العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ

أحمد زكي

النجم الأسمر أحمد زكي، يستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات، والتسعينات، بل ونجم مستقبل السينما المصرية أيضاً. فنحن أمام فنان مجتهد جداً، يهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه، منذ أول بطولة له في فيلم شفيقة ومتولي وحتى الآن، مروراً بأفلام إسكندرية ليه، الباطنية، طائر على الطريق، العوامة 70، عيون لا تنام، والكثير من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء... طريق صعب، ومليء بالإحباطات والنجاحات، هذا الذي قطعه أحمد زكي حتى يصل إلى ما وصل إليه من شهرة واحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية. حصد الكثير من الجوائز المحلية والدولية، واحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة.

ولد أحمد زكي العام 1949 بالزقازيق (محافظة الشرقية)، وتوفي والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته بعد رحيل الوالد مباشرة... فتعلقت بأهدابه كلمة يتيم، وتغلغلت في كل تفاصيل عينيه، فعاش حتى الآن في سكون مستمر، يتفرج على ما يدور حوله من دون أن يشارك فيه. ولهذا أصبح التأمل مغروساً في وجدانه بعمق، حتى أصبح خاصية تلازمه في كل أطوار حياته. وعندما أراد أحمد زكي أن يهرب من وحدته بأية طريقة، بل أراد أن يهرب من حزن عينيه حين كره كلمة يتيم، كان يهرب إلى بيوت الأصدقاء ليحاول أن يضحك، وكانت قدماه تتآكلان وهما تأكلان أرصفة الشوارع، حتى ظن الطفل الطري العود أنه كبر قبل الأوان. والذي ساهم في تكبير الطفل أكثر، هذا الصدام المتواصل بينه وبين العالم الخارجي، لم يضحك بما فيه الكفاية، ولم يبك بما فيه الكفاية... ولكنه صمت بما فيه الكفاية. وحين أراد أن يهرب إلى الكلام، وجد في المسرح متنفسه، فالتحق بعالمه يوم كان يكمل دراسته الثانوية. ثم صار في فترة وجيزة هاوياً للتمثيل والإخراج المسرحي على مستوى طلاب المدارس. وهكذا تحدد طريقه إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تخرج منه العام 1973 من قسم التمثيل بتقدير ممتاز، وهو التقدير نفسه الذي حصل عليه في كل سنوات الدراسة.

لقد لمس أحمد زكي قلوب الناس وسط عاصفة من الضحك... كان هذا خلال المسرحية الأولى التي واجه الجمهور بها، وهي مسرحية مدرسة المشاغبين. فمن حوله ملوك الضحك، وهو التلميذ الغلبان الذي يعطف عليه ناظر المدرسة. إن أحمد زكي، الزبون القديم لمقاعد الدرجة الثالثة في دور السينما والمسارح المصرية، لفت الأنظار إليه بشدة عندما قام بدور الطالب الفقير الجاد في هذه المسرحية. بعد ذلك تنقل من المسرح إلى التلفزيون إلى السينما، وكانت له جولات وصولات في الساحات الثلاث، ولفت الأنظار إليه في كل دور يقوم به... وترجمت هذه الأعمال المتفوقة إلى جوائز. ففي التلفزيون كان طه حسين في مسلسل الأيام، الذي قدم أحمد زكي بقوة للجمهور وللمهتمين بالسينما. ثم كان دوره في فيلم شفيقة ومتولي، إذ أصرت سعاد حسني أن يقوم هو بالبطولة أمامها. يليه دوره القصير المتميز في الباطنية، الذي شاركه فيه العملاقان فريد شوقي ومحمود ياسين، إلا أن الجوائز انهالت عليه وحده. بعدها جاء فيلم طائر على الطريق، وجاءت معه الجائزة الأولى... وهكذا وجد أحمد زكي لنفسه مكاناً في الصف الأول، أو بمعنى أصح حفر لنفسه بأظافره طريقاً إلى الصف الأول!! وقد كان العام 1982، هو الانطلاقة الحقيقية لهذا الفنان الأسمر.

على الشاشة، تألق أحمد زكي في شخصيات من الطبقة الفقيرة، وراح في كل مرة يقدم وجهاً أكثر صدقاً للمصري الأصيل... والواقع أن أحمد زكي عرف كيف ينتقل من دور إلى آخر حتى لو لم تكن هناك قواسم أساسية مشتركة بينهما. والثابت المؤكد هنا قدرة أحمد زكي على تقديم أداء طوعي ومقنع في كل تلك الحالات المختلفة، مقدرة يعتقد أنها ناتجة عن اهتمامه منذ الصغر بالملاحظة وحب التعبير.

هذا هو أحمد زكي، الفنان الذي يعاني ويتعذب كثيراً من أجل توصيل الفكرة والرؤية التمثيلية من خلال شخصياته التي يؤديها... يهتم كثيراً بتفاصيل الوجه أثناء الأداء، فكل شخصية يؤديها تستنطقه وتحفزه وتتحداه أن يظهر كل ما بداخله من أحاسيس.. وهو بذلك فنان قل أن تجد مثيله وسط هذا الكم الهائل من الممثلين المصريين... إنه حقاً فنان عالمي.

العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً