العدد 3687 - الأربعاء 10 أكتوبر 2012م الموافق 24 ذي القعدة 1433هـ

الاستخبارات لم تتلق أي تحذير قبل هجوم بنغازي... ومقتل السفير الأميركي ليس له علاقة بالفيلم «المسيء»

«واشنطن» تدافع عن نفسها تحت ضغط الجمهوريين:

السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز
السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز

سرد مسئولون في وزارة الخارجية الأميركية وصفاً تفصيلياً للأحداث المأسوية التي شهدتها بنغازي والتي أدت إلى مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا لكنهم تراجعوا عن تأكيدات سابقة بأن سبب الأحداث هو احتجاجات على فيلم مسيء للنبي محمد.

وقدم المسئولون أمس الأول (الثلثاء) إفادة صحافية عما حدث قبل جلسة استماع للكونغرس الأميركي عقدت أمس (الأربعاء) بشأن الهجوم الذي وقع الشهر الماضي والتي ركزت على الأخطاء الأمنية التي ارتكبتها وزارة الخارجية الأميركية. وتحدث المسئولون تفصيلياً عن الجهود المحمومة التي استغرقت وقتاً طويلاً لإنقاذ السفير كريستوفر ستيفنز من «ملاذ آمن» امتلأ بالدخان داخل مجمع دبلوماسي أميركي في مدينة بنغازي حيث لفظ أنفاسه اختناقاً فيما يبدو. وأصبح مقتل ستيفنز والتشوش الذي ارتبط بالهجوم موضوعاً لجدل حزبي شديد في واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة التي تسبق انتخابات الرئاسة التي تجرى في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني. وقال مسئولو وزارة الخارجية إن ضباط أمن زحفوا وسط دخان كثيف لمحاولة التوصل إلى مكان السفير الذي نقل بطريقة ما من المجمع إلى مستشفى في المدينة.

وذكر المسئولون أن الحكومة الأميركية علمت مكانه بعد أن اتصل شخص بالأرقام الموجودة على هاتفه المحمول. وقال مسئول «لا نعلم بالضبط كيف وصل السفير إلى المستشفى. هذه إحدى المسائل التي نتمنى أن نصل إلى حقيقتها خلال عمليات المراجعة التي تجرى والمعلومات التي ما زلنا نبحث عنها». وذكر المسئولون أيضاً أنه لم يكن هناك «شيء غير معتاد» حول القنصلية الأميركية في بنغازي قبل الهجوم. ولمحت أقوال سابقة لمسئولين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية منهم السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس إلى أن الهجوم وقع نتيجة احتجاجات بسبب فيلم مسيء للنبي محمد أنتج في ولاية كاليفورنيا.

إلا أن مسئولين قالو إن هذا الاعتداء الذي قتل فيه السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة عناصر أميركيين لم يكن على صلة إطلاقاً بالفيلم المسيء للإسلام الذي كان في ذلك الوقت بدأ يثير اضطرابات في العالم العربي والإسلامي.

وقال المسئولون إن الهجوم «غير مسبوق في ليبيا ... وفي تاريخ الدبلوماسية الحديث» مؤكدين أن واشنطن لم تكن لديها «أي معلومات يمكن استخدامها» بشأن «اعتداء مخطط له أو وشيك».

وأدلى مسئولون في مكتب الأمن الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية بشهاداتهم في جلسة لمجلس النواب أمس (الأربعاء) ومن القضايا الرئيسية التي تطرق إليها المجلس ما إذا كانت وزارة الخارجية رفضت طلبات من دبلوماسيين لزيادة الأمن في البعثة الدبلوماسية الليبية بعد شهور من حوادث العنف.

ووصف مسئول كبير هجوم بنغازي بأنه غير مسبوق وقال إن الإجراءات الأمنية كان يجرى تعديلها دوماً. وقال المسئول «نحاول أن نحد من المخاطر. لا يمكن أن نقضي عليها تماماً». ووصف المسئولون الفيلا المستأجرة التي كان يختبئ فيها ستيفنز بأنها فيلا كبيرة للإقامة بها عدد من غرف النوم. وكان نصف أحد طوابقها «ملاذاً آمناً» محصناً ببوابة وأقفال. وقال المسئول إن ستيفنز وصل إلى بنغازي في العاشر من سبتمبر/ أيلول وفي اليوم التالي عقد سلسلة من الاجتماعات في المجمع. وكان آخر زائر له دبلوماسي تركي رافقه إلى البوابة الرئيسية الساعة الثامنة والنصف ليلاً بالتوقيت المحلي. وفي الساعة 9:40 ليلاً سمع ضباط أمن في بنغازي ضوضاء صاخبة عند البوابة وإطلاق نار وانفجار. ودخل عدد كبير من المسلحين المجمع. وتوجه أحد الضباط المسلحين لإخراج السفير من غرفة نومه وأيضاً شون سميث وهو ضابط مسئول عن إدارة المعلومات. ودخل الثلاثة إلى ما يسمى «الملاذ الآمن» واتصل الضابط لاسلكياً بضباط آخرين ليبلغهم أن ستيفنز موجود في الملاذ الآمن. وحاول ضباط آخرون دخول الفيلا لكنهم واجهوا مجموعة كبيرة من المسلحين فتراجعوا إلى مبنى آخر في المجمع وتحصنوا به. وتدفق عدد كبير من المهاجمين على الفيلا وتجولوا في منطقة المعيشة وحاولوا دخول «الملاذ الآمن» لكنهم لم يتمكنوا. وراقب الضابط الذي كان يحمي ستيفنز تحركاتهم وتأهب لإطلاق النار عليهم. وكان المهاجمون يحملون عبوات من الوقود سكبوها على الأثاث وأشعلوا النار. وامتلأ المبنى بدخان أسود وانتقل ستيفنز وسميث وضابط الأمن إلى دورة مياه في المنطقة الآمنة حيث فتحوا نافذة لكن رغم ذلك لم يتمكنوا من الحصول على ما يكفي من الهواء. وقرروا ترك المكان عبر غرفة نوم مجاورة وفي الخارج كانت هناك أعيرة نارية ودخان وانفجارات. وقال المسئولون إن ضابط الأمن الذي لم يكشفوا عن اسمه كان يعاني «بشدة» من استنشاق الدخان ولم يكن قادراً على التنفس. ترك هو الفيلا أولاً وفقاً للقواعد ولكن عندما استدار لم ير الإثنين. وعاد حتى يحاول إنقاذ ستيفنز لكنه لم يتمكن من العثور عليه. دخل المبنى وخرج منه أكثر من مرة قبل أن يتغلب عليه الدخان. تسلق الضابط سلماً إلى السطح حيث خر على الأرض واتصل لاسلكياً بضباط آخرين وصلوا لمواصلة عملية البحث عن ستيفنز وسميث. بعد ذلك جاء ستة من أفراد الأمن من ملحق أميركي مجاور ومعهم أفراد من مليشيا ليبية تعرف باسم لواء 17 فبراير. وقال المسئول إنه لم تكن هناك أوراق سرية كان يجب حمايتها في البعثة حيث كان ستيفنز موجوداً. وعندما سئل المسئول عما إذا كان أحد قد نصح ستيفنز بعدم التوجه إلى بنغازي يوم 11 سبتمبر أجاب «لابد أن يتحرك السفراء... لابد أن يخرج السفراء ويلتقون بنوعيات مختلفة من الأفراد خاصة في دول لها مراكز متعددة للنشاط أو السلطة. لابد أن يحدث هذا».

العدد 3687 - الأربعاء 10 أكتوبر 2012م الموافق 24 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً