العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ

التشكيلي السوداني محمد عمر خليل... سفين لم تستقر به البحار

«خمسون عاماً من الحفر» هكذا جاء عنوان معرضه الأخير الذي افتتح بغاليري البارح تحت رعاية وكيل وزارة الداخلية لشئون الهجرة والجوازات الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة يوم الأحد (19 يناير/ كانون الثاني 2014).

يعرض الفنان مجموعة كثيرة ومتعددة من تجاربه السابقة في مجال الحفر والطباعة على مدار خمسين عاماً مضت من اشتغاله في هذا الحقل منذ سنوات دراسته الأولى في إيطاليا منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي لغاية السنوات التي تلت العام 2000 ميلادية، لكونه فناناً نشطاً لديه العديد من الأعمال التي لم يسبق عرضها.

وإيماناً منه بالعمل والإرث الفني للمستقبل، جمعت البارح في أروقتها العديد من أعماله تحت مسمى هذا المعرض الأكثر إثارة. زوار المعرض استطاعوا أن يقرأوا أن تجربته كانت غنية منذ ولادتها وتحمل العديد من المعاني التي يبرز فيها كفنان عربي الهوية لم يستطع أن يتخلص من شغفه لبلده الأم إذ كان جلياً شغفه المتلازم لمسقط رأسه وتعلقه الخاص بالشرق على رغم ترحاله وإقامته المتعددة خارج الجغرافيا العربية.

تعطي أعماله المعروضة باللونين الأبيض والأسود أبعاداً متعددة سواء كانت في اللون واختلاف درجاته وموتيفاتها أو في المواضيع المختارة في تجاربه عبر عقود، بحيث يبدو جلياً إذا تمرد عن ثيمة اللون الأسود وترك مسحته بألوان مختلفة كالأصفر أو الأحمر فإنه لا يبعدها عن جانب تعتيقها وانسجامها في الأجواء العامة للعمل. التراب وضباب الأجواء التي عاشها في مراحل عمره الأولى حاضرة وبقوة. تنوعت المواضيع بين التجريد والتشخيص ليظهر مدى تأثره في مراحله الأولى على توطيد قاعدة وأسس متينة يستند إليها لاحقاً في مشواره الفني، فلا يغفل عن تحسس العمل والاشتغال عليه بحساسية تضفي عليه ملمس الطبيعة في كينونة العمل.

يعتني بأدق التفاصيل ليتوغل ويشارك إحساس المشاهد والأخذ به إلى أجواء العمل ومدلولاته. يظهر على تجاربه أنه مولع بالطرق القديمة في تنفيذ القوالب حتى بعد ظهور كثير من التقنيات في وقتنا الحالي تساعد بشكل كبير على إنجاز القوالب أو الأعمال الغرافيكية بدقة متناهية. غير أنه واضح من خلال جولتنا أنه لا يميل للطرق الحديثة في التنفيذ كونها الأخرى تفتقد لعامل الروح التي تظهر شفافية روح منفذها. ولا تخرج الأساليب الحديثة عن نقص في كونها أكثر جموداً وهذا الذي جعل التقنيات المستخدمة قديماً لاتزال تستخدم على رغم صعوبتها.

يميل غالياً لتوظيف عناصر على أسطحه كبعض الأقمشة أو الملصقات البريدية وذلك بمدلولاته التي تنامت من خلال ثقافته المتعددة التي سافرت معه بين حقب متعددة متجاوزاً تلك البحار والمحيطات التي جعلت منه رحالاً لا تستقر به قارة بعينها.

يشار إلى أن الفنان محمد عمر خليل المولود في العام 1936 في بوري بجمهورية السودان اسم له دور بارز في الحركة التشكيلية العربية ومن المتميزين في الشرق الأوسط. درس في كلية الفنون التطبيقية في الخرطوم ومن ثم أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا وله بصمته التي فرضت نفسها بجداره على مدار خمسة عقود. وتمثلت في عمله كرسام وأيضاً دخوله مجال الحفر باحتراف بعد أن فرضت عليه ظروفه المعيشية وتمسكه بهويته عندما استقر به الحال في أميركا وترك بصمته الخاصة التي تلونت بصبغته.

تتوزع مشاركاته وأعماله المقتناة في العديد من المتاحف العالمية كمعهد العالم العربي في باريس، «كونستهتله دار مشتات» في ألمانيا وكذلك متحف متروبوليتان للفنون ومتحف بروكلين في نيويورك.

العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً