العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ

مملكة رمضانية في قلب لندن!

حينما تكون في لندن وتريد أن تعيش أجواء شهر رمضان فلن تحتاج إلى أي دليل سياحي... الوجهة واضحة؛ إنه شارع «أدجوار رود»، شارع العرب والباكستانيين والإيرانيين الذي يتحول خلال شهر الصوم إلى مملكة رمضانية في قلب العاصمة البريطانية.

ويشهد هذا الشارع تنافسا شديدا بين تمور «دقلة النور» التونسية، وتمر «ماهان» الإيراني، وتمر «المدينة المنورة» من أجل الولوج إلى سلة الصائمين.

وعلى واجهة أحد سلسلة «المطاعم الحلال» المنتشرة على طول شارع «أدجوار رود» يمكنك قراءة لافتة ألصقت على واجهة المحل كتب عليها: «وجبة رمضان... شوربة اليوم... طبق اليوم الرئيسي... فتوش... مشروب... مهلبية».

ومقابل هذا المحل المصري ينتصب محل إيراني على واجهته لافتة بالفارسية تبين أنه يملك «حلال كوشت»؛ أي إنه يبيع «اللحم الحلال»، فيما ينصب تاجر يبيع صحفاً باللغة الأردية (لغة الباكستانيين) تحاذيه سلع غذائية جلها باكستانية المصدر.

وفي الحقيقة، فإن شارع «أدجوار رود» الواقع وسط مدينة لندن على اسم محطة أنفاق مترو سميت باسمه، وذاع صيتها نظراً إلى ستهدافها في تفجيرات أنفاق لندن في يوليو/ تموز - يعتبر شارع العرب بامتياز في العاصمة البريطانية.

ولم يكن تنامي حضور الجاليات الإيرانية والباكستانية فيه إلا في السنوات الأخيرة الماضية.

ويقول عمرو القادم من لبنان: «انظر إلى هذا الجسر الذي يقسم شارع أدجوار رود إلى قسمين (جسر كيلنبرن) إنه يفصل بيننا نحن العرب وبين الإيرانيين والباكستانيين». ولكنه يضيف مشددا: «طبعا، كلنا عرب ومسلمون ديننا واحد ورمضاننا واحد».

«أمة واحدة»

وعلى رغم حال شبه الانقسام التي يعيشها الشارع بين نقاط يغلب عليها العرب، وأخرى ذات وجود باكستاني وإيراني حديث، فإن السلع المنتشرة في المحلات لا تعرف تقسيمات ولا جنسيات ولا جسوراً فاصلة، «إنها أجواء رمضان ومملكته»، كما تعلق اختيار ( عاماً) ذات الأصول الباكستانية.

ففي المحل نفسه الإيراني أو العربي تتراص تمور «ماهان» القادمة من إيران مع تمور «دقلة النور» التونسية، وتحاذيها تمور قادمة من المدينة المنورة (المملكة العربية السعودية).

وتقول «اختيار» الخارجة للتو من مركز «سندباد» الإيراني التجاري: «أنا من أصول باكستانية ومتزوجة من لبناني، ولا يهمني أن تكون السلعة قادمة من لبنان أو من إسلام آباد، المهم أنها حلال، ومن أرض الإسلام، وهذا يكفي».

وتضيف: «لا أشعر بطعم رمضان إلا في هذا الشارع؛ حيث أعيش منذ عاماً وأشعر أننا جميعا (باكستانيين وعرباً وإيرانيين) نعيش أجواء واحدة، وأن اشتراكنا في الصيام في شهر رمضان يزيد من هذه اللحمة، فكلنا أمة الإسلام».

حملات رمضانية

وبسبب التركز الإسلامي في هذا الشارع بالذات، وبصرف النظر عن أصول مسلميه الجغرافية، فإنه، وربما لم يكن من المصادفة، أن اختارت منظمة «مسلم إيد» (الإعانة المسلمة) البريطانية شارع «أدجوار رود» لحملتها الرمضانية للإعانة والتبرع هذه السنة.

فقد ألصقت المنظمة مجموعة من الإعلانات على واجهة نقاط الهواتف العمومية المنتشرة على رصيف الشارع باللغتين العربية والإنجليزية.

وعلى تلك الملصقات كتبت هذه العبارة: «خلال شهر رمضان دعونا نعيد الأمل». وفي خلفية الجملة صورة فتاة حزينة جالسة قبالة ساحة خراب وخيمة، ولا تحدد هذه الصورة هل هذه الفتاة من لبنان أم كشمير أم الشيشان أم فلسطين أم غيرها؟

وغير بعيد عن إعلانات «الإعانة المسلمة» يقف شاب على الرصيف يوزع إعلانات ورقية على المارة هي عبارة عن برنامج موسيقي رمضاني مخصص لمسلمي بريطانيا الذين يقدر عددهم بنحو , مليون نسمة؛ أي ما يعادل نحو , في المئة، من إجمالي السكان البالغ نحو , مليون نسمة.

وفي هذا البرنامج «أغان صوفية تركية» للفنان التركي «ميركان ديدي»، وللفنانة المغربية الأصل «نتاشا أطلاس»، وحفل آخر للفنان الإفريقي المالي الصوفي «علي فركا توري».

ومن المفارقات التي ربما لا يعرفها سكان ومارة شارع «أدجوار رود» أنه كان حتى مطلع الستينات من القرن الماضي أبرز نقاط تمركز الطائفة اليهودية البريطانية في لندن التي اختارت في هذا التوقيت أن تنتقل إلى أحياء أكثر رفاهية في العاصمة.

ويعج هذا الشارع الآن بأكبر نسبة من محجبات بريطانيا بين المارة فيه. وافتتح به أول فرع لـ «البنك الإسلامي البريطاني»، كما نظمت فيه منظمة «المهاجرين» التابعة لحزب التحرير الإسلامي استعراضاتها الجماهيرية.

ويبقى شارع «أدجوار رود» على الدوام شارع المهاجرين والأقليات، فبعد اليهود والايرلنديين وعمال مصانع لندن أصبح الشارع اليوم شارع المسلمين بامتياز

العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً