العدد 3937 - الإثنين 17 يونيو 2013م الموافق 08 شعبان 1434هـ

الفتنة الكبرى

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المحير تماماً كيف وقفت الشعوب العربية مناصرة لأشقائها في جميع دول الربيع العربي من تونس إلى ليبيا ومن ثم اليمن ومصر، ولكن عندما تعلق الأمر بالبحرين وقفت ذات الشعوب العربية في موقف المتفرج رغم أن مطالب البحرينيين لم ترق إلى عشر ما طالب به المعتصمون في ميدان القصبة في تونس، أو ميدان التحرير في مصر، أو ساحة التغيير في اليمن. ثم كيف تغيّر الأمر تماماً مع الثورة في سورية ليشارك عشرات الآلاف من المتطوعين العرب في العمليات العسكرية الدائرة هناك بدعوى الجهاد، كما حدث في أفغانستان ضد ما سمي بالاحتلال السوفياتي لأفغانستان في الثمانينات.

على الرغم من العديد من المتناقضات في كل حالة على حدة، والظروف الذاتية والموضوعية في كل دولة، إلا أن هناك عوامل مشتركة، وقوى عالمية وإقليمية ساهمت بشكل أساسي في اتخاذ الشعوب العربية مثل هذه المواقف. هذه القوى استخدمت في سبيل ذلك أهم العناصر من دعم مادي ومعنوي وتحشيد إعلامي، والأهم من كل ذلك العامل الديني والمذهبي، لتحقيق أمور سياسية هي أبعد ما تكون عن الدين.

في التاريخ المعاصر ومنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، لم يتخذ الخلاف المذهبي هذه الحدة، إلا في حالة الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات وحصدت الملايين من الأرواح في حرب عبثية بين دولتين جارتين كان من الممكن أن تتخذ كل منهما أسلوباً آخر في التعاطي مع المشكلات القائمة آنذاك، لتوفر المزيد من الديمقراطية والرفاهية لشعوبهما بدل أن تقذف بهما في أتون حرب ضروس ذهب ضحيتها ملايين الأبرياء.

في ذلك الوقت لم تعرف القوى التي دفعت باتجاه إشعال الحرب بهدف الوقوف ضد امتداد الثورة لباقي الدول المجاورة أو ما سمته بتصدير الثورة، الخطأ الجسيم الذي ارتكبته إلا بعد غزو صدام حسين للكويت.

وفي تجربة مماثلة تورطت هذه القوى الدولية والإقليمية نفسها في الحرب الأفغانية السوفياتية ودعمت بكل قواها ما سمي بالمجاهدين الأفغان، والأفغان العرب، وسهلت لمواطنيها الاشتراك في حرب ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، بما ساهم بشكل كبير في تكوين تنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن، لينقلب السحر على الساحر وليكون «القاعدة» من ألد أعداء من ساهم في تكوينه.

ما يحصل الآن من دعم ومد بالسلاح والعتاد لقوى تكفيرية، وما يقدّم من ملايين الدولارات لنصرة المجاهدين في سورية، وما يصدر من فتاوى دينية لمحاولة تحويل الصراع السياسي إلى صراع مذهبي، وإجبار الناس على تصديق أن إيران هي العدو الأول للدول العربية والإسلامية بدلاً من «إسرائيل»، ووضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، والترويج إلى أن من يتبع المذهب الشيعي من الكفرة، بعد أكثر من 1300 عام من ظهور هذا المذهب كبقية المذاهب الإسلامية الأخرى، وظهور فتاوى من علماء يصوّرون أن المعركة الكبرى هي مع من يتبعون هذا المذهب، ما هو إلا فتنة كبرى سيدفع ثمنها من يصدّقها، في حين أن من يروّج لها سيبقى بعيداً عن كل ذلك هانئاً في قصوره يعد من يسقط قتيلاً من الطرفين... ومن الممكن أن يترحم على من دفعهم للموت.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3937 - الإثنين 17 يونيو 2013م الموافق 08 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 10:29 ص

      باب الحارة وباب البحرين وحارة كل من إيده عنده

      من القتوات قناة السويس قناة قناة فالوب وقنوات تلفزيونيه كثيره وتبث سموم وملوثات للجو العام والخاص على حد سواء. مشكلة البيبان والابواب واجد الا أن باب البحرين الذي كان لا يبعد كثير عن الفرضه، بس إختفت الفرضه مستحيه من أفعال الناس على عا الجزيره، حتى إبليس من سواياتهم قال سيقدم على تقاعد مبكر بس إيخلون الناس في حال سبيلهم ويطلقون ها المساجين المحبوسين في الحبوس. ويفكون عبالة ومعابلة الشارع بعدل وحريه وكرامه. لكن من وين أجيب إحساس للي ما...

    • زائر 23 | 7:57 ص

      غلطان يااستاذ جميل

      من مقالك ينين انك طائفي100% ،الله يسامحك

    • زائر 21 | 6:26 ص

      قال المعتوه بوش الابن سأنهي الاسلام

      قيل له كيف تنهي الاسلام وهو دين عظيم وعدده كبير؟ قال: الأمر بسيط،سأجعلهم يتقاتلون فيما بينهم. وهذا ما يحصل. نصبوا شيوخ الفتنة ووسائل الإعلام بأنواعها لحرف الاتجاه عن العدو الحقيقي بأمور تافهة،ابتعدت البوصلة عن العدو المتربص بنا،وقمنا بتنفيذ ما يريده أعدائنا منا ،لا بل أكثر قمنا بطلب العون منه!!!

    • زائر 20 | 5:55 ص

      ( الفتن الكبرى )

      إن مؤتمر علماء المسلمين المنعقد فى القاهرة هو الفتنة الكبرى لماذا؟ لانه بدلا من أن يؤد الفتنة بل هو يعمل العكس من ذلك .حيث إننا نراه يصب الزيت على النار لكى تزيد فى اشتعالها و تأكل الاخصر و اليابس.

    • زائر 16 | 3:36 ص

      غرب ؟

      انتم تعولون كثيرا علي من تسمونهم العرب او المسلمون . هؤلاء انقرضو ودهبت ريحهم . من بقي منهم اصبح يشكل عبئا علي الأنسانيه واصبح العالم يحتقرهم . اتمني لو ان ربي يعيد خلقي في احدي الجزر النائيه ويهديني لعبادته وشكره .

    • زائر 12 | 1:45 ص

      القوم ابناء القوم

      بصراحة الشعوب العربية متخلفة ومتخلفة جدا لانها تكيل بمعيارين والمعيار الطائفي هو الغالب ...شعوب تعيش الماضي تعيش الهواجس تعيش الهوى وبعيدة عن الانصاف...
      تجربة البحرين وتجربة حماس الاخيرة مع قضية القصير دليل أن الشعوب مستعدة أن تضحي بقيمها الاخلاقية من اجل البقاء على تاريخ بالي ومتخلف نسيجه التعصب الاعمى والهوس الطائفي ...لا بارك الله في هذه الشعوب

    • زائر 14 زائر 12 | 2:55 ص

      شكرا اخي

      فعلا هذه الشعوب متخلفة ما دام القرار الطائفي هو المعيار في نهضتها وحركتها ...مراكز القرار الطائفي من جاكرتا مرورا بمكه والقاهرة الى طنجه صناعة سلطوية غير بعيدة عن هوى الحكام بل مسيرة بارداة الاجانب الاعداء للمة الواحدة....الحل الانتفاضه على هذه المراكز البالية والوصول الى مراكز اكثر تقدما في فهم الحياة والانسان والعالم بل تقديم الاسلام الحضاري لا الاسلام الطائفي المنشنج المهووس ببطولات الطغاة في التاريخ الاسود لهذه الامة المنكوبة

    • زائر 19 زائر 12 | 5:31 ص

      و اين التحليل الاقتصادي في المقال و مصالح روسيا و الغرب في ذلك

      صدق الاخ الذي قال لا بارك الله في هذه الشعوب التي تنظر الى الوراء فقد مات علي و مات عمر و انتم لا زلتم انتشرت قبورهم!! فالعالم وصل الى علم العلوم و التكنولوجيا العظيمة التي لا كتب التراث و لا الفقه السني و الشيعي بمقدوره الاتيان بمثله.. فيا امة ضحكت من جعلها الامم.. بالمناسبة قد ذكرت استاذي تدخل التكفيريين في سوريا و لم تأتينا بذكر عن تدخل الالاف من الحرس الثوري لايراني و حزب الله.. ام انك لا تعتقد او تشك بطائفيتهم ؟ و كأن الرجعيين هم فقط اصحابااللحى

    • زائر 22 زائر 12 | 6:30 ص

      شكرا للأخوة زوار رقم 12 و14 و19

      تعليقات الأخوة 12و14و19 جدا واقعية ومتزنة وموضوعية فالشعوب العربية متخلفة عن الركب العالمي في جميع المجالات والنواحي ومعيارها في الحكم على أي قضية هو المعيار الطائفي وهي شعوب فعلا تعيش الماضي ولا تؤمن بحركة التاريخ ولم أتخيَل أخينا صاحب المقال ينتمي الى هذا الصنف الطائفي بالرغم من انحداره من هذا السلَم لكن لفت انتباهي الى تركيزه على سلبيات وأخطاء جهة معينة تدخلت في سوريا غاضا الطرف عن سلبيات الطرف الآخر المكوَن للمعادلة الطائفية

    • زائر 11 | 1:35 ص

      السبب بسيط

      يا استاذي لان اكثر البحرينين ش فلذلك لا ينظرون الى مطالب البحرينين بل ينظرون الى مذهب البحرينين المطالبين بالديمقراطيه للاسف الشديد مع ان مطالب البحرينين اقل بكثير من مطالب الدول الاخرى التي قام فيها الربيع العربي.

    • زائر 10 | 1:31 ص

      خداع البسطاء واستبدال العدو

      نعم لقد خدع الكثيرون باستبدال العدو الصهيوني الى العدو الايراني الذي هو اخ في الاسلام .
      وكون الانظمة هي التي تخاف على نفسها فهي التي تصدح باستعداء ايران بدل من الصهيونية المحتلة

    • زائر 9 | 1:30 ص

      لماذا فتنه كبرى

      الصدق مع انفسنا اولا واخيرا هو الحل. ليس المذهب الشيعي بحد ذاته هو هدف ولم يكن في الماضي هدف. لم نسمع عن دول خليجيه مثلا او عربيه تدفع بالغالي والرخيص وتعمل جاهده لتسنين الدول ومحاولة غلب نظام دول اخرى سوى من الداخل او تتدخل عسكريا. لناخذ البحرين كمثال فهي عاشت بسنتها وشيعتها مسالمه بدون مشاكل تذكر. لماذا الان نتكلم عن فتن؟؟ الامور انكشفت للدول الاخرى مثل ماهي مكشوفه وواضحه للمواطن العربي الخليجي البحريني بكل فئاته.

    • زائر 7 | 1:15 ص

      مقال جميل

      والأدهى من ذلك
      خلهم يقدموا اولادهم للجهاد
      كما يحثون الناس وأنه وأجب لماذا لا تذهبون للجها ليتخلص منك الناس ومن شركم
      دعاة للبغضباء والحروب على الأبرياء ويريدون ان تأخذ بعد طائفي
      الناس أصبحت على دراية أنكم أصحاب فتن وجمع المال
      وان من يحركم أسرئيل وسوف قريبا سوف تذهبون معهم للجحيم يا شيوخ الفتنة
      البحرين ثورته ستنتصر بأذن الله وهي باقية

    • زائر 5 | 1:09 ص

      واااااا اسلاماه

      اين انت يا محمد قم من قبرك لتنظر امتك قد رجعوا بعد الايمان كفارا يقتل بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا حتى وصل الحقد بينهم الى انتزاع قلوب بعضهم واكلها بوحشية وذبح الاطفال امام ابائهم في منظر يندى له الجبين
      لا اقول غير : الا لعنة الله على الظالمين

    • زائر 4 | 12:49 ص

      لقد نجحت الصهيوني في امتطاء الحمار الطائفي

      بسبب ضعف الانظمة العربية وعدم انتمائها الشعبي يجعل ارضيتها هشة لذلك تستنجد بالخارج الذي تقوده الصهيونية الامريكية والتي لا تتوانى في استخدام سلاح الطائفية التكفيري. وكما حصل في افغانستان حيث ارتد هذا السلاح على الدول التي دعمته وأسسته.
      نعم هذا الفكر الذي يستغل الآن سوف يرتد سوءه على كل الدول التي تستخدمه مطية لمآرب وقتية

    • زائر 3 | 12:39 ص

      لك الله يا شعب سوريا

      النظام لا يرحم والمعارضه لا ترحم. الناس في كل الدنيا تريد نظام يمثلها ويخدمها ومطالب الناس محقة لكن العنف لا ياتي الا بالخراب و الطائفيين والمدفعين عن مذهب وليس الانسان يجعلون الماسي كثيره. الحل بالضغط على النظام والمعارضه لايجاد حلول ذات مغزي سلميا

    • زائر 2 | 12:38 ص

      احسنت

      بارك الله فيك يا استاذ جميل

    • زائر 1 | 10:54 م

      واسنياه واقدساه نداء لن تسمعه ابدا

      اهل فلسطين من المسلمين السنة هجروا من ديارهم وقتلت اطفالهم و نسائهم وسكب الصهاينة الرصاص في عمليتهم الاخيرة في غزة المسماة الرصاص المسكوب لم نسمع نداء واسنياه ولم يتعهد بامدادهم بالسلاح و اعلان علماء المسلمين السنة الجهاد و جمع المتطوعين للقتال بل على العكس صدرت فتاوي ان قديمة و جديدة "ارجع لموقع انا مسلم السلفي" تعتبر قتلى المنظمات الفلسطينية و من فيهم حماس و الجهاد في النار لانهم ليسوا تحت راية سلفية وكأنهم يحمون الدم اليهودي

اقرأ ايضاً