العدد 4032 - الجمعة 20 سبتمبر 2013م الموافق 15 ذي القعدة 1434هـ

بطء ارتفاع عائدات البيانات من أسباب انخفاض أرباح شركات الاتصالات الخليجية

في تقرير لمجلة «الاقتصاد والأعمال»...

بيروت - الاقتصاد والأعمال 

20 سبتمبر 2013

انخفضت ربحية أكبر خمس شركات اتصالات خليجية مدرجة من حيث الرسملة السوقية، بنحو 10 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري (2013)، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2012، ويأتي ذلك استمراراً لتراجع الأرباح منذ العام 2010.

ويشير تقرير نشرته مجلة «الاقتصاد والأعمال» في عددها الأخير إلى أن عوامل عدة لعبت دوراً في هذا الانخفاض، أبرزها:

- سرعة انخفاض عائدات الاتصالات الصوتية مقابل بطء ارتفاع عائدات اتصالات الـ «داتا».

- ارتباك في تسويق خدمات شبكات البرودباند الجديدة، وعدم تغيير نموذج العمل لمواكبة التغيرات.

- تأثر عائدات الاستثمارات الخارجية بالأزمات الاقتصادية وتدهور أسعار صرف بعض العملات إزاء الدولار الأميركي.

- عدم وضوح الرؤية لدى بعض الشركات حيال الشروط الاستثمارية في عمليات التوسّع؛ وخصوصاً في العائد على الاستثمار.

ويضيف التقرير، أن الانخفاض في الربحية جاء في ظل أجواء سلبية تعيشها أسواق الاتصالات الإقليمية نتيجة مجموعة عوامل من بينها الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تخيّم على المنطقة منذ العام 2010 وتراجع العائدات الكلاسيكية لقطاع النقال مثل الاتصالات الصوتية والرسائل القصيرة.

ومع أن بلدان الخليج عموماً لم تصب مباشرة بعدوى التغيرات السياسية، إلا أن مجموعات الاتصالات الخليجية التي وسّعت من رقعة انتشارها الاستثمارية؛ وخصوصاً في آسيا كانت مكشوفة على عدد من العوامل السلبية التي ساهمت في انخفاض ربحيتها.

ويطرح التقرير مجموعة أسئلة، أبرزها: كيف يمكن تحليل أسباب انخفاض الربحية لدى هذه الشركات عموماً؟ وهل ثمة عوامل بنيوية تساهم في بطء انخراط الشركات في عصر شبكات «الـبرودباند» أو الـ «داتا» والاستفادة منه، أم أن القطاع ككل لم يعد يمنح المستثمرين هوامش ربحية عالية، وأن «زمن الدجاجة التي تبيض ذهباً ولّى إلى غير رجعة؟

أربع مقاربات

وفي محاولة للإجابة على الأسئلة المطروحة، يقول التقرير، إنه يمكن تناول الأسباب الرئيسية التي ساهمت في انخفاض ربحية هذه الشركات بنحو 400 مليون دولار في النصف الأول من السنة الحالية، من خلال أربع مقاربات:

أولاً: بعد مضي عامين على تنفيذها مشاريع تطوير شبكات الجيل الرابع بهدف تعويض انخفاض عائدات الاتصالات الصوتية بعائدات الـ «داتا»، تبيّن للشركات أن معدل نمو عائدات الـ «داتا» ليس سريعاً ولن يتمكن من مواكبة الانخفاض السريع لعائدات الاتصالات الصوتية.

لكن ما الذي حدث؟ وأين أخطأت الشركات؟ تفيد تقارير نُشرت مؤخراً حول هذه القضية، أن التبدّل العالمي في أنماط استعمال النقّال من جانب المستخدم كانت شاملة بمعنى أن معظم الشركات واجهت التحدي عينه، لكن طريقة استخدام الشبكات الجديدة لم تكن هي نفسها لدى جميع المشغلين. البعض من هؤلاء اعتبر أن المستخدم سيقود نشاط تبادل الـ «داتا» بنفسه وسيُحدد للمشغل خريطة الطريق الواجب سلوكها لتحقيق الربحية، والبعض الآخر اعتبر أن من واجباته قيادة التغيرات في أنماط الاستخدام.

لكن قيادة تغيرات أنماط استخدام الجيل الرابع فرضت تحدياً كبيراً أمام المشغل، فمعظم الأقسام الإدارية في شركات تزويد خدمات الشبكات لم تكن تضم أي فرق عمل متخصصة في ابتكار «باقات خدمات» جاذبة في مرحلة مبيعات الـ «داتا». وللتوضيح أكثر، إن مرحلة التسعينات حفلت ببرامج تسويقية بسيطة لشركات الاتصالات كأن تُعلن مثلاً بيع ألف دقيقة اتصال صوتي مع مئة رسالة نصية قصيرة لقاء مبلغ مُحدد، أما في مرحلة الجيل الرابع، فلا بدّ من أفكار جديدة، ولتحقيقها لابدّ للمبتكر التسويقي من أن يكون على دراية دقيقة بمتطلبات وأذواق وأنماط استخدام الزبائن.

ومن المفاجئ أن ثمة مشغلي شبكات في المنطقة استثمروا في تنفيذ مشاريع الجيل الرابع وأنفقوا مئات ملايين الدولارات من دون أن تكون لديهم أقسام تسويق متخصصة في مبيعات الـ «داتا». ولهذا يقول خبراء إن ثمة من وضع العربة أمام الحصان في عملية تطوير الشبكات وبيع خدماتها.

ثانياً: ثمة معطيات جديدة في سوق الاتصالات العالمية أبرز معالمها يتجلى في الآتي:

- ارتفاع عدد مشتركي النقّال ما بين 2010 و2013 من 4 مليارات إلى 6,3 مليارات.

- نموّ عدد مشتركي الإنترنت في الفترة نفسهامن 1.5 مليار إلى 2.3 مليار.

- ارتفاع معدل «تنزيل» تطبيقات النقال الذكي سنوياً من 500 مليون إلى 50 ملياراً.

تغيير العقلية

هذه الأرقام تؤكد أن شبكات النقال لم تعد شبكات اتصال؛ بل شبكات تواصل معلوماتي، تضم في جملة ما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي والمهني وأفلام الفيديو والأغاني ومواقع إعلامية، ومواقع لتنزيل التطبيقات وغيرها. وهذا التنوع المعلوماتي في الخدمات يفترض بالمشغل أن يتغير جذرياً وأن يغيّر في نموذج أعماله وحتى أقسامه ومفهومه لتحديد مكامن الربح وعملية جنيه وقنوات العمل الصحيحة والشراكات الجديدة المطلوب تحقيقها وتعهيد الأعمال والأطراف المناسبة لذلك.

وإلى اليوم مازالت شركات اتصالات عربية تُدرج في تقاريرها السنوية، نسبة مساهمة عائدات خدمات الـ «داتا» من إجمالي العائدات، ولا تتعدى هذه النسب في أفضل الأحوال 20 إلى 30 في المئة، بينما تسيطر الاتصالات الصوتية والرسائل القصيرة على معظم النسبة المتبقية، ومن المفروض أن تكون هذه المعطيات معكوسة كلياً.

وإذا أخذنا بالاعتبار التقارير التي تتوقع أن تتضاعف حركة تبادل الـ «داتا» في الشبكات حول العالم بنحو 15 ضعفاً في حلول العام 2017 ووصول عدد المشتركين من حملة الهاتف الذكي إلى 3 مليارات، فإن أمام شركات الاتصالات العربية عملاً بالغ الأهمية، يتجلى في فهم واستيعاب دروس السنة الماضية في مجال تسويق خدمات شبكات الجيل الرابع والمضي قدماً في تطوير باقات خدمات تتلاقى بدقة مع حاجات المشتركين.

العمليات الدولية

ثالثاً: راهنت المجموعات التي أجرت توسّعاً دولياً في أعمالها، على عائدات الاستثمارات الخارجية، لكن هذه الاستثمارات واجهت عدداً من العراقيل والتحديات كان أبرزها تأثر الأسواق الخارجية بمجموعة واسعة من العوامل مثل الأزمة الاقتصادية العالمية، والمشكلات الاقتصادية الداخلية. وفي حالات عدة كان تدهور سعر صرف العملات المحلية إزاء الدولار يسبّب انخفاضاً كبيراً في معدلات الأرباح التشغيلية لشركات الاتصالات.

وفي تقريرها للنصف الأول من 2013 قالت مجموعة الاتصالات السعودية، إن الأشهر الستة الأولى من السنة شهدت نمواً في إيرادات الشركات التابعة بنسبة 22 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، إلا أن الربح التشغيلي وصافي الربح تأثرا بشكل كبير نتيجة ارتفاع «الخسائر غير المحققة» الناتجة عن فروقات أسعار صرف العملات بمبلغ قدره 601 مليون ريال (نحو 160 مليون دولار)، وإعادة تقييم استثمارات الشركة في شركتي إيرسيل وأكسيس وأضافت أن ثمة خسائر كانت متعلقة بشركتي أوجيه تليكوم وأكسيس بسبب الانخفاض الكبير الذي حدث خلال الربع الثاني من السنة مع الليرة التركية والروبية الإندونيسية. والأمر نفسه حصل مع اتصالات الإماراتية التي قالت إن النصف الأول من السنة شهد مشكلة في سعر صرف العملة المحلية في بعض البلدان ومنها السودان.

رابعاً: ثمة مؤشرات «غير صحية» في أعمال بعض المشغلين، وهي الارتفاع الكبير في عدد المشتركين والذي يبدو في ظاهره جيداً، ولكنه لا يترافق مع ارتفاع الإيرادات التشغيلية. ويمكن تقديم مثال واضح في هذا المجال، ففي «الاتصالات السعودية»، وصل عدد المشتركين العام 2008 إلى نحو 20 مليوناً فيما لامست الربحية الصافية سقف الـ 3 مليارات دولار، وهذا يعني أن مؤشر الـ ARPU؛ أي متوسط العائد لكل مشترك كان في حدود 150 دولاراً، أمّا العام 2012 فوصل عدد المشتركين إلى نحو 170 مليوناً وسجلت الربحية الصافية نحو ملياري دولار، وهذا يعني أن مؤشر الـ ARPU انخفض إلى 11.7 دولاراً، وهذا الأمر يطرح أسئلة كبرى أمام أي شركة تعتمد المبادئ الاستثمارية الصحيحة من حيث معدلات حجم الاستثمار إلى العائدات سواء في مجال المصاريف الرأسمالية Capex أو التشغيلية Opex. ويختم التقرير بطرح سؤال من المفترض أن تبدأ قيادات كبرى مجموعات الاتصالات العربية بتقديم إجابات شافية عليه، وهو: هل تتمكن شركات الاتصالات من مواكبة التغيرات التي حدثت على المستوى البنيوي في السوق بنفسها من دون مساعدة، أم تقوم باختيار شركات عالمية ذات خبرة في إدارة العمليات لابتكار نماذج أعمال جديدة؟

العدد 4032 - الجمعة 20 سبتمبر 2013م الموافق 15 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً