قال استشاري جراحة المخ طه الدرازي إن «وزارة الصحة سعت مراراً لاستقطاب كفاءات طبية بديلة عوضاً عن من فصلوا وأوقفوا عن العمل والمعتقلين حالياً، لكنها فشلت»، مضيفاً أنها «سعت لإنشاء وحدة خاصة بجراحة الأعصاب في مستشفى الملك حمد وقد فشلت أيضاً لعدم وجود الكادر اللازم بعد فصل وتوقيف عدد كبير منهم».

وأوضح الدرازي خلال وقفة تضامنية مع الأطباء نظمتها جمعية العمل الإسلامي «أمل» مساء أمس الأول (4 فبراير/ شباط 2013)، أن «مجموعة من الأطباء البحرينيين رفضوا التعاون مع وزارة الصحة بناءً على الموقف السلبي والعدائي الذي قامت به بحق زملائهم الآخرين، علاوة على عدم قبولهم بشغل مناصب أقرانهم الذين أقصوا منها»، مشيراً إلى أن «هؤلاء الأطباء راجعونا نظراً لكوننا مجموعة واحدة من أجل تقرير التعاون مع وزارة الصحة من عدمه، وتركنا الخيار لهم، لكن رفضوا في النهاية لأنهم تعاملوا بإيثار وبشرف مهنة بعيداً عن أي مصلحة طائفية أو مادية».

وزاد الدرازي على قوله بأن «مجموعة الأطباء الذين فصلوا من حيث العدد يعتبر صغيرا، لكن نحن ننظر للموضوع من ناحية نوعية وضمنية، فالعدد ليس معيارا ولاسيما في هذا التخصص، علماً أن أغلبية الأطباء الذين تضرروا مؤخراً هم ممن كانوا يضغطون أنفسهم لتقديم أفضل الخدمات بمحل أطباء كان يلزم توفيرهم لدعمهم. فالعناية القصوى كانت تتمتع بالأطباء الأخصائيين ومع حدوث الأزمة أبعد الأطباء (نهاد الشيراوي، حسن التوبلاني) وبقي القسم الآن على الأطباء المقيمين، وباتت وحدة العناية القصوى تستعين بأطباء التخدير للإشراف على مرضى العناية».

وذكر الدرازي أن «فصل الأطباء من الخدمة ليس لأنهم حُوكموا وترتبت عليهم إجراءات قانونية وتأديبية، فالموضوع باختصار هو من أجل استكمال عملية الانتقام السياسي المغلف بالأغلفة القانونية من أجل ردع أطباء قدموا كل ما يملكونه من علم وخبرة لإنقاذ أرواح الكثير من الجرحى الذين تعرضوا لإصابات بليغة، فهذا هو جزاء السلطة لنا وليس جزاء وزارة الصحة».

وواصل الدرازي: «نحن لا نمنّ على أحد بجهودنا، ولا نتفاخر بها، ولا أتكلم عن نفسي في أي حال من الأحوال، لكن واقع الحال يحتم عليّ أن أشيد بصورة أو بأخرى بجهود زملائي من الأطباء قبل الأزمة وخلالها وبعدها، والذي لم يقم به غيرهم حتى هذه اللاحظة»، مشيراً إلى أن «الكادر الطبي لا ينظر إلى الموضوع من ناحية طائفية، فالواقع هو من يطرح ذلك بنفسه ويؤكده، فالكفاءات تحمل شهادات عالية وبذلت الكثير لأن تصل لهذا المستوى من الخبرة والتخصصات، والسؤال هو كيف ستعوض وزارة الصحة هذه الكفاءات؟ علماً أن الحل الوحيد المتاح لديها الآن هو استقدام أطباء من الخارج».

وختم الدرازي كلمته بأن «فصل الأطباء جاء من أجل الانتقام والتشفي، وهم يعرفون أنهم لا يستطيعون التعويض عن هؤلاء النخبة بسهولة، وهذا بحاجة إلى سنوات طويلة لأن يصلوا لطبيب متدرب من أجل أن يكون قادرا أقله على إعطائه المسئولية لاتخاذ القرار. وما حدث للأطباء من ضغط وإيذاء لم يكن بتصرف فردي من أي مسئول بل بتوجيهات من الحكومة»، مستدركاً بأنه «مازلنا نتعامل مع جميع أفراد المجتمع سواسية ولا نفرق بين أحد، والدليل على ذلك أن الكثير من الاخوة من الطائفة الأخرى يلجأون إلينا فيما يتعلق بالقرارات المصيرية المتعلقة بإجراءات العمليات الجراحية وغيرها».

ومن جهتها، قالت الطبيبة فاطمة حاجي إن «الأطباء فصلوا قبل صدور الحكم النهائي عليهم من القضاء، وهو ما يؤكد الرغبة المباشرة في استهداف هذا الكادر، وقد ثبت ذلك من خلال الأوراق الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة»، مضيفة أنه «ليس كل ما ينكسر يمكن إصلاحه، فما خسرناه منذ بدء الأزمة الأمنية بلغ مستوى الأرواح، والأطباء منذ اعتقالهم وسجنهم تعذر بذلك متابعتهم للحالات الصحية لعشرات المراجعين من المرضى».

وأوضحت حاجي أن «أطباء كان لابد منهم أن يلتزموا بشرف المهنة وألا يخلفوا عهدهم الذي وظفوا به بشهادة القرآن، أصبحوا يوشون بزملائهم بأي طريقة ممكنة لتشويه سمعتهم وللنيل منهم، وذلك ليس من أجل أي شيء عدا العوائد المعنوية من جانب السلطة والتي لا فائدة منها».

وختمت حاجي بأن «الواقع في مستشفى السلمانية لم يتبدل مع انتهاء فترة السلامة الوطنية بالعام 2011، فبالأمس كانت القوات الأمنية تسيطر عليه، واليوم مازال الحال على ما هو عليه، إذ يمنع حتى دخول الأطباء وكذلك المرضى المصابين بل يعتقلون هناك».

وتحدث خلال الوقفة الناشط حسين برويز، وقال إن «الأطباء المعتقلين وغيرهم المستهدفين شهد المجتمع الدولي وقوفهم في الأيام الحالكة في ساحات العلاج رغم مواجهتهم بنيران الرصاص، وكنا نراهم بأعيننا أنهم عرضوا أنفسهم لخطر القتل»، مضيفاً «نقف في هذه الوقفة التضامنية لنبرهن للعالم أن هناك قضية مؤلمة ومنسية حورت لقضية إرهاب وطائفية، ونحن نعتقد أن استهداف الأطباء عبر اعتقالهم وتعذيبهم وفصلهم لا يأتي إلا بعد أن أجبروا العالم على الاقتناع بأن هناك انتهاكات حتى بحق من عالج المعارضين أو شاركوا معهم».

وأكد برويز أن «الأطباء تعرضوا لانتهاكات جسيمة وهم أبرياء مما نسب إليهم بحسب لجان تقصي الحقائق المنتدبة من قبل منظمات حقوق الإنسان المستقلة، وأن ما نسب إليهم باطلا، ما برهن لنا أن الاعترافات التي أدلى بها المتهمون كانت مأخوذة بالإكراه، وهو ما لا يختلف عليه أحد».

وختم برويز بأن «الأطباء هم سجناء رأي وتعبير ولأنهم قاموا بعلاج المصابين في التظاهرات وإسعافهم ومشاركتهم تلك الاحتجاجات. ولابد من المطالبة بالإفراج عنهم ومحاسبة كل من عذبهم وحقق معهم، وتعويضهم معنوياً ومادياً».