العدد 3587 - الإثنين 02 يوليو 2012م الموافق 12 شعبان 1433هـ

قطاع السيارات في أوروبا الغربية يشهد تراجعاً... والركود محتمل

في دراسة لـ «أليكس بارتنرز»

كشفت دراسة أعدَّتها «أليكس بارتنرز»، الشركة العالمية المتخصصة في مجال الخدمات الاستشارية، مؤخراً تحت عنوان «تطلعات قطاع السيارات العالمي» أن قطاع صناعة السيارات في أوروبا الغربيّة قد يواجه موجة هبوط للمرة الثانية على التوالي خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك على رغم استمرار قطاع السيارات العالمي في تحقيق المزيد من النمو عموماً، وهو ما سيحمل تبعات كبيرة على هذا القطاع الذي يواجه جملة من التحديات الصعبة.

وتتوقع الدراسة أن تشهد سوق السيارات في أوروبا الغربية هذا العام تراجعاً في مستوى الطلب بواقع مليون سيارة لتقتصر عمليات البيع على 13.5 مليون سيارة جديدة، وهو ما يشكّل هبوطاً بواقع 3.3 ملايين سيارة قياساً بما كان عليه الوضع العام 2007 قبل حدوث الأزمة المالية العالمية. وستزيد الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو من مشكلات القطاع سوءاً؛ إذ تستبعد «أليكس بارتنرز» أن يصل حجم مبيعات القطاع إلى 16 مليون مركبة مجدّداً قبل حلول العام 2020.

كما ستفضي حال انعدام اليقين بين أوساط المستهلكين نتيجة الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو وارتفاع معدّلات البطالة في أوروبا إلى تراجع الاستهلاك الخاص الذي شهد ارتفاعاً بواقع 0.3 في المئة فقط في أوروبا خلال العام الجاري (2012)، ومن المتوقع أن يواجه هذا الاستهلاك انخفاضاً بواقع 0.5 في المئة العام المقبل. وتؤكد «أليكس بارتنرز» أن موجة التراجع في قطاع السيارات لا تسير بسوية واحدة في جميع أنحاء أوروبا؛ بل تتركز في مناطق محددة أكثر من غيرها؛ إذ شهدت أسواق بلجيكا وإيطاليا وفرنسا هبوطاً من خانتين في نسبة المبيعات وسط توقعات باستمرار الحال السلبيّة فيها، بينما سجّلت أسواق المملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا انخفاضاً معتدلاً نسبياً تتراوح نسبته بين 0.8 في المئة - 2.4 في المئ، في وقت تشهد فيه أسواق روسيا وبولندا نمواً إلى حد ما.

وفي معرض تعليقه على الدراسة، قال الرئيس المشارك لشركة أليكس بارتنرز، والمسئول عن عمليات الشركة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ستيفانو أفيرسا: «مع انحدار بعض الأسواق الأوروبية مثل إيطاليا إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عاماً، من المتوقع أن تهوي مبيعات السيارات الأوروبية بواقع 7 في المئة خلال هذا العام. وستكون فرص تحقيق انتعاش في الأسواق صعبةً خلال العام 2013، ولاسيما في ظل الأوضاع الراهنة. وبالتالي فإننا نتوقع أن يشهد الطلب نوعاً من التراجع في أسواق أوروبا الغربيّة».

حاجة ملحة لاندماج الشركات

يزداد الوضع في أوروبا سوءاً نتيجة الارتفاع المتواصل لفائض القدرات الإنتاجية. وفيما كان للأزمة الاقتصاديّة التي واجهت أميركا الشمالية بين عامي 2008-2009 أثر إيجابي في تنظيم قطاع السيارات، نرى في المقابل أن جميع مصانع السيارات في أوروبا الغربية تقريباً بقيت قيد التشغيل؛ إذ لم يتم إغلاق سوى ثلاثة مصانع منذ العام 2007 مع افتتاح ثمانية مصانع جديدة في أوروبا الشرقية خلال الفترة ذاتها.

ونتيجة لذلك، تظهر الدراسة أن 40 في المئة من المصانع الأوروبية تعمل حالياً تحت نقاط تعادلها المالية بما يضاهي استخدام قدراتها الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 75 في المئة - 80 في المئة، علماً أن المصانع ذات الاستفادة الأدنى من مستوى قدرتها الإنتاجية تتواجد بصورة رئيسة في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، بالإضافة إلى بعض الأسواق المتنامية مثل روسيا وتركيا. كما توضح الدراسة أن الشركات التي تتمتع بأفضل مستويات الإنتاج هي الشركات الجديدة منخفضة الكلفة كما هو حال الشركات الكورية.

وأضاف أفيرسا «لا تقتصر أضرار فائض القدرات الإنتاجية على انحسار الاستفادة من المصانع وتراجع مستوى تنافسيتها فحسب؛ بل في كونها تجبر الشركات أيضاً على طرح سياراتها في السوق بأسعار منخفضة للغاية. فعلى سبيل المثال، يبلغ المعدل الحالي للخصم على أسعار السيارات في ألمانيا 2400 يورو عن السيارة الواحدة مقارنةً مع 2200 يورو في العام 2007. ولابد بطبيعة الحال أن يتوافق حجم الإنتاج في أوروبا مع مستوى الطلب على المدى الطويل ليكون بمقدور صانعي السيارات تحقيق أرباح مجزية من جديد».

الشركات المصنعة تحت وطأة الضغوطات

تُظهر دراسة «أليكس بارتنرز» أن الانخفاض الحالي لحجم الطلب في أسواق السيارات يؤثر سلباً على شركات السيارات الرائجة، وخصوصاً أن قطاعها يواجه تهديدات من الشركات الأدنى والأعلى تصنيفاً؛ إذ تتهدّدها العلامات التجارية ذات القيمة الجيدة مثل «داسيا» و»هيونداي» و»لادا» و»كيّا» في وقت تطرح فيه علامات تجارية راقية مثل «أودي» و»بي إم دبليو» و»مرسيدس» موديلات جديدة في قطاعات السوق التي تتمتع فيها شركات السيارات الرائجة عادةً بالحضور الأقوى.

وينعكس هذا الجانب من خلال مستويات الربحيّة التي تحققها الشركات المصنّعة الفردية؛ فبحسب الدراسة، سجّلت شركة «بي إم دبليو» هامش ربح بنسبة 11.8 في المئة بفضل نجاحها ومكانتها الرائدة في السوق، كما حققت شركة «هيونداي» مستويات ربحيّة إيجابية بنسبة 10.4 في المئة لتكون بذلك من العلامات التجارية الأكثر نجاحاً من حيث القيمة، في حين تسجّل العلامات التجارية الرائجة الأخرى، ولاسيما تلك الموجهة بصورة رئيسيّة نحو السوق الأوروبية، مستويات ربحيّة طفيفة؛ بل وخسائر أيضاً في بعض الأحيان.

وقد أبدت بعض شركات السيارات الرائجة استجابةً حيال هذه التحديات بشكل أو بآخر؛ إذ قام العديد منها بتوحيد علاماتها التجارية مع علامات أخرى مثل شركة «رينو» مع «داسيا» و»فولكس فاغن» مع «سكودا»، بينما تدأب الشركات الأخرى على التوجه إلى تصنيع السيارات الفاخرة كما هو حال شركة «سيتروين» التي طرحت سلسلة جديدة من سيارات «دي إس». وأكدت الدراسة أنه من الصعب إيجاد فجوة في هذه الاستراتيجية القائمة على توسيع موديلات السيارات التي تصنعها الشركات الراقية؛ كما أن صورة الشركات الرائجة بالكاد تسمح لها برفع الأسعار، بينما تلعب أساليب تطبيق الاستراتيجيات دوراً جوهرياً في تحقيق النجاح.

استراتيجيات الوحدات

وفقاً لدراسة «أليكس بارتنرز»، يعتبر التنفيذ أيضاً عاملاً محورياً لنجاح استراتيجيات الوحدات والمنصات المشتركة، وعنصراً مهماً لنجاح أي شركة في المستقبل. وتشير الدراسة إلى أنه من المرجّح أن يزداد عدد الموديلات التي تعتمد على منصات التصنيع نفسها بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، وبأنه يمكن أن ترتفع نسبة الأجزاء المشتركة ضمن الموديلات المختلفة للمنصة الواحدة إلى ما يصل إلى 70 في المئة بحلول العام 2014. وبلغ المعدّل الوسطي للوفورات التي حققتها بعض الشركات التي تتبع هذه الاستراتيجية 4 في المئة من التكاليف المتعدّدة، و30 في المئة من الاستثمارات، و55 في المئة من الإنفاق على البحوث والتطوير.

وترى الدراسة أنه سيكون من المستحيل على صانعي السيارات إطلاق موديلات جديدة دون الوفورات التي حققتها استراتيجيات وحدات الأجزاء المشتركة؛ إذ تنتج شركات مثل «فولكس فاغن» و»بيجو» و»رينو» ما معدله أربعة نماذج لكل منصة، في حين تنتج شركة «هيونداي» خمسة نماذج. وبحسب الدراسة، فإنه يجب على العديد من الشركات البحث في إمكانيات تحقيق وفورات إضافية من خلال إبرام الشراكات مع شركات التصنيع في مجالات التطوير، والإنتاج، والشراء، وسلاسل التوريد.

المورّدون يتعافون

شهد قطاع التوريد الأوروبي - الذي تأثر بالأزمة المالية بشكل كبير - انتعاشاً مهماً في أعماله بحسب الدراسة؛ إذ انخفضت حالات الإفلاس ومخاطر الإعسار النقدي في القطاع بشكل ملحوظ منذ العام 2009، ويقتصر الخطر الآن على 11 في المئة فقط من الشركات. وتفوقت شركات التوريد مرة أخرى على شركات صناعة السيارات من حيث الربحية بهامش أرباح يصل إلى 10 في المئة قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك.

العدد 3587 - الإثنين 02 يوليو 2012م الموافق 12 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً