العدد 3772 - الخميس 03 يناير 2013م الموافق 20 صفر 1434هـ

الصحة... كيف نحيا ونموت

كلنا يعرف أننا سنموت يوماً ما ولكن كيف ومتى سيحدث ذلك يعتمد بدرجة كبيرة على من نحن وأين نعيش. كما أننا نعتقد أننا نعرف جيداً الأمراض المرتبطة بالمخاطر الكبرى - كالملاريا أو الإيدز - في إفريقيا، أو السكتة الدماغية والسرطان وأمراض القلب في أميركا الشمالية وغرب أوروبا. لكن الحقيقة هي أن أنماط الوفيات ونسبة انتشار الأمراض تتغير بسرعة حول العالم.

كان هذا ما كشف عنه أكثر من خمس سنوات من جمع البيانات وتحليلها التي توّجت مؤخراً بإصدار دراسة عبء الأمراض العالمي في عام 2010. وقد شارك في إعداد الدراسة 486 مؤلفاً من 50 دولة برعاية معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطن.

من جهته، قال مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي بيتر بايوت: «إن سرعة التغيير قد فاجأت الباحثين». وأضاف قائلاً: «أعتقد أن التغيير يسير بسرعة أكبر بكثير مما كنا جميعاً نعتقد، لكن هناك أيضاً تنوعاً هائلاً».

أخبار سارة وأخبار سيئة

وتكشف الدراسة أنه يمكن للناس أن يتوقعوا العيش لفترة أطول - وفي بعض الحالات لفترة أطول بكثير. فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع بصفة عامة في جميع أنحاء العالم بأكثر من عقد منذ عام 1970. وقد أظهرت دولة جزر المالديف في المحيط الهندي تحسناً مبهراً، فبعدما كان متوسط عمر المرأة هناك 51 عاماً في سبعينات القرن الماضي ارتفع متوسط عمرها الآن بثلاثة عقود.

لكن كانت هناك خيبات أمل كذلك، وأكبرها طبقاً لما ذكره كريس موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم، هو أن المكاسب الصحية لم تكن متعادلة.

وأضاف موراي: أن «هذه التحولات السريعة في الصحة لا تترجم على ما يبدو إلى تغير في الأسباب الرئيسية لعبء المرض في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. فلدينا تقدم كمي كبير هناك حيث انخفضت معدلات وفيات الأطفال بدرجة كبيرة. وهناك تقدم - وخاصة منذ عام 2004 - في خفض الوفيات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية وآخر في الحد من الملاريا نتيجة لانتشار الناموسيات والعلاج بخليط الأرتيميسينين. لكن على رغم ذلك، مازال 65 إلى 70 في المئة من عبء اعتلال الصحة مرتبطاً بالهدف الرابع والخامس والسادس من الأهداف الإنمائية للألفية». وقد أشار موراي إلى أن الأهداف الإنمائية للألفية ستحد بدرجة كبيرة من وفيات الأطفال وتحسن من الصحة النفسية وتكافح فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا وأمراض أخرى بحلول عام 2015.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال بايوت: «بالنسبة لي المهم هو ألا نفترض أنه سيتم تحقيق جميع الأهداف الإنمائية للألفية - كما هي الآن - بحلول عام 2015، وألا نفترض أننا نستطيع ترك الأهداف تماماً ومواصلة السير بورقة عمل جديدة. فذلك سيكون كارثة. وهذا ما هو في طور الإعداد ويؤسفني أن أقول ذلك».

مواقف متغيرة

وقد لاحظ الباحثون تحولاً بعيداً عن الأمراض المعدية كسبب للوفاة نحو الأمراض غير المعدية مثل السرطان والسكتة الدماغية وأمراض القلب التي يطلق عليها غالباً أمراض «نمط الحياة». ومن بين الأمراض المعدية زاد فقط كل من الإيدز - وبدرجة أقل - الملاريا منذ عام 1990 وخاصة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

والآن يحدث 25 في المئة فقط من الوفيات في العالم نتيجة للأمراض المعدية وأسباب مرتبطة بالتغذية والصحة النفاسية والولادة الحديثة. ويحدث أكثر من 65 في المئة من الوفيات نتيجة لظروف غير معدية، وأقل من 10 في المئة فقط نتيجة للإصابات التي تكون غالبيتها على طرق مهلكة في الأماكن الأكثر فقراً في العالم.

وقالت إيرين أجيبونج من كلية الصحة العامة في جامعة غانا إن الدول الإفريقية تواجه بصورة متزايدة العبء المزدوج لمكافحة الأمراض «القديمة» إضافة إلى «الجديدة».

وذكرت أجيبونج أنه «منذ عامين قمنا بفحص البيانات الخاصة بمنطقة العاصمة أكرا التي تشكل المناطق الحضرية 90 في المئة منها الآن. وقد أدركنا أن ارتفاع ضغط الدم قد انتقل إلى المركز الثاني بين الأسباب الشائعة للذهاب إلى العيادات الخارجية وكان سبباً رئيسياً للوفاة وهو ما يعتبر مختلفاً جداً عن باقي أجزاء البلاد». وأضافت قائلة: «لقد كنت أناقش مع زميل لي أن علينا أن نبدأ البحث في أمراض القلب والشرايين في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وكان يقول لي لماذا بالله عليك تفعلين ذلك؟ إنها ليست مشكلة».

البيانات

وقد ظهر حفظ البيانات كأحد أكبر التحديات التي تواجهها الدول في تحديد الأهداف للحد من الأمراض غير المعدية.

وطبقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية فإن ما يقرب من ثلثي دول العالم فقط تملك نظم تسجيل «حيوية» وتقوم بتسجيل المواليد والوفيات بصورة كافية لتقدير معدلات الوفيات نتيجة الأسباب المختلفة. وقد لاحظت منظمة الصحة العالمية في مارس/ آذار أن 74 دولة تفتقر إلى البيانات الخاصة بأسباب الوفاة في حين أن 81 دولة أخرى لديها بيانات ذات جودة أقل.

وقال الفريق الذي يقوده معهد القياسات الصحية والتقييم إنه على رغم أن الباحثين قاموا أحياناً بإجراء دراسات حول عبء المرض، إلا أنهم يأملون في الحفاظ على قاعدة بيانات محدثة ومتاحة بحرية. وقد قدموا أيضاً مجموعة من الأدوات التفاعلية التي تقدم المعلومات من خلال تصنيفات مختلفة تشمل المنطقة وقطاع السكان. كما أنهم يخططون لإضافة تصنيف على أساس الدولة العام المقبل.

العدد 3772 - الخميس 03 يناير 2013م الموافق 20 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً