العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ

تقييد التمويل العقاري في الإمارات قد يبطئ تعافي السوق

الاستثمارات العقارية تعود إلى دبي من جديد
الاستثمارات العقارية تعود إلى دبي من جديد

في سبتمبر/ أيلول الماضي وقف الناس لساعات خارج مقر إعمار العقارية، أكبر شركة تطوير عقاري في دبي، منتظرين فرصة لشراء وحدات في مجمع للشقق الفاخرة.

ولم تكن أعمال البناء في المجمع، الذي يقع في منطقة راقية في دبي، قد بدأت بعد، لكن المشترين، ومن بينهم أجانب من أوروبا وآسيا، إضافة إلى مواطنين إماراتيين، كانوا يتوقون للحصول على الشقق، وعلى استعداد للتعاقد بناءً على خطط البناء.

وكان بعضهم يأمل في تحقيق مكسب حتى قبل استكمال الوحدات من خلال بيع وحدته إذا ارتفعت أسعار العقارات. ويشبه هذا المشهد، ولو على نطاق أضيق، ما حدث في فقاعة دبي العقارية التي تكونت في منتصف العقد الماضي حين دفعت المضاربات المحمومة أسعار العقارات للارتفاع بشدة.

ومن خلال وضع حد أقصى للإقراض العقاري لمّح مصرف الإمارات المركزي هذا الأسبوع إلى أنه مصمم على عدم السماح بتكون فقاعة أخرى.

وقد تضمن هذه القواعد الجديدة التي وضعها البنك المركزي نمو الدولة الغنية بشكل أكثر استقراراً مما حدث على مدى العقد الماضي من ازدهار وركود. لكن تلك القواعد قد تضر أيضاً التعافي الوليد في سوق العقارات، إضافة إلى أن الطريقة المفاجئة التي ظهرت بها تسلط الضوء على مخاطر القيام بأنشطة أعمال في مناخ تنظيمي لا يمكن التنبؤ به.

وقال مصرفي في بنك تجاري بأبوظبي، طلب عدم الكشف عن هويته نظرا للحساسية السياسية والتجارية للموضوع: «لم تكن هناك أية مشاورات حول تلك المسألة... إنه قرار من جانب واحد اتخذه المصرف المركزي. ليس من المعقول تقييد الإقراض للمغتربين في الوقت الذي تشهد فيه سوق العقارات بداية التعافي».

وأرسل المصرف المركزي تعميماً للبنوك التجارية ينص على ألا تتجاوز القروض العقارية الممنوحة للأجانب 50 في المئة من قيمة العقار في المرة الأولى لشراء منزل، و40 في المئة لعمليات الشراء التالية للمنازل.

وتم وضع حد أقصى للمواطنين الإماراتيين عند 70 في المئة من قيمة العقار في المرة الأولى لشراء منزل، و60 في المئة لعمليات الشراء التالية. ويشكل الأجانب نحو 80 في المئة من سكان دولة الإمارات البالغ عددهم نحو ثمانية ملايين نسمة، وهم مشترون رئيسيون في مناطق محددة يسمح لهم بتملك العقارات فيها.

وقال رئيس قسم أسواق رأس المال لدى جونز لانج لاسال للاستشارات، جوراف شيفبوري: «تتم نحو 30 إلى 40 في المئة من مبيعات المنازل والعقارات التجارية في الإمارات من خلال التمويل العقاري. يقدر مصرفيون أن نحو 60 إلى 70 في المئة من عملاء التمويل العقاري في البلاد مغتربون».

لذا فإن القواعد الجديدة للمصرف المركزي، وهي مشابهة لقواعد في دول أخرى، من بينها سنغافورة، قد يكون لها تأثير كبير على القطاع العقاري.

وقال رئيس وحدة استراتيجية الأسواق ببنك أبوظبي الوطني، شافان بوجيتا: «عندما تنفذ تلك القواعد فإنها قد تأخذ معها بعض الفوران في سوق العقارات السكنية من منظور المبيعات. ورغم ذلك فعلى الأمد البعيد أو من منظور استراتيجي أعتقد أن تلك الخطوة ستساعد على إبعاد المضاربين عن السوق، وهذا قطعاً جانب إيجابي».

والسؤال الذي طرحه كثير من المصرفيين والمطورين العقاريين الإماراتيين هذا الأسبوع، هو هل تسرع المصرف المركزي في قراره بما قد يهدد التعافي في سوق العقارات الذي بدأ يظهر فقط في الأشهر القليلة الماضية؟ وهبطت أسعار العقارات في الإمارات أكثر من 50 في المئة في الفترة بين العامي 2008 و2011، الأمر الذي أدى إلى أزمة ديون للشركات في دبي، كان من نتائجها إعادة هيكلة ديون تقدر بمليارات الدولارات.

وفي 2012 بدأت أسعار السكن تنتعش في بعض أنحاء دبي، وعاودت شركات التطوير العقاري وضع خطط لإقامة مشروعات للإسكان الفاخر.

وقال العضو المنتدب لدى أبوظبي للأوراق المالية، محمد علي ياسين، إنه لا يعتقد أن القواعد الجديدة ستنهي التعافي في سوق العقارات، لكنها ربما تبطئ وتيرته.

وتابع: «ستواجه البنوك التي تقرض حالياً ما يصل إلى 85 في المئة من قيمة العقار تحديات للتعامل مع سقف الإقراض العقاري الجديد».

وأضاف أن نحو 40 في المئة من الإقراض المصرفي في الإمارات يتجه إلى شركات عقارية. وهناك جانب آخر في التعميم أثار قلقاً، وهو صدوره على نحو مباغت.

فقد قال مصرفيون من بنوك تجارية إنهم فوجئوا بتلك الخطوة، ودعوا إلى اجتماعات على مدار اليوم الأخير من العام 2012 لتقييم تأثير ذلك على أعمالهم.

وقال كثير منهم إنهم يريدون معرفة تفاصيل لم ترد في التعميم الموجز. فعلى سبيل المثال لم يتم تحديد إطار زمني للتنفيذ، ولم يتضح بعد ما إذا كانت القواعد ستؤثر على القروض العقارية القائمة أم لا.

وقال المدير العام للتجزئة المصرفية لدى بنك الإمارات دبي الوطني أكبر بنك في دبي، سوفو ساركار: «لا يزال الوقت مبكراً لتحليل التداعيات. سنجري اتصالات مع المصرف المركزي قريباً جداً لاستيضاح بعض المسائل مثل الإطار الزمني للتنفيذ».

وقالت تقارير لوسائل إعلام محلية إن شركة التطوير والاستثمار السياحي الحكومية بأبوظبي وقعت اتفاقاً مع مصرف أبوظبي الإسلامي في ديسمبر/ كانون الأول للبدء في تقديم تمويل عقاري للمستثمرين يبلغ 100 في المئة من قيمة العقار بما يصل إلى 30 مليون درهم (نحو 8.2 ملايين دولار) لشراء منازل فاخرة في جزيرة السعديات بأبوظبي.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت القواعد الجديدة ستطبق بصرامة، حيث حاول المصرف المركزي في السابق تنظيم إقراض البنوك التجارية، لكنه تراجع بعد أن احتجت البنوك.

وأعلن المصرف المركزي في أبريل/ نيسان أن البنوك سيتعين عليها اعتبارا من 30 سبتمبر الالتزام بحد أقصى لإقراض الكيانات المرتبطة بالحكومة، لكن بعض البنوك الكبرى كانت متجاوزة لتلك الحدود حين انقضى الموعد النهائي المحدد.

وفي ديسمبر أعلن المصرف المركزي تجميد تلك القواعد ريثما يتشاور مع البنوك. وربما حدت التوقعات بأن تواجه القواعد الجديدة المصير نفسه من انخفاض أسهم شركات التطوير العقاري والبنوك الإماراتية.

وهبط سهم إعمار العقارية 1.6 في المئة فقط. ورحبت إعمار، وهي مملوكة جزئيا للإمارة، بالقواعد الجديدة.

وقالت في بيان إن قرار المصرف المركزي سيساهم في دعم القطاع العقاري من خلال تشجيع المشترين الجادين على الاستثمار في العقارات.

العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً