الكريم نقول، إن هؤلاء الرجال ماضون في تأدية وأجبهم الوطني المقدس، وأن مطالب الشعب لابد أن تتحقق مهما حاولوا أن يثبطوا الهمم ويضعفوا العزائم، فالشعب قد قال كلمته ولابد له أن ينفذها، كما يربطه بالهيئة يمين مقدس على كتاب الله الكريم، فلن يحنث بهذا القسم أحد ولن يتقاعس عن تحقيق هذه المطالب الوطنية العادلة مواطن مهما عظمت التضحيات في سبيلها ومهما اعتور الطريق إليها من عقبات.

أيتها الشرذمة الضالة! لفقوا ما شئتم من أكاذيب وابذروا ما أردتم من بذور البغضاء والدسائس الفاسدة واستلموا ثمناً لها ما استطعتم من مبالغ وترقيات ومقاولات، فإن الشعب يعرفكم فرداً فرداً والشعب لابد أن ينتصر وعندئذ تحين ساعة الحساب وستعلمون أي منقلب تنقلبون.

إن الهيئة لعلى أتم الاستعداد أن تتقبل أي انتقاد نزيه أو توجيه مفيد، رائدها الإصلاح والمنفعة العامة. أما هذا النعيق المغرض في الظلام، فلن يضير أسماعنا ولا سمعتنا شيئاً ولن يبلغ بكم يا سماسرة السوء شأوا.


ملاحظة على بعض المصطلحات

من الملاحظ أن أدبيات الهيئة كانت تستخدم في أدبياتها مصطلح «البحراني» للإشارة إلى تعريف المواطن المنتمي للبحرين، وبالفعل أن النخبة السياسية (من كل الفئات الشيعية والسنية) في البحرين كانت تعتمد المصطلح الصحيح من الناحية اللغوية طوال تلك الفترة، وهذا الوضع استمر حتى منتصف الستينيات عندما حسمت مؤسسة نقد البحرين المصطلح من الناحية الرسمية عبر تسمية الدينار بـ «دينار بحريني»، وبعد ذلك أصبح هذا هو المصطلح الرسمي المعتمد.

أما في الفترات السابقة لم يكن المصطلح يمثل إشكالية طائفية، وحتى أن الحزب الشيوعي في البحرين الذي تأسس في خمسينيات القرن الماضي اسمه «جبهة التحرير الوطني البحرانية»، وكانت الأدبيات إذا أرادت أن تشير بالخصوص إلى أبناء البحرين من الشيعة العرب فإن المصطلح المستخدم هو «البحارنة»، وهو أمر مستمر لحد الآن. ولكن مصطلح «بحراني» تم تسييسه بعد تلك الفترة، ولأن شعب البحرين متآخٍ، فإنه تقبل توحيد المصطلح الجديد في تعريف المواطن المنتمي للبحرين على أساس أنه «بحريني».

كما أن الهيئة كانت تعظم مقام الحاكم، وتستخدم في مراسلاته مصطلح «عظمة الحاكم»، أو «صاحب العظمة». غير أن الهيئة كانت قد تأثرت بالخطاب المستخدم في مصر، واستخدمت مصطلح «الاستعمار» لتعريف دور المستشار البريطاني وغيره من الجهات البريطانية، على رغم أن البحرين كانت تحت ترتيب مختلف عن الاستعمار المباشر، وهو ما يسمى بـ «الحماية». كما مصطلح «التمييز» أعادت إنتاجه الهيئة واستخدمته لوصف تفضيل الأجنبي على ابن البحرين سواء كان سنياً أم شيعياً

العدد 3440 - الإثنين 06 فبراير 2012م الموافق 14 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً